رفع العلاوة الاجتماعية للموظفين بنسبة 15%، وزيادة معاش الضمان الاجتماعي للفقراء بنسبة 50%، وإعفاء صغار المزارعين من مديوناتهم للحكومة، وتقديم الدعم لأصحاب المشروعات الصغيرة.. مجموعة قرارات اتخذها الرئيس المصري، محمد مرسي، في الأسابيع القليلة الماضية اعتبرها بعض الخبراء مؤشرًا على اعتزامه تحقيق العدالة الاجتماعية، والبعض رآها وسيلة لكسب الشعبية كي يضمن تجاوبًا شعبيًا مستقبلاً لسياسته الاقتصادية الرأسمالية، فيما قال آخرون إن التوجهات الاقتصادية للرئيس لم تتبلور بعد. وصدرت هذه القرارات خلال الشهر والنصف الماضيين منذ تسلم مرسي السلطة في 30 يونيو/ حزيران الماضي، في وقت ثار فيه قلق قطاع من المصريين من أن الرئيس الجديد المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين المشهور بثراء بعض رجال الأعمال المنتمين لها، مثل خيرت الشاطر وحسن مالك، قد يكون امتدادًا لنظام الرئيس السابق حسني مبارك الذي صعَّد إلى جانبه طبقة من رجال الأعمال سيطرت على مفاصل الدولة الاقتصادية والمشروعات الكبرى، وتورطت في قضايا فساد ضخمة؛ ما أدى إلى تردي الأوضاع الاقتصادية التي ساهمت في إشعال ثورة 25 يناير. الخبير الاقتصادي، حنفي معوض، في حديثه لمراسلة وكالة الأناضول للأنباء اعتبر أن جملة قرارات مرسي السياسية منها والاجتماعية "تصب في اتجاه واحد، وهو تحقيق العدالة الاجتماعية التي تعد أحد مطالب الثورة". وضرب مثلاً بأن قرار مرسي برفع معاش الضمان الاجتماعي (وهو المعاش الذي يحصل عليه من لا يملك مصدرًا للرزق) إلى 300 جنيه (50 دولارًا) جاء ليرفع مليون ونصف المليون أسرة من خط الفقر المدقع؛ حيث أشار آخر تقرير للجهاز المركزي للإحصاء إلى أن خط الفقر المتدني يبلغ 256 جنيهًا (42 دولارًا). وأضاف معوض أن قرار إعفاء صغار المزارعين من ديونهم لبنك الائتمان والتسليف الزراعي هو دعم لفئة منتجة، وتخفيف من أعباء الطبقة الفقيرة؛ ما قد يساعد على دوران عجلة الاقتصاد وينعش السوق. وعن المصادر المالية التي يعتمد عليها مرسي في إصدار قراراته الاقتصادية قال إن بند رفع أسعار الغاز المورد لمصانع الصناعات الثقيلة الذي اتخذ منذ فترة وجيزة رفع ميزانية العائد منه ل15 مليار جنيه (2.5 مليار دولار)، بينما جملة قرارات مرسي لم تتعدَ تكلفتها ال9 مليارات جنيه (1.4 مليار دولار). ونفى معوض أن يكون مرسي بقراراته الأخيرة صاحب توجه اشتراكي أو اشتراكي "فهو لم يدعم ملكية الدولة بعد، كما أنه لم يلغ سياسة الخصخصة، ولكنه يسعى للدمج بين النظامين". الدكتور رشاد عبده، أستاذ الاقتصاد بالأكاديمية العربية للعلوم المالية، رأى في قرارات مرسي "اقتصادًا إسلاميًا قريبًا من الرأسمالية"، أما عن قراراته الحالية فرأى أنها "تهدف إلى زيادة شعبيته من خلال برنامج يحمل غطاءً اشتراكيًا لفترة مؤقتة حتى يحقق شعبية، ثم يطلب من الشارع مساندته في تحقيق رؤيته الاقتصادية". واعتبر في تصريح ل"الأناضول" أن مرسي "لا يملك بعد رؤية واضحة تجاه الخصخصة، كما أن الجماعة أكدت عدة مرات لدبلوماسيين أجانب، وخاصة الأمريكيين، أنها ستحافظ على السوق الحر". وتوقع من جهته، وائل جمال، رئيس قسم الاقتصاد بجريدة "الشروق" المصرية، أن تزيد قرارات مرسي من ضبابية التوجه الاقتصادي، "فعلى الرغم من أن جملة تلك القرارات سليمة ومنطقية لطبيعة الظرف الراهن، وتحقق قدرًا من العدالة الاجتماعية بما يوسع من قاعدته الشعبية إلا أن رؤيته الاقتصادية ما زالت غائبة". وأضاف ل"الأناضول" أن ما سيحدد الرؤية الاقتصادية الفعلية لمرسي هو الموازنة، موضحًا: "نحن في انتظار الموازنة الجديدة العام المقبل التي ستحدد خطه الاقتصادي، خاصة أن الموازنة التي تنفذها الحكومة الحالية هي ذات الموازنة التي وضعتها حكومة كمال الجنزوري السابقة، والتي لا تختلف عن الموازنة التي أعدها رئيس الوزراء الأسبق في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك". "الأناضول"