قومٌ إذا ضربَ النعالُ وجوهَهم - صاح النعالُ بأيّ ذنبٍ أُضربُ قبل الرابع عشر من ديسمبر , أي قبلة صولة الحذاء العؤاقي على المجرم بوش الصغير, لم يكن أي واحد منّا يتمنى أن يكون حذاءا خصوصا وحالة الشوارع والطرقات في العراق المحتل يُرثى لها, ولا تشجّع حتى البهائم على السير فيها. ولكن, وبما أن الأمر يتعلّق بمجرم الحرب ومدمّر وطننا وقاتل شعبنا بوش الصغير, فان أي مواطن عراقي أو عربي تمنّى في قرارة نفسه لا أن يكون فقط في محل ذلك الصحفي البطل, منتظر الزيدي, الذي أطاح رمزيا ومعنويا بفردتي حذائه برأس أكثر رؤساء العالم إجراما وغطرسة وعدوانا على العرب والمسلمين, بل تمنى أن يكون الحذاء نفسه. ذلك الحذاء الاسطوري الذي رفع شأن أمّة بعد أن صدأت سيوفها أو تحوّلت الى وسيلة للرقص والترفيه عن أعداء ديننا وقتلت شعوبنا وسارقي ثرواتنا وميتمي أطفالنا. ولو تأمل الأنسان جيدا في تلك الدقائق, إبتداءا من رمية أول حذاء الى المشهد الاجرامي الذي قام به وحوش الديمقراطية الأمريكية وهم يجرجرون ويعتدون جسديا على الصحفي البطل منتظرالزيدي, لوجد فيه مادة قيّمة لا لاثارة تساؤلات قد تبدو في كلّ الأحيان مشروعة ومنطقية, بل للدراسة المعمّقة والتحليل النفسي, إذا شأتم, خصوصا في الجانب المتعلّق بالمجرم بوش الصغير باعتبارة المتلقّي للهدية لحذائية التي ستبقى عالقة في ذاكرته الى آخرأيام حياته المخزية والمشؤومة. فعلى سبيل المثال, وأنا لست طبيب أو محلّل نفساني, لماذا خطرعلى بال بوش الصغير, في ردّة فعله الأولى, مقاس الحذاء وليس لونه أو شكله أو المادة المصنوع منها أو أي شيء آخر؟ قد لا يعلم الكثير من الناس إن الانسان في أمريكا والغرب عموما عبارة عن رقم يمشي على قدمين تدور حوله أرقام أخرى حقيقية. وحياته تبدأ كرقم عندما يولد ويستمر هو في ترسيخ وتعميق دوره كرقم بشري. وهاكم هذا الدليل البسيط: بعد أربعة أيام من ولادة بنتي طالبوني بالذهاب الى دائرة الضرائب لاستخراج بطاقة الكودالضريبي لها. فقلت لهم مستغربا ياجماعة عمرها أربعة أيام فقط! فأجابوني بان الأمرلا يعنيهم وإنهم يطبّقون القوانين لا غير. ولذا فلا غرابة من أن يخطرعلى بال بوش الصغير, في تلك اللحظة التي أصابته بالهلع والرعب, بمقاس الحذاء فقط. وللرقم في دول الغرب تاثير ومفعول خاص ومباشرعلى السامع. لاحظوا مثلا إن الصهاينة يركّزون دائما على رقم 6 ملايين يهودي قضوا في ما يُسمى بالهولوكوست النازي. كيف توصّلوا أو حصلوا على هذا الرقم والحرب أحرقت البشر والشجر والحجر والوثائق والدوائرالحكومية لمعظم الدول وسجلات مكاتب الأحوال المدنية؟ بالتأكيد لقد تمّ نفخ هذا الرقم حتى صدّقه الكثير من السذج والجهلة في أمريكا وأوربا تحديدا. وأصبح مصدر إبتزاز وإستفزاز وتهديد لكل من يُعارض هذه الحقيقة الزائفة. ولم يكن تصرّف بوش المجرم وأركان إدارته الشريرة غريبا عن هذا المنطق. فقد قام هؤلاء القتلة وعلى مدى ما يُقارب العقدين من الزمن, بشنّ حملة عدوانية ظالمة على العراق ونظامه الوطني السابق وقيادته الشرعية, مدعمة بالأرقام والجداول واللوائح. وإتضح, ولكن بعد غزو وتدميرالعراق, إن جميعها أما مزوّة أو غيرموجودة أصلا أو مضخّمة لعشرات المرات . فمقابر جماعية بالأرقام. وأسلحة دمار شامل بالأرقام, وسجون ومعتقلات بالأرقام. وعراقيون منفيون, بسبب سياسة النظام الوطني السابق كما يزعمون, بالأرقام أيضا. وضحاياالنظام السابق بالأرقم. وبعيدا عن لغة وسحرالأرقام والعودة الى لغة الأحذية. فاننا ننصح جميع الشعوب العربية, إذا تقبّلوا النصيحة, بأن يعيدوا الاعتبارالى أحذيتهم ويعاملونها بلطف وبشيء من الاحترام. وإذا كان السيف فيما مضى هو سلاحنا الذي لا يقارعنا به أي خصم. صار لنا اليوم, وبعد صولة حذائي منتظرالزيدي, سلاح جديد هو الحذاء. حلّ بكلّ جدارة وتحدّي محلّ السيف العربي. وقديما قيل سلاحك شرفك. فليس لنا اليوم الاّ القول, بفضل البطل منتظرالزيدي, أيها العربي حذاؤك شرفك.