تطرح مسألة الإساءة إلى المقدسات سؤال تعريف المقدسات الدينية، و سؤال الحرية الإنسانية في مجتمعاتنا المعاصرة، ما هي حدودها ؟ و ما هي علاقتها بالآخر ؟ و مدى شموليتها ؟ في كل مرة ينشر عمل أدبي أو سينمائي أو صحفي فيه تجاوز صارخ لمقولة احترام مقدسات الآخرين و خاصة المسلمين نستعيد نفس الأسئلة و نفس المشكلات و نفس التوترات التي تعم غالبية العالم الإسلامي. فهل أنّ صناع هذه المنتجات يريدون على حسن نية و بهدف تربوي خالص تنمية الحريات في عالمنا الإسلامي ؟؟ هل أنهم تأكدوا من الدور الذي يمكن لهذا النوع من الأعمال أن تقوم به وسط المسلمين فصار السلوك مستهدفا و يحمل غايته المسبقة ؟؟ و هل أنّ غاية الإساءة ليست حقيقة للمقدسات و إنما للأمة الإسلامية عبر الزج بها في فتن داخلية بين حكوماتها و شعوبها ؟هل يكون الهدف هو صناعة غبار كثيف يمكن أن يغطي مخططات تحتاج إلى مثل هذا الغبار ؟؟ أسئلة كثيرة و ضبابا كثيف يحيط بهذه اللعبة التي صرنا نصطدم في محطات متقاربة. ما أستطيع التأكيد عليه إن الموضوع ليس له علاقة وثيقة بالحرية و مقدس الحرية في مقابل مقدس الإسلام ، فنحن نجد انضباطا كبيرا في موضوع المحرقة اليهودية و لا يجرأ احد من رواد الحرية أن يجرأ على الإساءة إلى هذه الكذبة الكبيرة رغم قرب تاريخها ، و رغم إمكانية التثبت من مصداقيتها أو عدمها . إنّ السياسة الانتقائية في ممارسة الحرية المزعومة تسقط القناع و تضع الأمر في مساحة مختلفة لها علاقة بالصراع الدائر و بالمصالح الكبرى التي تقوم في الثروات و في علاقات الهيمنة و القوة ،فتصبح الإساءة إلى مقدسات المسلمين تحتوي هذه الدلالة التاريخية التي تلغي المكانة السياسية للأمة العربية و الإسلامية ، كما أن هذه الإساءة يمكن أن تستهدف الدفع بقوى التطرف الديني إلى واجهة الأحداث و في ذلك أكبر الخدمات للاستعمار ، و هكذا نستطيع رسم صورة تقريبية للأهداف المتعددة التي يمكن الوصول إليها : 1. العبث الدائم باهتمامات الرأي العام الإسلامي 2. تحريك قوى التطرف في العالم الإسلامي و تقديم مساحات كبيرة لها لأجل إبراز صورة متخلفة عن المسلمين. 3. تبرير حالة العداء إلى الإسلام و تغذية حالة الخوف المرضي منه و ذلك حتى يتم الابتعاد بالرأي العام الغربي عن امتعاضه من الكيان الصهيوني. 4. تعميق التحالف المسيحي اليهودي الذي تعمل عليه الصهيونية منذ عقود طويلة و منع حالات التواصل القائمة بين أتباع الديانتين. 5. التشويش على الصورة الإنسانية و العالمية للمقاومة و التي قدمت تضحيات كبيرة لأجل رسمها في العالم إننا في معركة الصورة و لذلك يتوجب قراءة المعركة في هذا البعد الدولي الذي لا تنفصل فيه حلقات الصراع مطلقا و لا نتصور العدو الصهيوني بعيدا بلوبيا ته و بأصدقائه من الصهيونية المسيحية أو أصدقائه من الأنظمة العربية بعيدين عن هذا الموقف.