يُنهي ملتقى تطوير قانون إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية الذي تنظمه كلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس بالتعاون مع مركز الدراسات القانونية والقضائية اليوم أشغاله بإصدار لائحة من التوجيهات والتوصيات تمنح التحقيقات الجديدة المدخلة حيّز التنفيذ مؤخرا فاعلية أكبر في معالجة ملفات المؤسسات التي تمرّ بصعوبات اقتصادية وتتطلب وضعيتها الإنقاذ والمعالجة السليمة حفاظا على حقوق العملة والمشتغلين وتوفيرا لضمانات أكبر لسداد الديون.وكانت جلسة صباح أمس قد تضمنت جدلا ونقاشا قانونيا بين مختلف الأطراف المتدخلة في أجندة تسوية وضعيات الشركات المهددة بالغلق والإفلاس ومنحها حظوظا وفرصا إضافية للتواصل والديمومة مما يخدم المصلحة الاجتماعية والاقتصادية للبلاد، وشارك جامعيون وقضاة ومهنيون وأصحاب المهن البنكية وخبراء مختصون في المحاسبة في توضيح ملامح عن فحوى تنقيحات 29 ديسمبر 2003 لقانون إنقاذ المؤسسات. إذ أشارت السيدة راضية بن صالح المديرة العامة لمركز الدراسات القانونية والقضائية إلى أنّ الفصول القانونية الجديدة قد تشكلت في ضوء ما تمّ رصده من إشكاليات سلبية للقانون القديم سواء في المحاكم عند التطبيق أو عند الفقهاء أو المهنيين وأكدت المتحدثة أن هدف التنقيح هو سدّ العديد من الثغرات سواء بالتقليص من بعض الإجراءات وخاصة حذف الفترة التمهيدية والاقتصار على فترة المراقبة بما يسهّل إنقاذ المؤسسة بأيسر السبل إلى جانب تفعيل الإشعار بالصعوبات وذلك بتمكين المساهمين والشركاء من القيام بذلك وإقرار مسؤولية جزائية على مراقب الحسابات الذي له دور في الإشعار بالصعوبات والتنبيه بصفة مُسبقة عن مآل المؤسسة.حلولوأضافت السيدة بن صالح أن القانون الجديد قد حدّد شروط الانتفاع بالإنقاذ بأن استبعد بعض الحالات التي تعتبر حالات ميؤوسا من علاجها وبالتالي فلا فائدة لقبولها للانتفاع بالانقاذ كما تمّ إعادة النظر في مسألة تعليق إجراءات التقاضي والتنفيذ ووضع إجراءات ملائمة لذلك بالإضافة إلى إفراد الكفيل بأحكام خاصة وإدراج أحكام تعريفية أخرى حول كراء المؤسسة وإعطائها للغير في إطار وكالة حرّة وأخرى تتعلق بالخبير في التشخيص ودوره في الإشعار عن وضعيات المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية. من جهته أقام السيد البشير المنوبي الفرشيشي الأستاذ المبرّز بكلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس قراءة في مضامين التنقيحات الجديدة المدخلة على قانون إنقاذ المؤسسات التي تمرّ بصعوبات اقتصادية ويرى الأستاذ الفرشيشي ان الهدف الرئيسي في نظام الإنقاذ هو مساعدة المؤسسة على اجتياز صعوباتها الاقتصادية بدرجة أساسية وهو ما يُعطي الانطباع بعدم وجود مساواة مع الهدفين الاخيرين وهما المحافظة على مواطن الشغل ووفاء الشركة بديونها وهو خطأ باعتبار أنّه من غير المنطقي أن تسبق فكرة الإنقاذ الديون المتمتعة بامتياز «ممتاز» كديون العملة. ويعتقد الأستاذ الفرشيشي أن عملية الإنقاذ إذا ما أريد لها النجاح فلا بدّ لها أن تحترم مبدإ المساواة في الأهداف الثلاثة المذكورة على اعتبار أن مسألة دفع الأجور للعملة تحتاج إلى مطلق العناية لما تتحلى به من صيغة معاشية متأكدة وتأثيرها على الأمن العام الاجتماعي بالإضافة إلى أنها ديون متوسطة القدر.إجراءاتوتساءل الأستاذ الفرشيشي عن تداعيات هيمنة فكرة الإنقاذ وعمّا إذا كان المشرّع قد رغب من وراء ذلك أن يمنح وظيفة جديدة للإجراءات الجماعية الحديثة بما يمكنها من التخلص من وظيفتها المتمثلة في الانتقام من المدين المتسبب في الإفلاس وتقمّص وظيفة جديدة تتمثل في تجميع الدائنين في صف واحد ومحاولة تمكينهم من حقوقهم بحيث تُصبح الإجراءات الجماعية أداة فعّالة في النهوض بالمؤسسة المارة بصعوبات اقتصادية. ويذهب الأستاذ الفرشيشي إلى أن فكرة الإنقاذ لم تأخذ بعين الاعتبار مسألة توزيع التضحيات بين الدائنين على الرغم مما أوجدته الأحكام الجديدة المتعلقة بالكفالة والتعليق المشروط لإجراءات استرجاع العقارات والمنقولات من إفادة. وفي إجابته عن سؤال ل»الشروق» حول الصعوبات التي ما تزال تعترض حسن تطبيق قانون الإنقاذ يقول الأستاذ الفرشيشي أن أهمها المتعلق بصعيد منظومة الإشعار إذ من غير المنطقي والمعقول أن لا نسجل طيلة التسع سنوات الأخيرة سوى 80 إشعارا بتعرض مؤسسات لصعوبات اقتصادية. ويضيف.. ما فتىء المشرّع يتدخّل في هذه المرحلة السابقة للتسويتين الرضائية والقضائية لكن من زاوية تطبيق القانون ومآل العقود ودور الخبير في التشخيص فإن القانون الجديد يستحق النظر خاصة بالنسبة للفصول 8 و18 و19 و39 كما تستحق مسألة تعليق إجراءات التنفيذ الخاصة بديون العملة المزيد من الدرس وإيجاد حل لا تتعارض فيه مصلحة الأمن الاجتماعي مع مصلحة الأمن الاقتصادي... وحول عوامل الإنقاذ يقول الأستاذ الفرشيشي أن أبرزها هو تدعيم العلاقة بين كل الهياكل المتداخلة وخاصة بين هيكلي الإدارة والقضاء حتى يقع تبادل المعلومات والحصول على الآراء طبق ما جاء بالقانون الجديد لتحقيق الهدف المنشود وهو إنقاذ المؤسسة والمحافظة على مواطن الشغل وسداد الديون مع ضرورة تعميم ثقافة الإنقاذ وذلك بنشر الوعي لدى المتعاملين مع نظام الإنقاذ والتخصص عند الاقتضاء بما يضمن تطبيق هذا القانون وجعله يكون ملما بكل الجوانب القانونية والاقتصادية