أُسدِل السّتار يوم 6 ماي 2012 على انتخابات الرئاسة الفرنسية، واختار الفرنسيون للمرة الثانية في تاريخهم رئيسا اشتراكيا لجمهوريتهم الخامسة، وهو فرنسوا هولاند بنسبة قاربت52 بالمائة من أصوات مجموع الناخبين. وكمتابع للشأن الفرنسي أجد مُهمّا تسجيلَ الملاحظات والاستخلاصات التالية والتوقف عندها. 1- عودة الاشتراكيين للحكم في عصر الربيع العربي كان لها وقع إيجابي لدى كثير من الشعوب العربية التي لم تخف سخطها من اليمين الفرنسي الذي مثّل سندا لأنظمة الاستبداد في الوطن العربي خلال المدتين الرئاسيتين الفارطتين مع الرئيس شيراك، ثم مع خليفته ساركوزي، وقد تُمثّل هذه العودة فرصة لإعادة بناء علاقات عربية فرنسية على قاعدة التعاون والاحترام المتبادل. 2- دارت انتخابات الرئاسة الفرنسية هذه المرة في ظل أزمة اقتصادية حادة، تسبّبت في في تدهور القدرة المعيشية للمواطن الفرنسي واتساع دائرة الفقر وتضخم البطالة وشيوع الجريمة وارتفاع الدين الخارجي، وهو ما قد يجعل مهمة الاشتراكيين في معالجة هذه القضايا وكسب ثقة الفرنسيين أمرا على درجة كبيرة من الصعوبة. 3- التجاء الناخب الفرنسي إلى اليسار ممثلا في الحزب الاشتراكي الفرنسي بعد أكثر من 30 سنة، يعكس حنين الفرنسيين إلى الفترة المشرقة التي قضوها تحت حكم الرئيس الراحل فرنسوا متيران، والتي عرفوا فيها أوجه الازدهار الاقتصادي والرخاء الاجتماعي، ومراهنتُهم على الاشتراكيين من جديد يعكس حاجتهم المُلحّةَ إلى من يخرجهم سريعا من الأزمة الاقتصادية التي يحيونها. . 4- اتجاه شريحة واسعة من الفرنسيين إلى حزب الجبهة الوطنية في أقصى اليمين بزعامة ماري لوبان [ نسبة تفوق 17 بالمائة] وإلى حزب جبهة اليسار في أقصى اليسار بزعامة جون لوك ملوشان[ نسبة تفوق 12 بالمائة] يُعبر عن تراجع ثقتهم في الحزبين التقليديين ورغبتهم في إعطاء الفرصة للأحزاب الراديكالية التي تلوّح لهم بحلول جميلة لمشاكلهم الاقتصادية والاجتماعية. 5- في حال عجز الحزب الاشتراكي عن معالجة الأزمة الاقتصادية وتحسين الأوضاع المعيشية للفرنسيين من المتوقع أن تتجه أصوات الناخبين في انتخابات الرئاسة المقبلة في 2017 إلى اليمين المتطرف، وهو أسوأ السيناريوهات بالنسبة للأجانب المقيمين بفرنسا وخصوصا الجاليات العربية والاسلامية. 6- يلاحَظ أن غالبية الجالية العربية والاسلامية تتّسم بالسلبية لضعف انخراطها في الحياة السياسية وعدم قدرتها على التأثير في مجرى السياسات حتى التي تمسّهم من قريب وهو ما يدعو كافة الجاليات العربية والإسلامية إلى ضرورة توحيد صفوفها والانخراط في الشأن العام دفاعا عن حقوقها وتأمينا لمستقبلها.