قللت مصادر سياسية وإعلامية سودانية رفيعة المستوى من الرهان على ما يمكن أن يتمخض عن الوساطة الليبية اليوم بين الخرطوم وانجامينا بحضور أريتريا، أي حسم نهائي لقضايا الخلاف التشادي- السوداني الذي ينذر بتطورات عسكرية إقليمية خطيرة. وأرجعت هذه المصادر السياسية السودانية المطلعة التي تحدثت ل"قدس برس" وطلبت الاحتفاظ باسمها، عدم الرهان على الوساطة الليبية لحل الأزمة بين تشاد والسودان، إلى أن طرابلس التي تسعى لأن تلعب دورا قياديا في إفريقيا ليست وسيطا محايدا في الخلاف الدائر بين الخرطوم وانجامينا، وأشارت إلى أن ليبيا لها علاقات وثيقة مع بعض الحركات المسلحة في دارفور من جهة، ومع حكومة الرئيس تشادي ادريس ديبي من جهة أخرى، وهي علاقة تجعل من أمر النزاهة والحيادية الليبية في العلاقة التشادية السودانية أمرا صعبا، على حد تعبيره. واعتبرت ذات المصادر أن الجهد الليبي الجديد لرأب الصدع التشادي- السوداني يأتي في سياق ثأر سياسي للقيادة الليبية من عملية الاختراق التي كانت القيادة السعودية قد أحدثتها حين جمعت بين الرئيسين السوداني عمر البشير والتشادي إدريس ديبي في الرياض للتوقيع على اتفاق أنهى أزمة كانت تنذر وقتها باندلاع نزاع مسلح بين البلدين، على حد قولها. وأضافت "الوساطة بين تشاد والسودان يمكنها أن تنجح فقط إذا كان هناك طرف نزيه غير ليبيا، لأن فريقا كبيرا من السودانيين يعتقد أن بعض سلاح الحركات المسلحة من ليبيا بالإضافة إلى الدعم السياسي الليبي لبعض فصائل الحركات المسلحة، وهذا يجعل من رهانات نجاح الوساطة ضعيفا، حتى وإن كان الأمر يتعلق بغيرة سياسية ليبية من نجاح القيادة السعودية سابقا في التوصل لاتفاق سياسي بين السودان وتشاد، ذهب في مهب الريح بعد العدوان العسكري المباشر للقوات التشادية على السودان". وتأخذ الحكومة السودانية على حكومة الرئيس ادريس ديبي دعمها السياسي والعسكري لعدد من الفصائل السودانية المسلحة في دارفور، وتعتبر أن العرض العسكري الذي رافق مؤتمر حركة العدل والمساواة في غرب دارفور مؤخرا كان عرضا عسكريا حكوميا، وهو دعم يعتقد مراقبون أنه ينبني على أساس العلاقات القبلية القائمة بين القيادة التشادية وقبائل دارفور. كما تأخذ تشاد على السودان رعايتها للمعارضة التشادية في المناطق الحدودية ومنحها دعما عسكريا وسياسيا بلغ ذروته العام الماضي حين كانت المعارضة قاب قوسين أو أدنى من الإطاحة بالعاصمة انجامينا لولا أن تصدت لقوافل المسلحين من المعارضة القوات التشادية مدعومة بالقوات الفرنسية فعادت على أعقابها. هذا وتجتمع اليوم الخميس (17/1) في العاصمة الليبية طرابلس اللجنة الامنية العسكرية لانفاذ اتفاق طرابلس برئاسة ليبيا وعضوية اريتريا والسودان وتشاد لبحث الازمة الاخيرة بين الخرطوم وانجمينا. وأعرب السفير عبد الله الشيخ سفير السودان في تشاد في تصريحات نقلتها صحيفة "الرأي العام" السودانية في عددها الصادر اليوم عن أمله بنجاح المبادرة الليبية إذا التزمت تشاد باتفاق طرابلسوالرياض، وأكد أن السودان لا يأوي اي معارضة تشادية وأنه لعب دور الوسيط المحايد في المفاوضات بين الحكومة التشادية والمعارضة، وقال "إن الحكومة التشادية تقود هذه الأيام خط التعبئة من الداخل ضد المعارضة التشادية، وهي تعبئة قد تخدم بعض أغراض الحكومة التشادية سياسيا ولكنها لا تعني التزام الجميع بما تم التوقيع عليه من اتفاقيات". ويشارك في مساعي تهدئة الأجواء بين تشاد والسودان التي تنذر بعواقب وخيمة، لا سيما وأن وزير الدفاع السوداني كان قد أعلن احتفاظ بلاده بحق الرد على العدوان التشادي، وهو تصريح يعكس برأي مراقبين عدم استبعاد التدخل السوداني المباشر في تشاد وصولا إلى العاصمة انجامينا ذاتها، يشارك في مساعي تهدئة الأجواء كبير مساعدي الرئيس عمر البشير مني اركوي مناوي الذي يتوقع تتوقع بعض المصادر أن يقوم بزيارة إلى تشاد خلال الايام القليلة المقبلة بعد انتهاء برنامج زيارته الحالية للجماهيرية العربية الليبية.