رئيس الجمهورية قيس سعيّد.. المفسدون... إمّا يعيدون الأموال أو يحاسبهم القضاء    فاتورة استيراد الطاقة لا تطاق .. هل تعود تونس إلى مشروعها النووي؟    في علاقة بالجهاز السرّي واغتيال الشهيد بلعيد... تفاصيل سقوط أخطبوط النهضة    مذكّرات سياسي في «الشروق» (5) وزير الخارجية الأسبق الحبيب بن يحيى... يتكلّم الصادقية حاضنة المعرفة والعمل الوطني...!    أخبار المال والأعمال    تقديرات بانحسار عجز الميزانية الى 6.6 ٪ من الناتج المحلي    مع الشروق .. «طوفان الأقصى» أسقط كل الأقنعة.. كشف كل العورات    مع الشروق .. «طوفان الأقصى» أسقط كل الأقنعة.. كشف كل العورات    مزاد دولي يبيع ساعة أغنى راكب ابتلعه الأطلسي مع سفينة تايتنيك    الرابطة الثانية (ج 7 إيابا) قمة مثيرة بين «الجليزة» و«الستيدة»    مانشستر سيتي الانقليزي يهنّئ الترجي والأهلي    ترشح إلى «فينال» رابطة الأبطال وضَمن المونديال ...مبروك للترجي .. مبروك لتونس    فضاءات أغلقت أبوابها وأخرى هجرها روادها .. من يعيد الحياة الى المكتبات العمومية؟    تنديد بمحتوى ''سين وجيم الجنسانية''    ابتكرتها د. إيمان التركي المهري .. تقنية تونسية جديدة لعلاج الذقن المزدوجة    الكاف..جرحى في حادث مرور..    نبيل عمار يؤكد الحرص على مزيد الارتقاء بالتعاون بين تونس والكامرون    استشهاد خمسة فلسطينيين في قصف لطيران الاحتلال لمناطق وسط وجنوب غزة..#خبر_عاجل    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    ماذا في لقاء وزير الخارجية بنظيره الكاميروني؟    طقس الليلة    تسجيل مقدّمة ابن خلدون على لائحة 'ذاكرة العالم' لدى اليونسكو: آخر الاستعدادات    بطولة الرابطة 1 (مرحلة التتويج): حكام الجولة الخامسة    البطولة الافريقية للجيدو - ميدالية فضية لعلاء الدين شلبي في وزن -73 كلغ    توزر: المخيم الوطني التدريبي للشباب المبادر في مجال الاقتصاد الأخضر مناسبة لمزيد التثقيف حول أهمية المجال في سوق الشغل    نابل: الاحتفاظ بشخص محكوم بالسجن من أجل "الانتماء إلى تنظيم إرهابي" (الحرس الوطني)    أكثر من 20 ألف طالب تونسي يتابعون دراساتهم في الخارج    التوتر يشتد في الجامعات الأمريكية مع توسع حركة الطلاب المؤيدين للفلسطينيين    مواطن يرفع قضية بالصافي سعيد بعد دعوته لتحويل جربة لهونغ كونغ    مدير عام وكالة النهوض بالبحث العلمي: الزراعات المائية حلّ لمجابهة التغيرات المناخية    الجزائر تسجل حضورها ب 25 دار نشر وأكثر من 600 عنوان في معرض تونس الدولي للكتاب    المؤرخ الهادي التيمومي في ندوة بمعرض تونس الدولي للكتاب : هناك من يعطي دروسا في التاريخ وهو لم يدرسه مطلقا    كتيّب يروّج للمثلية الجنسية بمعرض تونس للكتاب؟    وزارة التجارة تتخذ اجراءات في قطاع الأعلاف منها التخفيض في أسعار فيتورة الصوجا المنتجة محليا    الرابطة 1 ( تفادي النزول - الجولة الثامنة): مواجهات صعبة للنادي البنزرتي واتحاد تطاوين    افتتاح المداولات 31 لطب الأسنان تحت شعار طب الأسنان المتقدم من البحث إلى التطبيق    تضم فتيات قاصرات: تفكيك شبكة دعارة تنشط بتونس الكبرى    يلاحق زوجته داخل محل حلاقة ويشوه وجهها    عاجل/ إصابة وزير الاحتلال بن غفير بجروح بعد انقلاب سيارته    القلعة الصغرى : الإحتفاظ بمروج مخدرات    تراجع إنتاج التبغ بنسبة 90 بالمائة    هام/ ترسيم هؤولاء الأعوان الوقتيين بهذه الولايات..    تقلص العجز التجاري الشهري    الشابّة: يُفارق الحياة وهو يحفر قبرا    السعودية على أبواب أول مشاركة في ملكة جمال الكون    عاجل/ تحذير من أمطار وفيضانات ستجتاح هذه الدولة..    أخصائي في أمراض الشيخوخة: النساء أكثر عُرضة للإصابة بالزهايمر    التشكيلة المنتظرة للترجي في مواجهة صن داونز    تُحذير من خطورة تفشي هذا المرض في تونس..    عاجل : القبض على منحرف خطير محل 8 مناشير تفتيش في أريانة    دورة مدريد : أنس جابر تنتصر على السلوفاكية أنا كارولينا شميدلوفا    أمين قارة: إنتظروني في هذا الموعد...سأكشف كلّ شيء    هرقلة: الحرس البحري يقدم النجدة والمساعدة لمركب صيد بحري على متنه 11 شخصا    وصفه العلماء بالثوري : أول اختبار لدواء يقاوم عدة أنواع من السرطان    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ألفة يوسف وحكاية الحجامة في رؤوس اليتامى نور الدين الغيلوفي
نشر في الفجر نيوز يوم 04 - 06 - 2012


***
حسبُكِ صلفًا يا "الدكتورة".. فإنّ آفةَ الظَّرفِ الصَّلَف...
***
إِذْ آبَ جارتَها الحسناءَ قَيِّمُها ... رَكْضاً وآبَ إِلَيْهَا الحُزْنُ والصّلَف
***
(1)
مقدّمة لا بدّ منها: الدكتورة.. ألفة يوسف.. جامعية لا يُذكر اسمها إلاّ في علاقة بَدَلٍ مع لقب "الدكتورة" خوفا ربّما من سقوط إحدى المفردتين.. فتفارق إحداهما الأخرى.. فهما لا تردان إلاّ متلازمتين متضامّتين دائما وأبدا حتى لقد صارت هي هي.. ولعلّنا نصل يوما إلى إضمار ما يدلّ عليه الظاهر من المفردتين.. فتُذكَرَ إحداهما بالأخرى.. إيجازا وإعجازًا.. نزولا عند مفهوم للبلاغة قديم.. أفليست هي هي؟..
قيل: "إنّها مثقّفة اشتهرت بالجرأة في كتاباتها وأطروحاتها الدينيّة ذات الصبغة الحداثية".. فقلت: هذا حديث مرسَل ليس يعني شيئا.. أو لعلّني لم أفهم، المقصودَ بالجرأة.. أنا العبد الفقير الذي قرأ مؤلّفات الجابري وحنفي ونصر حامد أبي زيد وفاطمة المرنيسي والسيد يس وهشام جعيّط ومحمّد شحرور ومحمّد أركون وعبد المجيد الشرفي وغير هؤلاء... وقرأت بعض ما كتبت الدكتورة من "تعدّد المعنى في القرآن" إلى "حيرة مسلمة" إلى "ناقصات عقل ودين" إلى "شوق"... قرأت هؤلاء وتأثّرت بكثير ممّا كتب بعضهم ولم أر معنى لما كتب بعضهم الآخر لا سيما عبد المجيد الشرفي الذي أجد بكتاباته قصورا لا يليق بأستاذ كرسيّ الحضارة الذي يزعم تصدّيه للتراث بأدوات "حداثية" قديمة.. فلا يملك غير رجع الصدى.. ولا أرى في الدكتورة إلاّ صدى له.. فهي صدًى للصدى.. اللهم أن يسمّى مجرّدُ تصدّي امرأة إلى دراسة الإسلاميات جرأة في ظلّ ثقافة ذكوريّة تستكثر على المرأة قولاً في شأن من شؤون الدين أو الدنيا.. ولعمري فإنّ في ذلك لنظرة دونيّة إلى المرأة التي يُفتَرَض أنّها شقيقة للرجل لها ما له وعليها وما عليه..
لم أفهم الجرأة في أقوال مكرورة سُبقت إليها صاحبتها وعرضتها في سوق قصد القائمون عليها إلى كسادها فأكسدت.. ولعلّني أرتاب في النفخ في صورة الدكتورة رغبة ربّما في استنساخ صورة مؤنّثة ذات "مواصفات" تونسيّة لسلمان رشدي الذي أخطأ الخميني في فتواه بقتله إذ شَهَرَهُ بعد أن كان مغمورا.. وما كان ينبغي له.. غفر الله له...
تعليق على بعض ما ورد بالحوار:
1. السلفيّة: "ظاهرة ستنتهي بمقاومة التجهيل والفقر والتهميش".. ذلك بعض ما جادت به قريحةُ الدكتوريةِ التحليليّةُ.. وقد محّضت فعلها "ستنتهي" للاستقبال علمًا يقينا منها.. ولست أدري لماذا شابهت بين "التجهيل" و"التهميش" في الصياغة وأفردت "الفقر" باللزوم.. وكان لها أن تقول "والتفقير" حتى تجعل جميع الأفعال متعدّية.. وبذلك تصرف المعنى إلى فاعل يتحمّل مسؤولية ما ينتج عن الأفعال الثلاثة مجتمعة.. فالسلفية منتَج لمثلّث الرعب في نظر الدكتورة التي تتناسى مسؤوليتها هي عن صعود التيار السلفي في بلادنا كما لم يصعد من قبل.. ألم تكن الدكتورة أداة من أدوات مشروع تجفيف الينابيع تنفيذا لخبراء العقلانية ومهندسي الحداثة خدمةً لحاكم متغلّب لم يطل عمر سلطته إلاّ بإسناد من نخبة عفنة أسالَ لعابَها فخضعت له طوعا مقابل عطاء هزيل.. فسال اللعاب وطال به المسيل.. أم تُرى المخلوع كان معنيا فعلاً بالعقلانية؟.. ولمّا رضيت دكتورة الأخلاق الحميدة فقيهة الأحكام السلطانيّة بأن تكون من مواعين التجفيف فقد حظيت بمنزلة الحاشية بل بحاشية الحاشية.. جلست إلى أتباع معاوية تأكل من الدسم وقد رأت أن لا فائدة تُرجى من الجلوس على الربوة.. أمّا الثالثة فمرفوعة.. لقد عمّ التجهيل و طمّ التفقير وساد التهميش ثلاثا وعشرين سنة بتمامها وكمالها ولم نسمع من الدكتورة عبارة "مقاومة" هذه التي تلهج بها اليوم.. مقاومة ثالوث الرعب ذاك.. نامت الدكتورة في العسل وظنّت خيرا ولم تسل عن الخبر ورضيت بظِلال الخليع تنعم بها وبغِلال الخليعة تنهل منها.. عميت ثلاثا وعشرين سنة عن رصد أسباب الظاهرة السلفيّة واليوم نراها ترتدّ بصيرةً لتبشّر بالمقاومة.. فلعلّها تريد أن نرجئنا ثلاثا وعشرين سنةً أخرى عسى أن تبدأ ببشارة المقاومة تلك...
2. عن المكتبة الوطنيّة: وجاء في إجابتها عما يتعلّق باستقالتها من إدارة المكتبة الوطنيّة قولُها "أنا لا أرضى أن أكون مسؤولة عن تلف أية وثيقة..".. لقد أضحكتني حجّة الدكتورة.. تلك الأمينة التي تحرص على الوثائق تحميها من التلف.. وتتناسى أنّها كانت شاهدة على تلف وطن بكامله يهرّبه اللصوص وهي المثقّفة.. التي لا تسمع و لا ترى ولا تتكلّم.. انشغلت بحرّية التعبير تعبيرِها هي وأضرابِها من المتمعّشين من الموائد الدسمة ونسيت إلى الأبد تعبير الحرّية.. أوليس من رسالة المثقّف حفظ الثقافة والتصدّي للصوص؟.. كنّا سنصدّقك يا "الدكتورة" لو أنّك صرّحت مجرّد تصريح لمرّة يتيمة بما يفيد الأمانة قبل قيام الثورة.. ولكنّك، في ما تحكيه الوقائع، ظللت الأمينةَ للحاكم المستبدّ تبذلين له ولنظامه قلمَك المبينَ (اذكري مقالك التحليليّ في فلسفة الخطاب الثقافي للتحوّل وأهدافه).. وقبضتِ لقاءَ ذلك الثمنَ.. فكانت إدارة المكتبة الوطنية العتيدة مكافأة بداية الخدمة في انتظار مزيد مسيل اللعاب.. ونحن لم ننس بعد ما كانت تأتينا به صفحتك الفيسبوكيّة من غامر نشوتك ب"نصر" برهان بسيس في بعض غزواته التلفزيونية انتصارا للنظام البائد ودفاعًا عن اللص الخليع.. ونحن ندري أنّ المذكورَ كان الجوادَ الرابحَ.. يراهن عليه بعض الطامحين والطامعين إلى عهد غير بعيد... وكنتِ أنتِ بمديحك إيّاه تتقرّبين إلى حاشية الحاشية..عسى أن ترضى بك الحاشية...
لقد أنعم عليك المخلوعُ بنعمه.. ولمّا فرّ المنعِمُ علمتِ أنّ النعمة سريع إليها الزوال ففررت اقتداء بالوليّ وتركت المركب لقدره.. لم تكن استقالتك، يا دكتورة، بطولةً ولكنّها كانت ضربا من الخلاص الفرديّ تجنّبا لتداعيات الطوفان وتخفيفا لما لا ندري من الأضرار المضمَرَة... فالأمر لا يزال بعدُ في طيّ الإرجاء.. وما خفيَ لا نعلم كونَه.. الله يعلمه وبعض الراسخين في شأن المكتبة الوطنيّة...
لقد أثارت استقالتك ريبة كثير من الناس آنذاك ولا تزال.. رأيناك تخرقين السفينة لتغرقي أهلها وتقفزين منها نكاية في الثورة ونأيا بنفسك عن أنصارها.. عندها فقط جاء ميقات الربوة تقفين عليها وقد زالت المائدة وتبخّر ما كان لك من دسمها.. في انتظار أن تهدأَ العاصفة.. ولا عاصم اليوم من أمر الشعب والثورة...
3. توزيع الفشل: وقرأنا في معرض حوار الصحيفة مع الدكتورة قولها "الحكومة الحالية ورئيسها في رأيي كلاهما فاشل.. وينطبق نفس الفشل على المرزوقي وابن جعفر.. وكان الأفضل لو تُرك مصير البلاد بيد خبراء لا متدرّبين على السياسة بخلفيات إيديولوجية مكبّلة وولاءات مشبوهة يتعلّمون الحجامة في رؤوس اليتامى".. فقلنا:
* تحتاج فقيهة الأحكام السلطانية إلى الاستدلال على حكمها وإلاّ صار قولها هذيانا ينتفي معه العقل.. فالفشل الذي تبشّر به الدكتورة توزّعه بين فواعل المشهد السياسيّ الراهن بالسويّة لا يعدو أن يكون ترجمةً لأمانيها وما تمليه عليها رغبتها السوداء في إحباط مخالفيها.. لست أقرأ الحكم الصادر عنها إلاّ عملاً قوليا.. ولا أراه إلاّ شبيها بالدعاء على الحكومة بالفشل.. وذلك ما لا أظنّه لائقا بدكتورتنا الرائدة.. "المثقّفة التي اشتهرت بالجرأة في كتاباتها وأطروحاتها الدينيّة ذات الصبغة الحداثيّة".. إنّ القول بالنجاح أو بالفشل إنّما يستدعي تشخيص خبراء لا متدرّبين.. ولا أظنّ الدكتورةَ خبيرة في الحكم على الحُكم.. ولو كان لديها ذرّة من حياء لتذكّرت قبل التصريح بحمكها ما كان لها من أقوال في النظام السياسيّ البائد.. ولو كان لديها نزر من ذكاء لعلمت أنّها إن صدقت هناك فقد كذبت هنا وإن هي كذبت هناك امتنع تصديق من كذب !.. ولو كان لديها قدر من نزاهة لما انخرطت في أحكامٍ مصدرُها الهوى لا دليل لها عليها.. إلاّ أن تكون ضربا من التنجيم.. وهي تعرف قدر المنجّمين... اللهم أن تكون قد استندت في حكمها إلى قياس أدء "الحكومة الحاليّة" على أداء حكومة المُنعِمِ الخليع ورْشةِ الخبراء تلك.. ألم تقل "وكان الأفضل لو تُرك مصير البلاد بيد خبراء"؟.. فمن أين نأتي بالخبراء؟.. لعلّ الدكتورة قد اتخذت من ورْشة الخبراء تلك مرجعا لأحكامها لا تجوزها وفاءً منها لوليّ النعمِ وعرفانا بالجميل وشكرا للمنعِم.. وشكرُ المنعِم واجب عقلا وشرعًا...
* ليس من الإنصاف يا "الدكتورة" مداواة الخلفيات الإيديولوجية المكبّلة والولاءات المشبوهة بخلفيات إيديولوجية مكبّلة وولاءات مشبوهة.. أم هي ثقافة "وداوني بالتي كانت هي الداء"؟
4. هل هي ثورة؟: لا تعترف الدكتورة بأن الذي يجري في تونس اليومَ ثورة.. "لا أؤمن بأنّ ما حصل في تونس ثورة.. هي انتفاضة مهمّشين وعاطلين ركب عليها مثقّقون وشباب مشتاق للحرية وزكّتها قوى أجنبيّة وحقّقها هروب الرئيس السابق".. ونحن، هنا، لسنا في وارد مناقشة الدكتورة إثباتا لما نفت أو نفيا لما أثبتت.. ولكنّنا نحاول من خلال قولها تفسير مواقف بعض مثقّفينا لا سيما أولئك الذين يشغلون أنفسهم ويشغلوننا بأمر الفروق بين الأسماء ترفًا وعنادًا.. كأنّهم يستهدفون تعليمَنا الأسماء كلّها.. نَسْخًا لسنن الأوّلين.. فبعد أن علّمتنا الدكتورة فرق ما بين اللواط والمثلية الجنسيّة نراها اليوم تفسّر لنا الفرق بين الثورة والانتفاضة.. وهي في الأثناء تتذاكى في لغتها فتتغافل عن الشعب لتُحلّ محلّه جموعا معطوفة استخفافا بالفعل واحتقارا لفاعله.. وقديما أعلن المجاهد الأكبر احتقاره للشعب التونسيّ في عبارة له شهيرة.. وقديما قيل: العلماء ورَثَة الأنبياء...
* لمّا قامت الثورة فعلت بالنظام السياسيّ المتحكّم ما تفعله الشمس بالظلّ.. اكتسحته ونسخته وأزالت أثره.. ولمّا كانت الدكتورة من بنات الظلّ تنعم بالذلّ حقّ لها أن تكون اليوم من النفاة فلا ترى ثورة في الثورة.. ومن الطبيعيّ ألاّ يعترف المرء بما كان ضدّا له يسير عكس مصلحته.. ولقد كانت الدكتورة من المحظوظين الذين ضاع حظّهم بفعل سقوط نظام بن علي.. لأجل ذلك نراها تتفلسف جاهدة لإفساد التسمية.. بفصلها ما بين الدال والمدلول.. وتنتهي من تفلسفها بنفي كون الثورة..
* ولمّا كان للدكتورة "كاتالوغ" جاهز عن "الثورة" لم تر في ما جدّ بتونس ثورة لأنّه قد اختلف عن الثورات التاريخيّة المعروفة التي تُقاس على نمطين يحتفي بهما مثقّفونا عادة، هما نمط الثورة الفرنسيّة ونمط الثورة البولشيفية.. وقد بدت الدكتورة المبدعة، في ما ترى، أسيرةً للتقاليد الثورية لا رأي لها خارج سياجها.. ولست أجد تفسيرا لذلك إلاّ الكسل الفكريّ والقصور الذهنيّ والعجز عن الفهم.. ولا أرى لديها سوى عناد شبيه به عنادُ من يقولون "إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ"...
* وقد ذهبت الدكتورة بعيدا في تشويه الحلم واغتيال الأمل عندما تحدّثت في وصف الثورة باستعمال فعل الركوب استهجانًا والقوى الأجنبيّة تخوينًا والرئيس السابق تقبيحا للمُنجَز.. وبدل أن يكونَ الخليعُ صانعَ تغيير واحدٍ جعلت منه صانعَ تغييرين.. فهو صانع التغيير عندا ما أقبل سنة 1987.. وهو صانعه حينما أدبر سنة 2011.. "وحقّقها هروب الرئيس السابق".. الذي لولاه ما كانت لتكونَ حقًّا... عيب يا "الدكتورة" !.. أيهربُ هو فتهربين أنت إليه؟...
* ولمّا كانت الدكتورة تحمل نظرة عنصرية ضدّ شعب لا يعدو في نظرها أن يكون قطيعا من المهمّشين والعاطلين الجائعين العاجزين فإنّها لم تره أهلا لأن يُحدث تغييرا يرقى إلى الثورة.. لذلك قرّرت ألاّ تسمّيَ ما أحدثه الشعب ثورة.. وغاب عنها أنّ الثورة لم تتأخّر إلاّ بفعل قوى الردّة من المثقّفين الذين خانوا رسالتهم عندما فرّطوا في دورهم وقبلوا بأن يكونوا توابع لحاكم جاهل يأتمرون بأمره ويلهجون بالتسبيح بحمده.. فدلّسوا على الشعب وسعوا في تجهيله وتخديره وحمله على حبّ السلامة.. ولا سلامة.. إلاّ لمن رضوا بأن يكونوا من خوالف الوطن والإنسان.. وأولئك هم الجائعون حقًّا الذين لا يشبعون..
كفى صلفا يا "الدكتورة".. فإنّ شعبا بهذه الإرادة يُقبل على الموت لتوهب له الحياة لخليق بأن تنحنيَ له نخبةٌ متخلّفة متحذلقة عفنة سلبها الطمع والجوع المتأصّلُ إرادتَها و جرّدها من الاختيار فانحازت إلى اللصوص وتركته يعاني التجويع والتجهيل والتهميش.. ولمّا استصرخها لم تُصرخه بل أجابته بلسان حال من قالوا "فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ"...
ملحة الختام: في وقوع الحافر على الحافر:
الحافر الأوّل: ورد في الحوار قولُ الدكتورة: "حكّام اليوم يتعلّمون الحجامة في رؤوس اليتامى ".. ولقد أرى في القول عبارة "الحجامة" وهي صناعة "الحجّامة" المحترفة.. ويقال في شأن علاقة الدكتورة بحجّامة غابرة الكثيرُ.. وما دامت الحجّامةُ الخليعة قد اكتسبت الاحتراف بعدُ فهي أولى بالحجامة.. والحجامة هنا إنّما هي حكم اليتامى.. فمن هم اليتامى؟ لن يكون هؤلاء سوى توابع حاكمة قرطاج في العهد الغابر من كتبة التقارير لها ومن واضعي خطبها العصماء.. وعلى رؤوس هؤلاء الدكتورة.. ولقد تُركت في العراء بعد زوال النعمة وفرار المنعْمِ.. فلا حول ولا قوّة إلاّ بالحقيقة الواقعة.. ولا حول ولا قوّة إلاّ بالثورة ومن مفجّر الثورة..الشعب التونسيّ العظيم...
الحافر الثاني: وورد في الحوار قولُ الدكتورة: "لا أؤمن بأنّ ما حصل في تونس ثورة".. وقد سمعنا بأن خليعة تونس من برّ منفاها أو من بحره وضعت كتابا باللغة الفرنسيّة جعلت له عنوانا "حقيقتي" تقول فيه القول ذاته وتنفي أن تكون الثورةُ ثورَةً.. ولمّا كانت ليلى الطرابلسي شبه أميّة لا تحسن القراءة ولا الكتابة فمن أين لها بكتابة مذكّراتها لا سيما باللغة الفرنسيّة؟ ومن يا ترى كتب لها الكتاب؟ وما علّمناها الكتابةَ وما تنبغي لها.. أوَليس شكرُ المنعِم واجباً؟؟؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.