هناك ملاكمون ينامون دوما في صدورنا لأنهم منقوشون بأحرف ذهبية لا يمكن أن تمحوها أيادي العبث التي تحاول في كل مرة استئصال كل ما هو جميل في تاريخ هذا البلد الجميل.. ورغم ان تونس كثيرا ما اختطفت ميدالياتها ب»البونية» فإن رياضة الملاكمة كثيرا ما عانت الهامشية واللامبالاة وأيضا التسيير البعلي في خضم القفزة النوعية للرياضة التونسية.. ولعل «آخر قرار» واصلح قرار جاء في المدة الأخيرة عندما تم حلّ المكتب الجامعي للملاكمة وتعويضه في الوقت المناسب ب»فريق وقتي» في ظاهره عارف بخبايا المشاكل يتقدمه رجل حنّكته الأيام والتجارب اسمه محمد بنّور.من المجموعة الذهبية للملاكمة التونسية التي نذكر منها توفيق البلبولي خميس الرفاعي لطفي بلخير نجيب الصدام ورؤوف البحري ونورالدين البوغانمي والتي سجلت حضورها بامتياز في التظاهرات التي خاضتها سواء عربيا أو عالميا.. علمنا ان آخر العنقود (البوغانمي) يطارد هذه الأيام قضية ستبلغ بعد عام سنتها العشرين.. وإليكم التفاصيل.فك مكسور... وملاكم مقهورلمجرد التذكير نشير إلى ان الذي نتحدث عنه لم يكن يوما ملاكما نكرة بل هو من أبطال الحلبة وله في رصيده عديد الميداليات والبطولات المحلية وأيضا البطولة العربية والذهبية المتوسطية والبطولة المغاربية (3 مرات) اضافة إلى عديد الدورات الدولية ومشاركة أولمبية كانت سنة 1984 بلوس انجلس. القضية انطلقت سنة 1985 بفرنسا خلال احدى الدورات الدولية التي شارك فيها منتخبنا الوطني للملاكمة ولمن يريد التفاصيل أكثر كان ذلك يوم 17 أفريل وبالتالي هذه القضية س»تطفئ» بعد أيام شمعتها التاسعة عشرة.. وستسيل دمعة جديدة على خدّ هذا البطل الذي تعرّض إلى كسر في فكّه الأسفل (انظر الصورة) تسبب له في إعاقة دائمة يعاني منها إلى يومنا هذا. منذ 17 أفريل 1985 .. ذهب مسؤولون وجاء آخرون.. وذهبت أحوال وجاءت أحوال.. وكان وضع وأصبح آخر.. لكن ما لم يتغير هو وقوف الملاكم نورالدين البوغانمي على حقوقه جراء هذه الاصابة.. التي أنهت مسيرته الرياضية. بعد سكوت طويل البوغانمي لملم جرحه وقرر منذ مدّة «الوقوف على حقّه» لكن الجامعة القديمة ماطلته.. وماطلته.. ثم ماطلته.. وعندما «أصرّ إلحاحا» في مطلبه طلبوا منه أن يأتي بوثائق ما انزل اللّه بها من سلطان.. وحاولو اغراءه بلقب «منشط رياضي».. ولم يكن صاحب هذا «القرار الحاسم» يعلم مجرّد العلم ان البوغانمي يعمل منذ أعوام كمنشط رياضي (!!!) ليسقط العرض في الماء البارد. هذه الوضعية جعلت البوغانمي أكثر اصرارا على متابعة القضية مهما كانت الظروف وقد استجمع كامل المستندات المطلوبة من شهادة من المستشفى التي نقل إليها ابان الاصابة تحمل اعترافا بوصوله هناك مصابا إلى كشوفات دقيقة عن «إعاقته» على مستوى الفم.. إلى بقية وثائق الاثبات عن الضرر المادي والمعنوي متحديا كل المسؤولين السابقين لجامعة الملاكمة من الذين أكدوا له ان «الملف مغلق» منذ 19 عاما وان حقّه ضاع في الدرب الطويل.. كما انهم كانوا سببا في اتلاف مطالبه بشأن المشاركة في تربصات مدربي الدرجة الثانية وله وصول تثبت وصولها. البوغانمي الذي اتصلت به «الشروق» لتسأله عن آخر المستجدات أكد ان أمله كبير في المكتب الجامعي الجديد للملاكمة بقيادة السيد محمد بنور وهو رياضي يعرف جيدا ماذا حدث.. وأعوّل كثيرا على نزاهته للوقوف على حقوق ملاكم تونسي مثّل بلاده بشرف في عديد المحافل.