منتدى تونس الاقتصادي    الوكالة الفرنسية للتنمية تؤكد الحرص على مواصلة دعم مشاريع وزارة الصناعة    الهنشيري.. هذه نقطة الخلاف مع الأوروبيين المشاركين في اسطول "الصمود"    تقارير.. مصر تحذر إسرائيل من مهاجمة قادة "حماس" على أراضيها    غسان الهنشيري.. ما يروج له بخصوص حالة السفن غير صحيح و الاسطول سيغادر مع استقرار العوامل الجوية    كرة اليد.. منتخب الوسطيات يطارد نهائي بطولة افريقيا ويتأهل للمونديال    القيروان ..بدور الثقافة ودور الشباب والمؤسسات الجامعية ...انطلاق الدورة 3 للمهرجان الجهوي لنوادي المسرح    الجدل يتصاعد حول تسويغه .. ...مسرح قرطاج ذاكرة وطنية أم مشروع تجاري؟    مع الشروق : الحقد السياسيّ الأعمى ووطنية الدّراويش    خطبة الجمعة .. مكانة العلم في الإسلام    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    الكرة الطائرة – كأس العالم 2025: على أي قنوات وفي أي وقت يمكنك مشاهدة مباراة تونس-الفلبين ؟    تونس – فرنسا: تعزيز التعاون في مجالات الطاقة والمناجم والصناعة    أبراج 12 سبتمبر: يوم يحمل فرصًا جديدة لكل برج    "2734 صفحة".. تقرير مدمّر قد يحسم مستقبل "تيك توك" في فرنسا    توننداكس يقفل معاملات حصة الخميس على ارتفاع بنسبة 0,75 بالمائة    كشف مستودع عشوائي لتخزين المستلزمات المدرسية بهذه الجهة..#خبر_عاجل    بطولة اسبانيا: ريال مدريد وبرشلونة يواجهان سوسيداد وفالنسيا في الجولة الرابعة    بلاغ هام لمستعملي هذه الطريق..#خبر_عاجل    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الفنان التشكيلي والفوتوغرافي وديع المهيري    8 فوائد صحية للفطر تدعم القلب والمناعة وتقلل خطر السرطان... التفاصيل    المنظمة الدولية للهجرة بتونس تؤمن العودة الطوعية ل 154 مهاجرا إيفواريا إلى بلدهم    غدا: اعادة فتح باب التسجيل عن بعد لأطفال الأقسام التحضيرية    وزارة الصحة تمنع تصنيع أو توريد طلاء الاظافر الذي يحتوي على مادة "TPO" المسرطنة    عاجل/ إسناد رُخص "تاكسي" فردي بكافّة معتمديات هذه الولاية..    الكاف: تساقط البرد بجنوب الولاية وتسجيل اضرار فلاحية (رئيس الاتحاد الجهوي للفلاحة)    كندار: حالة وفاة وإصابات خطيرة في حادث مرور بين سيارتين    الدورة الأولى من "سينما جات" بطبرقة من 12 إلى 14 سبتمبر 2025    فتح باب التسجيل لقسم سينما العالم ضمن أيام قرطاج السينمائية    مشروع توسعة مصنع إلكترونيات فرنسي سيوفر 600 موطن شغل إضافي    لجنة اعتصام الصمود أمام السفارة الأمريكية تدعو التونسيين إلى دعم أسطول فك الحصار على غزة    وزير الخارجية يستقبل السفير الجديد لطاجيكستان بتونس    عاجل: نشر قائمة المترشحين لمناظرة كتبة المحاكم 2025...هل أنت منهم؟    هذا هو عدد ضحايا الهجوم الإس..رائيلي بالدوحة.. تميم بن حمد يشارك في جنازتهم    عاجل/ مجلس الأمن الدولي يعقد إجتماعا طارئا    فريق قانوني يضم 45 محاميا ومحامية من تونس للقيام بالإجراءات القانونية قبل إبحار أسطول الصمود نحو غزة    مهرجان المناطيد الدولي يرجع لتونس في التاريخ هذا...وهذه تفاصيله والأماكن المخصصة    استئناف دروس تعليم اللغة العربية لابناء الجالية التونسية ب' بمرسيليا يوم السبت 4 أكتوبر المقبل    فيفا تنصف الجامعة التونسية لكرة القدم في قضية رفض لاعبين الالتحاق بالمنتخب    تصفيات مونديال 2026: تأهل 18 منتخبا من أصل 48 إلى العرس العالمي    جريمة مروعة: ينهيان حياة صديقهما بعد اشتكائه عليهما لتحرشهما بزوجته..!    مواطنة أمريكية لاتينية تُعلن إسلامها في مكتب مفتي الجمهورية    المركز القطاعي للباردو يفتح أبوابه: تكوين مجاني في الخياطة والتصميم!    وزير الشّؤون الدّينية يلتقى رئيس مجلس شركة مطوّفي الحجيج    وزارة العدل تقرّر عقد جلسات القضايا ذات الصّبغة الإرهابيّة عن بعد    الداخلية: حجز 22392 كراسا بين مدعم ونصف مدعم    إحالة سهام بن سدرين ومبروك كورشيد على أنظار القضاء في قضايا فساد مالي    بعد تقلبات الأمس كيف سيكون الطقس هذا اليوم؟    وزير التربية يتابع بأريانة استعدادات المؤسسات التربوية للعودة المدرسية    الرابطة الأولى: برنامج النقل التلفزي لمباريات الجولة الخامسة ذهابا    أمطار متفاوتة في ولايات الجمهورية: أعلى كمية في قلعة سنان بالكاف    تونس تشارك في البطولة العربية للمنتخبات في كرة الطاولة بالمغرب من 11 الى 18 سبتمبر الجاري    تأجيل رحلة السفينة قرطاج على خطّ تونس - جنوة - تونس: التفاصيل    انخفاض ملحوظ في درجات الحرارة..#خبر_عاجل    بعد منعها من الغناء في مصر.. هيفاء وهبي تواجه النقابة قضائياً    تطوير جراحة الصدر واستعمال أحدث التقنيات محور لقاء بوزارة الصحة    عاجل: هشاشة العظام أولوية وطنية: نحو القيام بإجراءات جديدة    المركز الوطني لفن العرائس يستقبل تلاميذ المدارس الخاصة والعمومية في اطار "مدارس وعرائس"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نذر ثورة على "الثورة" في ليبيا نقولا ناصر*
نشر في الفجر نيوز يوم 26 - 06 - 2012

("مؤشر الدول الفاشلة": ليبيا تخطت (61) دولة في قائمة الدول الفاشلة لتحتل المرتبة الخمسين في مؤشر عام 2012 بعد أن كانت تحتل المرتبة (111) في مؤشر عام 2011 السابق) يزدحم الوضع الليبي الراهن بدلائل ومؤشرات موضوعية تنذر بثورة على "ثورة 17 فبراير" التي حولت ليبيا إلى "دولة فاشلة" حسب "مؤشر الدول الفاشلة" لعام 2012 الذي يصدره "صندوق السلام" الأميركي سنويا ويستعد لإعلان النسخة الثامنة من
المؤشر للعام الحالي في الثالث عشر من تموز / يولو المقبل في العاصمة الأميركية واشنطن، وسط تقارير إعلامية تقارن عدد قتلى وجرحى ما يصفه بعض هذه التقارير ب"الحرب الأهلية (القبلية)" بعدد الضحايا المدنيين في سورية لكن دون أي تحرك دولي ل"التدخل الإنساني" من أجل حماية المدنيين الليبيين من "ثورة" حظيت بتدخل لنصرتها من حلف "الناتو" بتمويل نفطي خليجي سخي بحجة "حماية المدنيين".
وإنها لمفارقة حقا أن تضطر الأمم المتحدة في السابع عشر من الشهر الحالي إلى الإعراب عن "القلق" من "تجدد القتال" في ليبيا لتناشد سلطات الثورة "حماية المدنيين" في بيان رسمي أصدره الممثل الخاص لأمينها العام إيان مارتن، بعد أن فوض مجلس أمنها حلف الناتو بالتدخل العسكري في ليبيا بحجة حماية المدنيين التي اتخذ منها الحلف ذريعة ل"تغيير النظام" باللانظام الحالي الذي تحول المدنيون الليبيون في ظله إلى أول ضحاياه.
ويبدو المسؤولون في طرابلس الغرب اليوم مدركين لحراجة الوضع الراهن وحساسيته حد التطير بحيث يعتبر رئيس الوزراء د. عبد الرحيم الكيب أن "وثائق سرية وأجهزة الكترونية" اتهم المحامية الاسترالية المسؤولة بمحكمة الجنايات الدولية، مليندا تالور، بنقلها إلى سيف الاسلام القذافي في سجنه بالزنتان تهديدا ل"الأمن الوطني" يسوغ اعتقالها وافتعال أزمة مع المحكمة الدولية التي تمثلها اضطرت مجلس الأمن الدولي إلى إصدار بيان في منتصف الشهر الجاري يطلب فيه من ليبيا الإفراج الفوري عنها وعن ثلاثة من زملائها لبناني وروسي وإسباني.
فحسب المؤشر المذكور، تخطت ليبيا (61) دولة في قائمة الدول الفاشلة لتحتل المرتبة الخمسين في مؤشر عام 2012 بعد أن كانت تحتل المرتبة (111) في مؤشر عام 2011 السابق، لتسجل بذلك أكبر تدهور خلال سنة واحدة لأي بلد واحد في تاريخ المؤشر.
والمؤشرات "الداخلية" لا تقل أهمية عن "مؤشر الدول الفاشلة" الخارجي، ومنها "بيان رقم 1" الذي أصدرته "حركة الضباط الأحرار" بتوقيع "عقيد" لم يذكر اسمه في الحادي والعشرين من الشهر الحالي حيث أشار البيان إلى "الفوضى العارمة والدماء التي تسيل" و"العهر السياسي والاقتصادي" و"الإقصاء .. لقرابة نصف المواطنين وتهجير مليون ونصف" و"عشرات الآلاف من .. رفاقنا الأسرى"، واعدا "الضحايا الذين انساقوا وراء .. الطغمة العميلة الفاسدة" بأن "شرا لن يصيبهم" إن هم "دخلوا بيوتهم"، ومؤكدا ل"المجتمع الدولي ومجلس الأمن" بأن الثأر "لكرامة الوطن وشرف العسكرية" الليبية "يخص ليبيا ومشاكلها الداخلية" لكنه لا يمس "احترام كافة المواثيق الدولية والالتزام بها".
ويوم الخميس الماضي صدر بيان في القاهرة عن عدد من السفراء الليبيين "الذين انحازوا إلى الثورة الشعبية من بدايتها"، ومنهم عبد المنعم الهوني سفير ليبيا الحالي لدى مصر وممثلها في جامعة الدول العربية بالقاهرة، اعتبر أن ثورة 17 فبراير "انحرفت" عن مسارها، وقال إن "الأوضاع الراهنة .. لا تتناسب مع طموحات وأهداف الثورة" لأن "ما يحدث الآن من تكالب على السلطة وتصفية للحسابات ونهب واضح للمال العام .. وانغماس هياكل الدولة الرسمية في شرعنة هذه الممارسات يدفع إلى التساؤل: هل هذا ما قامت من أجله الثورة؟" (القدس العربي في 23/6/2012)
ومن المؤشرات أيضا، كمثال آخر، البيان الذي أصدره "شباب الثورة" في بنغازي في السادس من هذا الشهر وطالبوا فيه بتأليف "لجنة نزيهة تحت رعاية دولية للتحقيق في كافة الملابسات التي حدثت منذ يوم 13 فبراير في بنغازي وحتى سقوط سرت وبني وليد"، وبمعرفة "حقيقة المجلس الانتقالي، ومن أين أتى، ومن قام باختيار أعضائه، ودور فرنسا والسفير الأمريكي والبريطاني والفرنسي في ذلك وقطر" و"كم ترك لنا الطاغية من أموال" و"عدد الضحايا من الجانبين" و"خسائر القوات المسلحة" و"عدد الجرحى والأسرى والمهجرين وأين"، قبل أن يخلص البيان إلى القول إن "أيدينا جميعا ملطخة بالدماء المحرمة من أجل سلطة لعينة يبدو اننا سوف لن نراها ومطالب لنا لن تتحقق".
إن غياب الدولة وتحولها إلى بلد تحكمه ميليشيات المدن والقبائل التي يأخذ بعضها بخناق بعض، ومنازعات المناطق والمدن فيما بينها، وصراع الاسلام السياسي والعلمانيين، هو واقع تتوالى الدلائل عليه ولم يعد إثباته بحاجة إلى اعتراف وزير الحكم المحلي محمد الهادي الهاشمي الحراري بعدم وجود "اي بنية تحتية" في ليبيا وبانتشار "الفساد" وبعدم وجود "ثقة للشعب في النظام" الذي تمخض عن 17 فبراير.
وكان احتلال مطار طرابلس الدولي، ومهاجمة موكب السفير البريطاني في بنغازي وقصف القنصلية الأميركية واجتياح القنصلية التونسية ومقر الصليب الأحمر الدولي وتدمير قبور محاربي الكومنويلث فيها، إضافة إلى الاقتتال الأهلي في الكفرة وسبها وجبل نفوسة وتقارير منظمة العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش عن "السجون السرية" وانتهاكات حقوق الانسان التي وصف بعضها ب"جرائم حرب" واغتيال القاضي الليبي الذي أمر باعتقال رئيس اركان "جيش الثورة" السابق اللواء عبد الفتاح يونس مما قاد إلى اغتياله والتمثيل بجثته، كان ذلك والكثير غيره مجرد أمثلة حديثة على فوضى اللانظام الحاكم في ليبيا.
والمفارقة أن المليشيات وقادتها يصفون أنفسهم بانهم "حراس الثورة"، بينما يضطر اللانظام غير الحاكم باسم "ثورة 17 فبراير" في كانون أول / ديسبمر الماضي إلى السماح بعد تردد للمرتزقة الغربيين بسد الفراغ الناجم عن غياب الدولة التي هدمتها "الثورة" ودمر حلف الناتو بناها التحتية لحماية آبار النفط ومنشآته وشركاته الدولية ورموز اللانظام ومكاتبهم ودورهم، ومن هؤلاء المرتزقة المعروفين باسم "المتعاقدين الأمنيين" الذين حصلوا على "عدم ممانعة" للعمل في ليبيا "مجموعة بلو ماونتن" و"مجموعة كونترول ريسكس" وشركة "جاردا للأمن العالمي".
والمفارقة الأكثر إثارة للاستهجان أن بلدا هذا هو حاله يجد نفسه مؤهلا لتصدير ثورة تدمير الدولة وغياب السلطة المركزية وفوضى المليشيات والاقتتال الأهلي والاستقواء يالأجنبي والدعوة إلى تدخله العسكري إلى سورية حيث يصدر لها الأسلحة والمقاتلين الذين يفتتح على أراضيه مراكز لتدريبهم، على ذمة السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين، و"يتبرع" لنظرائهم السوريين ب(100) مليون دولار "معونة إنسانية".
"إن التفسير الوحيد ل"تصدير الثوار" الليبيين إلى سورية هو محاولة مدروسة للتخلص منهم بعد أن فشل استيعابهم والسيطرة عليهم في الداخل، ولأن تصديرهم لا يمكن أن يكون قرارا ثوريا ليبيا فإنه على الأرجح قرار الأجنبي، غربيا كان أم عربيا، الذي سخرهم لخدمة أهدافه في ليبيا ثم قرر التخلص منهم بعد أن أصبحوا عبئا عليه.
* كاتب عربي من فلسطين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.