أذكر من أحداث القصبة ثلاثة حينما تعرّض مواطنون وصحفيون للاعتداء من بعض أعوان الأمن، حينها صرّح متحدّث باسم الداخلية أنه طلب من الصحفيين أن يرتدوا ملابس مميزة حتى يتعرف عليهم أعوان الشرطة، هنا كنت انتظر من صحفيينا أن يتضامنوا مع أبناء شعبهم وان ينددوا بالاعتداء مهما كان المستهدف به سواء صحفيون أو مواطنون، لكن أسفا نسي أعلامونا ذلك وراحوا في عصبية منتصرين لجنسهم الخارق قلتُ حينها تلك ردّة فعل عفوية أمّا اليوم وحينما أسمع دعوات غربية لتركيز ترسانة من القوانين في الدستور وخارجه وذلك حماية للإعلاميين دون قيود تضبط عملهم أو تحدّده وكأنّ هذه القوانين هي التي سوف تجعل منهم إعلامين بحق وكأنها هي التي سوف تركز لنا إعلاما حرّا مهنيا مستقلاّ وشجاعا. إعلاميونا لا يملكون الشجاعة ليخوضوا حربا بلا خوذات أو واقيات من الرصاص. لا يملكون الشجاعة ليخوضوا حربا مقدّسة بصدور عارية. ثم ما معنى أن تكون حريتهم دون قيود، هل يكفي لمواطن أن ينتمي لمهنة ما حتى يغدو فوق المحاسبة و فوق المجتمع، هل يكفي أن أكون صحفيا حتى أتعدى و أظلم بمنطق حرية الإعلام والصحافة هل يكفي أن أكون إعلاميا حتى أجوز لنفسي ما أمنعه عن الآخر. إنّ نداءات ودعوات كهذه هي بمثابة تأسيس للفوضى وشرْعَنَةٌ لها: هي عملية استصحاب لواقع المواقع الاجتماعية إلى واقع الإعلام الرسمي. هؤلاء ... لا تتحرّك أقلامهم إلاّ في أجواء من الفوضى سواء كانت فوضى الثورة أو فوضى القوانين إلتي يدعون إليها. هؤلاء لا يملكون الشجاعة ليصدعوا بكلمة الحق دون ثورة أو قانون يحميهم، مثل هؤلاء يستفيدون من الثورات ولكن أبدا لا يصنعونها. فالسلاح المتطوّر في يد الجندي الجبان لا يجعل منه أبدا جنديا شجاعا. أنا مع وجود قوانين تحمي الصحفي وتسهّل عمله ليكون حرّا بعيدا عن كل ضغط وتساهم في الرقيّ بإعلامنا ليغدوا حرّا ومستقلاّ ومسئولا، ولكن لا أحسبني استسيغ أو أقبل أن يتحوّل النخّاس إلى مدافع عن حقوق الإنسان. الشعب يعرف من هم الشرفاء من إعلاميينا وللأسف هُمْ قلّة ويعرف منهم الفاسدون وهم كذلك قلّة ويعرف من هم الجبناء وهؤلاء كثيرون.فرجاء قليلا من الحياء فليس للفاسد أو الجبان أن يكون اليوم طلائعيّا.