في كل مرة وبعد مشاهدتي لأي عمل سينمائي تونسي تزداد قناعتي بأن أصحاب هذه الأعمال مصرون على التحليق بعيدا عن الواقع التونسي حتى صارت أفلامهم تبدو وكأنها تمثل واقعا افتراضيا أو مجرّد تعبير عن عقد شخصية يعانيها هؤلاء... آخر هذه الأعمال التي فرضت على المشاهد قسرا بعرضها في سهرة السبت كان شريط الكتبية للمخرج نوفل صاحب الطابع... وبعيدا عن مناقشة القصة أو الأحداث التي تفتقر إلى أدنى الشروط فإن هذا الفيلم أعطى صورة فيها الكثير من الإساءة والافتراء سواء بحق المرأة التونسية أو الرجل نفسه... فالمرأة التونسية من خلال نظرة هذا المخرج زوجة غير مسؤولة تمضي وقتها إمّا في الغناء أو قذف الصحون والصياح في وجه الزوج الذي كان يفوق الإنقليز في بردوة دمهم.. فأي رجل هذا مهما كان شرقيا أم غربيا يقبل أن تذهب زوجته من ورائه وتغني في الأفراح وعندما تعود مع الساعات الأولى للفجر تطلب منه أن لا يسألها أين كانت ثم تخبره بما فعلت فيكون أقصى ردّ فعل لديه هو صيحة هزيلة ثم يدفعها على فراشها ويغادر البيت.. حتى بقايا الرجولة تلك التي ظهر بها البطل تنتفي في نهاية الشريط عندما يذهب الزوج إلى المكان الذي كانت تقوم فيه زوجته بإحياء سهرة ويخرّ ساجدا عند قدميها طالبا الصفح والعفو... فمن أين استوحى صاحب العمل قصته؟ فإذا كانت من الواقع فهي نشاز وإذا كانت من صميم الخيال نقول له أن التونسي بحاجة إلى فن يلامس حياته ويعبّر عن مشاغله اليومية.. فلماذا لا يجتهد هؤلاء في إبراز الصورة الناصعة للمرأة التونسية المرأة المناضلة التي تنهض منذ التباشير الأولى للصباح لتعد إفطار أبنائها ثم ترافقهم إلى مدارسهم قبل الذهاب إلى عملها. وأين هي المرأة الكادحة التي تستقل الحافلة عند الفجر لتذهب إلى المعمل لتعود منهكة عند المساء ومع ذلك تدخل المطبخ وتقوم بشؤون أسرتها.. فأي صورة يريد هؤلاء ترويجها عن الأسرة التونسية؟ لهؤلاء نقول «مازال الخير في الدنيا» وأنه لدينا الكثير من النماذج المشرفة من الأسر التونسية التي قوامها الاحترام والالتزام بالأصالة والقيم. ونطالبهم بالكف عن التساؤل عن سرّ عزوف التونسي عن مشاهدة أعمالهم.