الصافي: إعتداء تلميذة على اُستاذها بشفرة حلاقة تفضح فشل المنظومة التربوية.    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الفنّان بلقاسم بوڨنّة.    التحديث الجديد من Galaxy AI يدعم المزيد من اللغات    تصنيف اللاعبات المحترفات:أنس جابر تتقدم إلى المركز الثامن.    كرة اليد: المنتخب التونسي يدخل في تربص تحضيري من 6 إلى 8 ماي الجاري بالحمامات.    فيديو لأمني ملطّخ بالدماء ومُحاط بأفارقة: الحرس الوطني يُوضّح.    عاجل/استدعاء مدير وأستاذ بمدرسة إعدادية للتحقيق: محكمة سوسة 2 توضح..    بداية من مساء الغد: وصول التقلّبات الجوّية الى تونس    الرابطة الأولى: البرنامج الكامل لمواجهات الجولة الثالثة إيابا لمرحلة تفادي النزول    نسبة التضخم في تونس تتراجع خلال أفريل 2024    سليانة: حريق يأتي على أكثر من 3 هكتارات من القمح    جندوبة: تعرض عائلة الى الاختناق بالغاز والحماية المدنية تتدخل    تقلبات جوية منتظرة خلال اليومين القادمين (وثيقة)    الفنان محمد عبده يكشف إصابته بالسرطان    الفنان محمد عبده يُعلن إصابته بالسرطان    العاصمة: القبض على قاصرتين استدرجتا سائق "تاكسي" وسلبتاه أمواله    مصر تكشف حقيقة إغلاق معبر رفح..    الحماية المدنية:15حالة وفاة و361إصابة خلال 24ساعة.    عاجل/ حزب الله يشن هجمات بصواريخ الكاتيوشا على مستوطنات ومواقع صهيونية    حركة الشعب معنية بالإنتخابات الرئاسية    البرلمان: النظر في تنقيح قانون يتعلق بمراكز الاصطياف وترفيه الاطفال    مطالب «غريبة» للأهلي قبل مواجهة الترجي    اليوم: طقس بمواصفات صيفية    «الشروق» في حي السيدة المنوبية كابوس... الفقر والعنف والزطلة!    بطولة الرابطة المحترفة الاولى (مرحلة التتويج): برنامج مباريات الجولة السابعة    قوافل قفصة مستقبل المرسى (1 0)... انتصار العزيمة والاصرار    طولة ايطاليا : جوفنتوس يتعادل مع روما ويهدر فرصة تقليص الفارق مع المركز الثاني    القيروان ...تقدم إنجاز جسرين على الطريق الجهوية رقم 99    مصادقة على تمويل 100 مشروع فلاحي ببنزرت    ثورة الحركة الطلابية الأممية في مواجهة الحكومة العالمية ..من معاناة شعب ينفجر الغضب (1/ 2)    إسرائيل وموعظة «بيلار»    «فكر أرحب من السماء» بقلم كتّاب ((شينخوا)) ني سي يي، شي شياو منغ، شانغ جيون «شي» والثقافة الفرنسية    زلزال بقوة 5.8 درجات يضرب هذه المنطقة..    جندوبة .. لتفادي النقص في مياه الري ..اتحاد الفلاحين يطالب بمنح تراخيص لحفر آبار عميقة دون تعطيلات    طقس اليوم: ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة    أنباء عن الترفيع في الفاتورة: الستاغ تًوضّح    عمر كمال يكشف أسرارا عن إنهاء علاقته بطليقة الفيشاوي    تونسي المولد و النشأة... ترك تراثا عالميا مشتركا .. مقدمة ابن خلدون على لائحة اليونسكو؟    القصرين .. بحضور وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية ..يوم دراسي حول مشروع مضاعفة الطريق الوطنية عدد 13    اليوم: لجنة الحقوق والحرّيات تستمع لممثلي وزارة المالية    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الفنّان بلقاسم بوڨنّة    أهدى أول كأس عالم لبلاده.. وفاة مدرب الأرجنتين السابق مينوتي    جمعية مرض الهيموفيليا: قرابة ال 640 تونسيا مصابا بمرض 'النزيف الدم الوراثي'    فص ثوم واحد كل ليلة يكسبك 5 فوائد صحية    الاثنين : انطلاق الإكتتاب في القسط الثاني من القرض الرقاعي الوطني    حقيقة الترفيع في تعريفات الكهرباء و الغاز    مختصّة في أمراض الشيخوخة تنصح باستشارة أطباء الاختصاص بشأن أدوية علاجات كبار السن    ظهرت بالحجاب ....شيرين عبد الوهاب تثير الجدل في الكويت    غدًا الأحد: الدخول مجاني للمتاحف والمعالم الأثرية    منع مخابز بهذه الجهة من التزوّد بالفارينة    "سينما تدور".. اول قاعة متجوّلة في تونس والانطلاق بهذه الولاية    فتحي عبدالوهاب يصف ياسمين عبدالعزيز ب"طفلة".. وهي ترد: "أخويا والله"    رئيس اللجنة العلمية للتلقيح: لا خطر البتة على الملقحين التونسيين بلقاح "أسترازينيكا"    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    خطبة الجمعة ..وقفات إيمانية مع قصة لوط عليه السلام في مقاومة الفواحش    ملف الأسبوع .. النفاق في الإسلام ..أنواعه وعلاماته وعقابه في الآخرة !    العمل شرف وعبادة    موعد عيد الإضحى لسنة 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تونس أحداث عام 2008 في مجال حقوق الانسان من تقريرعالمي 2009 لهيومن رايتس ووت
نشر في الفجر نيوز يوم 14 - 01 - 2009

يهيمن الرئيس زين العابدين بن علي وحزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم على الحياة السياسية في تونس. وتستخدم الحكومة تهمة الإرهاب والتطرف الديني لقمع المعارضين السلميين. وهناك تقارير مستمرة وموثوقة عن اللجوء إلى التعذيب وسوء المعاملة للحصول على اعترافات من المحتجزين المشتبه بهم.
وقد أعلن بن علي، الذي تسلم السلطة منذ عام 1987، أنه سيعمل لتولي فترة رئاسية خامسة في عام 2009. وتعمل السلطات على إبقاء الأحزاب المعارضة القانونية في البلد ضعيفة ومهمشة من خلال إجراءات القمع وحرمانهم من التغطية الإعلامية.
وفي 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2008، أفرج الرئيس بشروط عن آخر 21 معتقلاً من أعضاء حزب النهضة الإسلامي المحظور الذين دخلوا السجن منذ عام 1992 عندما أدانت محكمة عسكرية 265 عضواً ومناصراً للحزب في محاكمة فاسدة بتهمة التآمر للإطاحة بالدولة. ولكن العدد الإجمالي للسجناء السياسيين تزايد في السنوات الأخيرة حيث أدانت السلطات عشرات الشباب وفق قانون محاربة الإرهاب لعام 2003. كما تضيق السلطات سبل العيش على السجناء السياسيين المفرج عنهم، حيث تضعهم تحت المراقبة الدقيقة، ولا تمنحهم جوازات سفر أو وظائف، وتهدد بإعادة اعتقال من يجهر منهم بالانتقاد في مجال حقوق الإنسان أو في السياسة.
المدافعون عن حقوق الإنسان
رفضت السلطات أن تعترف قانونياً بكل منظمات حقوق الإنسان المستقلة حقاً التي تقدمت بطلبات ترخيص خلال العقد المنصرم. وهي بالتالي تستخدم الوضع غير القانوني لهذه المنظمات كي تعيق نشاطاتها.
وتواجه رابطة حقوق الإنسان التونسية المستقلة، وهي منظمة معترف بها قانونياً، دعاوى قضائية مستمرة يرفعها ضدها أعضاء منشقون. ويظهر السياق العام أن هذه الدعاوى التي يفترض أنها فردية، ما هي إلا نوع من القمع: فالمحاكم تحكم دائماً لصالح المدعين معطية غطاء قانونياً لعمليات بوليسية واسعة النطاق تمنع انعقاد معظم اجتماعات فروع الرابطة في أرجاء تونس.
ويتعرض المدافعون عن حقوق الإنسان والمعارضون السياسيون للمراقبة، وحظر السفر التعسفي، والطرد من العمل، وقطع خطوط الهاتف، والاعتداءات الجسدية. وقد اعتقلت الشرطة محمد بن سعيد المقيم في بنزرت والعضو في رابطة حقوق الإنسان التونسية في 28 يوليو/تموز 2008 بتهمة مشكوك فيها وهي عدم الانصياع لأوامر شرطي السير، وكانت النتيجة شهرين من السجن عقب محاكمة غير عادلة. وفي 28 سبتمبر/أيلول اعتقلت السلطات طارق السوسي، من بنزرت أيضاً، لمدة يومين بعد أن اتهم على شاشة تلفزيون الجزيرة قوى الأمن "بعمليات اختطاف" بسبب ما زعم من عدم احترامهم للإجراءات القانونية للاعتقال. وقد وجهت إحدى المحاكم للسوسي، وهو عضو في الجمعية الدولية لدعم السجناء السياسيين غير المعترف بها والتي تتخذ من تونس مقراً لها، تهمة "ترويج عن سوء نية لأخبار زائفة من شأنها تعكير صفو النظام العام". وفي 25 سبتمبر/أيلول أفرجت عنه بصفة مؤقتة إلى حين انتهاء المحاكمة.
نظام القضاء
في القضايا ذات الطابع السياسي تفشل المحاكم في تأمين محاكمات عادلة للمتهمين. وعادة يغمض المدعون العامون والقضاة العين عن مزاعم التعذيب، حتى حين يطالب محامو الدفاع رسمياً بإجراء تحقيق. ويدين قضاة المحكمة المتهمين بناء فقط أو بشكل رئيسي على اعترافات مأخوذة قسراً، أو بناء على شهادة شهود لا يتاح للمتهم فرصة مواجهتهم في المحكمة.
وخلال قيام لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة بدراسة وضع تونس في مارس/آذار 2008، أعلنت السلطات التونسية أنها ستوافق على الطلب القديم ل هيومن رايتس ووتش بزيارة السجون التونسية. وكانت وزارة العدل التونسية تتفاوض مع المنظمة حول شروط الزيارة أثناء كتابة هذا التقرير. وإذا تم الاتفاق فستكون هذه المرة الأولى منذ عام 1991 التي تفتح بها تونس سجونها أمام منظمة مستقلة لحقوق الإنسان. صحيح أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر تقوم بزيارة السجون التونسية ولكنها، وفقاً لتفويضها، ترفع تقارير نتائج زياراتها إلى الحكومة فقط وليس إلى الجمهور.
وحسب محاميّ ومنظمات حقوق الإنسان، فإن أكثر أشكال التعذيب وسوء المعاملة شيوعاً خلال الاستجواب في أقسام الشرطة هي الحرمان من النوم، والتهديد باغتصاب المعتقل أو نساء من أسرته، والضرب ولاسيما على باطن القدمين (الفلقة)، وربط المعتقل وتعليقه من السقف أو ربطه على عصا غليظة بوضعية "الفروج المشوي".
وقد صادقت تونس على اتفاقية مناهضة التعذيب وسنت قوانين قوية تجرم أعمال التعذيب. ولكن رغم تقديم مئات الشكاوى الرسمية من قبل محامين نيابة عن متهمين في السنوات الأخيرة، لم تتوصل أية شكوى إلى قيام السلطات بتحميل أحد موظفي الدولة مسؤولية تعذيب السجناء المعتقلين لأسباب سياسية.
حرية الإعلام
لا تقوم أية وسيلة إعلام محلية مطبوعة أو مسموعة بتغطية نقدية لسياسات الحكومة، باستثناء بضع مجلات ضيقة الانتشار مثل الموقف، وهي لسان حال حزب معارض، وتتعرض أحياناً للمصادرة. ويوجد في تونس محطات إذاعية وتلفزيونية خاصة، ولكن الملكية الخاصة لا تعني الاستقلالية في تحرير المواد الصحفية. وتقوم الحكومة بحجب بعض مواقع الانترنت المحلية أو الدولية السياسية أو المتعلقة بحقوق الإنسان والتي تنتقد الأوضاع في تونس، بما في ذلك موقع (http://www.kalimatunisie.com/) الذي رفضت السلطات منح الموافقة القانونية على نسخته المطبوعة.
وكتب الصحافي سليم بوخضير من صفاقس على الانترنت مقالات تنتقد الرئيس وأقاربه بسبب محاباة الأقارب. وفي 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2007، أخرجته الشرطة من سيارة أجرة ووضعوه رهن الاعتقال. وبعد شهر أدانته محكمة بتهمة تحقير ضابط الشرطة الذي أوقفه، ورفضه تسليم هويته الشخصية، وانتهاك "الآداب العامة"، وهي تهم أنكرها بوخضير. وقد أصرت السلطات على أن قضيته لا علاقة لها بحرية التعبير، ولكنها لم تكن المرة الأولى التي يسجنون فيها منتقدين بتهم جنائية عامة تبين أنها بلا أساس. وتم الإفراج مؤقتاً عن بوخضير في 21 يوليو/تموز 2008، ولكن السلطات استمرت في رفض منحه جواز سفر، وهو محروم منه منذ عام 2003.
إجراءات مكافحة الإرهاب
منذ 1991 وحتى الآن، وقع في تونس هجوم إرهابي واحد تبنته القاعدة وأدى إلى وقوع قتلى، وذلك عندما انفجرت شاحنة ملغومة استهدفت كنيساً يهودياً في جزيرة جربة في أبريل/نيسان 2002، وإلى ذلك، اشتبكت قوات الأمن مرة مع مقاتلين مسلحين في ديسمبر/كانون الأول 2006 ويناير/كانون الثاني 2007، خارج العاصمة.
ويتضمن قانون 2003 لدعم "الجهود الدولية في محاربة الإرهاب وقمع غسيل الأموال" تعريفاً فضفاضاً للإرهاب انتقدته لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في 28 مارس/آذار 2008، على أنه "غير دقيق". ويشمل التعريف "أعمال التحريض على الكراهية العرقية أو الدينية أو التعصب بصرف النظر عن السبل المستخدمة". وقد أدانت السلطات مئات الرجال، وبعض القاصرين، وفقاً لهذا القانون. وكل المدانين تقريباً واجهوا تهمة التخطيط للانضمام إلى مجموعات جهادية في الخارج، أو دفع الآخرين للانضمام، وليس التخطيط لأعمال عنف محددة أو ارتكاب مثل هذه الأعمال.
وغالباً ما يواجه المعتقلون المشتبه بهم في سياق قانون محاربة الإرهاب عدداً من الانتهاكات الإجرائية مثل عدم إعلام السلطات أقرباءهم بصورة سريعة، وهذا انتهاك للقانون التونسي، وإطالة فترة الاعتقال قبل المحاكمة أكثر من الحد القانوني وهو 6 أيام، ورفض القضاة والمدعين العامين الاستجابة لطلبات إخضاع المعتقل إلى الفحص الطبي وهو الوسيلة الكفيلة بالتحري عن علامات التعذيب.
الاضطرابات الاجتماعية الاقتصادية
اندلعت في يناير/كانون الثاني 2008 احتجاجات متفرقة ضد الفساد والبطالة وارتفاع الأسعار في منطقة المناجم الفقيرة المحيطة ببلدة ردايف الجنوبية، واستمرت الاحتجاجات بوتيرة منخفضة طوال العام. وقد نشرت السلطات أعداداً كبيرة من قوى الأمن لقمع الاحتجاجات، واحتجاز قادتها وإغلاق المنطقة في وجه الصحفيين وكل من يحاول الوصول إليها. وفي 21 يونيو/حزيران اعتقلوا الناطق باسم حركة الاحتجاج، النقابي عدنان حجي، واتهموه بتأسيس "منظمة إجرامية" وغيرها من التهم. ولا يزال حجي رهن الاحتجاز انتظاراً للمحاكمة حتى لحظة كتابة هذا التقرير. وحكمت المحكمة بالسجن لعدة أشهر على عشرات آخرين بسبب دورهم في الاحتجاجات. فمثلاً، اعتقلت السلطات في 27 يوليو/تموز الناشطة في مجال حقوق الإنسان والناشطة في أحد الأحزاب المعارضة زكية الضيفاوي وستة آخرين كانوا قد خرجوا في مسيرة سلمية ذلك اليوم في ردايف للمطالبة بالإفراج عمن اعتقلوا خلال الاحتجاجات الجارية. وفي 15 سبتمبر/أيلول حكمت محكمة استئناف على الضيفاوي بالسجن لمدة أربعة أشهر ونصف الشهر وعلى ستة آخرين بالسجن ثلاثة أشهر. وأفرج الرئيس بن علي عن الضيفاوي في أوائل نوفمبر/تشرين الثاني إفراجاً مشروطاً إلى جانب حوالي 20 آخرين أدينوا بسبب نشاطهم في الاحتجاجات.
الفاعلون الدوليون الأساسيون
في عام 2008 أعلنت تونس قبولها زيارات المقررين التابعين للأمم المتحدة الخاصين بمتابعة قضايا التعذيب وحماية حقوق الإنسان والترويج لها خلال عمليات مكافحة الإرهاب، ولكن حتى وقت كتابة هذا التقرير لم تُنفذ أية زيارة.
وتعتبر فرنسا الشريك التجاري الأول لتونس ورابع أكبر مستثمر فيها. وقد أعلن الرئيس ساركوزي في أبريل/نيسان 2008، خلال زيارته الرسمية الثانية إلى تونس، في حفل غداء أقامه الرئيس بن علي على شرفه، "إن مجال الحريات [في تونس] اليوم يتقدم... وعندي ثقة تامة بإرادتكم على مواصلة توسيع فضاء الحرية في تونس". ولم ينتقد لا الرئيس ساركوزي ولا وزيرة الدولة لشؤون حقوق الإنسان راما يادي التي رافقته في الزيارة، وضع حقوق الإنسان في تونس علناً، بل أعلنت الرئاسة الفرنسية خلال الزيارة عن شراء شركة الطيران التونسية عدة طيارات إيرباص.
وتتمتع الولايات المتحدة بعلاقات طيبة مع تونس وتمتدحها كحليف لها في محاربة الإرهاب، وتحثها في الوقت نفسه لفظياً على التقدم في مجال حقوق الإنسان أكثر مما تحث معظم البلدان الأخرى في المنطقة. وفي أول زيارة لها إلى تونس بوصفها وزيرة خارجية الولايات المتحدة، التقت كوندوليزا رايس مع الرئيس بن علي في 6 سبتمبر/أيلول وقالت للصحفيين فيما بعد أنه رغم بعض الإصلاحات السياسية "فقد كنا واضحين تماماً بأننا نريد من تونس المزيد". وقالت إنها عبرت عن رغبتها في توفير "الوصول إلى وسائل الإعلام، وحرية الانترنت، وقدرة المعارضة على الظهور على التلفزيون بشكل فعليً" وصولاً إلى انتخابات 2009.
ورغم أن الولايات المتحدة لا تقدم الكثير من المساعدات المالية إلى تونس، فإن وزارة الدفاع تقدم تدريبات لمكافحة الإرهاب وبرامج تبادل تستفيد منها القوات المسلحة.
--------
التقرير العالمي لعام 2009: ينبغي على أوباما أن يركز على حقوق الإنسان
يجب منع الدول المسيئة عن التلاعب بالنظام لتفادي الانتقادات
January 14, 2009
للمرة الأولى منذ عشر سنوات تقريباً أتيحت للولايات المتحدة الفرصة لاستعادة مصداقيتها العالمية، بإغلاق صفحة السياسات المنطوية على الإساءة من حقبة الرئيس بوش.ولم يفت الأوان بعد، فاليوم تأتي أكثر الجهود الدبلوماسية نشاطاً بمجال حقوق الإنسان من أماكن مثل الجزائر والقاهرة وإسلام آباد، بدعم من بكين وموسكو، لكن هؤلاء "المفسدون" يضغطون في الاتجاه الخطأ
كينيث روث، المدير التنفيذي(واشنطن، 14 يناير/كانون الثاني 2009) - قالت هيومن رايتس ووتش اليوم بمناسبة إصدارها التقرير العالمي لعام 2009 إن على إدارة الرئيس أوباما القادمة أن تضع حقوق الإنسان في صميم السياسة الخارجية والداخلية والأمنية إذا أرادت أن تدفع بالضرر الهائل الذي وقع في سنوات إدارة بوش.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن دور القيادة الأميركية في الترويج لحقوق الإنسان سيكون ذات أهمية محورية، بما أن الجهود الدبلوماسية الأكثر نشاطاً وتنظيماً في الوقت الحالي بمجال حقوق الإنسان هي جهود سلبية، وتضطلع بها حكومات تحاول إبعاد الانتقاد عن إساءاتها وإساءات حلفائها. وقالت هيومن رايتس ووتش إن أزمة حقوق الإنسان في غزة، التي مات فيها مئات المدنيين في معرض القتال بين إسرائيل وحماس، توجه الأنظار إلى الاحتياج لاهتمام دولي مُركز على انتهاكات الحقوق التي يعاني منها الأشخاص في معرض النزاعات المسلحة في الوقت الحالي.
وقال كينيث روث، المدير التنفيذي ل هيومن رايتس ووتش: "للمرة الأولى منذ عشر سنوات تقريباً أتت للولايات المتحدة الفرصة لاستعادة مصداقيتها العالمية، بإغلاق صفحة السياسات المنطوية على الإساءة من حقبة الرئيس بوش". وتابع قائلاً: "ولم يفت الأوان بعد، فاليوم تأتي أكثر الجهود الدبلوماسية نشاطاً بمجال حقوق الإنسان من أماكن مثل الجزائر والقاهرة وإسلام آباد، بدعم من بكين وموسكو، لكن هؤلاء "المفسدون" يضغطون في الاتجاه الخطأ".
والتقرير العالمي لعام 2009 الذي جاء في 564 صفحة هو التقرير السنوي التاسع عشر ل هيومن رايتس ووتش بشأن ممارسات حقوق الإنسان في شتى أرجاء العالم، ويعرض بشكل ملخص قضايا حقوق الإنسان في أكثر من 90 دولة، عاكساً التحقيقات المستفيضة التي أجريت في عام 2008 من قبل العاملين في هيومن رايتس ووتش.
ويوثق التقرير انتهاكات حقوق الإنسان القائمة من قبل الدول والجماعات من غير الحكومات في شتى أرجاء العالم، ومنها الهجمات على المدنيين في النزاعات في أفغانستان وكمبوديا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وجورجيا وإسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة والصومال وسريلانكا والسودان والقمع السياسي في بلدان مثل بورما والصين وكوبا وإيران وكوريا الشمالية والمملكة العربية السعودية وأوزبكستان وزيمبابوي. كما يركز أيضاً على الانتهاكات التي ترتكبها الدول أثناء محاولتها وقف الإرهاب، ومنها فرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة. كما يتناول التقرير أيضاً الإساءات ضد المرأة والطفل واللاجئين والعمال والمثليين والمثليات وذوي التفضيل الجنسي المزدوج والمتحولين جنسياً بالإضافة إلى فئات أخرى من الأشخاص.
ويعرض مقال المقدمة بقلم كينيث روث تفصيلاً الخطوات التي ينبغي على الولايات المتحدة والحكومات الأخرى التي تزعم دعمها لحقوق الإنسان أن تخطوها إذا أرادت أن تسترجع زمام مبادرة حقوق الإنسان من الحكومات "المُفسدة" التي تعارضها بصورة فعالة وبقوة في الوقت الحالي.
وقال كينيث روث: "كخطوة أولى بالغة الأهمية، على أوباما وإدارته أن يعيدوا التفكير جذرياً في كيفية مكافحة الإرهاب". وأضاف: "فليس من الخطأ فقط ارتكاب الإساءات باسم مكافحة الإرهاب، بل إن هذا ينطوي أيضاً على عدم الكفاءة في درء هذا الخطر، وكذلك الحال بالنسبة للتغاضي عن انتهاكات الحكومات القمعية لمجرد أنها تُرى على أنها حليفة في مكافحة الإرهاب".
وألمح روث إلى أن في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى، نجحت الحكومات القمعية في منع التدقيق والرقابة على انتهاكات الحقوق، بينما وقفت الكثير من النظم الديمقراطية في مقاعد المتفرجين أو شنت دفاعاً غير فعال. والبلدان مثل الجزائر ومصر وباكستان، بدعم من الصين وروسيا والهند وجنوب أفريقيا، تدافع عن حق الحكومات في أن تفعل ما تشاء بدعوى السيادة الوطنية ومبدأ عدم التدخل أو مبدأ التضامن الإقليمي. ولم تتمكن واشنطن من الرد على هذه الدعاوى على نحو فعال، حتى حين سعت لتأييد حقوق الإنسان، بسبب سجلها في الآونة الأخيرة في الإساءات، وأغلبها تم ارتكابها باسم مكافحة الإرهاب، وبسبب أنها هجرت الدبلوماسية متعددة الأطراف الفعالة وفضلت أن تتبوأ بتكبر مكانة استثنائية.
ودعى كينيث روث إدارة أوباما الجديدة إلى الإشارة إلى استعداد الحكومة الأميركية الانضمام إلى المجتمع الدولي من جديد وأن تُخضع نفسها لسيادة القانون ب "إعادة التوقيع" على معاهدة المحكمة الجنائية الدولية، وأن تسعى للانضمام بالعضوية إلى مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وإلى التصديق على معاهدات حقوق إنسان كبيرة سبق أن تجاهلتها الحكومة الأميركية.
وقد استفادت بعض الحكومات من غياب الولايات المتحدة عن الساحة وعملت على تقويض تدابير الحماية الدولية لحقوق الإنسان. وقال كينيث روث: "من المؤسف أنه بالنسبة لحقوق الإنسان، فإن الدول صاحبة أوضح الرؤى وأنجح الإستراتيجيات وأكثرها فعالية، هي في العادة تلك التي تحاول تقويض إنفاذ الحقوق".
وقال كينيث روث إن خصوم حقوق الإنسان نجحوا في الهيمنة على المناقشات ما بين الحكومات بشأن حقوق الإنسان، وقللوا من مجال تدقيق الأمم المتحدة في وقائع القمع الجسيمة في أوزبكستان وإيران وجمهورية الكونغو الديمقراطية، على سبيل المثال، وعرّضوا فعالية مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان للخطر. وهؤلاء المفسدون تمكنوا أيضاً من الطعن في انتقاد الحكومة العسكرية البورمية وحاولوا وقف المقاضاة المحتملة للرئيس عمر البشير رئيس السودان من قبل المحكمة الجنائية الدولية، بشأن الانتهاكات الجسيمة والقاتلة في إقليم دارفور.
والحكومات الساعية للعب دور سلبي في مجال حقوق الإنسان تفعل هذا من أجل تعطيل التدقيق الدولي في انتهاكات الدول الحليفة لهذه الدول، على حد قول كينيث روث. وفيما تقول هذه الدول إنها تدعم حقوق الإنسان من حيث المبدأ، فهي تتذرع بالسيادة لتفادي التدقيق في سجلاتها الحقوقية. وقال روث: "هذه الحكومات تتذرع بالتضامن الإقليمي أو التضامن في إطار الجنوب العالمي، لكن التضامن الذي يضمرونه هو التضامن مع الزعماء المُسيئين وليس ضحاياهم".
ويذكر التقرير عدة دول وُجه إليها هذا الانتقاد، منها جنوب أفريقيا التي فشلت في الاستجابة للأزمة في زيمبابوي المجاورة لها، ومصر التي تشجع على التقليل من التدقيق في الانتهاكات في نزاع دارفور، والهند والصين اللتين لم تردا على القمع في بورما. وتشيد هيومن رايتس ووتش بحكومات الجنوب التي واجهت الاتجاه السلبي وتحدثت علناً من أجل حقوق الإنسان، مثل بوتسوانا وغانا وليبيريا ونيجيريا وسيراليون وزامبيا في أفريقيا، والأرجنتين وتشيلي وكوستاريكا والأورغواي في أمريكا اللاتينية. لكن يوضح التقرير أيضاً أن الحكومات الأصغر والمتوسطة الحجم ليس لديها ما يكفي من عزم لدرء جهود المفسدين دون مساعدة من النظم الديمقراطية الكبرى في الغرب.
ويخلص مقال كينيث روث إلى أنه بسبب انسحاب إدارة بوش إلى حد كبير من الدفاع عن حقوق الإنسان بعد تقريرها مكافحة الإرهاب دون مراعاة للحقوق الأساسية مثل عدم التعذيب والاختفاء القسري والاحتجاز دون محاكمة، فقد أجبرت بهذا الاتحاد الأوروبي على أن يتحرك وحده دون سند. وقد استجاب الاتحاد الأوروبي بشكل مثير للإعجاب في الأزمة الجورجية الروسية وفي إرسال مراقبين لحماية المدنيين شرقي تشاد. لكن التقرير يقول إن الاتحاد الأوروبي فشل أيضاً في توسيع مجال نفوذه واختبأ وراء بطء وتعقيد عملية صناعة القرار داخلياً، وبذل جهوداً دبلوماسية غير مدعومة بإرادة قوية ولا تتمتع بالفعالية، وفشل في أن يكون مؤثراً في أماكن مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية وبورما والصومال.
وقال كينيث روث: "يحتاج الدفاع الناجح عن حقوق الإنسان لمراجعة ذاتية جدية واستعداد النظم الديمقراطية في العالم لتغيير المسار". وتابع: "والمهمة التي يواجهها مجتمع حقوق الإنسان هي إقناع كل من المؤيدين التقليديين لحقوق الإنسان وهؤلاء الذين من المُحتمل ضمهم حديثاً إلى تأييد حقوق الإنسان، إقناعهم بانتهاز هذه الفرصة".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.