الرباط،المغرب:قال رئيس الحكومة المغربية عبد الإله بنكيران إن المغرب اختار عدم المغامرة بالنظام الملكي والإصلاح من داخله. واعتبر بنكيران، وهو في نفس الوقت الأمين العام لحزب العدالة والتنمية الإسلامي الذي يقود الحكومة بالمغرب، أن النظام الملكي استجاب للشارع الذي خرج العام الماضي للمطالبة بإصلاحات سياسية، عبر تعديل الدستور والقيام بانتخابات نزيهة مع الحفاظ على الاستقرار. وأوضح أن الاحتجاجات السياسية في المغرب "قد انتهت"، وأن الحراك الشعبي اليوم يتلخص في مطالب اجتماعية "عادية وطبيعية". وأضاف أن حزبه رفض النزول إلى الشارع للمشاركة في الاحتجاجات لكنه طالب بإنهاء الفساد والقيام بإصلاحات، معتبرًا أن "الربيع المغربي" ساهم في خروج العدالة والتنمية من المعارضة والوصول إلى السلطة. وفي تعليقه على التطورات الأخيرة للأوضاع في سوريا، قال بنكيران "إن مستقبل نظام الأسد "لا يبشّر بخير"، وأنه لا حل أمام القيادة السورية التي لم تستمع لنبض الشارع سوى "الزوال". وإليكم نص الحوار: *المغرب استطاع أن يستثنى من خيار التغيير عبر اندلاع ثورة، وتقولون إن لكم ربيعًا مغربيًّا خاصًا، كيف نجحتم في ذلك؟ **المغرب يتميز بكونه دولة لها تقاليد ديمقراطية عريقة مبنية على تعدديتها، والنظام السياسي بها ليس تسلطيًا، ولكنه قائم على أساس التوافق، كما أن الأحزاب والقبائل والطرق الصوفية وكل مكونات المجتمع، هي من تريد النظام الملكي وحريصة على استمراريته. فعندما بدأ الربيع العربي في عدد من بلدان الجوار، خرج في المغرب أيضا بعض المواطنين للمطالبة بإدخال إصلاحات وليس بإسقاط النظام. وفي الواقع الأحزاب السياسية كلها تقريبًا رفضت النزول للشارع حتى لا تغامر بالنظام الملكي ولكنها طالبته بإصلاحات والملك استجاب بسرعة، وتم التعامل مع المحتجين في الشارع بطريقة سلمية، وهذه العوامل جميعها أعطت نموذج هذه التجربة السلمية في الإصلاح عبر الحفاظ على النظام الملكي، وتحقيق التغيير مع الحفاظ على الاستقرار في نفس الوقت. كما أن الخطاب الذي ألقاه الملك محمد السادس في 9 مارس/ أيار من العام الماضى، والذي دعا فيه إلى تعديل الدستور، علاوة على دعوته إلى دستور جديد للبلاد في يوليو/ تموز من العام نفسه وإجراء انتخابات مبكرة، كل هذه الإصلاحات احترمت إرادة الشعب وأخرجت حزب العدالة والتنمية من المعارضة إلى الحكومة، عبر صناديق الاقتراع، وهو ما أطلق عليه إجمالاً "الربيع المغربي". * لكن هل هذا "الربيع المغربي" الذي تتحدثون عنه اكتمل وأصبح ناجزًا، ونحن لا نزال نشاهد في الشارع احتجاجات تطالب بالتغيير تواجهها قوات الأمن في بعض الأحيان بالعنف؟ **الاحتجاجات التي كانت قبل الانتخابات المبكرة في الخامس والعشرين من أكتوبر/ تشرين الثاني الماضي، والتي فاز فيها "العدالة والتنمية" بالأغلبية، كانت بالأساس احتجاجات سياسية تطالب بالإصلاحات وهي الآن توقفت بعد سلسلة الإصلاحات التي شهدها المغرب. ولكن الاحتجاجات الاجتماعية لا تزال قائمة سواء تلك التي ينظمها العاطلون عن العمل، أو الذين يشعرون بأن مدنهم وقراهم لم تنل نصيبا من التنمية، والشاهد على ذلك الأحداث التي وقعت في مدينة تازة شرق المغرب، أو في مدينة "بني بوعياش" بريف الشمالي، وهي في اعتقادي احتجاجات عادية وطبيعية، لكن ما نؤكده أن الاحتجاجات السياسية التي كان من الممكن أن تؤدي إلى اضطراب في النظام السياسي في المغرب برمته قد انتهت. * ما هو الدور الذي لعبه حزب العدالة والتنمية فيما تسمونه بالربيع المغربي؟ **موقف العدالة والتنمية كان منذ الأيام الأولى لبداية الاحتجاجات السياسية في المغرب هو عدم الخروج إلى الشارع، ولكن في نفس الوقت عدم السكوت على الفساد ومطالبة النظام بالقيام بإصلاحات؛ وذلك حتى لا يغامر بالملكية لأنها هي التي تجمع المغاربة، وفي نفس الوقت كان مهتمًا بعدم السكوت عن الفساد حتى لايستمر الوضع القائم وقتها. ووسط محيط وجوار إقليمي يتغير سياسيًا كان لا بد من التغيير، هذه كانت قناعتنا والجميع فهم ذلك، فالشعب استجاب لنا ولم ينزل إلى الشارع والملك استجاب لنا وبدأ الإصلاحات. * قلتم إن من فضائل "الربيع المغربي" أنه أخرج حزبكم "العدالة والتنمية" من المعارضة إلى السلطة، لكن في المقابل هناك حركات إسلامية أخرى موجودة ساهمت بشكل قوي في تحريك الشارع، ما طبيعة علاقتكم كحزب إسلامي بها؟ **العدل والإحسان جماعة إسلامية ترفض الحوار والعمل السياسي أو المشاركة في البرلمان وبالتالي كيف لها الدخول في دوائر الحكم، عندما ستوافق على قواعد العمل السياسي من داخل النظام الحالي، حزب العدالة والتنمية والحكومة، ستكون الحكومة مستعدة للتعاون معها في هذا الإطار لكن مادام أنها تصر على عدم الدخول للمعترك السياسي وفق القواعد المتعارف عليها، فعلاقاتنا بها تبقى ودية. وبالمناسبة قيادات الحركة جاءت بعد انتهاء مؤتمر الحزب إلى بيتي وزارتني وهنأتني على تجديد الثقة في شخصي لولاية ثانية في الأمانة العامة للحزب، ولكنهم على العموم يبقون غير معنيين بالمشاركة في الحكم. * ما تعليقكم على التطورات الأخيرة في سوريا؟، وما مصير نظام الأسد في رأيكم؟ النظام السوري تجاوز كل الحدود، وللأسف لم يسمع لنبض الشارع وقمعه بطريقة وحشية، ومصيره لا بد أن يكون من نفس المنطق الذي تعامل به مع شعبه، وعلى مايبدو مستقبل نظام الأسد لا يبشّر بأي خير ولا يعطي أي أمل بانفراج للأزمة، وفي اعتقادي ليس هناك أي حل غير زوال القيادة السورية التي أسرفت في سفك دماء الناس. "الأناضول" عاطف أوزبي- سارة آيت خرصا