تونس سمير الوافي:احدى الجرائد التونسية التي تمعشت من عهد بن علي وقبضت مقابل ما كتبته وما لم تكتبه في صفحاتها الرخيصة عادت هذه الأيام بكل وقاحة للتعبير عن وفائها الدائم لبن علي واعترافها بجميله بعد أن اطمأن اصحابها أن الثورة بدأت تضعف وتفسح المجال لرموز الثورة المضادة العائدين بقوة الى صدارة المشهد...فكتبت في صفحتها الاولى بالخط العريض "بن علي غادر تونس خوفا على تونس من تدخل الحلف الاطلسي" وبين سطور المقال البارز يفهم القارئ ان بن علي خاف على شعبه ووطنه فقرر الرحيل وأنه ضحية مؤامرة تستهدف تونس...انها وقاحة كبيرة في تزييف التاريخ واستبلاه التوانسة الذين كانت عقولهم ضحية مثل هذه الجرائد قبل الثورة...وليست هذه الجريدة فقط تدافع عن بن علي وتحاول بسذاجة تنظيف سمعته وتحن الى عهده الذي كان يدللها ويسرق الشعب لتمويلها...فهناك ايضا بعض الخاسرين من هذه الثورة التي حرمتهم من سرقاتهم الضخمة وامتيازاتهم اللاشرعية واستفادتهم من الفساد ومرابيحهم في سوق المبادئ...هؤلاء صاروا يستغلون بعض الفرص للبكاء على أطلال المخلوع واثارة الحنين لعهده...ومعهم بعض المصابين بشهوة السلطة...وقد تلقيت شخصيا رسائل عبر الفايسبوك تدعوني الى الانخراط في الحملة وتحاول اقناعي ان بن علي كان ضحية وكان بطلا وتعرض الى خيانةورسائل اخرى كثيرة تحرضني على انتاج الاحباط ومقاطعة الأمل...انها عصابات سياسية موالية للماضي ظلت تنشط بعد الثورة وتنتج الاحباط وتبث اليأس وتلعن الثورة وتدفع الناس الى كره الثورة والشك والتشكيك فيها...والاقتناع أنها مؤامرة وأنها غلطة وأنها بلوى ومحنة وتأمل أن يشعر الناس بالذنب ويندموا على "ارتكاب" هذه الثورة وقد نجحت تلك العصابات نسبيا وجزئيا في زرع ذلك التشكيك وفي فرض الشك...وهي أخطر ما يهدد هذه الثورة وعلى الناس أن يصمدوا وأن يثقوا في ثورتهم وأن يقتنعوا أنها بدأت يوم 14 جانفي ولم تنته بل ستتواصل حتى تحقق أهدافها وأن يوم 14 جانفي ليس كل تاريخ الثورة بل هو بدايتها فقط لا اكثر ولا اقل...اذا انهزمت الثورة في عقول وقلوب الناس كما يريد اعدائها فستنتهي في الواقع وتنهار طموحات الناس ويستسلموا للثورة المضادة التي تعيش الآن فترة قوة وتحقق بعض الانتصارات وتستعد للانقضاض بعد القضاء على ثقة الناس في الثورة...وتصرف على ذلك اموال طائلة وتتجند وسائل اعلام واحزاب لتحقيقه...حذار من ثقافة الاحباط فهي فيروس يدمر الثورة والعقلية الثورية... ___________________