بعد الزيارة الأخيرة التي قام بها الداعية الإسلامي وجدي غنيم إلى تونس كنا نظن أنه سيستقبل استقبالا حارا من قبل المجتمع التونسي باختلاف مكوناته وطوائفه فنحن في أمسّ الحاجة لزيارة أمثال هؤلاء العلماء الذين هم ورثة الأنبياء كما قال ربنا الجليل. لكن البعض من المجتمع قابلوا هذه الزيارة بالرفض وتنكّروا لمن قال فيهم ربهم "واسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون"، فهذه الآية الكريمة نزلت في شأن أحبار اليهود الذين عايشوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في زمانه لكنها عامة لكافة العلماء إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. فالله سبحانه وتعالى أجلّ أمثال وأشباه وجدي غنيم فقال في الحديث القدسي : حدّثنا عمر بن حفص حدّثنا أبي حدثنا الأعمش سمعت أبا صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم "يقول الله تعالى أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منهم وإن تقرّب إليّ بشبر تقرّبت إليه ذراعا وإن تقرّب إليّ ذراعا تقرّبت إليه باعا وإن أتاني يمشي أتيته هرولة". فالله جلّ وعلا ينظر إلى جميع الخلق سواسية كأسنان المشط إذ لا فرق بين عربي أو أعجمي إلا بالتقوى. لا كما يفعل بعض التونسيون اليوم حين يقولون هذا مصري، لا نريد سماع ما يقول، فهو متشدد نوعا ما، ولكن نحن نريد دينا إسلاميا سمحا ووسطيا ذا مواصفات تونسية، توافق أمزجتنا وتطلعاتنا يحلّ لنا الحرام ويحرّم علينا الحلال إذ لا يوجد هذا الدين في مصر ولا في الخليج العربي، لذا كان لزاما على وزير الشؤون الدينية ومفتي الجمهورية والكلية الزيتونية أن يعقدوا اجتماعا سريعا ويعملوا على إيجاد مثل هذا الدين الذي نريده أن يرضي المجتمع المدني بجميع أطيافه، وحذار لا بد من الاجتهاد حتى يكون هذا الدين مواكبا لهذا العصر وسيتم الاستفتاء عليه من قبل الشعب التونسي. والسؤال الذي يطرح نفسه هو ما الهدف من هذه الفزاعة التي شنّها بعض الصحفيين على خلفية زيارة الشيخ وجدي غنيم في هذا الوقت بالذات؟ ولماذا كل هذا التخويف من علماء المشرق؟ هل هو فعلا لأن هؤلاء الدعاة هم من المتشددين والمغالين في الدين؟ أم أنهم متخوّفون من تأثير مثل هؤلاء الدعاة البارزين على الساحة العربية على الانتخابات القادمة. فهؤلاء الأعلام سيجدون آذانا صاغية من قبل الشعب التونسي وبالتالي ستؤثر سلبا زيارة الدعاة والعلماء الإسلاميين إذا ما تواصلت على النتيجة النهائية للانتخابات الرئاسية والتشريعية في قادم الأيام. وسيكون المستفيد الوحيد من هذه الزيارات المتكررة هي الترويكا التي سيعاد انتخابها مرة أخرى من قبل الشعب التونسي بعد أن تتم عملية التهيئة الروحية للشعب التونسي وبالتأكيد هذا الأخير سوف لن يرضى أن ينتخب أو يدلي صوته في العملية الانتخابية إلا للأشخاص الذين يراهم مؤهلون لنيابته وكذلك يسعون جاهدين لرد الاعتبار لدينه وعروبته المفقودتين. فيصل البوكاري تونس