قال الأستاذ مراد اسكندر عميد العدول المنفذين في حديث خاص ل»الشروق» ان مشروع تنقيح النظام الداخلي الذي تمت المصادقة عليه مؤخرا يدخل في اطار تنفيذ احدى توصيات مؤتمر العدول المنفذين الاخير المنعقد في ديسمبر 2001 وأضاف أنه يمكن الجزم حاليا ان المهنة أصبحت تتمتع بنظام داخلي تقدمي غايته المهنة دون الأشخاص. وتابع قوله اننا بلورنا في هذا التنقيح مجموعة من الأفكار والمبادئ انطلاقا من تجاربنا السابقة وتصوراتنا لمستقبل مهنتنا واستئناسا بما هو موجود في الأنظمة المنظمة لمهن أخرى مشابهة وبالانظمة المقارنة، وقد لمس هذا التنقيح عديد الجوانب أهمها رئاسة الغرف والعمادة التي أثبتت التجارب السابقة عدم نجاعة أسلوب تركها مفتوحة للترشح دون تقييدها ودون تحديد عدد الترشحات ذلك ان أصحاب هذه المسؤوليات يدعون الى اتخاذ قرارات في أغلب الأحيان غير «جماهيرية» ولا تعبر عن عموم العدول المنفذين وبدافع الرغبة في الحفاظ على المناصب، ومن الحين ان نترك العدول المنفذين عرضة للابتزاز الانتخابي الذي لا ينمّي الا الوصولية والانتهازية في حين ان الميدان ميدان مهني ويتطلب وقفة دائمة وليس وقفة من أجل الانتخابات. ومن هذا المنطلق قررت الجلسة العامة تحديد الترشح لهذه المسؤوليات في دورة واحدة تدوم ثلاث سنوات غير قابلة للتجديد كما انه تمت مراعاة واقع المهنة التي أصبح أكثر من ثلثيها شبان فتم التقليص في مدة الأقدمية الدنيا للتشرح الى سنة واحدة بالنسبة الى عضوية مكاتب الغرف وثلاث سنوات لرئاستها وأيضا لعضوية الهيئة الوطنية والى 7 سنوات عوضا عن 10 سنوات بالنسبة الى العمادة. وشدد العميد على ان مجمل هذه التعديلات ستفتح الأبواب للطاقات الشابة التي تزخر بها المهنة وستدخل حركية داخل الهياكل كما انها ستكون ضمانة أساسية لتغليب الطابع والتوجه المهني على الهاجس الانتخابي داخل الهياكل، وأضاف انه شخصيا من الذين أسسوا لفكرة تحديد الترشح للعمادة ومدته بالشكل المذكور ورغم ان النظام الداخلي الجديد سوف لن يبدأ تطبيقه على الدورة الحالية وهو ما يعني ان امكانية الترشح للعمادة ممكنة قانونيا رغم ذلك فقد أكد الاستاذ مراد اسكندر كما سبق اعلانه ل»الشروق» انه لن يجدد ترشحه في انتخابات جوان المقبل وذلك لأسباب شخصية بحتة. اصلاحات وبعيدا عن انعكاسات التنقيح الاخير ذكر العميد ان قانون 13 مارس 1995 المنظم للمهنة يحتاج اليوم الى اصلاحات جذرية رغم نتائجه الايجابية وخصوصا ما يتعلق بمسائل الرقابة والتأديب والضمانات التي يفترض ان توفرها المهنة للمتعاملين معها كما ان اجراءات التنفيذ لم ترتق الى المستوى المطلوب لتحقيق النجاعة والسرعة. وقال انه على المشرّع ان يتدخل بجرأته المعهودة قبل فوات الأوان خاصة وأن مسألة التنفيذ لها انعكاسات كبيرة على الائتمان والاستثمار وان المتطلبات الاقتصادية والاجتماعية تفرض اليوم أكثر من اي وقت مضى التعامل مع قانون التنفيذ بنظرة جديدة على غرار القوانين المقارنة وخاصة القانون الفرنسي الذي أحدث فيه اصلاح 1991 ثورة حقيقية يمكن ان تكون مادة يستأنس بها على المستوى الوطني. وتحدث العميد من ناحية أخرى عن ظاهرة الأحكام المعطلة وغير المنفذة فقال ان الأسباب التي تفرز مثل هذه الوضعية متعددة وربما يكون جهاز العدول المنفذين أحد هذه الأسباب لكن السؤال الذي يجب ان يطرح اليوم هو ماذا بوسع الهياكل المهنية ان تفعل في غياب صلاحيات فعلية تمكنها من آداء دورها الوقائي. كما ان غياب المعلومة المتعلقة بضبط مكاسب المدين اضافة الى عدم تحيين المنظومة القانونية التي يعمل في اطارها العدل المنفّذ تعد عوامل أساسية من شأنها خلق وضعية الحكم المعطل. مدرسة الاجراءات وتطرق الاستاذ مراد اسكندر كذلك الى مشروع مدرسة الاجراءات التونسية التي تعتزم الهيئة احداثها وأعلن أن دفعة من 15 عدلا منفذا من المكونين تستعد للسفر هذه الايام الى فرنسا لتتلقي تكوينا خاصا يؤهلهم لإعداد وانجاز برامج للتكوين المستمر لفائدة المرشحين لمناظرات العدول المنفذين والكتبة وستكون هذه الدفعة النواة الاولى للمدرسة المرتقبة التي ينتظر الشروع في الاستفادة منها بداية من الصائفة المقبلة. ونفى أن تكون الهيئة تنوي بإحداث هذه المدرسة خلق منافس للمعهد الاعلى للقضاء وهو الهيكل الوحيد الذي يقوم بمهمة تكوين العدول المنفذين مؤكدا ان خدمات المدرسة ستوجه أساسا للمهنيين اي للعدول المباشرين حيث ستوفر لهؤلاء اطارا لتحيين معارفهم وتعميق تخصصهم في مادة القانون العدلي كما ستتولى توفير حاجيات المهنة من كتبة وكتبة مبلّغين كما ستنظم دروسا موجهة للمترشحين لمناظرات العدول المنفذين بحيث أن عملها سيكون مكملا لعمل المعهد الاعلى للقضاء. وفي سياق الاصلاحات ايضا دعا عميد العدول المنفذين الى تسريع مصادقة تونس على اتفاقية لاهاي الصادرة في 15 نوفمبر 1965 التي تمثل الضمانة الوحيدة لتحقيق السرعة والنجاعة والأمن في تبليغ الوثائق في حالة التقاضي والنزاعات الحاصلة بين التونسيين والاجانب لأن التبليغ بالطريقة الديبلوماسية يستغرق مدة طويلة جدا تفوق السنة أحيانا وهي مشكلة لم تعد مقبولة في عصرنا الحالي الذي تبرم فيه العقود الدولية في بضع دقائق بفضل التكنولوجيا ووسائل الاتصال الحديثة.