استفاق التونسيون بالأمس 06-02-2013 على حدث خطب؛ حيث أقدم المتآمرون على ثورتنا باغتيال ناشط سياسي له حضوره في المشهد الإعلامي و السياسي. لقد صعّد هؤلاء خططهم و أقدموا على جريمة شديدة الخطورة لوأد الثورة و إجهاضها. لقد تبيّن اليوم و أصبح واضحا للجميع أن أعداء الثورة في الداخل و الخارج على استعداد للقيام بأبشع الجرائم من أجل تحقيق أهدافهم الخبيثة و أغراضهم الدنيئة. و هاهم اليوم يحاولون و يمكرون لجر البلاد الى فوضى عارمة عنوانها العنف و اسقاط الشرعية. أحسب أنّنا لن نختلف عندما نقرّ أنّ هذه الحكومة و النخبة السّياسيّة الحاكمة بقلّة خبرتها و ضعف حزمها قد أتاحت لقوى الردّة المعادية للثورة أن تعيد تنظيم صفوفها و أن تنقضّ على الثورة و تبدأ هجومها الحاسم و الأخير. لقد تأخرت مقاومة الفساد و محاسبة المفسدين و جلاّدي الشعب حتّى تيقّن الجميع أنّه لن تكون محاسبة و لا عقاب لمن أجرموا في حق البلاد و العباد. تلك خطيئة من خطايا النخبة السّياسيّة المساندة للثورة و تبقى خطيئتهم الكبرى هي إفراغهم الشارع بعد سقوط حكومة محمد الغنوشي و تولّي كبير المتآمرين السبسي و إخوانه من بقايا نظام البغي الفساد الحكم. لقد صرخت حينها بأعلى صوتي و كتبت المراسلات لإخوتي و أصدقائي صنّاع القرار و هاتفتهم و ترّجيتهم أن لا يتركوا الحراك الشعبي في الشوارع و السّاحات حتّى لا يتآمر ذلك الخبيث و من وراءه على ثورتنا المباركة لإجهاضها. لكن الأيادي كانت حينها مرتجفة و النفوس مترددة و نعلم جيّدا أنّ الأيادي المرتجفة لا تصنع التّاريخ. ولكن هل يعني ما تقدّم أن نركن لليأس و الإحباط؟ لقد سقت الثورة عروقنا بماء الأمل بعد سنين القحط و الإحباط حتّى ظننا أن لا مخرج و لا حلّ لأزمة بلادنا إلاّ بتدخّل ملك الموت ليقبض روح الظّالمين. لقد علّمتنا الثورة أنّ من وطّن نفسه على مقاومة الظلم و السعي إلى الإنعتاق و التحرّر و نصرة الحق ينبغي عليه أن يتسلّح في كلّ المراحل و مهما عظمت الخطوب بالأمل. نحن على يقين أنّ الله ناصر هذه الثورة و شعبنا المستضعف؛ لقد نبأنا سبحانه أنّه ناصر للمستضعفين تلك سنن اللّه و سنن الله غلاّبة. المطلوب منّا هو أن نثبت على المبادئ و نواصل مسيرة التضحية و المقاومة. ما العمل و كيف نتصدّى للمتآمرين؟ إنّ المتأمّل في تاريخ ثورات الشعوب من أجل التحرّر و الإنعتاق لن يعثر على ثورة سلميّة كانت أو عنيفة حقّقت أهدافها دون معاقبة من أجرم في حق تلك الشعوب و القصاص منها. نقرأ في تاريخ الثورات كثيرا عن المحاكم الثورية منها من كان جائرا و كثير منها كانت عادلة و محقة مع الظالمين و أعوانهم. لا يمكن لثورتنا و الثورات العربيّة أن تنجح دون محاكم ثورية تقتص للشهداء و الجرحى و المظلومين. القصاص و محاربة الفساد مطلب شعبي لا يمكن أن يتحقق في ظل قضاء فاسد. لقد نجحت جماهير شعبنا في تحقيق مطالبها في إسقاط حكومة محمد الغنوشي و انتخاب مجلس تأسيسي بصمودها و مرابطتها في ساحة القصبة ووضوح مطالبها. نحتاج اليوم لنرد كيد المتآمرين أن نعود لأخذ زمام المبادرة و النزول إلى الشارع و المرابطة فيه رافعين شعار "الشعب يريد محاكم ثورية" حتّى نستكمل ثورتنا و نخلّص أرضنا الحبيبة من المتآمرين و المتربصين.