قبل بضعة أيام, وفي سلسلة من الاعترافات التي لا تعيد لنا شهداءنا ولا سيادة وطننا ولا ثرواته وخيراته التي نُهبت وسرقت في وضح النهار ولا تطلق سراح آلاف الأبرياء من سجون ومعتقلات قوات الاحتلال الأمريكية في العراق, ولا تغيّر شيئا في أن أمريكا بغزوها للعراق قامت بعمل عدواني بربري لا أخلاقي ولا شرعي ولا تبرّره أية ذرائع أو دوافع. وفي كلمات غامضة تعبّر عن ندم زائف أراد منه تبرئة ضميره, الميّت والمتحجّرأصلا, وصف المجرم بوش الصغيرما حصل في سجن أبو غريب, من جرائم وإنتهاكات بشعة ودوس لكل القيم والأخلاق وحقوق الانسان, بانه"خيبة أمل كبيرة... إساءت الى سمعة أمريكا". بنعنى آخر إن خيبة أمل بوش الصغيرلا تتعلّق بضحايا تلك الجرائم والانتهاكات الفاضحة, أي السجناء العراقيين, بل إن كلّ ما يهمّه هو"سمعة أمريكا" فقط. ومعروف إن ساسة أمريكا على إختلاف مشاربهم وأحزابهم ومناصبهم وجنسهم لا يهمّهم أي شيئ في هذا العالم, حتى لو دمّروه على ساكنيه, غي رسمعة أمريكا. وهذا ما نلاحظه في التقريرالذي أصدرته لجنة الخدمات الدفاعية التابعة لمجلس الشيوخ الأمريكي, والذي إتهمت فيه ضمنا, حسب زعم البعض, السفّاح دونالد رامسفيلد وزيرالدفاع السابق وبعض مسؤوليه الكبار, بالمسؤولية المباشرة عن الممارسات الوحشية من تعذيب واذلال وإساءة وقسوة, والتي تعرّض لها السجناء, ومعظمهم طبعا أبرياء, في قاعدة غوانتانامو" كوبا" وفي سجن أبو غريب في بغداد وسجون أخرى تديرها قوات الاحتلال الأمريكية. والملاحظ هو أن التقرير, وكما هي عادة التقاريرالأمريكية بخصوص إحتلالها للعراق وأفغانستان, لا يتحدّث الاّ عن إنتهاكات "حقوق الانسان" وبتعابيرملتوية لا تجدِ نفعا. أما الحرب العدوانية والغزو وآلاف الضحايا وتدميرالبلدين وإشاعةالفوضى والفنتة والاقتتال فيهما, فهي بنظر واضعي التقير,أمورعادية جدا ولا تستحق الاشارة اليها أو توجيه تهمة ما لأي مسؤول في إدارة المجرم جورج بوش. لسبب بسيط, هو إن إمبراطورية الشرالأمريكية تسمح لنفسها, باعتبارها الخصم والحكم في هذا الكون, باحتلال دول مستقلّة وذات سيادة وقتل وتشريد شعوبها وإغتيال قادتها الشرعيين وتغييرأنظمتها بقوة السلاح, بشرط أن تراعي وتحترم ما يُسمى بحقوق الانسان فيها! لا أحدّ منّا يصدّق أبدا أن ضمائرالمشرّعين الأمريكيين إستيقظت بعد خراب العراق وأفغانستان.لأن هؤلاء السادة, ومعظمهم كانوا وما زالوا أعضاء في لجان متخصّصة وذات تأثيرفي الكونغرس الأمريكي, ساهموا بهذا الشكل أو ذاك في الجرائم والانتهاكات والتجاوزات التي لحقت بالعراقيين والأفغان والتي يتّهمون فيها الآن المجرم دونالد رامسفيلد .لأنهم أعطوا, باستثناء قلّة معدودة منهم, رئيسهم بوش الصغيرالضوء الأخضر لغزو العراق وتدميره دون أن تخطرعلى بالهم حقوق إنسان أو أمم متحدة أو معاهدات دولية أو حتى سمعة أمريكا نفسها. بل بالعكس, إن سمعة أمريكا كانت بالنسبة لهم مبرّرا كافيا لآرتكاب أية جريمة وفي أي بلد. والحرب العدوانية على العراق وغزوه وما تلاها من مجازر وفضاعات يشيب له الولدان, هي إنتهاك صارخ وفاضح لكل ما يتعلّق بحقوق الانسان من معاهدات ولوائح وإتفاقيات وقِيم إنسانية. إن الجرائم الكبرى, ومنها جريمة غزو العراق وإغتيال قيادته الشرعية, لا يمكن أن يقوم بها شخص واحد أبدا. وبالتالي لا يمكن إلقاء اللّوم على هذا المسؤول أوذاك. فوزيرالدفاع الأمريكي السابق دونالد رامسفيلد, رغم كونه مجرم حقيقي بالمعنى الجنائي للكلمة, ليس المتّهم الوحيد في سلسلة الجرائم البشعة التي حصلت في العراق وأفغانستان. فثمّة قائمة طويلة من الجُناة والقتلة والمحرّضين والداعمين يتصدّرها رئيس العصابة جورج بوش الصغير ونائبه ديك تشيني وكونددوليزا رايس وبول ولفوفتز نائب رامسفيلد وغيرهم. وإذا كان المشرّعون الأمريكان صادقين في الدفاع عن"سمعة أمريكا", كما يوحي بذلك تقريرهم, فعليهم قبل كلّ شيء إعداد لائحة الاتهام, وهي كما يعرف الجميع طويلة جدا, وقائمة باسماء المتّهمين الكبار إبتداءا من ساكن البيت الأبيض نفسه. ولا توجد حاجة على الاطلاق للبحث كثيرا عن أدلّة وبراهين وإثباتات ضد المجرم جورج بوش وأركان إدارته الحاليين والسابقين. فكلّ شيء في متناول اليد, فثمّة مئات من الوثائق والصور وأشرطة الفيديو والتسجيلات والمقالات الصحفية والتقارير والتحقيقات المحلّية والدولية المستقلّة. وإذا إقتضت الحال يمكن إضافة أكثر من 900 كذبة أطلقها بوش الصغير لخداع الشعب الأمريكي وتضليله من أجل تبرير حربه العدوانية على العراق. [email protected]