عناصر كثيرة متداخلة تجعل من العالم الغربي واليابان ودول كثيرة من آسيا ومن غيرها متقدمة اقتصاديا وبالتالي عسكريا ومن ثمة مسيطرة سياسيا... البين أن المقدرات الطبيعية ليست عنصرا أساسيا وإن كان مؤثرا فأغلب البلدان الغنية بالمخزونات الجيولوجية البا طنية والسطحية أبعد ما تكون عن ريادة العالم وعدد كبير منها متخلفة بكل المقاييس فالسبب الرئيسي إذا هودرجة وطنية أفرادها في ارتباط وثيق بالمرجعية الأخلاقية وبعمق الوعي الجمعي والفردي بالمصلحة العليا وسبل خدمتها قولا وفعلا...ففي تلك البلدان يتقدم المشهد السياسي والإعلامي والحقوقي والجمعياتي أثقف الناس وأكثرهم إدراكا وفهما ودعوة وسلوكا وحرصا لا يقبل المساومة على كل ما من شأنه أن يدعم مكانتهم واستقلالهم وسيادتهم الداخلية والخارجية ويسهم في خدمة الفرد ومن خلاله المجموعة,وعندهم يتحمل كل من أختار المشهد العام مسؤولية الوحدة الوطنية و سن القوانين والتشريعات و مدونات السلوك والعمل الفردي والجمعي نحو الأصلح والأفضل والأنسب والآمن ...فهل من تقدموا المشهد العام في تونس هم بهذه المواصفات؟؟؟ ليكون الحكم أقرب ما يكون للموضوعية يجب اعتماد الوقائع التي تبرز لكل ذي قدر من البصيرة أن ما بدر من " المعارضة بمكوناتها وألإعلام" يرقى إلى درجة الخيانة ولنضرب مثلا عسكريا يعدم من أجل ما يعتبر خيانة عظمى إذا قدم أسرارا لأجانب تتعلق بعدد الجنود أو الآليات وقد لا تكون لها قيمة تقنية عملية عند تلك الأطراف في حالة النزاع وقد تفنى الأرض دون أن تستغل ولا يختلف منا إثنا ن على إجرامه المبدئي في حق وطنه فبماذا نصف من يتواصل مع جهات غربية صهيونية أثبتت عبر التاريخ عداءها للعرب والمسلمين ومساندتها لبن علي وأمثاله وسعيها لإفشال الثورة ليتآمر معها على حاضر ومستقبل التونسيين ؟وبماذا ننعت من يسعى لثني مجيء الراسميل والسواح وكل المتعاملين ؟ وهل من يغلق مصنعا أو مؤسسة ويتسبب في آلاف العاطلين الجدد الذين ينضافون للسابقين وطني؟ هل من يقطع الطريق ويعطل المريض والعامل والطالب و...له أي إحساس بمسؤوليته الفردية ومدى إضراره بالمصلحة العليا ؟ تعريف الوطنية وإسقاطها على الكثير من الأقوال والأفعال تدين من أطلقوا على أنفسهم لقب "المعارضة" واستعملوها كلمة حق سابقة لأوانها أريد بها باطل وإضرار فادح وخطير بلغ درجة الخيانة بأن سعوا إلى إدخال البلاد في الفوضى وأقدموا على معاداة الثورة وعملوا من أجل عرقلة إتمامها وحاولوا تعطيل البناء ونيتهم وعلانيتهم أحيانا "أنا في السلطة أو لا أحد ولتحترق تونس وليفنى من فيها " بعد الثورات تتكاتف كل الجهود وتذوب كل التسميات فلا سلطة ولا معارضة الكل يتجاوز الإختلافات وحتى التناقضات الإيديولوجية يعمل ليلا نهارا في تنافس على تقديم الأفضل حتى يتم بناء الجمهورية الجديدة بكل مقوماتها وبعد الأنتقال الديمقراطي الكامل والسليم يتداول السياسيون على الحكم كسائق ومراقب مهمته التنبيه لما يحف المسار من أخطار وأخطاء لتسير العربة الوطنية في أحسن المعطيات الداخلية والخارجية... الألمان برهنوا بعد الحرب العالمية الثانية على وطنية واضحة فعملوا لإثنتي عشرة ساعة يوميا منها أربعة تبرعا أما في تونس فجزء كبير من التونسيين أغلقوا المصانع والمؤسسات وأطردوا المستثمرين ونفروا المقبلين وهم يطالبون في اعتصامات لا متناهية بالعمل؟؟؟ صرح السفير الألماني بأن الإعلام التونسي سوق لصورة خارجية مبالغ فيها وغير حقيقية نفرت كثيرا من السواح... إن أي تعبير لفظي أو فعلي لأي مواطن بوعي أو بدونه بما يحط من قيمة بلده للأجنبي وخاصة للغربي يجعله محل سخرية سرية وعلنية ولا يؤمن جانبه من طرفهم بل قد يستغل لغايات صهيونية معلومة فيدفع به بيدقا يدك صرح وطنه بغباء وقد تصبح خيانة إذا ماحدث هذا بكل وعي وإدراك والخونة الجزائريون الذين تعاونوا مع الفرنسيين أيام الإحتلال وعندما غادرت فرنساالجزائر سنة 1963 لم يقع إدماجهم في المجتمع الفرنسي ولم يسمح لهم حتى بالسكن مع الفرنسيين بل حشروا في مواقع محاطة بأسلاك شائكة في حالة " حمية" جسما مصابا تخشى عدواه ... الخاسرون في الإنتخابات عندنا تواطؤوا مع إعلام بن علي والنشطون التجمعيون بمرجعية أخلاقية واحدة فاسدة على الإطاحة بأول حكومة يختارها التونسيون في تاريخهم ...التجمعيون يريدون الإبقاء على الفساد السياسي والقضائي للنجاة من الحساب وإن أمكن مواصلة مسيرة الإجرام البورقيبية النوفمبرية واليساريون يطمعون في الحكم لتلوين البلاد بما يناسبهم إيديولوجيا بمرجعيتهم المادية الصرفة الخالية من الضوابط الإخلاقية في كل مستويات الدولة والإدارة وتكون عندها العودة التدريجية للخراب القيمي الفردي والجمعي فالموظفون في كل المناصب والمؤسسات والقطاعات ما لم تقيدهم مكارم الأخلاق ومرجعية ذاتية رقابية يكونون عرضة للإنحرافات السلوكية والمهنية والوظيفية بدرجات متفاوتة الأهمية والخطورة وقد يصل الضررإلى المصلحة العليا ... لا معارضة في المراحل الإنتقالية بعد الثورات وخاصة بالمواصفات التونسية الحالية و من نعتوا بها أنفسهم متواطئين مع الإعلام النوفمبري هم حقيقة لا يريدون البناء ولن يساهموا فيه ولو كانوا في السلطة يوما فغايتهم الأولى والأخيرة هي مصالحهم الشخصية أساسا وحتى إيديولوجياتهم فمركبة قد توصلهم وتترك جانبا بعد ذلك ...فهل طبق بورقيبة مبادئه الأشتراكية ووزع على كل التونسيين خيراتهم ؟و آسف لما سيعتريكم إن علمتم إن تونس تزخر بالثروات الباطنية المنجمية والبترولية التي تتحكم فيها فرنسا بموجب اتفاقية مع " محرر تونس الأكبر" ...وأنه تعاون معها على قصف اليوسفيين بالطائرات سنة 1955...وأن مخابرات الرئيس المنتهية ولايته محمود عباس تتعاون مع الموساد ضد غزة وحماس وضد الشعب الفلسطيني برمته...وأن العراقيين الذين دخلوا على ظهور الدبابات الأمريكية يساريون...وأن بشار وزبانيته وكما فعل والده يقصف المدن والقرى ويدفن السوريين أحياء ويقطع رؤوسهم بالمناشير الكهربائية ... فعلى المعارضة أن تكون معاضدة وإن افتقرت إلى مرجعية أخلاقية ذاتية تضبط لها سرها وعلانيتها قولا وعملا أن ترتقي بوعيها إلى وجوب نبذ الذات وكل المرجعيات الإيديولوجية أمام المصلحة العليا للبلاد وتكون أما ثانية تنافس الحكومة مهما كان لونها على تقديم أفضل رعاية لتونس الرضيعة... ومن لم تنهه أخلاقه عن إيذاء وطنه ونفسه ولم يمكنه معامل ذكائه من إدراك المصلحة الوطنية العليا ليس أهلا لتصدر المشهد العام في المجال السياسي أو في الإعلام أو في أي مجال آخر وعليه أن يتمدرس وحتى قبل ذلك من جديد. 10 ماي 2012