عاشت الجزائر العاصمة ليلة ظلماء بين الأربعاء والخميس بسبب انقطاع مفاجئ للتيار الكهربائي لمدة ساعة كانت كافية لتغذية الشائعات وسط سكان العاصمة، عن تدبير "انقلاب على الحكم"، أو "المؤامرة لدفع الشعب إلى الثورة". وفوجئ سكان العاصمة في حدود الساعة العاشرة من ليلة الأربعاء إلى الخميس بانقطاع التيار الكهربائي والحادثة العادية لأنها تتكرر منذ حلول فصل الصيف لكن غير العادي فيها أنها مست أغلب الأحياء واستمر الانقطاع لمدة طويلة. وقطع سكان المدينة سهراتهم وعادوا إلى الأحياء بعد أن توقفت وسائل المواصلات وفي مقدمتها مترو الأنفاق لتبدأ جلسات سمر لم تخل من تساؤلات وحتى تناقل إشاعات حول خلفية انقطاع التيار الكهربائي لمدة طويلة بأغلب أحياء العاصمة، بحسب جولة قام بها مراسل الأناضول. أوضح المراسل أن شعور الغضب تفجر لدى المواطنين بعد إفساد سهراتهم الرمضانية، ويقول أحدهم "لم نكن نتوقع أن ينقطع التيار بالعاصمة ولمدة طويلة، هذا الأمر غير معقول في قلب البلاد". ومن أخطر ما تم تداوله عبر أحياء العاصمة في جلسات السهر بين السكان أن هذا الانقطاع الطويل "ليس حادثًا عابرًا" وتحدث البعض عن وجود تغيير سياسي قد يصل إلى حد حدوث "انقلاب في هرم الحكم" الذي يقوده الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. والإشاعة الأخيرة أخذت طريقها بسرعة وسط السكان وصدقها البعض وتداولتها عدة مجالس، حيث ذكَّرت الجزائريين بحادثة اغتيال الرئيس الأسبق محمد بوضياف عام 1992 بمدينة عنابة شرق العاصمة، وهو في خطاب مباشر للشعب على التلفزيون الرسمي عندما انطفأت أضواء القاعة ليطلق أحد حراسه الشخصيين وابلاً من الرصاص على الحضور ثم يصوب رشاشه لرأس الرئيس ليرديه قتيلاً. ولم تتوقف الإشاعات عند هذا الحد بل وصلت درجة اعتبار الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي "مؤامرة" تقف وراءها "جهات نافذة" هدفها "دفع المواطنين إلى الشارع للقيام بعمليات حرق وتخريب ولإشعال ثورة في البلاد"، لتبدأ نقاشات في تلك المجالس حول هذه الفرضيات بين رافض ومدافع عنها إلى جانب فرضيات أخرى قبل أن يعود التيار الكهربائي في حدود منتصف الليل ليعود السكان إلى منازلهم لاستكمال سهراتهم. وشهدت عدة محافظات جزائرية خلال فصل الصيف حركات احتجاجية اتخذ بعضها طابعًا عنيفًا بحرق المرافق العمومية وقطع الطرقات والمواجهات مع مصالح حفظ النظام بسبب غضب شعبي من الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي، وهي الاحتجاجات التي أطلق عليها البعض "ثورة الكهرباء". وأعلنت شركة توزيع الكهرباء أن الجزائر سجلت نهاية يوليو/ تموز الماضي رقمًا قياسيًا في استهلاك الكهرباء بلغ عشرة آلاف ميغاواط بشكل فاق طاقة الإنتاج المحلية. ودعت الشركة المواطنين إلى ترشيد الاستهلاك كما أطلقت حملات دعاية عبر وسائل الإعلام الرسمية تحث المواطنين إلى العقلانية في استعمال المكيفات في ساعات الذروة، كما أكدت أنها ستلجأ إلى قطع التيار في حال تسجيل ضغط شديد. ( الأناضول) يوسف ضياء الدين