لا يخلو استعمال التكنولوجيا ووسائل الاتصالات الحديثة من المساوئ والانحرافات التي يكون «ابطالها» اشخاصا لا هم لهم غير ازعاج الاخرين او ايذائهم او الاعتداء على ممتلكاتهم. وإذا كان عدد أصحاب الهاتف الجوّال في تونس أصبح يقارب المليونين وهو ما يساهم في تيسير الاتصال والتواصل بين المواطنين في الداخل والخارج فإن البعض منهم لا يتوانى في استعمال الجوّال في غير المجالات التي جعل من أجلها وأصبح عديد اصحاب الهواتف المحمولة يعانون من الازعاج المتكرّر الذي يصل الى حد السب والشتم والاعتداءات الاخلاقية دون ان يتمكنوا من ملاحقة المعتدين ومحاسبتهم رغم ان ارقامهم ظاهرة ومعلومة. ويقول المتضررون ان «اتصالات تونس» وشركة «تونيزيانا» ترفض مدهم بهويات اصحاب الارقام المزعجة ليتسنى لهم رفع الامر للقضاء فيضطرون الى اغلاق هواتفهم والمطالبة بتغيير ارقامهم وتحمل الكلفة لكف الازعاج. وحتى اذا كانت هوية المزعجين معروفة فإن المتضررين يعجزون عن اثبات الضرر والاعتداء اللفظي عليهم في صورة عدم تقديم تسجيل صوتي للمكالمات وهو امر لا يتم الا بعد موافقة النيابة العمومية ولا يمكن اثقالها بعدد كبير من التشكيات وما يتطلب ذلك من مراقبة مكالمات اصحاب الارقام المزعجة. الرسائل القصيرة وخلافا للاعتداء الصوتي عبر المكالمات فإن جرائم الاعتداء عبر الرسائل القصيرة المكتوبة تبدو أيسر اذ بامكان مدعي الضرر اثبات الاعتداء الاخلاقي عليه عن طريق عدل منفذ يتولى نقل مضمون الرسالة او الرسائل موضوع الادعاء وتقديمها للعدالة، كما حصل مؤخرا. وشهدت المحاكم التونسية في الفترة الاخيرة تقديم قضايا من هذا النوع ومنها قضية الطبيب الذي أرسل الى صديقه السابق القيم العام رسائل رأى فيها ثلبا واعتداءات اخلاقية ومسّا بشرفه وشرف عائلته. كما نظرت المحاكم في قضايا تعلقت بعدد من الشبان تعمدوا الاتصال بالحماية المدنية والاجهزة الامنية ودعوتها للتدخل في جرائم او حوادث لم تكن موجودة وهو ما جعلهم يواجهون تهمة استعمال اتصالات عمومية للازعاج والاعتداء. وتوجد في المجلة الجنائية وفي مجلة الاتصالات فصول تعاقب ظواهر الازعاج والاعتداء على الاخلاقيات عند استعمال الاتصالات العمومية. جرائم الانترنات ولم تسلم الانترنات من الجرائم اذ اضافة الى القرصنة وجرائم الملكية الفكرية والفنية فإن قضايا اخرى شهدتها المحاكم التونسية ومنها السطو على عقود ضمن التجارة الالكترونية او كشف اسرار صفقات تجارية. كما استغل البعض الشبكة العنكبوتية لارتكاب جرائم نشر وترويج اخبار زائفة تعاقب عليها فصول في المجلة الجنائية ومجلة الصحافة. وتم اصدار عقوبات بالسجن في قضايا من هذا النوع. وكما في الهواتف الجوّالة فإن بعض المواقع على شبكة الانترنات تتيح للبعض وفي اطار الخدمات المجانية التي تقدمها امكانية ارسال ارساليات قصيرة «S.M.S.». ويمكن للبعض من «القراصنة» او «الهاكرز» كما يسمون في العالم تحريف بعض الرسائل وتضمينها كلاما مشينا أو لا أخلاقيا. ولم يتم الى حد الان على حد علمنا تقديم قضايا من هذا النوع الى القضاء التونسي ولو أن الامكانيات واردة.