فرنسا: إصابة فتاتين في عملية طعن أمام مدرسة شرقي البلاد    الأندية المتأهلة إلى نصف نهائي الدوري الأوروبي    سلطنة عمان: ارتفاع عدد الوفيات جراء الطقس السيء إلى 21 حالة    اللجان الدائمة بالبرلمان العربي تناقش جملة من المواضيع تحضيرا للجلسة العامة الثالثة للبرلمان    منبر الجمعة .. الطفولة في الإسلام    خطبة الجمعة..الإسلام دين الرحمة والسماحة.. خيركم خيركم لأهله !    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    تم جلبها من الموقع الأثري بسبيطلة: عرض قطع أثرية لأول مرّة في متحف الجهة    دعوة إلى مراجعة اليات التمويل    خلال الثلاثي الأول من 2024 .. ارتفاع عدد المشاريع الاستثمارية المصرّح بها    جوهر لعذار يؤكدّ : النادي الصفاقسي يستأنف قرار الرابطة بخصوص الويكلو    ضروري ان نكسر حلقة العنف والكره…الفة يوسف    عاجل/ بعد "أمير كتيبة أجناد الخلافة": القبض على إرهابي ثاني بجبال القصرين    ارتفاع عائدات صادرات زيت الزيتون بنسبة 82.7 بالمائة    عاجل/ هيئة الدفاع عن الموقوفين السياسيين: اللّيلة تنقضي مدّة الإيقاف التحفّظي    وزير الدّاخليّة يشرف على موكب إحياء الذكرى 68 لعيد قوّات الأمن الدّاخلي    وزير الصحة يشدّد على ضرورة التسريع في تركيز الوكالة الوطنية للصحة العموميّة    توزر.. افتتاح الاحتفال الجهوي لشهر التراث بدار الثقافة حامة الجريد    سوسة: الاستعداد لتنظيم الدورة 61 لمهرجان استعراض أوسو    نقابة الصحفيين التونسيين تُدين الحكم بالسجن في حق بُوغلاب    أنس جابر خارج دورة شتوتغارت للتنس    طبربة: إيقاف 3 أشخاص يشتبه في ترويجهم لمواد مخدرة في صفوف الشباب والتلاميذ    تخصيص حافلة لتأمين النقل إلى معرض الكتاب: توقيت السفرات والتعريفة    سيدي بوزيد.. تتويج اعدادية المزونة في الملتقى الجهوي للمسرح    الرصد الجوّي يُحذّر من رياح قويّة    عاجل/ محاولة تلميذ طعن أستاذه داخل القسم: وزارة الطفولة تتدخّل    محمود قصيعة لإدارة مباراة الكأس بين النادي الصفاقسي ومستقبل المرسى    بعد حلقة "الوحش بروماكس": مختار التليلي يواجه القضاء    عاجل : هجوم بسكين على تلميذتين في فرنسا    كأس تونس لكرة القدم: تعيينات حكام مقابلات الدور السادس عشر    جلسة عمل مع وفد من البنك الإفريقي    حملات توعوية بالمؤسسات التربوية حول الاقتصاد في الماء    شاهدت رئيس الجمهورية…يضحك    انخفاض متوسط في هطول الأمطار في تونس بنسبة 20 بالمئة في هذه الفترة    حيرة الاصحاب من دعوات معرض الكتاب    عاجل/ فاجعة جديدة تهز هذه المنطقة: يحيل زوجته على الانعاش ثم ينتحر..    أبطال أوروبا: تعيينات مواجهات الدور نصف النهائي    عاجل/ تلميذ يطعن أستاذه من خلف أثناء الدرس..    بوركينا فاسو تطرد 3 دبلوماسيين فرنسيين لهذه الأسباب    عاجل : نفاد تذاكر مباراة الترجي وماميلودي صانداونز    هام/ تطوّرات حالة الطقس خلال الأيام القادمة..#خبر_عاجل    اجتماعات ربيع 2024: الوفد التونسي يلتقي بمجموعة من مسؤولي المؤسسات المالية الدولية    قيس سعيد : ''تونس لن تكون أبدا مقرا ولا معبرا للذين يتوافدون عليها خارج''    غادة عبد الرازق: شقيقي كان سببا في وفاة والدي    الحماية المدنية: 9 حالات وفاة خلال ال24 ساعة الأخيرة    في انتظار قانون يحدد المهام والصلاحيات.. غدا أولى جلسات مجلس الجهات والأقاليم    ضربة إسرائيل الانتقامية لايران لن تتم قبل هذا الموعد..    زلزال بقوة 6,6 درجات بضرب غربي اليابان    عاجل/ هذه الدولة تحذر من "تسونامي"..    سيدي بوزيد: حجز مواد غذائية من اجل الاحتكار والمضاربة بمعتمدية الرقاب    مصر: رياح الخماسين تجتاح البلاد محملة بالذباب الصحراوي..    وزير الصحة يشدد في لقائه بمدير الوكالة المصرية للدواء على ضرورة العمل المشترك من أجل إنشاء مخابر لصناعة المواد الأولية    توزر: المؤسسات الاستشفائية بالجهة تسجّل حالات إسهال معوي فيروسي خلال الفترة الأخيرة (المدير الجهوي للصحة)    الكاف: تلقيح اكثر من 80 بالمائة من الأبقار و25 بالمائة من المجترات ضد الأمراض المعدية (دائرة الإنتاج الحيواني)    "سينما تدور": اطلاق أول تجربة للسينما المتجولة في تونس    وزير الصحة يعاين ظروف سير العمل بالمستشفى الجهوي بباجة    جراحة فريدة في الأردن.. فتحوا رأسه وهو يهاتف عائلته    موعد أول أيام عيد الاضحى فلكيا..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد الرصافي المقداد : من يخدع من يا دكتور؟


(بقلم: الدكتور هشام بن علي )
نشرت صحيفة الوسط التونسية مقالا للدكتور هشام بن علي وهذا ردي عليه في انتظار الأدلة التي ادعى أنها صحيحة وفي حوزته:
لم يعد خافيا ولا غريبا،أن تظهر علينا بين الفينة والأخرى،شخصيات وكتابات تجنّدت لمحاربة التشيع والشيعة،تحت غطاءات متعددة،منها ما عزاها أصحابها إلى الحرص على الدين،ومنها ما نسبه البعض الأخر إلى الوطنية والخوف على تونس من الوقوع في دوامة الفتنة الطائفية،والفتنة كما يقول تعالى:أشد من القتل..والفتنة أكبر من القتل.
كما جاء بعضها بأسلوب الناصح،والواقع خلاف ذلك كما هي حال الدكتور هشام بن علي،فساقها عارية من كل القيم أدبية كانت أم مادية،فوجدتها كما يقول مثلنا الدارج(صبعين والحق الطين).
وجاء البعض الآخر بأسلوب المخبر الذي يريد أن يقدم يدا للسلطة،كما هي حال السيد نور الدين المباركي،لكن على أي أساس؟وفي مقابل ماذا؟
الدوافع التي ألجأت هؤلاء الكتاب إلى تناول هذه القضية،متنوعة بحسب تنوع انتماءات وميولات وولاءات أصحابها،والمتفحص النبيه الفطن يستطيع دون عناء أن يستجلي الدافع الذي حرك هذا القلم أو ذاك،من خلال ما أجراه على ورقته من كتابة،وما سوّد به صفحة مقاله من رأي أو آراء،يكون في الأغلب خاضعة لانتماء ذلك الشخص الفكري والعقائدي، لأنه من غير المعقول أن يوجد بيننا شخص يكتب وهو متجرد من انتمائه.
والأمة الإسلامية قبل العربية اليوم بحاجة ماسة إلى احتضان الكتاب الغيارى على أمتهم ومستقبلها العقائدي والسياسي،بعيدا عن نعرة التعصب المذهبي التي لا طائل من ورائها، ولا يمكنها أن تجلب للأمة غير مزيد من الفرقة والانقسام والتشتت والعداء.
لذلك فانه من الواجب على القارئ المحترم أن يتثبت في كل كتابة ترد عليه مهما كان اللقب الذي يحمله الكاتب،لأن جدية كتاباته وجدواها،لا تختزلهما الماجستير ولا الدكتوراه، بقدر ما تثبت بحسن تناول الموضوع وصدقية صاحبه من حلال كتاباته،مع الحجج والأدلة التي تكون قرينة إثبات أو نفي لما يريد الوصول إلى تحقيقه من مقاله.
وقد يندفع في الأثناء من هنا وهناك،كاتب لا هم له سوى نشر البلبلة والفوضى،بدعوى النصح للأمة أو للشعب،وهو يخفي مخططا خبيثا،لا يعلم مدى ضرره إلا الله سبحانه وتعالى،كاليساري المندسّ اليائس من عودة الفكر الشيوعي،إلى عصره الذهبي الحالم في منتصف القرن الماضي،والمستفيق من أضغاث أحلام،القومية العربية التي لم تجد أرضا تقلها،ولا سماء تظلها،وهاذان الطابوران أشد خطرا على الإسلام الأصيل من أي شيء آخر،حتى من أعدى أعداء الأمة،لأن أعداء الأمة اليوم ظاهرون،ويحاربونها بكل الوسائل التي يملكونها،أما هؤلاء الذين أسقطهم فشل نظرياتهم فلا يزالون يعملون،ولكن بحالة من اليأس والقنوت،التي يصلها عادة كل من فقد الأمل في مستقبله،ولم يعد أمامه سوى الانكسار أو الانتحار،وطالما أن مصيره إلى ذلك المآل،فانه يحاول ما في وسعه أن يزرع بذور الفتنة والشك بين عموم المسلمين لعلها تثمر يوما.
الدكتور هشام بن علي واحد من الذين ركبوا مطية محاربة المد الشيعي،لكن سلاحه الذي أعلن عناوينه،وتوعد بالكشف عن نصوصه،ليس جديدا،وإنما هو قديم قدم الحرب المعلنة على الشيعة،وقدم الأسلحة الموجهة إلى صدور الشيعة والتشيع،وهو في هذا الإطار ناسج بيت عنكب،شأنه شأن من سبقه في هذا المضمار،وقد باءت جميع مساعيهم بالفشل الذريع،فلا الكذب ولا الدعاية العارية من أدلتها،ولا أعمال الإبادة والتنكيل عبر التاريخ أفلحت في زحزحة التشيع من صرحه الشامخ، ولا اجتثت الشيعة من على وجه الأرض، ولو رفع الحكام يد دعمهم للمذاهب الأربعة ومارسوا معشار هذه الأعمال الإجرامية عليها لما بقي لها اثر يذكر، ولذهبت ولم يبق لها ذكر إلا في كتب التاريخ كما هي حال بقية المذاب السنية التي لم تجد دعما وانتهت بموت أصحابها: كمذهب الليث بن سعد، والاوزاعي،وسفيان بن عيينة،وسفيان الثوري...وغيرها، وهذا لعمري دليل لمن يعقل على صحة التشيع.
والدعاوى المرفوعة على التشيع هي كبيت العنكب ذرتها رياح الحقيقة فاتت عليها فذهبت العناكب وبيوتها مع الرياح،لأن الحق يعلو ولا يعلى عليه.
كان حري برجل مثقف مثل الدكتور هشام بن علي،أن لا يسلك هذه الطريقة السّرابيّة،التي يتراءى للرائي الضمآن فيها ماء حتى إذا جاءها لم يجدها شيئا.
وفي عصر تنافر أعداء الإسلام بطوائفهم من أجل القضاء على ما تبقى منه،خرج علينا نمط من الدكاترة بفلتات لا نستطيع أن نصنفها إلا في خانة الحرب على الإسلام والمسلمين،بقطع النظر عن انتمائهم الفكري والعقائدي.
والإسلام الامامي الاثني عشري،دين حكمته النصوص القرآنية والنبوية والأحداث التاريخية الصحيحة،لم يتبناه أحد بعاطفة،ولا دخله مستبصر بهوى أو ميل عصبي،أو بدافع متعة أو طلبا للمال كما حاول الدكتور إيهام القارئ بذلك،النصوص وحدها هي التي أخذت بأعناق هؤلاء الوافدين عليه من شتى الفرق والمذاهب،
ومنذ غابر الزمان والظاهرة ليست جديدة،إيمانا منهم وتسليما بأن الحجة التي أقنعتهم موجودة في كتب المخالفين للشيعة قبل كتب الشيعة نفسها.
ألقى دكتورنا المتخصص،وأرى أن تخصصه لم يهده إلى طريقة حضارية للنقد،تكون مبنية على معرفة واطلاع بمعالم المسألة التي يراد نقدها،وان يكون النقد بنّاء،ولا أراه وحال كتابته هكذا،إلا كخاطف خطفة لا يدري من أين والى أين؟
وإذ رأيت من واجبي أن أتصدى بما في وسعي لظاهرة التهجم على الشيعة في تونس، والتي بدأت تتصاعد وتيرتها،وتتعدد آليات تنفيذها،وحال أصحابها كالمأخوذ بجرم،قد امتدت إليه أيدي الطلب،لا يدري إلى أين يذهب.
والتهجم والتجني على الشيعة قديم قدم التشيع نفسه،ومع ذلك فان النتيجة التي جناها المتهجمون سلبية بكل المقاييس،فلا التشيع تضرر من جراء تلك المحاولات،ولا الشيعة نقص عددهم،بل لعلي أقول رب ضارة نافعة،لأن التشيع بناء عقائدي قوي أقامته أيد شهد لها الله ورسوله صلى الله عليه وآله بالتقوى والعلم،وبوأها مكانة لم يستطع أن يصلها أحد غيرها" يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله."
وغير مترقب لما سيأتي به من حجية ودليل،أجزم بلسان قلمه أنه الصدق،ولا شيء غير الصدق،محتملا منه ذلك على طرفي شك وريبة.
قال الدكتور هشام بن علي:
من حق الإنسان أن يختار عقيدته ودينه، ومن باب أولى مذهبه. هذه حريات كفلتها الشرائع السماوية والوضعية، ولا اعتراض مطلقا في أن يتحول تونسي من المذهب السني إلى المذهب الشيعي الإثني عشري.
كلام منطقي وجميل،واعتراف بحرية المعتقد أجمل،أما عدم اعتراضك على أن يتحول التونسي من المذهب السني إلى المذهب الشيعي الاثني عشري،فلا أراك فيه وجيها بالمرة، لأن ما نسبه للشيعة الامامية الاثني عشرية،لم ينسبه لها عدو من قبل سوى السلفية،ولا أراك تجهل السلفية وبناءها العقائدي المؤسس على تكفير كل من لا يوافقهم في التوحيد وبقية عقائدهم،فإن قلنا إنك متدين حقا وتريد الخير للدين الإسلامي الذي بدأ يتململ للخروج من قمقمه الذي زجه فيه سلاطين المعازف والقينات،وللمسلمين الذين أعيتهم وأنهكتهم كتابات وأصوات التثبيط والفشل التي ظهرت في أوساطهم،توجب عليك من باب النصح لله ورسوله صلى الله عليه وآله،أدبيا أن لا تدخل البيت إلا من بابه،ولا تقذفه قذف ناقم يريد التخلص من هاجس استولى على عقله.
وان كان من باب الوطنية والغيرة على وحدة البلاد والخوف من تفكك عراها،فانك قد ارتكبت خيانة في حق وطنيتك ومواطنتك لأنك وافقت ولم تعارض في أن يتواجد على وأرض الوطن من وصفتهم بالحرف الواحد(من أخطر الخصوم الألداء لتونس)
وعلى كل حال فانك منذ البداية قد وضعت نفسك في مأزق،وتناقضت من حيث لا تشعر، وتبين أنك لم تكتب عن التشيع والشيعة إلا بدافع التشويه والمحاربة لا النصح والمقاربة، بل أنكى من ذلك وأدهى وأمرّ،إذ كيف سولت لك نفسك الوطنية،ودينك الناصح أن ترى لهؤلاء وطنية وقد قلت(فان من حقنا عليهم بما يجمعنا وإياهم من رابطة الوطنية والرحم أن نطلب منهم الصدق والشفافية)
كيف يمكن أن تطلب من الخصوم الألداء طلبا كهذا،فضلا على اعتبارهم وطنيين،ألا ترى أنك قد خصمت نفسك يا دكتور؟ وأنت في هذه الحال خائن لله ورسوله وخائن لوطنه.
قال الدكتور هشام بن علي:
إنما يأتي الاعتراض إذا تلازم ذلك مع محاولة خديعة عموم التونسيين، وتضليلهم عن حقيقة المذهب الذي يتم التحول إليه، والإخفاء المتعمد عنهم، بأن الأعمدة والأركان الأساسية لهذا المذهب تقوم على اعتبار المسلمين التونسيين من المالكيين أهل السنة، وعلى اعتبار أن المسلمين من كل المذاهب السنية هم:
- مسلمون غير مؤمنين يقال عن الواحد منهم مسلم، ولا يجوز أن يقال عنه مؤمن.
- جاحدون لنبوة جميع الأنبياء بسبب إنكارهم لإمامة علي بن أبي طالب رضي الله عنه والأئمة الأحد عشر من بعده.
- يستحقون أن تطلق عليهم صفتا الكفر والشرك بسبب إنكار الإمامة.
- كفار ضالون مستحقون للخلود في النار بسبب إنكارهم الإمامة.
لقد أسرفت يا دكتور في استعمال مفردات كان حري بك أن لا تركن إليها، لأنها ألفاظ إيحائية تعطي انطباعا للقارئ بأنك على الحق وممسك بطرفه إمساك المتيقن، فلو أجّلت موقفك من الشيعة بأنهم ضالون ومخادعون إلى حين إثبات دعواك لكان ذلك أبلغ وأحسن، أما أن تتعثر في كل فقرة بتلك الألفاظ فانه من العيب على دكتور متمكن من ابسط قواعد الحوار والنقاش أن يبدأ بتصريف السباب وتثبيت التّهم.
أطنب العلماء والأصوليون والمتكلمون قديما وحديثا،في تناول مسألة الإسلام والإيمان،فلم يتركوا فيها مجالا لم يطرقوه،وتبدو محاولتك منذ البداية للإيقاع بالشيعة وقطع أواصر التلاقي مع إخوانهم من بقية الفرق الإسلامية،بالتأثير على حقيقة رؤيتهم الدينية لمسالة الإسلام والإيمان،ولا عجب بعد الآن في ما ستقدم عليه من تهافت،لذلك أقول إن الإسلام هو الدين الذي تنضوي تحته كل الفرق الإسلامية،ولا تخرج منه إلا بما يخرجها عنه،من اعتقاد أصولي فاسد،حتى الخوارج الذين حكمت عليهم طوائف المذاهب الأربعة بالقتل باعتبارهم مرتدين عن الإسلام،قال فيهم الإمام علي عليه السلام وصيته الشهيرة:لا تقتلوا الخوارج من بعدي،فليس الذي طلب الحق فأخطأه، كمن طلب الباطل فأصابه.
والإسلام هو إقرار باللسان،والإيمان عمل بالأركان،والإيمان طبعا أقوى وأعلى درجة لقوله تعلى:قالت الأعراب ءامنّا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم.
أما الإيمان حقيقة فانه مسألة باطنية لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى.
أما اعتقاد الشيعة الامامية الاثني عشرية بأنهم على الحق،ووفق منهج النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام فذلك من حقهم،ومن حق كل من تبنى عقيدة أو فكرة بعد التمحيص والتثبت والاقتناع،وليس من حق أحد أن يلوم غيره على محصلة اعتقاده، شريطة أن لا يستعمل محصلته للتطاول على غيره.
وعلى عكس ما ذهبت إليه فان علماء الشيعة يعتقدون كلهم بان بقية المسلمين لا تجري عليهم صفة الشرك والكفر كما يعتقد السلفية في مخالفيهم من أهل القبلة،والشيعة يعتقدون في بقية المسلمين يدخل محسنهم الجنة،مذنبهم غير مخلد في النار، باستثناء الذين ران على قلوبهم البغض والعداء لأهل البيت عليهم السلام،لقول النبي صلى الله عليه وآله لعلي:لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق. وفي هذه الحال كيف يمكن أن يدخل منافق الجنة.
قال الدكتور هشام بن علي:
ويأتي الإعتراض أيضا على الإخوة التونسيين المتشيعين الذين يحاولون تضليل مواطنيهم بشأن حقيقة المذهب، مثل زعمهم أنهم لا يكفرون أحدا من المسلمين، وأنهم يؤمنون بالوحدة الإسلامية، مع أنهم، أو مع أن أعلام مذهبهم الجديد، في حقيقة الأمر:
لا يرون للصفة الإسلامية قيمة حقيقية تذكر، لأن المسلم السني عندهم غير مؤمن، فإسلامه إذن لا قيمة له، وعمله التعبدي باطل لا يغني عنه شيئا.
الآن بدأت أشك في الدكتوراه التي تتلحف بها يا هشام،فصحبتك لهذا الموضوع كما يقول الإمام علي عليه السلام: كراكب الصعبة إن اشنق لها خرم وإن أسلس لها تقحّم.
بمعنى أنك وقلمك في حيرة بادية للقارئ الفطن،وقد كشفت منذ البداية عن نية غير سليمة،تبيّتّ من خلالها للإيقاع بالشيعة من خلال هذا السيل من التهم،التي استبعدت صدورها عن عامي ليس له ثقافة تميز له الأشياء الواقعة من الأوهام والدعاية الرخيصة.
بداية لم تبد اعتراضا على تحول التونسي إلى المذهب الشيعي،لكنك سرعان ما تداعيت من سماحة مصطنعة إلى حضيض كله مكر وخديعة،ولئن كنت ترى نفسك قد استنبطت شيئا جديدا غاب عن من سبقك في مضمار التهجم على الشيعة فأنت مخطئ،بل إنك تماما، تحاول فرض انطباعك على الشيعة التونسيين بأنهم مخادعون لعموم التونسيين ومضللون.
ولعلك بحاجة إلى ما يرد إليك بصيرتك،ويضفي على عقلك مسحة من التعقل والإدراك،فاني أراك لا تميز بين ما يعتقده الشيعة- وهو مدون في أمهات كتبهم- وبين ما دأب أعداء التشيع على رميه به من بهتان وافتراء،وقد سبقك في وقد سبقك في تطفيف كيل الحق وترجيح الباطل،عدد كبير ممن لم يلتفتوا إلى حقيقة التشيع،وانطلقوا من البداية في إلصاق التهم به،فأحمد أمين(المصري) صاحب موسوعة فجر وضحى وعصر الإسلام،أوقع نفسه في ورطة،ولطخ سمعته ككاتب نزيه،عندما كال للشيعة تهما تقشعر منها الأنفس المحترمة،أخرجهم بها من الصف الإسلامي،وذلك استنادا إلى ما قاله أعداءهم،وعندما أتيحت له فرصة السفر إلى العراق،والتواجد بمدينة النجف الأشرف، عاتبه علماء الشيعة ولاموه على ما اقترفت يداه،وواجهوه بالأدلة والبراهين ما أفحمه،فما كان منه إلا أن أبدى أسفا وندما واعتذارا على ما صدر منه،ملقيا باللائمة في ذلك على شحّة المصادر عنده،وتكفيرا منه على جرمه،استدرك الأمر بكتاب سماه يوم الإسلام صحح فيه ما كان الصقه بالشيعة من أكاذيب وأباطيل.
لم تفهم أيها الأخ (ولا أدري إن كنت سأعزو هذه الأخوة إلى الإسلام أم إلى الوطنية)الدكتور أبسط أبجديات الإسلام،حيث صنف الله سبحانه وتعالى في كاتبه العزيز،المسلمين إلى صنفين اثنين:مسلم ومؤمن.
قال تعالى:قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم." الحجرات الاية14
فالمسلم هو كل إنسان يدخل الدين الإسلامي بنطق الشهادتين والعمل بمقتضاهما وان كان ظاهرا.
أما الإيمان فهو حالة باطنية في المسلم تنشأ بعد تطويع النفس ومجاهدتها وإخضاعها لعبودية الله إخضاعا تاما بحيث لو خيرت بين أمرين لاختارت الأرضى إلى الله تعالى، وهي كما ترى لا يستطيع أن يعرفها إلا خالقها،حتى المؤمن نفسه لا يتجرأ أن يعلن إيمانه،لأنه غير متحقق من الوصول إليه، فمن قال لك إني مؤمن فهو ليس كذلك،ومن قال لك انه عالم فهو إلى الجهل أقرب.
فارجوا أن تتنبه مستقبلا،ولا تخلط بين الاصطلاح العلمي،وبين ما درج عليه العامة من اعتبار كل مسلم مؤمن.
أما نفي الشيعة لصفة الإسلام عن بقية المسلمين،فلا أرى لك فيه مصدرا أبدا،ولا يوجد على وجه الأرض من يعتقد هذا الهذيان،باستثناء السلفية والوهابية الذين يخرجون من دائرة الإسلام كل من لم يعتقد برأيهم،فإما أن تكون معهم،أو أن تكون ضدهم،فلا تلقي بمصائب السلفية على الشيعة يا دكتور.
أما الوحدة الإسلامية التي زعمت أن الشيعة لا يؤمنون بها،فلعلك لم تنم جيدا الليلة التي سبقت كتابتك هذه،فأثّر ذلك سلبا على فكرتك وقلمك، أو لعلك تعيش بقدميك فقط على الأرض وبقية جسمك في السماوات العلا فلا تصلك المعلومات ولا الأحداث ولا الوقائع.
التاريخ استودع في باطنه ليس إيمان كبراء واعيان الشيعة بالوحدة الإسلامية فقط،بل سجل أيضا أعمالهم ومساعيهم من أجل تحقيق بتلك الغاية العظيمة،وإرساء حالة جديدة من التآخي والوفاق،إيمانا منهم بأن الذئاب تأكل من الغنم القاصية،وأن يد الله مع الجماعة(الحقيقية).
ولئن بخل التاريخ الغابر في نقل مساعي الشيعة من أجل تحقيق هذا المطمح،فلم يفصح إلا عن جماعة (إخوان الصفا وخلاّن الوفا) الذين عرف مذهبهم الشيعي،وبقيت شخصياتهم مجهولة،نظرا للظرف السياسي الحرج الذي استوجب بقاء تلك الأسماء الهامة في الخفاء وطي الكتمان.
أما في العصر الحديث،فلا أخالك نسيت السيد جمال الدين الاسدآبادي الشهير بالأفغاني، والذي أعطى للأمة الإسلامية من خلال مساعيه وتنقلاته وكتاباته،روحا جديدة كلها عزم على تحقيق الوحدة،واستبشار وحث على بذل الجهود من أجل ذلك المطلب الهام.
ذلك الأساس الذي أسسه السيد جمال الدين الأفغاني،ثم جاء من بعده من علماء الشيعة،وعلى رأسهم الشيخ محمد تقي القميّ وعبد الحسين شرف الدين الموسوي،ليؤسسوا جماعة التقريب بين المذاهب الإسلامية،والتي أثمرت عن تقارب علمائي كبير بين شيوخ الأزهر الشريف وعلماء النجف وقم،توّجه الشيخ محمود شلتوت بفتواه الشهيرة،في اعتبار المذهب الشيعي الاثني عشري مذهبا إسلاميا خامسا،لا فرق بينه وبين بقية المذاهب الأربعة.
لم تقف جهود علماء الشيعة عند ذلك الحد،فجاء الإمام الخميني رضوان الله تعالى عليه،ليواصل البناء التوحيدي من حيث توقف أسلافه،فنادى منذ بداية انتصار الثورة الإسلامية،المسلمين إلى وحدة الكلمة والصف،ودعا إلى البراءة من المشركين(أمريكا، إسرائيل،الاتحاد السوفييتي سابقا)،وصحح عددا من المفاهيم التي كانت سائدة لدى المسلمين،لعل أهمها إعادة الإسلام إلى حظيرة العمل السياسي بعد قرون الفصل التي اعترت منظومته.
والإمام الخميني،ولا أراك متذكرا مشروعه،في تحرير القدس الشريف بجيش العشرين مليون،وهو الذي سفكت دماء حجاجه في مكة وحول الحرم بغير جريرة ارتكبوها،سوى محاولة توعية المسلمين،وحثهم على تحرير القدس،وذلك في حج سنة 1407 هجرية وفي اليوم الذي خصص للبراءة من المشركين في مكة،فقتل في ذلك اليوم أكثر من 400 نفس.
فانتهكت حرمات الحجاج الأبرياء العزل، وانتهكت حرمة الشهر الحرام والبلد الآمن إرضاء لأعداء الأمة.
وسجل الإمام الخميني حافل بالمواقف المهمة في حياة الأمة الإسلامية،فعلى سبيل الذكر جاء بقلم الشيخ محمد الالوسي:
كان للإمام الخميني موقف مشرف في الاستجابة للشيخ سعيد شعبان أمير حركة التوحيد الإسلامي(سنة) في لبنان عندما حوصر في طرابلس من بعض القوى اليسارية،إذ أرسل المذكور برقية إلى كثير من حكام العرب والمسلمين يطلب منهم إنقاذه مما يتعرض له وأتباعه من عملية إبادة، فلم يتلق منهم جواباً باستثناء السيد الخميني الذي أرسل السيد علي الخامنئي وكان رئيساً للجمهورية على رأس قوة من حرس الثورة فدخلوا لبنان بأسلحتهم واخترقوا الحصار وأنقذوا الشيخ المحاصر وجماعته من هلاك كانوا يتعرضون له.
وهذا هو الرابط الذي أخذت منه النص:
http://www.alwihdah.com/view.php?cat=4&id=23
وهذا الرابط لمن يريد أن يطلع أكثر على الوحدة الإسلامية وهمومها من منظور الجمهورية الاسمية في إيران والمشاركين في مؤتمرات الوحدة الإسلامية التي تقام كل عام ما بين 12 و17 ربيع الأول تاريخي ولادة النبي صلى الله عليه وآله عند الفريقين:
http://www.taghrib.org/arabic/nashat/maidania/dowal/eqame/index1.htm
واليوم ولا أراك تبصر،فإن الجمهورية الإسلامية في إيران وعلى رأسها ولي الفقيه،لا تزال مادة أيديها،وفاتحة ذراعيها،لتحضن كل نفس تريد الخير للإسلام والمسلمين،بقطع النظر عن انتمائها المذهبي،طبقا لوصية الإمام الخميني طيب الله ثراه،ولولا إيران لانتهت مقاومة المسلمين للكيان الغاصب للقدس،وهي الآن السند الوحيد لإخوانهم في سوريا، وإخوانهم في جنوب لبنان،وإخوانهم في حماس والجهاد الإسلامي في داخل فلسطين المحتلة،وهذه نعم لا ينكرها إلا السفيه واللئيم،فمن أين جئت بزعمك أن الشيعة (لا يرون للصفة الإسلامية قيمة حقيقية تذكر)؟
قال الدكتور هشام بن علي:
يرون أن الإسلام لا يدخل صاحبه الجنة، ومن دون الإيمان بالأئمة الإثني عشر، فإن المسلم لا يشم ريح الجنة ولو عبد الله الدهر كله
الإمامة عند المسلمين الشيعة هي أصل من أصول مذهبهم،وهي الأصل الرابع من الأصول الخمسة التي تشكل العقيدة الكاملة لهم،وهي كما صرح به أغلب علمائهم ليست أصلا من أصول بقية الفرق لأنها ببساطة لم تلتزم بها، فكيف نحمل تلك الفرق شيئا ليس معدودا من أصول دينها.
وهم يرون تبعا لذلك،وخضوعا للنصوص القرآنية كآية:يوم ندعو كل أناس بإمامهم.
والنبوية التي أخرجها حتى مخالفوهم ويقول فيها صلى الله عليه وآله:سيكون عليكم اثنا عشر خليفة من بعدي.(أخرج الحديث جميع الحفاظ بلا استثناء)
ولئن تعبد المسلمون الشيعة بموالاة وإتباع وطاعة الأئمة الاثني عشر،أولهم الإمام علي بن أبي طالب وآخرهم الإمام المهدي المنتظر عليهم السلام،فان المخالفين للشيعة لم يهتدوا إلى الصفوة الطاهرة،التي لم تخل منها رسالة من الرسالات السماوية السابقة.
وتعظيما لنعمة الهداية، وحثّا على العمل بها قال النبي صلى الله عليه وآله:من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية.
وهي نصوص يشترك فيها الشيعة مع إخوانهم من بقية المذاهب،كما في الحديث الذي أخرجه أرباب الصحاح:من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية.
وأنت يا دكتورنا،هل تسمح لي بأن أسالك وتجيبني بصدق،وقد صح الحديث عندك إن كنت متدينا طبعا: هل في عنقك بيعة؟إن كان نعم فلمن؟ لأنها لا تحتاج إلى الإخفاء؟ وان كان نفيا فانظر إلى حالك ومآلك.
لم أجد في مسيرتي على درب التشيع،والتي بلغت من العمر الآن 26 سنة كتابا شيعيا واحدا يخص الشيعة بدخول الجنة ويقصي غيرهم،صحيح أن الشيعة يؤمنون -باعتبار أنهم على المهج القويم للإسلام المحمدي الأصيل الذي لم يخالطه دس وتشويه- بان صالحيهم يخلون الجنة من أبوابها السبعة والباب الثامن لبقية المسلمين.
إن كل من يكابر ويعاند ويجحد مسالة من المسائل الإسلامية بعد استنفاد حجته وقيام الدليل عليه طبيعي جدا أن يكون مصيره إلى النار،وفي هذا الإطار فإنني لست بصدد تحديد شخص أو فئة أو مذهب،لأن المسالة تتجاوزني وليست من تكليفي،وان شئت أن تخوض فيها أنت فدونك والرّحل.
قال الدكتور هشام بن علي:
ويأتي الإعتراض أيضا على الإخوة التونسيين المتشيعين الذين يحاولون تضليل مواطنيهم بشأن حقيقة المذهب وقيامه على مشاعر الحقد والثأر والكراهية، فهذا هو المذهب الديني الوحيد تقريبا القائم على الثأر لمحمد وآل محمد صلى الله عليه وسلم، والبشر المطلوب أخذ الثأر
منهم هم المسلمون السنة جيلا بعد جيل
غفر الله لك يا رجل،لم كل هذا التحامل؟ما الذي يدور بخلدك؟ وماذا تريد تحديدا؟
الأحقاد والكراهية زرعها أعداء آل محمد عليه السلام،واكتووا بها مع شيعتهم دهرا طويلا ولا يزلون،منذ أن استولى معاوية الطليق على الحكم الإسلامي،ومرورا بالعصر العباسي،والمماليك،والعثماني،حقب رأى فيها المسلمون الشيعة الويلات،ولولا رحمة الله ومنته،وتحصن الشيعة في تلك الأزمنة بالفرار واستعمال التقية لما بقيت منهم باقية اليوم.
ترى حسب رأيك أين تستوطن الكراهية والأحقاد،أفي القاتل أم المقتول،أفي المطارد الذي يحاول النجاة بروحه، أم في المتتبع له قاصدا قتله،أفي الفار بعقيدته من سلاطين البغي والظلم،أم الذي يعيش على هوى سلطانه،ويرفض تعايش الأفكار الأخرى؟
وأنا الذي كنت سابقا أتعبد على خلاف الشيعة في المذهب المالكي،لم أجد ريح البغضاء والكراهية والحقد في الإسلام الشيعي الاثني عشري،لا في معتقداته ولا في كتبه القديمة ولا الحديثة،ولو وجدت شيئا من ذلك الادعاء السمج،لما استوطنت في ربوعه لحظة واحدة.فمن أين جئت بهذا يا دكتور؟
وحالك في هذا المقال حال من أخذ معولا ليهدم بيته وهو بداخله،فهلا خرجت منه أولا حتى تهدمه؟
نعم أنا اكره والشيعة كذلك أعداء الله فالشيطان لم يعد شيئا مغيبا غير واضح،لأن له أولياء من الإنس،ومن سلك مسلكهم فهو مستحق للبغض والكره والحرب،وأنظمة الظلم والجبروت والطغيان،واستضعاف المسلمين والإنسانية بصفة عامة،يندرجون في إطار المعاداة والحرب بلا فصل.
أما أن تحاول تصريف البغض والكره والعداء إلى بقية المسلمين،فأراك قد تهت وابتعدت عن العقلانية التي تحاول جاهدا أن تتمسك بأذيالها.
آلاف الجرائم التي ارتكبت على شيعة العراق العزل،وعدد الضحايا تجاوز مئات الآلاف، لكن مرجع العراق الكبير السيد علي الحسيني السيستاني،أمر الشيعة بالتحلي بأعلى درجات الصبر،وبمواقفه الحكيمة جنب العراق ما كان يريده أعداءه من الوقوع في فتنة طائفية تأكل الأخضر واليابس.
واثبت الشيعة أنهم على درجة كبيرة من الوعي فلم ينساقوا إلى رد العنف بالعنف،ولا القتل بالقتل،رغم أنهم الأقدر على ذلك.
وإن أحلتك على شخصيات وعلماء وعظماء الشيعة عبر التاريخ الإسلامي الطويل،والذين لم ينقطع رتلهم ولا شحّت مواردهم وإفاضاتهم على الشيعة،فالذين أسسوا قواعد العربية من نحو وصرف وعروض شيعة،والذين وضعوا قواعد التفسير شيعة،والذين ارسوا مدرسة الفقه الأولى شيعة،والذين تبحروا في الكيمياء والجبر وثبتوا أسسهما،شيعة،والذين تفوقوا في الفلسفة والطب شيعة،والذين تربعوا على عرش اللغة العربية من بلغاء وفصحاء وشعراء هم شيعة أيضا،فهل تريد أن أسرد عليك أسماءهم ومن نص على تشيعهم لأهل البيت عليه السلام ؟
قال الدكتور هشام بن علي:
ومن المؤلم إن الإخوة التونسيين المتشيعين يخفون على عموم المسلمين التونسيين ما يلي:
أهل المذهب الشيعي الإمامي الإثني عشري وعلماؤه الكبار يكرهون الخلفاء الراشدين إلا عليا، رضي الله عن جميع الخلفاء الراشدين وأرضاهم.
- ويكرهون الفاتحين المسلمين الذين جاؤوا بأنوار الإسلام لتونس.
-ويكرهون طارق بن زياد ومويى بن نصير وعقبة بن نافع.
-ويكرهون الإمام مالك وإخوانه الشافعي وأبا حنيفة وابن حنبل.
- وهم يدينون الله بكراهية صلاح الدين الأيوبي وعبد الرحمان بن خلدون.
وهم متعاطفون مع فرق الموت في العراق، موالون للسياسة الإيرانية في كل مكان، حتى وإن كانت ظاهرة في عداوتها للمصالح العربية الأساسية.
ما تقوله هنا ليس صحيحا،بالمعنى الذي تريد غرسه في عقول القراء.
وعلى اعتبار أن المسلمين الشيعة يلتزمون عادة بالنصوص سواء كانت شرعية أم تاريخية،فإننا لا نقول إلا ما أخبر به التاريخ عن هؤلاء،فالطبري وابن الأثير والسيوطي وابن عبد البر وابن حجر وغيرهم من حفاظ خط (السنة)،ومع ذلك فإنهم قد أخرجوا روايات تحدثت عن تجاوزات قام بها الخلفاء الثلاثة الأوائل،لا تجعلنا نستحسنها منهم،ذلك فضلا عن كون علي عليه السلام كان قد رفض الخلافة،لما عرضها عليه عبد الرحمان بن عوف شريطة إتباع سيرة أبي بكر وعمر،وعلي يا دكتور تعرف جيدا أنه مع القرآن والقرآن معه،وأنه مع الحق والحق معه كما في الحديثين،لو كان يعرف أن سيرة الشيخين مطابقة لسيرة النبي صلى الله عليه وآله لما كان رفض العرض،وتقواه منعته من أن يتسلم القيادة ولا يلتزم بعدها بالشرط الخبيث الذي وضعه صهر عثمان بن عفان لتؤول الخلافة بعد ذلك إلى صهره.
وكيف يلتزم علي عليه السلام بسيرة من سبقه وهو الذي كان يصلح ما أمكنه الإصلاح في أحكامهما، وتلك أقوال عمر مدونة في كتبك طافحة بالحقيقة( لا أبقاني الله لمعضلة ليس لها أبا الحسن)و(لولا علي لهلك عمر)و(لولاك لافتضحنا)
من هنا افترق علي عليه السلام عن بقية الخلفاء،ولم يعد هناك بالنسبة له مجال لإتباع غير القرآن دستورا للأمة الإسلامية وسنة النبي صلى الله عليه وآله تفسيرا لذلك الدستور.
أما قولك بان الخلفاء هم راشدون،فمن سماهم خلفاء؟ تقولون إن النبي صلى الله عليه وآله لم يستخلف،ثم تنسبونهم خلفاءه ،وتصفونهم بالرشد والهدى وليس فيهم إلا عليا عليه السلام راشدا ومهديا،مثل المرجعية الدينية رغم أنوف الحاقدين،فرجع إليه كبير القوم وصغيره،مقرين بفضله وتقدمه عليهم جميعا،ولله در الخليل بن أحمد عندما سئل عن الدليل على إمامة علي عليه السلام فقال:استغناؤه عن الكل،واحتياج الكل إليه دليل على إمامته.
أما نسبتك كره الشيعة للفاتحين الذين جاؤوا حسب زعمك بأنوار الدين الإسلامي،فلم أعثر منذ مسيرتي في التشيع على دليل واحد يثبت هذا الادعاء الباطل.
وحتى يكون القارئ على بينة،فانه يجب أن نفرق بين الغزو الذي وقع على افريقية،وبين الفتح الإسلامي الذي جاء بأنوار الإسلام فعلا.
كتبت سابقا بسطة وجيزة عن تاريخ دخول الإسلام إلى افريقية فاصطدمت بحقيقة كان يجب أن يعرفها المسلمون،وتعلقت بالشخصيات التي أرسلت لقيادة الجيوش الغازية لهذه المناطق،لأنه ليس من المعقول أن نسلم بما قاله العلامة عبد الرحمان ابن خلدون،دون أن نلتفت إلى حقيقة هؤلاء الغزاة،وحتى تتوضح بعض الحقائق التي أخفيت أوضح ما يلي بخصوص هؤلاء الفاتحين:
في حدود سنة 27 هجرية/647 ميلادية،بدأ الفتح العربي للشمال الإفريقي وكانت أول الغزوات هي غزوة عبد الله بن أبي سرح ، وقصة هذا الرجل معروفة ومثبتة في كتب السيرة التاريخ ، فقد اسلم قبل فتح مكة ثم ما لبث أن ارتد ، وفر إلى مشركي مكة. يقول زيني دحلان الشافعي: أسلم ثم ارتد ولحق بمكة وصار يتكلم بكلام قبيح في حق النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فأهدر دمه وعلم الرجل بذلك فلما كان يوم الفتح لجأ إلى عثمان بن عفان وكان أخاه من الرضاع ، فقال : يا أخي استأمن لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، قبل أن يضرب عنقي، فغيبه عثمان.. حتى هدأ الناس واطمأنوا، ثم أتى به إليه صلى الله عليه وآله وسلم، وصار يقول عثمان: يا رسول الله أمنته فبايعه.والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يعرض عنه مرارا ثم قال: نعم فبسط يده فبايعه ، فلما خرج عثمان وعبد الله قال صلى الله عليه وآله لمن حوله أعرضت عنه مرارا ليقوم إليه بعضكم فيضرب عنقه.
تلك حقيقة (الفاتح) الذي أمده عثمان بن عفان بجيش فيه بسر بن أرطأة، ذلك الرجل الوحش الذي استباح مدينة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثلاثة أيام ،قتل فيها من قتل من الصحابة وذراريهم ، وانتهكت فيه المحارم ،من اغتصاب العذارى والنساء المحصنات، ونهب الممتلكات،ولما ولي أمر المسلمين معاوية بن أبي سفيان ، ولى معاوية بن حديج (الذي ظفر بمحمد بن أبي بكر عامل الإمام علي عليه السلام على مصر، فأمر به فوضع في جوف جيفة حمار ومازال به رمق وأحرق ) على مصر، فبعث سنة 50 هجرية عقبة بن نافع إلى إفريقية ، فوجه عقبة بسر بن أرطأة إلى قلعة من القيروان، فاقتحمها وقتل وسبى وخرب معالمها، وقتل معظم سكانها ونهب أموالهم وأخذ أطفالهم وبناتهم .
ولئن أنحى مؤرخ تونس الكبير باللائمة على البربر،في صعوبة تقبلهم للدين الجديد، واصفا ثوراتهم على الغزاة،ومقاومتهم لهم ارتدادا عن الدين،ومقررا أن البربر ارتدوا أكثر من اثني عشر مرة،وخلال سبعين سنة.
ولم يلتفت إلى طبيعة الغزاة القاسية،وهدفهم من الغزو،والذي انحصر في أعمال السلب والنهب وجمع الأموال،وإرسالها إلى دار الخلافة.
وبنظرة بسيطة إلى أولئك القادة،نقف على المعاناة التي لقيها البربر من هؤلاء الغلاظ الشداد،الذين لم تعرف الرحمة طريقا إلى قلوبهم،فنعذر البربر على مواقفهم،ولا نقول ما قاله العلامة ابن خلدون من أنهم ارتدوا عن الدين الإسلامي،بل نقول إنهم قاوموا أعمال السلب والنهب والقتل،والمنتسبون للدين الذين يستقبلون الناس بذلك الوجه حريّ بهم أن يقاوموا.
أما ادعاءك الكره لبقية الفاتحين،فإنني أهمس في أذنك أن موسى بن نصير شيعي اثني عشري،ولم يعزله سليمان بن عبد الملك إلا عندما جاءه الوشاة بأخباره،فأهانه وقسى عليه، وتركه في الشمس الحارقة فترة طويلة إلى أن خر مغشيا عليه،ولم يفلح موسى منذ تلك الحادثة فمات في السنة الموالية.
أما أصحاب المذاهب الأربعة فما الداعي إلى كراهيتهم؟ وهم الذين كانوا ينهون العامة عن تقليدهم،ولم يفرض تقليد هؤلاء بالسلطان والغلبة،إلا بعد وفتهم بزمن طويل.
فقد نقل الخطيب البغدادي وهو سني عن مالك قوله:فتنة أبي حنيفة أخطر على هذه الأمة من فتنة إبليس.انظر تاريخ بغدادج13ص369
وأخرج ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله، انه طعن في نسب مالك بن انس(مع العلم أنه لا علاقة بين أنس الصحابي الأنصاري وبين مالك هذا)فقال:إن مالكا لم يولد من حلال. وقد تأخرت ولادته بعد موت أبيه، حسب الروايتين، ما بين 3 و5 سنوات.
وقال الحافظ يحي بن معين عالم الجرح والتعديل السني أيضا: إن محمد بن إدريس الشافعي ليس موثوقا فكيف يكون إماما.
وقال الزمخشري حاكيا حال تلك الفرق والمذاهب:
إذا سألوا عن مذهبي لم أبح به واكتمه كتمانه لي اسلم
فان حنفيا قلت قالوا بأنني أبيح الطلا وهو الشراب المحرم
وان مالكيا قلت قالوا بأنني أبيح لهم أكل الكلاب وهم هم
وان شافعيا قلت قالوا بأنني أبيح نكاح البنت والبنت تحرم
وان حنبليا قلت قالوا بأنني ثقيل حلولي بغيض مجسم تفسير الكشاف ج4ص315
هذا حال العلماء فيما بينهم تناحر وتنافس على التقرب من السلطان،وتفسيق وتكفير،أما حال عامتهم في تلك العصور فأعظم وأدهى وأمر.
فكيف تتهم الشيعة بكره الفقهاء الأربعة يا دكتور، ولو عدت إلى مدونات الأحداث التي ذكرت طرفا وجيزا منها وهي مصادر سنية، لأخرجت كتابا مستقلا عن تلك المآسي.
لكن لماذا لم تذكر الفقهاء الأربعة بالترتيب،فأبو حنيفة أول هؤلاء ثم مالك ثم الشافعي ثم أحمد بن حنبل؟
أما صلاح الدين الأيوبي فقد كان كرديا متشيعا للفاطميين خادما لهم إلى أن مات عمه وكان قائدا لجيشهم،فاستخلفوه مكان عمه،لكنه عوض أن يشكر النعمة،انقلب على أولي نعمته،وليته وقف عند ذلك الحد،فقد سجل عليه التاريخ فضائع لا تصدر عن صاحب أصل وخلق،وإذا كان للفاطميين ذنب عنده،وهم أولي نعمته فما ذنب آلاف الكتب الإسلامية حتى تحرق؟ وما ذنب الناس حتى يخضعهم إلى فتنة طار صيتها في الآفاق،فقد صار القتل شائعا بمجرد الإجابة على سؤال يطرحه جند الأيوبي على من يعترض طريقهم: من خالك؟ فان قال معاوية فقد نجا،وان قال غير ذلك فانه يقتل.
والذي استغربه من الدكتور إقحامه للعلامة عبد الرحمان بن خلدون في قائمة المكروهين لدى الشيعة(ولم يحدد هنا إن كان هذا الكره يشمل جميع الشيعة أم هو خاص بشيعة تونس فقط)فلماذا يكره الشيعة هذا الرجل يا دكتور؟ وأين وجدت ذلك.
أما قولك(وهم متعاطفون مع فرق الموت في العراق)فلا أعتقد أن أحدا منصفا سيصدقك على هذه الفرية،مسكينة تلك الدكتوراه التي تحملها،إذا كنت قد جلت البلاد،أو دخلت في قلوب العباد،أو خرجت لتوّك من سوق المزاد،فاخبرنا حتى نتحقق،لا أقول لك اتق الله فتقوى الله سبحانه وتعالى ليست متاحة إلا لمن عرف المولى حق معرفته،وخافه في السر قبل العلن، ولم يرم مسلما بتهمة حتى يتبين.
كان الله في عون شيعة العراق،لم يسلموا في شارع،ولا في حسينية،ولا في مقام،ولا في سوق،ولا في مسجد،ولا في مدرسة،ولا في جامعة،ولا حتى في بيوتهم،ولم تسلم المعالم، ولا الأحجار،ولا الأشجار،ولا المياه،ولا حتى الحيوانات،فكل شيء منسوب إلى الشيعة يجب أن يباد.
كان الشيعة والسنة يتعايشون في العراق،والفضل هنا ليس لنظام صدام،بل إن التعايش كان قديما قدم تواجد الفرق الإسلامية منذ أن أدركت ووعى أفرادها،فتمتّنت بينهم أواصر القربى من مصاهرة ونحوها،ولم ينفرط ذلك العقد إلا بعد أن دخلت القوات الأمريكية والبريطانية الغازيتين إلى بلاد الرافدين،فاستغل السلفية وتنظيم القاعدة الفوضى التي حصلت بانهيار النظام البعثي الصدامي،فدخلا العراق بدعم من دول الجوار،إمعانا في عدم استقراره،وتمكينا للمحتل أن يبرر بقاءه.
إثارة الفتن في العراق أفصح عنها حكام السعودية والأردن ومصر،بما وصفوه بخطر الهلال الشيعي على المنطقة،فرأوا أن يضع كل يده على العراق من أجل أن لا تقوم للشيعة فيه قائمة،وان نجحت إيران في اجتياز كل مخططات الغرب وعملائه،وإقامة دولة إسلامية ذات بناء فقهي شيعي اثني عشري،فان العراق ذات الأغلبية الشيعية يجب أن لا تنجح في النسج على منوال الجمهورية الإسلامية في إيران،وإلا فإنها الطامة الكبرى على عدد من الدول التي تستوطنها أغلبية شيعية كالبحرين والمنطقة الشرقية في الحجاز، وهي في نظري حملة إبادة منظمة ستكشف الأيام القادمة سوءة مرتكبيها وتعريهم لأن التاريخ لا يرحم.
والى كل الذين أدخلت في عقولهم فرق الموت نقول لهم:لماذا لم تنكشف هذه الفرق وهي بلسان الجمع؟ وطالما أنهم بهذه الكثرة فلماذا لم يخلصوا بسرعة من أهل السنة وهم قلة؟
ثم لماذا لا نرى القتل فاشيا إلا في الشيعة بالأحزمة الناسفة والسيارات المفخخة؟
وإذا نسبتم إلى الشيعة فرق الموت،فبماذا ستسمون هؤلاء القتلة المحترفين؟(فرق ملك الموت مثلا)
أعمال القتل في الشيعة عادة درج عليها الظالمون،والمجازر المرتكبة بحق الشيعة في كل مكان،جرائم يندى لها جبين الحر الأبي،والانتهاكات والفظائع التي مورست ضدهم، تقشعر منها أنفس الذين يعيشون إنسانيتهم الحقيقية،فلا تلق بالهمة على غيرك وأنت لا تملك الدليل، وبين ظهرانيك من يرى قتل الشيعة حلالا بناء على فتاوى علماء السعودية وباكستان من وهابية،وسلفية،وتنظيم القاعدة،وتكفير وهجرة،وجيش وفرسان الصحابة، وجند الشام،وفتح الإسلام..والقائمة تطول( على فكرة كل هؤلاء هم سنة ومن بينهم مالكية من تونس والجزائر والمغرب يا دكتور هشام).
قال الدكتور هشام بن علي:
وهم يحاولون، وإن حسنت نواياهم، إدخال ثقافة الكراهية الدينية لربوع تونس. الدين عندهم ثارات قديمة، وحب آل البيت عندهم شعار
لمعاداة أكثر من مليار مسلم سني، ومآتم شهرية للحزن والتواصي بالثار والانتقام.
وعندهم أن من ملأ قلبه بهذه المشاعر العجيبة، التي يسمونها تدليسا بالولاء لأهل البيت، يدخل الجنة وإن كان فاسقا.
إن إحياء مراسم العزاء الحسيني في محرم الحرام من كل سنة،وإحياء وبقية المراسم التي تعلقت بالأئمة الأطهار من أهل البيت عليهم السلام،هي شعائر إسلامية يريد منها الشيعة:
تحقيق شعيرة مودة القربى التي فرضها الله تعالى في كتابه العزيز، فقال جل من قائل:" قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى."
وقد أجمع المفسرون على أن الآية خاصة في أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله،فعندما نزلت الآية،وتلاها النبي صلى الله عليه وآله وعلي من حضر،قالوا له:من الذين وجبت مودتنا لهم يا رسول الله؟ فقال:علي وفاطمة وأبناءهما.
ومحبة أهل البيت عليهم السلام باعتبارها منسكا تعبديا تستوجب علينا أن نفرح لفرحهم ونحزن لحزنهم،ثم كيف لا نحزن مثلا على سيد شباب أهل الجنة عليه السلام، كيف قضى على شاطئ الفرات،عطشانا مقتولا ومذبوحا ومجزوز الرأس مع أهل بيته عليهم السلام،وخيرة أصحابه رضوان الله تعالى عليهم؟
وللدكتور هشام نقول هل تعتقد أن إظهار تلك المراسم يعتبر عداء وبغضا وكراهية؟
نحن كمسلمين شيعة نتأسى برسول الله صلى الله عليه وآله ،فهو قدوتنا الأولى ومن بعده يأتي علي عليه السلام امتثالا لأمره فيه،ثم يأتي ذريته إماما بعد إمام،وعالما بعد عالم، وفاضلا بعد فاضل.
إن أول من بكى على الإمام الحسين جده النبي الأعظم صلى الله عليه وآله ،حين أطلعه جبريل عليه السلام بأن الأمة ستقتله في أرض الطفّ،وكان بكاؤه شديدا إلى درجة أفزعت من كان حاضرا،وكان كلما شاهد ابنه الحسين تذكر مصيبته ومحنته القادمة بكى.
وقد حث النبي صلى الله عليه وآله على حب الإمام الحسين في أكثر من حديث، منه قوله: من أحب هاذين(مشيرا إلى الحسن والحسين) وأباهما وأمهما كان معي في درجتي يوم القيامة.
وإعلان الحزن والبكاء على الحسين عليه السلام،هي إظهار لمظلوميته في الأمة،وتبعا لها مظلومية كل مظلوم،يتعرض للاعتداء من أي ظالم.
وهو تعبير عن الإنسانية المستضعفة،التي تعيش المآسي والمحن والاعتداءات،التي تتكرر كل يوم هنا وهناك،وهي جوهر وروح المعاني الإنسانية الرفيعة،وقد أجاد أبو القاسم الشابي عندما قال:
عش بالشعور وللشعور فإنما دنياك كون عواطف وشعور
شيدت على العطف العميق وإنها لتجف لو شيدت على التفكير
كان عليك إذا كنت عارفا أن لا تتعجل فتؤخر الدليل على التهمة،كأني بك كنت تشتغل في العهد السابق محققا مجهزا للتهم قبل سماع المتهم،أو بعد اليأس من اعترافه.
والتشيع يا دكتور تأسس على موالاة ومحبة أهل البيت عليهم السلام،والمحبة كما لا أراك تنكر هي من الأساس إتباع.قال تعالى:"إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله."
والذي أسس التشيع يا دكتور هو النبي الأكرم صلى الله عليه وآله ،عندما أعلن في حق علي عليه السلام جملة من الأحاديث،أكدت على أحقيته في إمامة الأمة بعد النبي صلى الله عليه وآله،فحديث المنزلة،وحديث الثقلين،وحديث الدار،وغيرها من أقوال العصمة،التي برهنت على ثبوت أحقية الإمام عليه السلام في منصبه القيادي والسياسي،الذي غصب منه، وكان التتويج في حادثة الغدير،التي أعلن فيها النبي صلى الله عليه وآله ولاية علي عليه السلام،على الأمة قبل وفاته بشهرين تقريبا،فإعلانه أمام 120 ألف حاج قد أتموا مناسك حجهم يوم الثامن عشر من ذي الحجة،بأنه من كان مولاه فعلي مولاه.ثم أمر الناس بتهنئة علي عليه السلام بالولاية،وكان من بين المهنئين الشيخين أبو بكر وعمر،حيث قالا لعلي عليه السلام:بخ بخ لك بابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولاي ومولى كل مؤمن مؤمنة.وهذه الأحاديث والروايات كلها من كتب السنة أنفسهم،لم يتقيدوا بمضامينها، وتقيد بها الشيعة،وهي لعمري حجة تقوي الموقف الشيعي.
بينما تحرم الجنة على الأغلبية الساحقة من المسلمين لأنهم من أهل السنة، وينكرون وجود الإمام الثاني عشر وأنه حي لأكثر من 1200 عام.
اسمح لي بان أقول لك الآن أنت تكذب يا دكتور، والكذب في الدين أمر خطير،أنت الآن نسبت إلى جمهور السنة بأنهم (لأنهم من أهل السنة، وينكرون وجود الإمام الثاني عشر) والإمام المهدي المنتظر يقر به السنة أيضا ولهم بخصوصه في كتبهم عشرات الأحاديث الصحيحة.
فقد أخرج عدد كبير من حفاظ المخالفين للشيعة عن النبي صلى الله عليه وآله قوله: لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلا من أهل بيتي بواطئ اسمه اسمي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.
سنن أبو داود كتاب المهدي ح3733 و3736/سنن ابن ماجة كتاب الفتن ح4072 مسند أحمد
أحاديث8758/10780/10791/10887/10898/11061/11238/ 13866 كتاب باقي
مسند المكثرين.(على سبيل الإيجاز)
وألف من ألف منهم كتبا مستقلة عن المهدي عليه السلام وأحواله،وما جاء بشأنه(وان شئت ذكرت لك تلك الكتب ومن ألفها من علماء السنة، ولكن طلبا للاختصار فإنني اعرض عن ذلك) فلماذا تخفي هذه الحقيقة إن كنت تعلمها وتحاول التنصل منها؟ وأسلافك من علماء مذهبك مقرّون بها معتقدون بخروج صاحبها،اعتقادا لا يمكن أن يزحزحه شيء،لأن الظهور الكامل والكلي للإسلام لا يكون إلا عن طريق قائد فذ ملهم،في مقدوره أن يقدم الحلول الناجعة للإشكالات القديمة والحديثة التي تخص البشرية جمعاء.
أما إذا كنت لا تعلم بأن أهلك وأصحاب مذاهبك يؤمنون بالمهدي المنتظر،فاني أراك فاقدا لشيء متسالم عليه،وفاقد الشيء لا يعطيه، فلا تقتحم حصون سادة الإسلام وأنت تفتقد الملجأ.
قال الدكتور هشام بن علي:
إن كان التونسيون الذين تشيعوا لم يسمعوا بهذه الآراء الأساسية لدى علماء مذهبهم الجديد فإن المصيبة كبيرة،لأننا نستنتج أنه تم استغفالهم بالعواطف والشعارات الثورية لإيران وحزب الله، أو المغريات المادية، أو بالمتعة وما شابهها.
وإن كانوا يعلمونها ويخفونها عن بقية التونسيين تقية، فإن من حقنا عليهم، بما يجمعنا وإياهم من رابطة الوطنية والرحم، أن نطلب منهم الصدق والشفافية وعدم ممارسة التقية معنا.
إذا كنت تبحث عن أصحاب الآذان الطويلة فليس التشيع لأهل البيت إسطبلا،ولا الشيعة حميرا،فابحث لك عن وجهة أخرى تجد فيها ضالتك.
والتي أطلقت عليها آراء أساسية لدى الشيعة،ليست سوى وهم سيطر عليك كما سيطر على من سبقك في ميدان التهجم الغير شريف ولا نزيه على المسلمين الشيعة.
التشيع عقيدة بنيت على أساس النصوص صحيحة وصريحة بإمامة علي عليه السلام،وتثبتت معالمها بما أفاض به الأئمة الأطهار من علوم على الأمة،أولئك حقيقة هم من بث أنوار الإسلام والهداية مشرقا ومغربا وليست الخيول السيوف والرماح،ومالك بن انس أحد المنتفعين بذلك الفيض،ولا يخفى عليك أن أستاذه كان جعفر بن محمد الصادق سادس أئمة أهل البيت عليهم السلام.
وعقيدة التشيع التي هي موالاة أئمة الهدى من أهل بيت المصطفى، نسيج واحد أصولا وفروعا، منذ أن تسلم علي عليه السلام الإمامة من أخيه النبي الأعظم صلى الله عليه وآله إلى الإمام الثاني عشر عجل الله تعالى ظهوره،ومنذ أن اغتيل سيد الأئمة عليه السلام، وهو يشق طريقه في إطار من الضيق والتضييق، لأن الأنظمة التي عاصرته كانت متيقنة بان هؤلاء على الحق وان تركهم يعملون بحيرة، من شانه أن يشكل خطرا عليهم، فحاربوه حربا لا هوادة فيها.
لقد صمد التشيع بمقاومة الشيعة لأعتى حملات الإبادة والتشويه،بإمكاناتهم الخاصة،فلم يركنوا لظالم أبدا على مر التاريخ،ولم يسجل التاريخ لأئمتهم زلة تخرجهم عن مقامهم الرفيع العالي،وأرى نفسي ملزما بأن أوضح التالي:
لم تقوى شوكة مالك بن أنس ولا صعدت أسهمه إلا بعد أن قربه المنصور،وأحله في قصر الخلافة محل الإفتاء بعد أن أمره بكتابة فقه بواطئ عليه الناس،فكتب الموطأ،في محاولة من المنصور جذب الناس إلى سلطانه،فاقترب مالك من العباسيين،وهو يعلم قول النبي صلى الله عليه وآله:إذا رأيتم الفقهاء على أبواب السلاطين فاتهموهم.
بينما حاول المنصور استمالة الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام فلم يفلح،وقد أرسل إليه رسولا ذات يوم بكتاب يقول له فيه:لم لا تغشانا كما يغشانا الناس؟
فرد عليه الإمام عليه السلام:ليس لنا من الدنيا ما نخافكم عليه،وليس لنا من الآخرة ما نرجوكم منه، فلم نغشاكم؟ عليه السلام
غضب المنصور غضبا شديدا،لكنه تحامل ورد قائلا:تصحبنا لتنصحنا.
فرد عليه الإمام عليه السلام:من كان يريد الدنيا فلا ينصحكم،ومن كان يريد الآخرة فلا يصحبكم.
فبرأيك الآن وقد علمت، أيهما نتبع من ذاع صيته حتى اجتمع في مسجد جده أكثر 800 عالم ومحدث يقول حدثني جعفر بن محمد الصادق،ومالك من بينهم،أستاذ هؤلاء المشيخة، وصاحب الحسب الرفيع والعلم الغزير، الذي شهد عليه القصي والداني بتفرده عن أهل عصره وأقرانه،الذي لم يدخل في ما دخل فيه السلطان،ولا اقترب من بلاطه، امتثالا لأمر الله وقربة وزلفة له،أم نتبع من هب ودب؟
هكذا كانت سيرة الأئمة الهداة،وعلى ذلك الشكل استمرت معارضتهم وتجنبهم للسلط التي تعمل بالهوى،وتتخذ من كتاب الله ودينه غطاء لم يستر كامل عورتها،واستمروا وشيعتهم على تلك الوتيرة رغم التضحيات الجسام التي قدموها عبر التاريخ.
أما ادعاءك بان المتشيعين يستغفلون بالشعارات الثورية والمغريات المادية،فهو مزايدة منك على التشيع،لا تملك دليلا واحدا على صحتها،أنت الذي تدعي صحة كل حرف منها،فهات دليلك إن كنت صادقا.
قال الدكتور هشام بن علي:
إن الذين يرعون البذرة الشيعية في تونس، حتى وإن كانت نواياهم حسنة وطيبة، فإن النتائج الموضوعية لعملهم تجعلهم من أخطر الخصوم الألداء لتونس، ولما أنعم الله به على أهلها من وحدة دينية ووطنية قوية، ومن فهم سمح معتدل للدين، لا حقد فيه ولا كراهية ولا دعوة للثأر.
والهدف الحقيقي لهؤلاء، رغم كل الكلام المعسول والنوايا الطيبة، هو ضرب هذه الوحدة الوطنية والمذهبية، واستبدال المذهب السني المعتدل برؤية طائفية متشنجة للإسلام، معادية لكل التاريخ الإسلامي، ساعية للثأر منه بكل سبيل.
هؤلاء يخططون لتكون تونس بعد عقدين أو ثلاثة من الزمن مثل لبنان أو العراق، يتنازع أهلها طائفيا، بين الأغلبية السنية وحزب الله التونسي، ويقسم بعض مواطنيها بالولاء الصادق القاطع للولي الفقيه، السيد علي خامنئي، أو السيد علي السيستاني، أو من يقوم مقامهما، ويعتقدون دينيا وشرعيا أن أوامر الولي الفقيه مقدمة على أوامر الحكومة التونسية والقوانين المعمولة بها في البلاد.
أنت هنا ولسان حالك يهذي بهذا الإسفاف توغر صدر السلطة على الشيعة،موهما إياها بأننا(من اخطر الخصوم الألداء لتونس) فمن أين جاء هاجسك؟ومن أين نشا تخوفك؟ ولعلمك فان الشيعة في تونس إلى حد اليوم ليس لهم قيادات يأتمرون بأمرها،ولا تنظيمات ينضوون تحتها،يعيشون بناء على علاقات القربى والصداقة والزمالة والجيرة،ليس لهم هم ولا مطمح سياسي في الوقت الحاضر،فأرنا من فضلك ما تراه فيهم حتى نفهم،وتفضل علينا بإحساسك الفريد،وحاستك التي انفردت بها عن بني قومك وجنسك،لنحق الحق ونبطل الباطل،لأن الدين نصيحة، وان جاوزها فليس هناك غير الفضيحة.
قال الدكتور هشام بن علي:
وغدا إن شاء الله، نقدم لإخوتنا التونسيين الشيعة قبل غيرهم، الأدلة القطعية على صحة كل حرف ورد في هذه المقالة، ليعلموا هم قبل غيرهم، أي نعمة عظيمة من الله بها على شعبهم عندما تبنوا مذهب السماحة والحب والوسطية، المذهب المالكي، ونبذوا مذاهب الكراهية والحقد والثارات التي حاول الفاطميون يوما فرضها عليهم بالقوة ولم يفلحوا.
لم يستفحل أمر المذاهب الأربعة إلا بعد القرون الثلاثة الأولى،فبماذا كان يتعبد الناس قبل فرضها بالسلطان؟
بلا شك فقد كان الناس يرجعون إلى الأئمة الهداة من الأئمة الاثني عشر،وان لم يستنكف الخليفة عمر من الرجوع إلى علي عليه السلام في المعضلات التي لم يجد لها حلا عند غيره،فانه حري بالبقية الباقية من المسلمين أن ينسجوا على منواله فيردون مورد الهدى والصدق.
وكلما جاءت سلطة وضيقت على أهل البيت عليهم السلام،كلما كبر مقامهم لدى الأمة،وعظم محلهم في قلوب المسلمين،وما كتب في شأنهم من إشادة وإطراء كاف للدلالة على أهميتهم ودورهم العظيم في الأمة.
لذلك نقول من الذي أوقف تلك المذاهب وحصرها في أربعة فقط؟ ولماذا بقيت فروعا بلا أصول حتى جاء الأشعري وقال مقالته في الأصول،فنسبت له تلك المذاهب؟
ولماذا نهى أصحاب تلك المذاهب العامة عن تقليدهم؟ أليس تنصلا من تبعات تلك الفتاوى أمام الله؟ وهو دليل على عدم اطمئنانهم ووثوقهم بصحتها.
ولماذا تحولت مذاهب السماحة في عصور قديمة إلى فرق موت،تتناحر فيما بينها،ويكفر مقلدوها بعضهم بعض، ويتمنى بعضهم أن لو كانت عنده السلطة لأخذ الجزية من الآخر.وبلغ الأمر بأتباع تلك المذاهب أن عملوا أربعة محاريب في مسجد واحد يصلي فيه كل فريق على حدة.
ولماذا اختلفوا فيما بينهم في الفروع، وهم ينتسبون للسنة؟ فهل إن السنة متعددة الأوجه، أم هي نسق واحد ووتيرة واحة لا اختلاف فيها؟
فهل ترى بعد هذا كله لهذه المذاهب سماحة وحبا واعتدالا؟
وترى مقابل ذلك أئمة إسلام أهل البيت عليهم السلام المتوافق والمتصل في عدد أئمتهم وأقوالهم وأفعالهم وأصولهم وفروعهم،لا تكاد تجد اختلافا فيما بينهم،مذهب الكراهية والعداء؟
وأنا في انتظار أدلتك،التي أرجو أن لا تكون مثل تهمك،لا ترقى إلى مستوى شهادة الدكتوراه التي قدمت بها نفسك،على أمل أن تتحرى رشدك.
قال الدكتور هشام بن علي:
انتبهوا أيها المستبصرون. بأيديكم مذهب السماحة والحب والإعتدال، فكيف تستبدلونه بمذهب العداء للأغلبية الساحقة من المسلمين قديما وحديثا، وبالمآتم الشهرية ودعوات الثأر والإنتقام؟
وأنا أقول لك بالنيابة عنهم،لقد كنا في غفلة فانتبهنا منها،ومنّ الله تعالى علينا بالهداية، فسلكنا طريق الصفوة الطاهرة من أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله،اتخذناهم قادة وقدوة وتمسكنا بحبلهم وسلكنا صراطهم المستقيم، وواليناهم في الدنيا وننتظر جزاءنا بموالاتهم في الآخرة،عملا بالنصوص الصحيحة،سنة الله في الدين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا.
ولا نرى للسماحة والحب والاعتدال الحقيقي غير الموهوم،وجودا في غير الإسلام المحمدي الأصيل الذي عليه المسلمون الشيعة الامامية الاثني عشرية.
وقد كنت مالكيا،فلم أر لتلك الصفات أثرا،والعكس صحيح والدليل هو في هؤلاء المتحولون إلى السلفية وتنظيم القاعدة أليسوا من أتباع مذهبك يا دكتور،الم تسمع بعشرات التونسيين الذين غرر بهم ودخلوا العراق فلبسوا طواعية بعنوان الجهاد المزيف،أحزمة ناسفة وركبوا سيارات مفخخة وفجروا أنفسهم وسط حشود الآمنين،بسبب كونهم شيعة(رافضة بالاصطلاح السلفي، وقتل الرافضة عند السلفية وتنظيم القاعدة منهم واجب جزاء فاعله الجنة) هؤلاء هم فرق الموت الذين تحدثت عنهم،أم انك تصر على ركوب المفخخ اللفظي.
أما الولاء لإيران فلا أعتقد أن عاقلا يتبنى كلامك،صحيح إن إيران دولة إسلامية شقيقة،تهمنا تجربتها، ونتابع عن كثب مساعيها من أجل عزة الإسلام والمسلمين، بالدعاء والمباركة، ونأمل في أن يكون لها دور مهم في المستقبل،لتعديل الحيف والظلم المسلط على البشرية بواسطة الاستكبار العالمي،موقنين بأنها على الحق،لكن ذلك لا يجب أن يتعدى إلى الولاء السياسي،فنحن في تونس وملتزمون بما ينصّ عليه دستورها،وواعون بمسؤولياتنا تجاهها، في انتظار أن نرى من المسئولين بادرة خير.
أما ولي الفقيه أو الفقيه فهما المرجعان اللذان نتعبد بهما في ما يتعلق بأبواب الفقه -وهي خصوصية انفرد بها المسلمون الشيعة الامامية الاثني عشرية، باعتبار بقاء باب الاجتهاد مفتوحا عندهم- تماما فيما لو كان مالك بن أنس حيا الآن وهو يسكن في السعودية فهل تقلده أم تعدل عنه، إن قلت ستقلده فهل سنتهمك بالولاء لآل سعود مثلا، وان قلت ستعدل عنه فانك قد نقضت مذهبك بنفسك،اتق الله يا رجل إن كنت رجلا ترجو لقاء ربك.
كان أجدر بك يا دكتور لو كتبت عن الوحدة الإسلامية ومهدت لأرضية التعايش المذهبي والفكري لكل الفرق الإسلامية، كل حسب النصوص التي تلزمه، فالأخوة الإسلامية سلوك واجب لا بد من التقيد به، أشياء كثيرة وجميلة تجمعنا، فلم هذا التهافت الذي لا يخدم إلا مصلحة عدو الإسلام،وأنت ترى أن الاستكبار العالمي وعلى رأسه أمريكا لا يفرقون بين سني وشيعي في العراق، وأنت ترى الصهاينة في فلسطين المحتلة لا يفرقون كذلك بين هذا وذاك فلماذا تريد أن تحدث الفرقة والتنافر؟ آمل من كل قلبي أن لا تكون صنيعة مؤامرة جديدة.
ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن.
محمد الرصافي المقداد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.