لم تكن الأمة الإسلامية أمة واحدة ما دام ينخر في جسدها مرض عضال، وما دام هناك من يسيء إلى الإسلام ممن يزعمون أنهم أتباع النبي صلى الله عليه وسلم، انتشروا في أماكن عديدة ونشروا سمومهم المغلفة بشيء من الحلوى، من تذوق قشرتها ألزموه أن ينضم إلى دائرتهم، عليهم دائرة السوء، يكفرون من حولهم كأنهم أنبياء زمانهم، يعيشون كالأنعام بل هم أضل ولكنهم لا يفقهون ولا يعلمون، ويجهلون الحقيقة الناصعة ويتركون النور وراء ظهورهم، إنهم الوهابية الحشوية الفرقة التي تعتبر نفسها الناجية وما عداها فهم في النار، إنه تفكير أبله أحمق، فهل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون. ومحمد بن عبد الوهاب قد سنّ في الأمة سنة سيئة فله وزرها ووزر من عمل بها إلى القيامة، وامتد ضلاله إلى جميع الآفاق، وأحسب أنه سيندثر في وقت ما لأن الأيام دول، ولولا المال ما استطاعت أن تصمد الوهابية عقدا من الزمان فما زالت الحكومة السعودية تتبجح إلى اليوم أنه تنفق مالها في بث الفرقة والتشتت ولا تبالي، تسرف هذه النعمة في الحرام وأهلها يستغيثون، وضرب الفقر مثلا في دولة هي من أكبر دول العالم إنتاجا للنفط، فهل يعقل أن تكون الدولة الأولى المنتجة للنفط راعية للإرهاب وهي تحاربه من جهة أخرى؟ وهل يعقل في البلد الحرام أن تتبنى الدولة مذهبا هو أقرب إلى السفسطائية منه إلى الحقيقة الواضحة؟ ماذا يقول الوهابي الحاكم لربه يوم يقف بين يديه؟ لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني؟ ألم تعلم السعودية أن ما عندها من أموال ستنفد في يوم ما وقد تصبح يوما عالة على جيرانها وأقرانها؟ الوهابية خطر على الأمة الإسلامية من جهتين: الأولى أنها فكر هدام بأتم ما في الكلمة من معنى لأنهم يكذبون على الرسول صلى الله عليه وسلم ويأتون بأحاديث لا توجد في قواميس الأحاديث، يستدلون بها في العقائد فوقعوا في التشبيه الحرام والتجسيم المخزي بدعوى أن الحديث يجب أن يؤخذ به في العقيدة حتى لو كان أحاديا ومن هنا بدأت فلسفتهم في الحياة، أرادوا أن يضعوا لأنفسهم منهجا جديدا مبنيا على مخالفة أهل الحق والاستقامة ويحاربون كل سنة حميدة ويأتون بأخرى هي أقرب إلى البهلوانية ليستعرضوا عضلاتهم أمام الناس ويعلنوا أنهم الأجدر بالخلافة من غيرهم. والثانية يزعمون أنهم ينتسبون للسلف الصالح والسلف منهم براء، إذ السلف الصالح لم يكن ينشء البدع ولم يكفر مخالفه مهما عارضه في فكر أو عقيدة وأضرب مثالا رائعا في ذلك من العلماء الأتقياء كتلك العلاقة المتينة التي كانت تربط بين الإمام جابر بن زيد رضي الله عنه والإمام الحسن البصري رغم اختلافهما في بعض المسائل، فهذا التعايش كان سمة أولئك الصالحين، أما الوهابية فهي فئة نشأت في السعودية، فكرها ضال، بعيد عن السلف الصالح، وأقول ضال لأنها ترفض الآخر وتتهمه بالكفر وتعتدي عليه، واستعملت المال سلاحا فتاكا لمواجهة كل من يعارضهم ونشرت الفكر السموم في أحشاء الغافلين والبسطاء ومن في حكمهم. لقد تبين مما لا يدع مجالا للشك أن الوهابية قد افتضح أمرها وبان هدفها وكشفت عورتها، ولم تعد تيارا مقبولا من الناس بعد أن عرف الناس حقيقتها وذاقوا مرارتها، فكلما ابتعدوا عنها استرجعت النفوس راحتها وهيبتها وخاصة بعد كشف أسرار عمالقتها - كما يزعمون - علاقتهم السرية والمشبوهة بإسرائيل والصهاينة ولم يعد خافيا على أحد، وتبين كذلك أن الناس –بفضل الله عز وجل – ثم بفضل التطور التقني والتكنولوجي قد انتبهوا وعرفوا حقيقة هؤلاء وجذورهم وعلاقاتهم، فتغير كثير من الناس حتى من أوساطهم وأقصد السعوديين، خاصة الباحثين منهم عن الحقيقة بكل حرية ودون عصبية وبكل موضوعية، أَبَعْدَ هذا الحديث لا يخجلون ولا يعلنون أنهم في الثرى سيقبرون وأن الحقيقة ستتجلى يوما كما تتجلى الشمس بعد مشرقها عروسا يشع نورها بإذن ربها أرجاء المعمورة.