يوم 03 ماي هو اليوم العالمي للصحافة،وقد احتفل صحفيونا وإعلاميونا بيومهم مع سائر صحفيي العالم،وسهرت بتلك المناسبة السعيدة إلى ساعة متأخرة من ليلة البارحة أتابع احتفالهم في وسائل إعلام وطننا،عفوا وطنهم. وقد لاحظت جملة من المقدّمات وجملة من الاستنتاجات أريد أن أسوقها تباعا. أولا: لن أستعمل الظّفريْن في الكثير من العبارات التي أحتجّ حتى على أصل تسميتها،وسأعوّل على نباهة القارئ في ذلك ثانيا: هل يختلف اثنان في أن إعلامنا كان واحدا من أسوإ مناويل الإعلام في العالم؟. من يستطيع أن يذكر لي خبرا أو تعليقا أو تقريرا واحدا في الأربعين سنة الماضية،فيه لا أقول احتجاجا وإنما حتى مناقشة لأي عمل حكومي،بل لأي تصرّف لرئيس شعبة حزبية أو عمدة في واحد من أرياف البلد القَصِيّة؟؟؟ ثالثا: هل يختلف اثنان في أن إعلامنا،وفوق كونه مدجّنا ومتعبّدا بالتسبيح صباح مساء للحكومة والنظام،كان أيضا مقرفا وغير مهني ومتخشّبا؟ رابعا: من المعلوم أن زعبع كان ديمقراطيا جدا،منقذا للوطن وديمقراطيا في الفترة الأولى من حكمه،ولم يصبح فاسدا مفسدا دكتاتوريا جاهلا إلا بعد وقت طويل. ومن الثابت أيضا أن إعلامنا لم يحتجّ ولم ينبس ببنت شفة خلال 23 سنة: وإذا كان مفهوما معقولا عدم احتجاجه في الفترة الظلماء من حكم بن علي،خوفا من بطشه وعماه،فلا شك إذن أنه في بداية عهده السعيد لم يتدخّل مطلقا في عمل أصحاب الضمائر الحرّة،وإلاّ لما سكتوا،قياسا على ثورتهم البطولية الأبيّة على الحكومة الحالية الغشوم بسبب تدخّلها السافر في شؤون الإعلام الوطني،روح الثورة وضميرها والناطق باسمها؟؟؟؟ خامسا: إن ثورة الشرف التي يخوضها إعلامنا الحرّ على الحكومة الحالية،وسكوته عن حكومة بن علي منذ فجر 07 نوفمبر إلى مساء 14 جانفي دليل لا يقبل إثبات العكس على أن هذه الحكومة هي أكثر الحكومات استبدادا في تاريخ تونس؟؟؟ ومن يدري،وربما في العالم حتى ؟؟؟ ... خلاصات ... أصل إلى نتيجتين اثنتين: الأولى: إن مجرّد تناول مسألة الإعلام باعتبارها معركة بين حكومة تريد تدجين القطاع،وبين قطاع يريد أن يتحرّر ولكن الحكومة تعيقه،هو انتصار ساحق ماحق له....ولكن،لن يطول. الثانية: أستعير من الرئيس الدكتور المرزوقي شعاره المركزي في حربه ضد النظام البائد "هذا قطاع لا يَصلُحُ ولا يُصلَحُ" ... كل عام وتونس بخير،وإعلامها بخير... لن يكون عيد الإعلام في العام القادم باهتا كهذا بحول الله وستسقط قلاع فساد أخرى،مهما تمنّعت وسيكون لثورتنا إعلام يزيّنها،ولا يقبّحها كما هو الآن وإن غدا لِناظره قريب 04 ماي 2012