أعجبتني وقفة رجال الأمن هذا اليوم، إنّها وقفة "أشاوس"، وقفة رجال "حقيقيين"، وما زاد من إعجابي لهذه الوقفة مطلبهم العظيم الذي سيقاتلون من أجله وزير الداخليّة، وهو "صياغة نص دستوري تكون بموجبه المؤسسة الأمنية خاضعة لسلطة الشعب والقانون بعيدة عن التعليمات والأوامر التي عادة ما تكون ذات طابع سياسي". طبعا وبعد احترامي وتقديري لكل عون أمن صادق وأمين، ويسهر على حماية الوطن فعلا، فأنني أريد أن أتوجه إلى رجال الأمن الآخرين ببعض الكلمات التي قد تعيد الرشد إلى البعض منهم. أيّها السّادة، رجاء قليل من الحياء، فأياديكم لا تزال ملطّخة بدماء أبناء الشعب، وفسّادكم يصولون ويجولون، أحرار طلقاء. أيّها السادة، بعد إن انتصرتم في الثورة، قتلتم شباب الأمّة، ثمّ وسّموكم وزادوا من أجوركم والدماء لا تزال تسيل، ألا تستحون !!. أيّها السادة، ألم تعملوا كالغلمان والخصيان، وبعتم شعبكم لنظام خرب ظالم، وكنتم حتى دون أوامر، تراقبون القادم والذاهب، والداخل والخارج، تكتبون التقارير وتلفقون التهم، من أجل نيل رضاء كلبكم الكبير، وأكل فضلات موائده. أيّها السّادة، ألم تعملوا سماسرة في الطرقات، تضعون "الخطايا" في جيوبكم، وتفرضون "الإتاوة" على أخوانكم قهرا وظلما، وقاسمتم أصحاب السيارات في أرزاقهم !!!. أيّها السّادة، الم تغتصبوا زوجات وبنات أبناء شعبكم طاعة لسيّدكم الذي ارتضى لكم الذلّ. أيّها السادة، ألم تفرغوا المساجد من المصلّين، خوفا من بطشكم وقطع أرزاقهم، بعد أن تخترعوا لهم جريمة ومحاكمة صوريّة. أيّها السّادة، ألم تعترضوا أخواتكم الصغار في الطرقات، وهنّ تلميذات أو طالبات، ونزعتم حجابهم وحشمتهنّ أمام الملأ؟ عرّيتموهن بدون موجب حقّ، منزوعين من أيّة صفات الرجولة. أيّها السادة، هل أزيد تذكيركم بحجم الجرائم التي ارتكبتموها قبل الثورة، ولا أعتقد بأنّكم نسيتم ما فعلتم !!. وبعد الثورة، اختفيتم كالجرذان بعد إن قتلتم شباب وطنكم، وعدتم تطالبون بما لا يطالب به الأحرار، تريدون الانفصال، أو بالأحرى الحماية والحصانة، فأية أوامر تريدون رفضها ؟، فهل حميتم شعبكم وانتم تأكلون أمواله ولا تفعلون شيئا لحمايته لأكثر من عامين؟ الجريمة انتشرت بشكل مفزع وانتم غائبون، أو بالأحرى، تلعبون الورق في المقاهي إلى أن ينتهي دوامكم. حتى سير السيارات في الطرقات لم تقدروا على ضبطه، وساهمتم في خراب البلاد. هل، تتبعتم تجّار المخدرات، في المدارس والمعاهد، والطرقات، وأنتم تعرفونهم واحدا واحدا؟ وماذا تفعلون، وزملائكم من تجار "الكونترا" يمرّون عليكم بالعشرات ويضعون في أيديكم بعض الفتات ويمرّون، وقد يكون في سيارة الكونترا"، مخدّرات، أو سلاح، أو أية كوارث أخرى. أين أنتم، وكل يوم يطعن العشرات، ويقتل العشرات، ويسرق العشرات؟ ألا تستحون !!! فقط لأقول، بعد عرضكم الساخر في قصر المؤتمرات، وقد ناديتم، منذ أيام، برحيل وزير داخليّتكم، والذي لم يفلح في تأديبكم وتقديمكم للمحاكمة، واليوم تنادون من التملّص من الأوامر وأيضا في صلب الدستور، ويحدث هذا كلّه مع تشكيل جبهات سياسيّة نادت بحمايتكم من المحاسبة إن انتم وقفتم معها، فإنني لا أستحي بان أقول "طز" في رجال الأمن الانتهازيين. وهذه الثورة، أدخلها الساسة في متاهة سياسية بعيدة عن الثورة، وانتبهوا جيّدا لتصريحات السيد زهيّر مخلوف الأخيرة، الذي أنزهه عن الكذب، وهو يتحدّث عن تصرّف الرئاسة مع بعض الفاسدين.. و إن لم يتدخّل الشعب لمواجهة كلّ المؤامرات السياسيّة التي تحاك مرّة لإرضاء الفاسدين ومرّة خوفا منهم ومرّة للاستفادة منهم انتخابيا، فإنهم سيعودون من جديد، فعليكم أن تنسوا إنها حصلت ثورة في تونس، وأوّل من يبتدئ بهم المحاسبة فهم الرجال الموكولة لهم حماية أمن المواطن، والذين بدؤوا "يسمسرون' فيه. د. محجوب احمد قاهري 31/01/2013