لا أفهم هذه الحدود التي يريد الامريكيون وأذنابهم وضعها امام كل صوت معارض عراقي سواء احتمي بالكلمات اي الصوت او هو نطق بالرصاص لا افهم كيف يخاطب محتل اغتصب ارضا، ونهب بلدا، وقتّل شعبا ، اهل العراق على تلك الشاكلة، اي ان يقتلهم ويفتعل تعليمهم كيف تكون الأخلاق! لا افهم كيف يندد بسحل اربعة من ذيوله، ولا يمتنع عن سحل بلد بكامله، وكيف يرهب المدنيين ثم يندد بالارهاب وكيف يحاصر مدينة ويقصفها بمن فيها ويندد بمن يقصفونه، وكيف يختطف وطنا ويندد باختطاف بعض من رعاياه! لا افهم كيف يمنع هذا المحتل الماء والدواء والمستشفيات بل وحتى المقابر على الجرحى والقتلى، ثم يفتعل تعليم المسلمين كيف يفهمون اسلامهم وكيف يمارسون شعائرهم، وكيف يفرقون بين الحلال والحرام! وفي حربها مع العراقيين تستنجد الولاياتالمتحدةالامريكية بقاموس اخلاقي سخيف، وبخطاب زائف، يصوّر الامور وكأنها هي الضحية وليست الجلاد، وكأنها هي التي تم احتلالها وليست هي المحتلة. وليس هذا الزيف بغريب، ما دامت تعتقد ان العراق كله مباح امامها، وان اهله من رعاياها وعبيدها، وان مصيره تقرره هي عوضا عن ابنائه، وهكذا يعتقد كل محتل اذ هو لا يفد على ارض، الا وهو يجرّ عقدة تفوّق مع قرار بطش تبرر له جرائمه في حق الناس، وحقه في الاستحواذ على ما يملكون ليس من ارض فقط لكن من احساس وطني! ولهذا السبب يظل كل استعمار مقيتا، ويظل كل مستعمر مكروها! ولولا عقدة التفوق المصحوبة بقرار باطش، لما تكلم قائد القيادة الوسطى الامريكية، السيد جون ابي زيد في حق ايران وسوريا لما تكلم اول امس حيث اتهم الجارين بأنهما لا يتعاونان معه كأن عدم تعاونهما هو تهمة يعاقب عليها القانون او جريمة تتطلب محاكمة. ومع ذلك تناولت التحاليل ما قاله ابو زيد الامريكي من باب الإدانة، ولم تميّز بين المصطلحات والكلمات المستعملة من طرفة، فسايرته من دون ان تشعر بالتهديد الذي لا معنى له، اذ لو هو قال ان ايران وسوريا تعاونان المقاومة، او تحركات المعارضة لكان لكلامه على الاقل معنى اما ان يقول انهما لا يتعاونان، فإن ذلك لا يدينهما في شيء، ولا يتهمهما في شيء! لكنها عقدة التفوق التي تهدد حتى وهي تطلب النجدة، وتلوّح بالويل والثبور حتى وهي تريد مساعدة وتعد بالنار حتى وهي تكتوي بلهيبه. انها العقدة التي تبيح للسيد ان يفعل بعبده ما يشاء، وللرئيس ان يحرّك مرؤوسه مثل الدمية. وهي ذات العقدة التي تبيح للقوات الامريكية ان تقتل المدنيين العزّل وان يسمى ذلك مواجهة للارهابيين وان تغلق ابواب المستشفيات امام الاطفال والشيوخ، وان يسمى ذلك اجراء ضروريا وان يصطاد قناصتها العائلات التي تريد مغادرة ساحة الوغى وان يسمى ذلك دفاعا! وأكثر، ما معنى هذه الدعوات الجبانة وهي صادرة للاسف حتى عن دول تطلب من امريكا عدم الافراط في استعمال القوة، وهي دعوات لم نسمعها من قبل الا موجهة لأريال شارون ولا نفهم لها معنى الا حثّا للمحتل ان يجتهد في استنباط طرق قتل لا تصل بالقتل الى حد الفضيحة المدوية، او الجريمة الواضحة، او الإبادة المكشوفة. وأنكى من ذلك ايضا، بأي حق وحسب اي شرع يعلن قائد قوات الاحتلال في العراق ان مهمة قواته تتمثل الآن في قتل او اعتقال السيد مقتدى الصدر وما كل هذا الاستسهال للقتل الذي هو اقصى جريمة يمكن الإقدام عليها، والذي اصبح يتردد وكأنه فعل عادي على شفاه كل المسؤولين الامريكيين كلما كان المطلوب عربيا او مسلما. ما كل هذا الاستسهال لإهدار دماء الناس والحكم عليهم بالإعدام والتنكيل البشع بهم! انها مرة اخرى عقدة التفوق التي تجرد الآخر حتى من حقه في الحياة، وتدينه قبل المحاكمة وتحكم ضده لوضعه الدولي، ولهويته التي هي سبب كاف لإبادته. فعن اي اخلاق يتحدث المسؤولون الامريكيون، ويُفتي لهم فيها اذناب جعلوا دينهم مطية يركبه الآخرون ووسيلة قتل وتحريض عليهم وموجهان لمسلمين مثلهم، ولعرب من بين جلدتهم! اننا لا نستغرب من قوات الاحتلال شيئا كما لا نستغرب من أذنا بهم أمرا، فمن باع وطنه، هيّن عليه ان يبيع شعبه.