عندما أتى السيد الأخضر الإبراهيمي إلى العراق ممثلا للأمين العام للأمم المتحدة فإنه جاء مزودا بخبرة دبلوماسية كبيرة فعدا دوره في بلده الجزائر كان له دور في لبنان أيام الاحتراب وجاور كل الأطراف دون كلل. وقبل العراق كان في أفغانستان المدمرة بتركيبتها القبلية والعرقية والسياسية وتداخلاتها. ويبدو السيد الإبراهيمي على درجة كبيرة من طول النفس والصبر يجعل مهمته ناجحة. في العراق أراد أن يعرف الحقيقة وأن يقرأ التوجهات ويستشرف الآفاق فالمسؤولية كبيرة بل وأكبر مما كان متوقعا ومن ثم عليه أن ينصت للجميع لا إلى مجلس بريمر فقط ومن ضمّ من أسماء سيكتشف أنها بلا رصيد شعبي أو وطني ذهب إلى أحزاب وشخصيات خارج مجلس بريمر وربما كان بعمله هذا قد أثار حفيظة بعض هؤلاء فهاجموه حتى قبل أن يقدم تقريره وما أثار الاستغراب أحد هؤلاء البريمريين القابض بالعلن وليس بالسر ثلاثمائة وأربعين ألف دولار شهريا لقاء جمعه هو وميلشياه المعلومات عن المقاومة الوطنية العراقية هذا الشخص الذي لا يملك أي مصداقية وملاحق من قبل الانتربول لنهب بنك بترا الأردني يقول بالفم الملآن : «ان من العار على أي سياسي عراقي أن تنصبه قوة أجنبية في مركزه.. إلخ» أرأيتم؟ يقول المثل : «إذا ابتليتم فاستتروا» اسكتوا اختبؤوا بحماية الميليشيا المأجورة في وطن منهوب محتل ولكن بدلا من هذا ظهر وهاجم الإبراهيمي. مازلنا نتذكر هذا الشخص وهو ينزل من الطائرة الأمريكية على مشارف الناصرية وهو يضع على رأسه قبعة الكاوبوي الشهيرة بكرش ممدد وما لم تظهره عدسات التلفزة أنه ما إن هبط حتى جاءته النيران التي كادت أن تقضي عليه ولذا لاذ بمن جاؤوا به لحمايته وهو المنتفخ الذي ربما كان يتوقع أن يقابل متدل. لم يحتمل العراقيون أولئك الذين يهبطون بالمروحيات ورأينا ما حل بعبد المجيد الخولي الذي سرعان ما نحره الوطنيون بعد أن رأوه وهو يهبط من مروحية لقوات الاحتلال. لقد صرّح السيد الإبراهيمي بما عرفه ورآه وما توصل إليه وتأكد له أن مجلس بريمر هذا لولا الاحتلال لما كان له أي موقع أو رصيد وأن الفاعلين في الساحة العراقية بعيدون عن مجلس بريمر. وقد رأينا أحد ممثلي السيد مقتدى الصدر وفي مشاركة له بإحدى البرامج التلفزية يردّ على سؤال إذا كان لديه ما يريد قوله لبريمر عبر أحد أعضاء مجلس حكمه المساهم في البرنامج المذكور فكان جوابه على غاية من المسؤولية الوطنية والبلاغة السياسية قال : ليس لدي ما أقوله له فأنا ليست لدي لغة مع المحتلين ولكنني أقول لهذا الشخص الذي يدّعي أنه عراقي كن وطنيا. فارتبك هذا البريمري وصار يروي أنه عراقي وكذا وكذا. وهذا العينة من مجلس بريمر لم يفقه ما قاله له الصحفي المصري عبد الحليم قنديل رئيس تحرير جريدة العربي الناصرية ووصفه له بأنه يرتدي قميصا «أمريكيا» فردّ أنه يرتدي قميصا فرنسيا وفرنسا لم تساهم في (تحرير) هو يرى هذا العراق!!. لقد قدم السيد الإبراهيمي تقريره وهو الذي صرّح منذ أيام بعد كل تجربته العريضة في لبنان وأفغانستان والعراق أن (اسرائيل) هي السم فأقام مناصرو هذا الكيان الدنيا عليه. وجاءت تصريحات عضو مجلس بريمر الهابط بقبعة كاوبوي متواقتة ومتزامنة مع الحملة على الإبراهيمي الذي نطق بما نطق عن دراية واستنتاجا لما رأى وعايش وتابع وهاجمه بصفاقة تثير الاستغراب. قدّم الإبراهيمي تقريره وذكر بأن هناك حاجة لحكومة تكنوقراط أعضاؤها ليست لهم طموحات انتخابية. ونحن وان اختلفنا مع هذا الحل الذي يراه حتى قيام حكومة كاملة السيادة، نرى أن هذا أمر لن يكون إلا بتواصل المقاومة وامتدادها على كل أرض العراق لتبعد الكابوس الدامي من هذه الأرض الطاهرة وتزيح الوجوه الكريهة المنبوذة التي تنطق باسمه رغم أنف أهله. المقاومة هي الرهان فلسطينيا وعراقيا رغم أن ثمنها باهظ جدا إذ لم يتركوا لنا خيارا عداها وليس هناك من سلاح ماض إلاها.