"بين النور و الظلام حزن يقتات الألم يرتدي الليل عباءة و ينزوي في العتمة متدثر بالغمام" من النافذة المطلّة على سنسول المرفأ الغزاوي الفقير، لا شيء يُرى في الليل إلا عمودَي إنارة يتيمَين، بالكاد يضيئان تحتهما. من حين لآخر، حتى هذا الضوء ينطفئ فتعمّ العتمة الخالصة. تنظر في الليل، فتسمع الأمواج، لكنك لا ترى شيئاً. لا قمر و لا نجوم في السماء، سوى الغيوم السوداء تُفرغ حمولتها من الأمطار. سكون يعم كامل أرجاء قطاع غزة و ظلام دامس سوى رنين قطرات المطر لكن سكون و صمت العرب اشد من هذا السكون. غزة تستغيث لا كهرباء, لا غاز و لا دواء. من وراء هذا؟؟؟؟ و إلى متى هذا الصمت؟؟؟ لا احد ينكر أن الكهرباء هي شريان الحياة جميعها, فبدون كهرباء تتوقف الحياة تماما و أهمها المياه التي تصلك أو تضخ إلا بالكهرباء فان وجدت الكهرباء تدب الحياة في كافة أنشطة المجتمع المختلفة, و إذا انقطعت تنقطع معها كل أنشطة الحياة في أي مجتمع, فما بالك بفلسطين التي تعاني العدو و تضاف إليها مشكلة الكهرباء. بدأت أزمة الكهرباء في قطاع غزة منذ قصف الاحتلال الصهيوني لمحطة توليد الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة عام 2006م, فبسبب الحصار المضروب على قطاع غزة نشأت أزمة جدية متمثلة بانقطاع التيار الكهربائي، ووصلت الأزمة إلى انقطاع الكهرباء لفترات وصلت إلى 16 ساعة يوميا أو أكثر. كذلك يؤثر انقطاع الكهرباء على نواحي الحياة في غزة من ناحية اتصالها بالعالم الخارجي وتلف المواد الغذائية فيها وخسائر مادية لأصحاب المصالح والمحالات التجارية. فلم يجد الا بعض المولدات الكهربائية بديلا في انتظار الفرج. غزة تحتاج كهرباء قرابة 400 ميغاوات. لكن المتوفر كالتالي -الاحتلال يزود غزة ب 120 ميغاوات, و هذه الكمية كانت ما تحتاجه غزة في فترة السبعينات و الثمانينات و كان ذلك ضمن مسؤوليات الاحتلال. و لما وقعت اتفاقية اوسلو بقية الكمية كما هي و حتى يومنا الحاضر و الاحتلال لا يزود غزة بأكثر من ذلك باعتبارها كيان معادي -محطة كهرباء غزة تنتج 140 ميغاوات في أفضل حالاتها و هي تحتوي على أربع مولدات و بعد قصفها و تدميرها في عام 2006 تم إصلاحها حسب إمكانيات بسيطة فأصبحت تعطي 85 ميغاوات فقط و هذا إن توفر لها كامل الوقود. الآن فهي في حالة سبات بالكامل بعد منع مصر للوقود المهرب عبر الأنفاق لغزة - مصر كانت تزود غزة ب 17 ميغاوات و رفعتها قبل أسبوع إلى 22 ميغاوات. الحكومة بذلت جهدا كبيرا في هذا الإطار و اتفقت بشكل رسمي مع مصر قبل شهر على تزويد غزة بالوقود اللازم للمحطة و السيارات, لكن الحكومة المصرية تراجعت عن الاتفاق و أصدرت قرار بان يكون مرور الوقود عبر معبر كرم أبو سالم التابع للاحتلال و لن يكون عبر معبر رفح. و هذا يضع غزة في مشكلة سياسية مع الاحتلال الذي سيكون التحكم بيده, يدخل الوقود متى يشاء و يمنعه متى يشاء. كما يقول المثل الشعبي " كأنك يا أبو زيد ما غزيت". و أكد وكيل لجنة الشؤون العربية في مجلس الشعب المصري خالد حنفي أن لجنته طلبت حضور مسؤولين من جهاز المخابرات و وزارة الداخلية, إضافة إلى وزيري البترول و الطاقة لمناقشة التلكؤ في تزويد غزة بالسولار اللازم لحاجياتها. و أوضح حنفي في تصريح صحفي انه يجب التعامل مع مسالة غزة على أنها أزمة يجب السيطرة عليها و ليس على أنها قضية امن قومي مصري. و أضاف " نحن نرى أن الأزمة لازالت كما هي, و نرى أن هناك تلكؤ و تباطؤ في حل الأزمة, رغم أن مصر قادرة على حلها, فغزة كلها بحجم محافظة مصرية, و كمية السولار المطلوبة لها 600 ألف لتر يوميا, أي 10 أو 12 شاحنة, و هذا ليس بكثير" مع العلم أن مصر تبيع السولار (اللتر) الواحد بدولار (ستة جنيهات مصرية) مع أن سعره في مصر جنيه واحد لذلك فان غزة تحتاج 150 دولار شهريا لتغطية حاجياتها. و هذا لمحطة الكهرباء فقط دون استهلاك السيارات و اللوازم الأخرى. أيضا المصريون حتى اللحظة يمنعوا محطات الوقود في منطقتي العريش و رفح المصرية من تخزين الوقود فيعطوهم حاجة السكان فقط حتى لا يتمكنوا من تهريب الفائض لغزة. لو عملت محطة الكهرباء بشكل كامل إلى جانب نصيب الاحتلال و مصر سيبقى هناك عجز قرابة 35% لأنه في أفضل الأحوال المتوفر هو 230 ميغاوات, في حين غزة تحتاج 400 ميغاوات و ذلك بسبب ازدياد عدد السكان و تضخم الاحتياجات على مدار 13 عام مضت. و كل حكام الأمة العربية تعلم هذه المشكلة لكن دون جدوى. فغزة منذ ست سنوات تعيش على مولدات كهربائية صغيرة للاستخدام في البيت رغم أن مخاطرها جمة حيث أنها تتفجر أحيانا و تحدث حرائق. فقد توفي بسببها حوالي 120 مواطن, و ماتت اسر بأكملها بسبب غازاتها السامة. وفي الوقت الذي عملت فيه الحكومة في غزة بجدية لتوفير المبالغ المالية لتدفعها مقابل السولار الصناعي المورد من دولة الاحتلال لغزة نجد أن سلطة رام الله قد استولت على المبالغ المالية التي يخصصها الاتحاد الأوربي بشكل شهري لصالح كهرباء غزة ووضعتها في خزينتها المالية. لذلك فهي لها الدور الأكبر في هذه المشكلة, فحينما كان الاحتلال يزود غزة بالوقود اللازم لمحطة الكهرباء طلبت سلطة فياض من الاحتلال بوقف ضخ الوقود لغزة لأنها لا تستطيع دفع الأموال. كذلك لهذه الحكومة تواصل مع المصريين و تسعى لتعطيل أي اتفاق مع الحكومة في غزة لحل مشكلة الكهرباء فلقد طلبت من مصر إيقاف توريد السولار الصناعي إلى قطاع غزة, إلا من خلال معابر صهيونية لتحقيق عائدات مادية لخزينتها, كذلك كانت حجر عثرة أمام اتفاقية منظومة الربط الإقليمي و منعت تطبيقها. هذا إلى جانب أزمة الدواء فمستشفيات غزة تعاني من عجز في 200 صنف من الأدوية و المستهلكات الطبية, و حكومة رام الله تأخذ الحصة الدوائية المتبرع بها من طرف الدول لغزة و ترسلها إليها حسب مزاجها و على فترات متباعدة لأنهم لا يعترفون بالحكومة الشرعية. يا أيتها الأمة العربية يا من اخترت الإسلام طريقا لنغير التسمية من قضية فلسطينية إلى قضية إسلامية, إن فلسطين تدفع ثمن حريتنا لان فروع العدو اندثرت في اغلب العالم العربي فوجه لنا الرسائل عن طريق تعذيب أم العرب فلسطين. " إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم و اتقوا الله لعلكم ترحمون". سارعوا بإغاثة غزة و إنقاذ آلاف المرضى و الطلاب و الأطفال في قطاع غزة الصامد قبل أن تحل الكارثة. فرح الحامدي(ذهبية) من تونس