بخروج المرأة الى العمل تبدّلت الوضعية الاجتماعية للنساء في تونس وأصبحت المرأة عنصرا مستقلا ماديا وتغيّرت اهتماماتها فبعد أن وضعت مسألة أناقتها في صدارة أولوياتها وخصّصت جزءا هاما من راتبها الشهري لشراء ما أنق من الثياب وما غلا من العطورات وبعد أن وفرت لنفسها هاتفا جوالا تحول اهتمامها الى طلب الكماليات وآليات العيش المرفّه من ذلك مثلا اتجاهها نحو تعلم السياقة والحصول على رخصة في الغرض ومن ثمة شراء سيارة تريحها من زحمة المواصلات العمومية ومشاكلها التي لا تنتهي. «الشروق» حاولت معرفة سرّ الاقبال المتزايد من قبل الفتاة، والمرأة التونسية بصفة عامة على تعلّم السياقة والحصول على رخص سياقة وعملت على تحديد أهم الدوافع والأسباب التي تقف وراء هذا الولع الكبير بالسياقة عند التونسيات. تبدأ نسبة هامة من التونسيات خلال السنوات الأخيرة بالتفكير في الحصول على رخصة سياقة حالما يبلغ عمرها 18 سنة أوعندما تتحسّن ظروفها المادية، وبما أن تعلم السياقة يحتاج الى مبلغ مالي هام فإن التونسية تعمل على ادخار بعض الأموال حتى يتسنّى لها تحقيق مبتغاها وهو الحصول على رخصة سياقة. وتقول رجاء وهي شابة لم تتجاوز السادسة والعشرين من العمر وتعمل موظفة بإحدى الشركات «كنت ولازلت أحلم بامتلاك سيارة خاصة وهذا الأمر يحتاج مني أن أكون حاصلة على رخصة سياقة وهو ما حققته السنة الماضية. هذا الأمر تحقق بعد أن ادّخرت مبلغا ماليا محترما كنت قد بدأت بجمعه منذ حصولي على شهادة الباكالوريا، أما الآن فأحلم بامتلاك سيارة لذلك وضعت برنامجا مضبوطا لراتبي وأقصد بذلك تقسيمه حسب الأولويات وادّخار جزء منه لشراء سيارة». اقبال طلابي مكثف يوضح السيد مهدي مدرب سياقة أن المرأة التونسية أصبحت في السنوات الأخيرة تقبل بأعداد كبيرة على مدارس تعليم السياقة ولعل الفئة الأكثر اقبالا على ذلك هي الطالبات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 20 و25 سنة. وحول مدى سرعة استيعاب الدروس المقدمة بهذه المدارس من قبل المتلقين فإن الرجال يستوعبون دروس التعليم في السياقة بسرعة وينجحون أكثر في حين تتميز المرأة بالانضباط واحترام الوقت والانتباه حسب رأي السيد مهدي. وتؤكد الآنسة فوزية «مدرسة قانون طرقات» أن الطالبات تشكل النسبة الأكبر من عدد النساء اللاتي يقبلن على تعلّم السياقة ويرجع ذلك الى الطموح الكبير الذي يراود هذه الفئة، فهنّ يرغبن في امتلاك السيارة قبل كل شيء. وجاهة وموضة يرجع السيد أحمد الاقبال المكثف للفتاة التونسية على تعليم السياقة الى حبّ المظاهر والبحث عن الكماليات والوجاهة. ويعتبر أن تعليم السياقة عند النساء في يومنا هذا هو «تقليعة من تقاليع» الموضة وحب التقليد. فكما انتشر الهاتف الجوال وأصبح استعماله من طرف الجميع فإن السيارة هي الأخرى أصبحت هدف الكل سواء المرأة أو الرجل كما أن الرغبة في امتلاك السيارة من قبل المرأة يدخل في اطار البحث عن الوجاهة ومسايرة الموضة. وترى الطالبة سامية أن رغبة الفتاة التونسية في امتلاك سيارة والحصول على رخصة سياقة يرجع الى طغيان الفكر المادي على عقول الفتيات ونزوعهن نحو المظاهر وبحثهن عن «البرستيج»، وتضيف سامية بأن عددا كبيرا من الفتيات يتفاخرن في ما بينهنّ بحصولهن على رخصة سياقة والادعاء بأنهن سوف يشترين سيارات في القريب العاجل. ضرورة عصرية صابر مدرّب سياقة يقول «ان المرأة التونسية تهتم وترغب في الحصول على رخصة سياقة والدليل على ذلك هو ارتفاع عدد النساء اللاتي يقبلن على تعلم السياقة حيث تتراوح أعمارهن بين 18 و60 سنة ويفسّر صابر هذا الإقبال المكثف بضرورة حصول المرأة على رخصة سياقة ومن ثمّة امتلاكها لسيارة. رأي الآنسة دليلة جاء موافقا لما ورد سابقا حيث ترى دليلة أن الحصول على رخصة سياقة بات ضروريا نظرا للمكانة الاجتماعية التي تحظى بها المرأة حاليا فاستقلالها المادي وعملها خارج البيت يجعلانها تفكر في امتلاك وسيلة نقل خاصة تسهل عليها قضاء شؤونها بكل حرية. فالآنسة دليلة تفكر بجدية في الحصول على رخصة سياقة في القريب العاجل «لأنها شيء ضروري» حسب رأيها. أما الآنسة عزيزة وإن أقرّت أن عددا لا بأس به من الفتيات يقصدن مدارس تعليم السياقة بغية البحث عن الوجاهة فإنها تؤكد أن الحصول على رخصة سياقة بات ضروريا للمرأة حتى تكتمل حريتها وتتدعّم استقلاليتها. * ناجية المالكي