بالأمس القريب فقط كنت اخي بيننا، لا تفارق الابتسامة ثغرك، كل ملامحك كانت تنطق بالطيبة، بالمعدن الاصيل، بالتواضع وبالحب الكبير لزغوان وأهلها، لبساتين زغوان وجبلها، جئت ولايتنا خلفا لسيد كريم فكنت نعم الخلف. قلبك الذي خانك وتوقف عن النبض، كان فياضا بالحب، كان ابويّ العطاء حاتمي الكرم، وكم نحتاج قلبا مثله في عصر شحّت فيه ينابيع العطاء. الموت حق لكنه قاس جدا، لم تودّعنا اخي، لم توصينا ولم تلمح لنا بالرحيل، كيف بهذه السرعة رحلت من دنيانا؟ كيف للنخلة انحنت وللأمل العريض انهار؟؟؟ كيف هانت عليك محبتنا وسافرت والربيع يكسو جناننا؟؟ لا ادري اخي بماذا ارثيك، ولا كيف ابكيك فقد كنت لي وللكل اخا وصديقا ومشجعا، بماذا ابكيك؟ دمعي ودمع المئات لا يكفيك، بماذا ابكيك؟ كل الكلمات اصابها العقم وكل شعري اصابه الذهول، عجزت ان اوفيك حقك ولو بالحرف وانا التي كنت اظن ان المفردات تسعفني في اي ظرف، عجزت وألجمتني الصدمة فقد كانت اقوى من ان يتحملها قلبي ويستوعبها فكري. كنا في لقاءاتنا الثقافية فخورين جدا بوجودك بيننا انت السياسي الذي يحمل قلب شاعر وفكر شاعر، يعشق الجمال في كل شيء ومن ذاك المنطلق الانساني كنت تتعامل مع اهل الفكر والثقافة. زغوان تفتقدك وهي تحتفل بالربيع والربيع بزغوان عرس كنت السنة الماضية سيده ونجمه. مقامك اذا حسبناه بالايام بيننا كان قصيرا لكنه سيبقى منقوشا كالوشم في الذاكرة، تاريخا عزيزا علينا. يمكن ان نغفل عنك ومشاغل الحياة كثيرة، لكن كلما حل موسم الشعر بديارنا ستكون حاضرا معنا كلما مررنا بالقيروان ستكون حاضرا معنا كلما صادفنا قلبا كبيرا يحتوينا ستكون حاضرا معنا. احببناك مسؤولا واعيا بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقه وواليا بلغت الامتياز وانسانا اختطفت حبّنا واحترامنا وتقديرنا. كم كنت اخي اتمنى ان تصلك كلماتي هاته، ان تقرأها وتسعد بها وليتني فعلت. عذري ان قلبي لم يخبرني ان الغياب قريب وان الرحلة بغير حقائق، وان المحطة واحدة والسكة دون رجوع وان يد الموت اسرع لتبعدك عنا جسدا، لن ننساك اخي، انت باق معنا لأنك بأخلاقك بخصالك سطرت اسمك في سجل ايامنا بأحرف ناصعة البياض. اسكنك الله فسيح جنانه.