تعلن اللجنة العليا للانتخابات الجمعة النتائج الرسمية للمرحلة الاولى من الانتخابات البرلمانية المصرية التي يتوقع ان تؤكد الفوز الواسع لجماعة الاخوان المسلمين اشارت كل النتائج الاولية الخميس الى تقدم كبير ايضا لحزب النور السلفي. وتحدثت كل الصحف تقريبا عن "المفاجئة" الحقيقة التي فجرها النور في هذه الانتخابات الاولى في مصر بعد سقوط الرئيس السابق حسني مبارك لانتخاب اعضاء البرلمان الجديد الذي سيكلف باختيار اللجنة التي ستضع الدستور القام للبلاد. وعنونت صحيفة الشروق المستقلة "النور مفاجئة المرحلة"، بعد ان اشارت التقديرات الصحافية الى حصولة على 20 في المائة من الاصوات اي تقريبا نفس النسبة التي سجلتها الكتلة المصرية (ليبرالية) وان كان اقل بكثير من الاخوان المسلمين الذي يتجهون الى فوز كاسح. وكان النور متحالفا مع حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية للاخوان المسلمين، قبل ان ينفصل عنه ليشكل التحالف الاسلامي. ويدعو النور الى تطبيق الشريعة في كل مجالات الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وذكرت صحيفة الاهرام الحكومية "السلفيون يفجرون مفاجاة ويتفوقون على الحرية والعدالة في عدة دوائر". وكان الاخوان المسلمون الذين يخوضون هذه الانتخابات للمرة الاولى تحت راية حزب سياسي شرعي قد اعلنوا منذ الخميس فوزهم باكثر من 40 في المائة من الاصوات في هذه الانتخابات التي شهدت اقبالا غير مسبوق في البلاد. واشاروا ايضا الى ان المركز الثاني يحتله بالتساوي حزب النور السلفي مع الكتلة المصرية الليبرالية. وتشير التقديرات الصحافية الى ان النور الذي تاسس في الاسكندرية بعد ثورة 25 يناير التي اطاحت بالرئيس حسني مبارك سيحصل على 20 في المائة من الاصوات في هذه المرحلة الاولى من عملية انتخابية تمتد على اربعة اشهر. واعلن رئيس اللجنة العليا للانتخابات القاضي عبد المعز ابراهيم تأجيل اعلان النتائج الرسمية للمرحلة الاولى للانتخابات الى الجمعة بدلا من مساء الخميس بسبب استمرار عمليات فرز بطاقات الاقتراع في عدة مراكز انتخابية. وقبل اعلان النتائج الرسمية طالب الاخوان بان تكون القوة الرئيسية في البرلمان هي التي تشكل الحكومة الجديدة. وتثير فكرة برلمان خاضع لهيمنة تحالف بين الاخوان والسلفيين الاوساط المدنية العلمانية والاقلية القبطية. وقال حسن نافعة استاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة في مقال نشرته صحيفة الشروق "الخوف اذا هيمنت التيارات الاسلامية على البرلمان فانها قد تؤدي الى نظام ليس ديموقراطيا واستبدادي بملامح دينية او ديني قمعي او يميني عنصري". واضاف "راينا انواعا كثيرة من الاستبداد يتخفى تحت عباءات ايديولوجية مختلفة ولا نريد استبدال استبداد مبارك بنظام استبدادي ديني". الا ان هذا التحالف بين الحرية والعدالة لا يبدو متوقعا اذ ان النور كان انسحب من التحالف الديموقراطي بقيادة الاخوان المسلمين ليشكل ائتلافه الاسلامي مع بعض الاحزاب السلفية الاخرى مثل "الاصالة". ويدعو السلفيون الى تطبيق الشريعة في كل مجالات الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية وهم اكثر تشددا من الاخوان المسلمين. وحرص قياديون سلفيون الخميس على طمأنة المسيحيين مؤكدين انهم "لن يمسوا شعرة واحدة من اي مسيحي مصري". وقال المتحدث باسم حزب النور، محمد نور لوكالة فرانس برس "ان مس اي شعرة من اي مسيحي يتناقض مع برنامجنا" مضيفا ان مصر "بلد اسلامي وتطبق فيها الشريعة الاسلامية منذ 1300 سنة" والاقباط (مصريون اعتنقوا المسيحية قبل دخول الاسلام اليها) استطاعوا دوما ان "يعيشوا فيها سعداء". أما رئيس مجلس شورى الجماعة الاسلامية، وهي حركة سلفية اخرى تشارك في الانتخابات التشريعية، عصام دربالة فأكد لفرانس برس ان حزبه يريد للدستور الجديد ان "يحفظ الهوية الاسلامية لمصر ويحفظ حقوق غير المسلمين". وبموجب اعلان دستوري اصدره المجلس العسكري الحاكم في 30 اذار/مارس الماضي، سيقوم مجلس الشعب باختيار لجنة من مئة عضو لوضع دستور جديد للبلاد. ويخشى المسيحيون المصريون الذين يراوح عددهم بين 6% و10% من عدد سكان مصر البالغ 81 مليونا، من ان يؤدي صعود السلفيين الى الاضرار بحقوقهم. وشهدت المرحلة الاولى للانتخابات التي تجري على ثلاث مراحل تشمل كل منها 9 محافظات اقبالا كبيرا من الناخبين. واذا استمرت اتجاهات الناخبين كما هي في المرحلتين التاليتين فان الاخوان المسلمين سيصبحون القوة السياسية الاولى في مصر بعد ان كانوا موضع حظر وقمع لعقود. وبعد تفجر ثورات الربيع العربي اصبح الاسلاميون الفائز الاكبر في الانتخابات التي جرت مؤخرا في تونس والمغرب. وتجري الانتخابات في مصر وفقا لنظام مختلط يجمع ما بين القائمة النسبية والدوائر الفردية، اذ يتم انتخاب ثلثي الاعضاء بالقوائم والثلث الاخير بالنظام الفردي. وجرت الجولة من هذه الانتخابات بنجاح ودون مشاكل خطيرة بعد عشرة ايام من التظاهرات الحاشدة المعادية للحكم العسكري في ميدان التحرير والتي تخللتها صدامات اوقعت 42 قتيلا واكثر من ثلاثة الاف جريح.