تونس:كلّما تحدّثت في الشّأن العامّ استنكر عليّ العديد من الزّملاء و الأصدقاء و الخصوم و اعتبروا ذلك خروجا عن وظيفة الباحث و المثقف و الأكاديمي و انحيازا لجهة بعينها أو شعبويّة أو موقفا سياسيّا مقنّعا أو افتقادا لرصانة المفكّر … و نفس المتحفّظين و اللائمين و المتّهمين غارقون من أخمص أقدامهم إلى شعر رؤسهم في الارتهانات الحزبيّة و الإيديولوجيّة و المغانم و المنافع و و المناورة و المداورة … لذلك سأعلن افكاري دون خوف من الحجر و القهر و الوعيد و التّهديد الذي أتلقّاه على رسائلي الدّاخليّة … و إنّ قدّر لنا العودة من جديد للسّجون أو غير ذلك من وسائل الانتقام و التشفّي من أجل فكرة نصدع بها أو رأي نعبّر عنه فمرحبا و النّفس مطمئنّة و العين قريرة … إذا أعلن أمام الجميع أنّ الحوار الذي يقوده ذئاب في لبوس رعاة ليس إلا انقلابا على مسار الانتقال الدّيمقراطي و المسار التّاسيسي و المؤسّسة الشرعيّة الوحيدة التي أفرزتها الثّورة … أتّهمهم بالابتزاز و التحايل و محاولة الالتفاف على إرادة الشّعب … و أعلن أنّ النّخب التي ساندت الانقلاب العسكري الدّموي في مصر ليست أهلا لتكون طرفا في حوار من أجل البناء الدّيمقراطي … فشلت في الاختبار الدّيمقراطي و ستفشل مجدّدا … لذلك تبحث عن بكلّ السّبل الانقلابيّة عن إفشال المسار الدّيمقراطي … نخب مأزومة معطوبة أحسنت تصدير أزمتها لخصومها و صياغة سرديّة للأزمة و تسويقها بفضل إعلام هو رأس حربة الخيار الانقلابي لأنّه هو نفس الإعلام الذي تربّى في أحضان الفساد و الاستبداد و أعلن أنّ دموع أيمن الزّواغي مهما كان الموقف من شخصه و من قائمته تلك الدّموع التي ذرفت أثناء مسرحيّة التّوقيع الابتزازي على وثيقة الانقلاب أشرف من كلّ تلك النّخب المهترئة المعزولة عن شعبها المستقوية بكلّ مراكز القوّة المشبوهة في الدّاخل و الخارج… و أعلن أنّ من استأمنّاهم على إرادتنا لم يكونوا في مستوى الأمانة و لم يثقوا في القوّة الشعبيّة التي تسندهم … و لم يبق لهذا الشّعب إلا بعض من رصيد ثوريّ و بقايا من عزائم الشّباب الذي لم يتشوّه وعيه بلوثة التحزّب و الأدلجة … و كثير من المشاعر الجيّاشة التّائقة للحريّة و الكرامة و رفض الوصاية من أبناء هذا الشّعب نساء و رجالا يتفرجون و لكن ينتظرون اللحظة الحاسمة لتفجير ما في داخلهم من غضب و وعي عميق باللحظة التّاريخيّة و تجاذباتها و الفاعلين فيها … لباطن الأرض بكرامة أولى لنا من ظهرها بمذلّة بعد أن استنشقنا نسائم الحريّة .