في سابقة هي الأولى من نوعها، عقدت ثلاثة أحزاب إسلامية منذ حوالي أسبوعين اجتماعا لمراجعة وتقويم مسارها السياسي.واختلفت التفسيرات والقراءات بشأن مرامي هذا الاجتماع الذي دعت إليه حركة مجتمع السلم (حمس) بعد نحو شهر من الانتخابات المحلية التي جرت في 29 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، والتي رأى بعض المراقبين أن آمال الإسلاميين فيها قد خابت. قراءة المسيرة وبينما وصفت وسائل الإعلام الاجتماع -الذي عقدته حمس وحركة النهضة وما يعرف بالجناح التقويمي لحركة الإصلاح الوطني- بأنه نواة لتشكيل تحالف بين الإسلاميين، أكد قياديون في الأحزاب المشاركة في الاجتماع أنه يهدف إلى "رصد المشاكل التي تعصف بالحركة الإسلامية في الجزائر". وأكد عبد الرزاق مقري نائب رئيس حركة مجتمع السلم أن الحركة حققت في الانتخابات المحلية نتائج مرضية، حيث ضاعفت رصيدها وانتقلت من تسيير 32 بلدية إلى مائة. وقال مقري للجزيرة نت إن التيار الإسلامي تراجع على العموم، مما جعل الحركة تطرح الإشكالية على الحزبين الإسلاميين الآخرين. واعتبر الندوة "نقدا ذاتيا لوضعية الأحزاب الإسلامية وقراءة متأنية لمسيرتها". ونصح الأحزاب الإسلامية بالمراجعة الذاتية وتحسين أدائها و"الابتعاد عن الانشقاقات والخلافات الداخلية وتطوير الخطاب الإسلامي بما يتناسب مع المعطيات الجديدة". ويؤكد مقري أن "الظروف الحالية لا تسمح بتكوين تحالف دون أن تقوم الأحزاب بتنظيم بيتها الداخلي وتسود الديمقراطية" مشيرا إلى أن الاجتماع خلص إلى أن تراجع التيار الإسلامي يعود إلى "غياب الديمقراطية وتيئيس المواطن من التغيير مما أدى إلى تراجع نسب المشاركة في الانتخابات". التحالف البعيد وإذا كان القيادي في حركة النهضة وممثلها في الإجتماع العلاوي بلمخي يتفق مع مقري على أن حديث الصحافة عن تحالف بين الإسلاميين الجزائريين "أمر سابق لأوانه" وما تزال تقف دونه عدة عراقيل، فإنه يختلف معه في تقويم وضع التيار الإسلامي ويرى أنه "لم يتراجع لأن جذوره ضاربة في المجتمع".
ووصف بلمخي في حديث للجزيرة نت ما يقال إنه تراجع للتيار الإسلامي بأنه "حالة ظرفية سببها منهج تعامل الإدارة مع الإسلاميين والقوائم الانتخابية وحرمان البعض من الترشيح بذرائع أمنية" مضيفا أن "الأعمال الإرهابية التي عصفت بالجزائر أبعدت رجل الشارع عن الحركات الإسلامية". ومن جهته قال النائب عن "الجناح التقويمي لحركة الإصلاح الوطني" جمال بن عبد السلام إن الانتخابات الأخيرة لا يمكنها أن تكون مقياسا لتقييم التيار الإسلامي. وتساءل عما إذا كان بمقدور أي تيار تعرض للتضييق والإبعاد وتجفيف المنابع ومصادر قوته أن يبقى نشطا كما حدث للتيار الإسلامي. وأكد بن عبد السلام أن التيار الإسلامي "الوحيد الذي بإمكانه أن يصنع الحدث وأن يوجد التوازن في الساحة السياسية". وحسب المتحدث نفسه فإن انشقاق الأحزاب والخلافات الداخلية في حركة الإصلاح الوطني وسابقا في حركة النهضة من بين أسباب عزوف الناس عن التصويت.