الجزائر(ويترز)الفجرنيوز: تعني الانقسامات داخل المعارضة الجزائرية أن ولاية رئاسية ثالثة مدتها خمسة أعوام ستكون من نصيب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ليكون على رأس الجزائر عضو منظمة البلدان المصدرة للبترول بدعم من النخبة الحاكمة. وبات من الممكن تمديد رئاسته لثالث اكبر اقتصاد في افريقيا هذا الشهر حين ألغت الدولة المصدرة للطاقة مبدأ قصر ولاية الرئيس على دورتين رئاسيتين مما يفتح الطريق امامه ليخوض انتخابات عام 2009. وأثار تعديل الدستور في 12 تشرين الثاني/نوفمبر غضبا كبيرا من جانب الإسلاميين المناهضين لبوتفليقة والعلمانيين الذين وصفوا هذه الخطوة بأنها استيلاء على السلطة يرجح أن تؤدي الى استمرار الإخفاقات الاقتصادية التي أنحي باللائمة فيها على نطاق واسع على البطالة ونقص المنازل والمزاج العام الذي يتسم بالكآبة. وبدأت المعارضة تبحث عن مرشح يحظى بالإجماع ليخوض الانتخابات وينهي حكم بوتفليقة لأكبر دولة مصدرة للغاز في افريقيا التي تعيد بناء نفسها تدريجيا بعد الحرب الأهلية التي دارت في التسعينات بين الجيش والمسلحين الإسلاميين. وصرح مراد دهينة المعارض الإسلامي الذي يتخذ من سويسرا مقرا له لصحيفة 'الخبر' بأن الوقت قد حان لإجراء تغيير سلمي. وأضاف أن الوضع أصبح لا يطاق وأنه لم يعد يستطيع أن يتوقع من المؤسسات التي وصفها بأنها غير شرعية أن تفعل شيئا. وبوتفليقة (71 عاما) في الأشهر الأخيرة من ولايته الثانية وعلى الرغم من أنه لم يصرح علنا عما اذا كان سيرغب في الترشح لولاية ثالثة يرى معظم المحللين أنه سيرشح نفسه حيث أشاروا الى نداءات مساعديه المقربين الصاخبة لترشحه. ولم يظهر بعد مرشح للمعارضة يحظى بالإجماع ويرجع هذا جزئيا الى أن هذه الجماعات المتباينة لا تتفق على الكثير باستثناء معارضتها لاستمرار وزير الخارجية السابق في الحكم ومطلبها المشترك باتخاذ إجراءات اكثر صرامة ضد الفساد. وبعض من خصومه إسلاميون يريدون أن يتم حكم البلاد البالغ عدد سكانها 34 مليون نسمة حكما إسلاميا ووفقا للأعراف الثقافية. ومن بين خصومه الآخرين العلمانيون الفرانكوفونيون او نشطاء الأقلية البربرية الذين يسعون الى زيادة الحريات السياسية والثقافية. ومن الاسماء التي تظهر بشكل متكرر كمنافس محتمل في تعليقات الصحف اسم اليمين زروال الرجل العسكري قوي الشكيمة الذي تولى رئاسة الجزائر من عام 1994 الى عام 1999. زروال الذي يتمتع باحترام القوميين ربما يكون غير مقبول بالنسبة للإسلاميين حيث تزامنت ولايته الرئاسية مع ذروة الحرب الأهلية. ولم يعقب بعد على النداءات بترشحه. وليست الايديولوجية هي العقبة الوحيدة. ويشعر كثيرون من المعارضة بالإحباط لأنهم يعتقدون أن ترشح بوتفليقة المرجح يحظى بدعم ضمني من المجموعة السرية بالجيش التي تعرف باسم (السلطة) والتي تهيمن على السياسة الجزائرية منذ الاستقلال. وتتكون هذه المجموعة من رجال في اواخر الستينات والسبعينات من العمر ويشغلون مناصب مهمة في السلطة وهم في الغالب من قدامى المحاربين في الحرب التي دامت من عام 1954 الى عام 1962 ضد فرنسا الاستعمارية ونتيجة لذلك يتمتعون بشرعية سياسية في ظل الوضع الراهن الذي لا يريدونه أن يتغير. ونقلت صحف مؤخرا عن رئيس الوزراء احمد اويحيى الذي يترأس حزبا سياسيا ينظر اليه على أنه مقرب من الجيش قوله لأنصاره إن المعارضة لن تتولى الحكم في الجزائر ابدا، ثم استدرك قائلا إنه لا يعتقد أنها لن تتولاه ابدا لكن ليس قبل وقت طويل. ومن بين العقبات الأخرى اللامبالاة فعلى الرغم من الاستياء المنتشر على نطاق واسع بسبب مشاكل الإسكان والبطالة باءت جهود مفكري المعارضة لإثارة الجدل بشأن الانتخابات بالفشل نتيجة لعدم اهتمام الجماهير بالعملية السياسية الرسمية. وفي ظل منع بعض الأصوليين الإسلاميين من المشاركة في الحياة العامة بموجب قانون يجرم 'التلاعب' بالدين لأهداف سياسية والبرلمان الضعيف الذي ينظر اليه على أنه أداة للسلطة التنفيذية يقول الكثير من الناس إنهم لا يعتقدون أن لهم رأياً في الحكم. تقول الكاتبة المعارضة باية قاسمي إن الجزائريين 'لم يقدروا بما فيه الكفاية مدى عمق انفصال الشعب'، وتابعت أن هذا هو الواقع وهذا أمر محزن. ويرى خبراء أن الشخصيات المعارضة التي يعتقد على الارجح أنها ستخوض الانتخابات ضد بوتفليقة لا تتمتع بثقل وتنتمي الى مجموعة من الأحزاب التي تنظر اليها المؤسسة على أنها لا تمثل تهديدا حقيقيا. ويبدو أن بعض المعارضين مستسلمون للفشل بالفعل. وقال رئيس الوزراء السابق سيد احمد غزالي لصحيفة 'الوطن' إن الانتخابات مرتبة مسبقا وهي لعبة لا تثير اهتمامه او اهتمام اي جزائري، فيما كان البعض الآخر اكثر تفاؤلا. وقال الهواري عدي وهو عالم اجتماع يتخذ من فرنسا مقرا له 'من الممكن أن تتفق المعارضة على مرشح إجماع لأن الوضع الاجتماعي خطير جدا بكل بساطة' مضيفا أنه سيدعم اما زروال او لواء متقاعدا آخر هو رشيد بن يلس. ويتوقع كثيرون أن تستقر المعارضة على مقاطعة الانتخابات لتقويض شرعية ولاية ثالثة لبوتفليقة. ويرى محللون أنه سواء خاض الانتخابات ام لا فهناك مجازفة بمزيد من الاضطراب الاجتماعي بسبب التأخيرات في مشروع كبير لإعادة الإعمار ينطوي على بناء منازل ومد طرق وإنشاء جامعات ومستشفيات جديدة. وصرح احمد بن بيتور رئيس الوزراء السابق لصحيفة 'الوطن' بأن ما يمثل تهديدا حقيقيا هذه الأيام هو هذا الميل الى الفوضى الذي يحركه أشخاص متعطشون للانتقام ولا يرون اي علامات واضحة على التغيير وقد عقدوا العزم على تدمير كل شيء يعبر عن النظام الجشع المسؤول عن بؤسهم.