وسط حضور جماهيري كبير غصت به قاعات جامع الزيتونة بقسميه المخصصين للنساء والرجال وباحته وساحته، تم صباح اليوم السبت توقيع وثيقة استئناف التعليم الزيتوني الأصلي بجامع الزيتونة من قبل وزراء التعليم العالي والتربية والشؤون الدينية إلى جانب شيخ الجامع الأعظم. وداخل الجامع، في ساحته ومصلاه، تعالت زغاريد النساء أثناء التوقيع على هذه الوثيقة وامتزجت بأصوات التكبير الصادرة عن بعض السلفيين الذين كانوا يلوحون بأعلام بيضاء وسوداء كتب عليها"لا الاه الا الله محمد رسول الله". وشهد الاحتفال بعض الأجواء المشحونة بسبب تدخل أطراف سلفية أرادت تولي عملية التنظيم وحاولت منع ممثلين لوسائل الإعلام من تسجيل شهادات الحضور وانطباعاتهم وكذلك مجموعة من المواطنين الذين حاولوا الدخول إلى قاعة الصلاة لحضور الاحتفال بعودة التدريس بجامع الزيتونة. وأكد الوزراء الموقعون على وثيقة استئناف التعليم الزيتوني في تدخلاتهم ان هذا الحدث يمثل "إعادة اعتبار لجامع الزيتونة ولدوره الحضاري كمنارة علمية لنشر تعاليم الإسلام السمحة، ولمقاصده السامية". فقد اعتبر وزير التعليم العالي والبحث العلمي منصف بن سالم ان استئناف الدروس في جامع الزيتونة " عامل توافق في المجتمع ورسالة طمأنينة إلى كل من يعيش على ارض تونس مهما كان توجهه او ديانته". ووصف وزير التربية عبد اللطيف عبيد الحدث ب"فك الحصار عن جامع الزيتونة وخطوة على درب الجلاء الثقافي والسياسي" في تونس مثنيا على "جهود مشايخ الزيتونة في تطوير الجامع حتى يكون مواكبا للعصر ". أما وزير الشؤون الدينية نور الدين الخادمي فقد اعتبر عودة التدريس بجامع الزيتونة "احد استحقاقات الثورة وتتمة لاقتفاء اثر علماء الدين والفقه والفكر والحضارة والفلسفة الذين تتالوا على التدريس في هذا الجامع الذي شدد على انه مؤسسة علمية وتربوية وثقافية." وأضاف أن هذا الجامع "كان يؤم جمعا كبيرا بعقيدته السنية وفقهه المدني وهوية شعبه الذي تحدد قاعدة المواطنة والحق والواجب طرق التعامل بين أفراده حسب مايضبطه القانون ". وتعرض شيخ الجامع الأعظم حسين العبيدي إلى نشاط جامع الزيتونة قبل منع التدريس فيه على غرار إصداره لمجلة "شمس الإسلام" التي كانت تتضمن العديد من الأركان من بينها تلك المتعلقة بالحياة الثقافية والمرأة في علاقتها بالرجل معربا عن الأمل في ان يعود الجامع إلى سالف نشاطه "بعيدا عن أي تجاذبات إيديولوجية وسياسية". ومن جهته قال رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي ان "هذا اليوم يعد موعدا تاريخيا يستأنف فيه الإسلام مساره الطبيعي في تونس بعد أن توقف لمدة 50 سنة بموجب قرار خاطئ " حسب قوله ملاحظا ان "تونس فقدت توازنها بعد تعطيل هذه المؤسسة التربوية عن الاضطلاع بدورها في نشر الإسلام المعتدل القادر على استيعاب كل مكاسب الحداثة".