بالأمس القريب كانت المظاهرات السلمية التي قام بها جميع التونسيين باختلاف أطيافهم وذلك قصد الإطاحة ببن علي وكانت تداعياتها أزمة البطالة وخاصة على أصحاب الشهادات العليا تعتبر شرعية وكان شعارها "الشغل استحقاق يا عصابة السراق" ونوّه بها المجتمع الدولي حتى أن العالم الغربي قام بتسميتها ب "ثورة الياسمين" لنبل مقصدها، لكن أحداث العنف الأخيرة التي وقعت بمدينتي المظيلة وأم العرائس بعد الإعلان عن نتائج مناظرة شركة فسفاط قفصة قصد انتداب أعوان تنفيذ، نرفضها وندينها بشدّة وأقل ما نقول عنها، إلا أنها أعمال فوضى ونرجو ألا تكون ممنهجة. وما حصل في ولاية قفصة كقيام محتجين بحرق المنشآت العمومية من إتلاف تجهيزات إعلامية لمكتب بريد وتهشيم بلوره وكذلك فُعل بالقباضات المالية ومراكز الأمن التي لم تسلم من هذا الصنيع الذي لا ينمّ إلا على بربرية وهمجية يضرّ كثيرا بسمعة تونس ويسيء إليها لدى الأوساط الدولية. أفبهذه الأعمال التخريبية نبني مجتمعا منيعا ومتماسكا. فهؤلاء المنتفضون يزعمون أنهم يريدون الشغل باستحقاق ولو بقوة الذراع وهذا لا يكون لأن المستثمرين الأجانب لا ولن يستثمروا في هذه الأماكن ما دامت مملوءة بالتوتر وعدم استتباب الأمن في هذه المناطق فهم يعملون على تأزيم وضعهم الاجتماعي دون أن يشعروا. وعلى الحكومة أن تضرب بشدة أيادي المعتدين الآثمين فنحن في هذه المرحلة بالذات علينا أن نضع أيدينا في أيدي بعضنا ونبرهن للعالم أننا في مستوى تطلعاتهم. واليوم شركة جديدة تغلق أبوابها وهي شركة يازاكي تونس الكائنة بالحوض المنجمي بقفصة والتي أعلنت قرار غلق مصنعها بأم العرايس نهائيا جراء ما يحدث من اعتصامات متكررة وغير مبررة من قبل العاملين بها والذي ساهم بشكل واضح على توقف الإنتاج الذي أثّر سلبا على طلبيات الحرفاء وبالتالي أُجبرت الشركة على دفعة خطايا مالية كبيرة. وهذه الأعمال التي يقوم بها أهالي المنطقة تضرّ بالاقتصاد الوطني أي المصلحة العليا للبلاد لذا نلفت نظر المسؤولين والحكومة الجديدة أن من واجبها حماية المستثمرين والمؤسسات في هذه الأماكن ولو اقتضى الأمر أن يقوم على حراستها الجيش الوطني مدججين بالسلاح أو فرق من الحرس الوطني لأن القفاصة أثبتوا بأعمالهم المتكررة هذه أنهم لا يعرفون مصلحتهم ولا مصلحة بلادهم.