الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف في بلادنا لا يقتصر على تحضير العصيدة البيضاء او عصيدة «الزقوقو» وانما يعد هذا اليوم مناسبة لاشكال احتفالات تختلف باختلاف الجهات. «الشروق» من خلال مراسليها (راشد شعور، علي بن عمر، عبد المجيد الجبيلي) حاولت فتح نافذة لتطل على عاداة وتقاليد الاحتفال بهذه المناسبة الدينية وقد أمدّنا زملاؤنا فيالقيروانوسوسةوصفاقس ببعض ملامح الاحتفال بهذه المناسبة ونحن نقدم هذه الشهادات باقلام راشد شعور (صفاقس) وعلي بن عمر (سوسة) وعبد المجيد الجبيلي (القيروان). المولد في الساحل: العصيدة البيضاء تحافظ على مكانتها من المعروف عن مدن وقرى جهة الساحل أنها تتشابه في العادات والتقاليد وخصوصا المتعلقة منها بالمناسبات الدينية وما يتبعها من مظاهر الاحتفال وما من شك فإن المولد النبوي الشريف يمثل احدى اهم هذه المناسبات وقد جرت العادة ان يقع اعداد العصيدة البيضاء فجر يوم المولد وفي ذلك تتشابه كل مدن وقرى جهة الساحل من بوفيشة الى الشابة ويعتمد اعداد هذه العصيدة على السميد وزيت الزيتون خاصة وقد دخلت عصيدة الزقوقو ضمن التقاليد الاسرية للعديد من سكان مدن الجهة وهي عادة جديدة على الجهة ولا يتعدى عمرها العقدين من الزمن على اقصى تقدير لأن أهل الساحل عرفوا اعداد العصيدة البيضاء منذ قرون ولعل تاريخ هذه الاكلة في الجهة يعود الى الامازيغ وهي عادات الى الان مازالت تمارسها نساء الساحل بمناسبة المولد التخضب بالحناء في الليلة التي تسبق هذه المناسبة ثم الاستيقاظ باكرا والزغردة تعبيرا عن الفرحة التي عمت كل الكون يوم مولد سيد الأنام اضافة الى هذا فإن المولد النبوي يبقى احدى اهم المناسبات التي تختارها الاسر لختان الاطفال وكذلك لاتمام الخطوبات او ما يعرف بقراءة الفاتحة بين الشاب والفتاة زوجة المستقبل. كما تكون هذه المناسبة فرصة لكي يهادي الخطيب خطيبته وتعرف هذه الظاهرة لدى الاسر الساحلية بالموسم وهي تسمية تعني ان تقدم اسرة الشاب للفتاة المخطوبة هدية تضيفها الى جهاز العرس وعموما فإن عادات الاحتفال بقدوم المولد في جهة الساحل مثل غيرها من العادات عرفت تغييرات كثيرة بفعل الزمن وتغير نمط العيش واتساع المدن وغيرها من العوامل الاخرى. النحاس هدية للخطيبة في القيروان تعتبر ولاية القيروان من أهم الولايات التي لها احتفالات خاصة وعلاقة وطيدة بذكرى المولد النبوي الشريف، حيث تقام عديد الندوات الدينية لعل ابرزها الندوة المولودية الدولية السنوية والتي تأتي هذه السنة في دورتها 31 تحت اشراف وزير الشؤون الدينية ويقدمها علماء من كل انحاء الدول الاسلامية اعتبارا للتاريخ الحضاري والديني للقيروان... المولد النبوي مناسبة للقيروان لتستقبل العديد من الزوار الذين يأتون من كل حدب وصوب حتى من خارج ارض الوطن ليتبركوا بزيارة الاضرحة وخاصة مقام أبي زمعة البلوي المعروف بسيدي الصحبي حيث توجد فيه «العصيدة». وفي اطار المد التضامني بين الاسر يقام بهذه المناسبة بمقام أبي زمعة حفل ختان الاطفال بطريقة مجانية بالنسبة لفاقدي السند ويصل عددهم الى حدود 150 طفلا. كما تعرف هذه المناسبة بالنسبة للخطيب الذي يقدم الى خطيبته هدية «النحاس» وهي عادة دأب عليها كل شاب قيرواني وهي تتمثل في بعض النواع القطع النحاسية. من جهتها تزداد الزيارات العائلية فيما بينها بصفة غير عادية حتى أن بعض المهاجرين يترقبون «المولد» للعودة الى وطنهم لرؤية الاهل والاقارب.