ندوات دينية ونشاط جمعياتي وحركية اقتصادية وسياحية وأعمال خيرية هي ابرز سمات الاحتفالات بالمولد النبوي الشريف في القيروان هذا العام. لكن ارتفاع الأسعار التي جعلت بعض العائلات تراجع بعض العادات. عندما تصدح صومعة مقام أبي زمعة بالبلوي بالأذكار والمدائح ويشرع التجار في رسم فضاءات سوق المولد، وتنشط عمليات تلميع النحاس والختان الجماعي للأطفال..وتتزين المعالم الدينية فاعلم أنها مقدمات ثابتة لاستعداد المدينة لهذا الحدث المميز عن بقية المناسبات الدينية. والاحتفال بالمولد النبوي الشريف في القيروان له مميزات و»طقوس» تجعل منه مناسبة فريدة خصوصا بعد الثورة وتحرر الأنشطة الدينية في عاصمة الأغالبة وهي اولى قبلة إسلامية في شمال افريقيا. وندوات دينية بعد ثورة التحرر، استعادت الاحتفالات المولدية جوهرها وروحها وبريقها وعادت الأنشطة الدينية التي طمست وغيبت بسبب حرص النظام السابق على إفراغ هذه المناسبات الدينية من محتوياتها. مقابل تكريس الجوانب الاقتصادية والعادات والمأكولات. فقد توالت الندوات واللقاءات والتظاهرات الثقافية بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف وكان أولها ندوة للدكتور محمد الأوسط العياري بحضور السيد نور الدين الخادمي وزير الشؤون الدينية أقيمت بجامع عقبة ابن نافع إثر صلاة الجمعة بعنوان « توحيد التقويم الهجرى في العالم الإسلامي». كما تمّ برمجة محاضرة بعنوان « دور المرأة فجر الإسلام «. كما حضر عديد الشخصيات الدينية مثل الشيخ صفوت حجازي الذي القى محاضرة في جامع عقبة بن نافع. وأقيم حفل إنشاد ديني نشطه الفنان السوري أحمد ابو راتب. وينتظر ان يتم يوم 4 فيفري يوم المولد عرض مسرحية «ذكرى الشهيد» بالمركب الثقافي. والى جانب الندوة المولدية التي تغيرت مضامينها هذا العام عن المضامين السابقة لتكون ثورية في مضمونها بعد أن كانت مسيسة وشكلية، وخرجت من مقر الولاية الى المركب الثقافي، تنظم مندوبية الثقافة مهرجان الإنشاد الصوفي في دورته الثالثة بمشاركة منشدين من تونس وخارجها. كما تنتظم مسابقة في المدائح والأذكار بالمناسبة. كما نظم مركز الدراسات الإسلامية بالتعاون مع الجمعية القرآنية يوم الاربعاء 01 فيفري يوما دراسيا بمناسبة المولد النبوي الشريف تحت عنوان «صورة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في الثقافة الغربية» بمقر دار القرآن. اما مساء يوم المولد فتنتظم بجامع عقبة بن نافع المعمور ندوة يشرف عليها الإمام الخطيب بجامع عقبة الشيخ الطيب الغزي والشيخ المنذر العلاني وتتضمن محاضرات وتلاوة للقرآن الكريم. الأسر القيروانية لم تجبرها الظروف الاقتصادية الصعبة والمتذبذبة على تغيير عاداتها حرصا على الاحتفال بالمولد النبوي الشريف على طريقتها المميزة. ونقصد هنا عادة إعداد العصيدة بأنواعها (الزقوقو والبيضاء) وعادة المواسم وعقد القران والختان والتزاور. لكن هذه العادات التي تعد موسما تجاريا من شانه ان ينقذ بعض الأنشطة التجارية وتنعش الأسواق، شهدت بعض العزوف وخصوصا من قبل الأسر ذات الدخل المحدود امام ارتفاع أسعار الفواكه الجافة ومادة «الزقوقو» التي ناطحت ال20 دينارا قبل ان تتراجع قليلا الى جانب ارتفاع اسعار الفواكه الجافة التي تكدست في المتاجر وعلى الأرصفة دون مراقبة. وحسب احد التجار فان هذه الأسعار دفعت المستهلك الى التحري والتريث في انتظار تراجعها. كما تحرص عديد العائلات على اقتناء الأواني البلورية وتلميع الأواني النحاسية واقتناء بعضها للموسم والاستعداد لمواسم الخطبة والهدية، وقد حاولت محلات الملابس الجاهزة ترغيب حرفائها في اقتناء بضائعها من خلال إعلان تخفيضات متفاوتة بمناسبة «الصولد» الشتوي عسى تفلح في الخروج من أزمة الركود الشتوي وذكر احد التجار ان الحركية التجارية لأسواق الملابس والأحذية تأثرت بالمناخ السياسي العام المتقلب. وبين احد التجار بالسوق العتيقة ان موسم المولد الذي يأتي بعد موسم راس السنة الإدارية يعد مناسبة تجارية لإنقاذ أعمال التجار رغم تأثر السوق بسوق المولد التي انتصبت بعيدا ممّا تسبب في عزل أسواق المدينة العتيقة بشكل أو بآخر. من جهة ثانية برمجت عديد الأسر القيروانية عقد قران الزواج وإقامة حفلات ختان. وذكر السيد محمد علي السالمي (موظف) ان أسرته ستحتفل بزواج ابنة شقيقه ليلة المولد وقد تم عقد قرانها يوم الأربعاء. ويعد «موسم المولد» مناسبة لتقديم هدية الخطوبة. وتتمثل أساسا في قطع المصوغ والاواني النحاسية حسب تأكيد الأخوين الصدفي الحرفيين بسوق النحاسين. «أبي زمعة» يستقبل زواره لا يمكن ان تكتمل احتفالات المولد في القيروان دون زيارة مقام الصحابي الجليل ابي زمعة البلوي الذي يحتضن عدة أنشطة. وذكر الشيخ زهير الحداد حفيظ المقام ان المقام تزين لاستقبال زواره منذ ايام وصدحت صومعته بالمدائح والأذكار. وأشار الى ان المولد هو «عرس القيروان» تنتظم فيه مسابقات للإنشاد الصوفي والمدائح والأذكار وتلاوة القرآن وتوزيع الهدايا. واكد انه تم الإعداد لاستقبال الضيوف وإقامتهم. مشيرا الى ان المقام حافظ على جميع عاداته وأبرزها «صباح العصيدة» الذي يتولى فيه بنفسه طبخ العصيدة التقليدية وتقديمها لزوار المقام الذين قال إنهم يأتون من كل الجهات بحكم مكانة الصحابي الجليل الذي يجعل من القيروان مركزا للاحتفال بالمولد النبوي الشريف. كما تنشط بمناسبة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف الأعمال الاجتماعية والخيرية حيث تستعد عديد الجمعيات الى إرسال قوافل مساعدات الى بعض المناطق الريفية النائية. كما تعتزم عديد الجمعيات منها جمعية التكافل والرحمة والبركة إقامة حفل ختان جماعي لعشرات الأطفال بمقام ابي زمعة البلوي. وماتزال الاحتفالات مفتوحة على كل نوافذ الخير والابواب على مصراعيها لاستقبال الزوار في القيروان أمام برمجة الحكومة ورئاسة الجمهورية تنظيم زيارات والإشراف على الاحتفالات بالمولد النبوي الشريف في القيروان وهو ما يعيد لهذه الجهة المتأصلة في الحضارة الإسلامية مكانتها وقيمتها. الاحتفال بالمولد هذا العام سيكون نقطة عودة الروح والروحانيات «للمولد»..سنين دائمة!