ما من شك أن ملف الدساترة والتجمعيين هو من أكبر الملفات المطروحة على الساحة السياسية اليوم،حتى وإن بدا أن الجماعة منشغلين بجرحى الثورة [ومن ورائهم جرحى الانتخابات على رأي أحدهم] أو بالعفو العام أو بدفع عجلة الاقتصاد. وسيكون من الصعب إجمالُ القولِ في حزبٍ يجد بعض حلقاته في فترةٍ تعود إلى قرابة المائة عام. ولكن سوف أكتفي هنا،بملاحظات شخصية، ببعض الضوابط أو المُوجّهات العامة التي أقترح أن تكون مدخلا للتعاطي مع هذا الملف المعقّد. أولا لا يمكن الاطمئنان إلى مجرد القول إن هذا الحزب [إن جازت تسميته كذلك] قد انحلّ بحكم القضاء والقانون. فقد كانت هناك أحزاب ممنوعة هنا وهناك منذ عشرينات القرن الماضي للبعض منها،وهي اليوم تمسك بمقاليد الأمور في بلدانها. ثانيا بالمقابل،لا يمكن أيضا التهويل من شأن وجود هذا الحزب [الافتراضي] بعد أن تمزّقت أوصاله الحزبية التنظيمية والدّعائية الإعلامية والمادية الاقتصادية والأمنية الاستخباراتية المافيوزية.فلا يُخَوّفَنّنا أحد بوجود هذا الحزب واتساع نفوذه،فهذا من باب التهويل الأثيم ثالثا توسيع النقاش وتعميقه حول هذه القضية عسى أن ينتهي الأمر إلى قطع الطريق نهائيا أمام كبار الرؤوس والمجرمين والمتورطين في الفساد والاستبداد ومنعهم من استئناف العمل السياسي أو الحزبي أو ما يتصل به،وتهيئة ملفات قانونية وسياسية لهم. رابعا عدم التّوسّع في قاعدة العقاب بحيث لا تشمل عموم المنخرطين،وهم بمئات الآلاف،سواء الخائفين منهم أو حتى الطامعين،من ناحيةٍ،لعدم قدرة تحمّل الجسم الاجتماعي على عقابٍ بهذا الاتساع والشمول،ومن ناحية أخرى لبث مناخ من الأمن والثقة والتفاؤل والسماحة الضرورية التي تليق بثورتنا وبحكومتنا المنبثقة أصلا من رحم هذا الشعب،والتي من غير المستبعد أن يكون الكثير الكثير من عموم أولئك "المنخرطين العاديين" قد صوّتوا لصالحها،بعد أن انقشع سحاب الرعب والخوف من سماء تونسنا العزيزة. هذا هو الرأي عندي،أقوله بين يدي الله وبين يدي الناس،لا خوفا من أحد ولا طمعا في أحد...إلا في الله رب العالمين،وحبا في الوطن وخوفا عليه من السقوط في إحدى السّيّئتيْن: الإسراف في العفو أو الإسراف في العقاب والله أعلم 5. Juni 2012 Salah Mtiraoui