مدنين في صدارة ولايات الجنوب في عدد قتلى حوادث المرور خلال 2025    جندوبة: مطالب بتوفير المواد المقطعية وتوفير ضمانات انجاز واستكمال المشاريع العمومية المعطّلة    تونس تتجاوز معدّل الخمس سنوات الأخيرة: تجميع أكثر من 11,7 مليون قنطار من الحبوب    عاجل: فحوى لقاء قيس سعيد بجورجا ميلوني    عاجل/ حادثة مروعة في مدينة ملاهي..وهذه حصيلة المصابين..    العودة الطوعية: 1096 مهاجرًا يغادرون تونس بمساعدة دولية    جلال بن تقية يترشح لرئاسة جامعة كرة السلة ويقود قائمة من 12 عضواً    وادي مليز: 04 سهرات فنية طربية في مهرجان شمتو للفنون والتراث بوادي مليز في دورته 32    بعد انتظار طويل: الاعلان عن موعد ايام قرطاج المسرحية    كارثة صحية في القيروان: حجز 7000 قطعة لحم فاسدة موجّهة للمطاعم والأسواق    بطولة افريقيا للأمم لكرة اليد للوسطيات: المنتخب الوطني ضمن المجموعة الاولى    دولة عربية تسجل حرارة تلامس ال50 مئوية لأول مرة في شهر جويلية    أكثر من مليون تونسي يعاني من الشقيقة.. و''الكنام'' ما يعترفش بيها    رسميا/ هذا موعد إنتاج وتوزيع ورق الكراس المدرسي..#خبر_عاجل    مباراة ودية: النجم الساحلي يفوز على نجم المتلوي    بطولة افريقيا للأمم لكرة اليد للصغريات: المنتخب الوطني ضمن المجموعة الأولى    تعطّل في الإسعاف ومفكّرها لعب؟ القانون ما يرحمش...شوف العقوبة الى تسنى فيك    عاجل/ العثور على جثة امرأة بهذا الوادي..    جريمة مروعة: زوج يطعن زوجته داخل المحكمة..    وزارة التجارة تكشف نتائج نشاط المراقبة الاقتصادية خلال هذه الفترة..    السويد تطالب أوروبا بتجميد الشراكة التجارية مع إسرائيل    حفريات معبد تانيت...التوصل الى اكتشافات هامة    الاتحاد الاوروبي يشرع في تطبيق استثناءاتٍ لفائدة بعض المنتجات النسيجية التونسية    عمرو دياب يُفاجئ الجمهور: بكليب ''خطفوني'' بمشاركة ابنته جانا    للّي كبروا على صوت ''البيس''...هذه حكايتكم!    الزهروني: محاولة قتل شاب خلال "براكاج" مروّع في الطريق العام    موجتهم الأولى من الأمل: هيونداي تونس تُمكّن أطفالاً يتامى من اكتشاف البحر لأول مرة    قريباً: رفيق حفلاتك الأمثل بتقنية الذكاء الاصطناعي .. هاتف OPPO Reno14 F 5G هنا ليخطف الأضواء!    المعهد الوطني للتراث يستعيد ست قطع أثرية تمت إعارتها إلى معهد العالم العربي بباريس منذ سنة 1995    خزندار : محاصرة بارون ترويج المخدرات    تنبيه/ تراكم الدهون في الكبد ينذر بأعراض صحية خطيرة..    تأهل البولونية شفيونتيك والأمريكية كيز واليابانية أوساكا إلى الدور الثالث ببطولة مونتريال للتنس    تونس تخرج من موجة الحر: تراجع الكتل الساخنة والأجواء منعشة    تونس تحصد 58 ميدالية في دورة الألعاب الإفريقية المدرسية بالجزائر    مونديال الألعاب المائية بسنغافورة - الفرنسي مارشان يحطم الرقم القياسي العالمي لسباق 200 متر متنوعة    تحب تحلّ حساب؟ البوسطة ولا البنك؟ هاو الفرق!    العربي بن بوهالي: تضخم مستمر وأرباح مرتفعة للبنوك والشركات... والفقراء يدفعون الثمن    إطلاق مبادرة وطنيّة من أجل إنتاج غذائي بحري مبتكر ومستدام    بلدية تونس تُعلن عن عفو جبائي لسنة 2025: امتيازات مالية هامة للمواطنين    تطاوين : فرقة "تخت للموسيقى العربية" تحيي حفلا بمشاركة الفنان الليبي علي العبيدي والفنان الصاعد محمد إسلام المهبولي    "لاس ميغاس" تهز ركح الحمامات بإيقاعات الفلامنكو الجديد    عاجل من الافريقي: متوسط ميدان ليبي يمضي رسميًا    من طبرقة إلى جرجيس: كل الشواطئ مفتوحة أمام التونسيين هذا الويكاند    باحثون يطورون علاجا لهشاشة العظام...تفاصيل لا تفوتها    طرشق في صوابعك تنجم توصل للسبيطار...سّر باش يصدمك    مدفيديف يرد بسخرية على تحذير ترامب له ا ويذكّره ب"اليد الميتة" النووية الروسية    عاجل/ رئيس الدولة يفجرها تونس لن تكون لقمة سائغة للوبيات ولأعوانهم..    تسجيل 8 هزات ارتدادية عقب زلزال كامتشاتكا شرقي روسيا    عاجل/ دولة جديدة تعلن عزمها الاعتراف بدولة فلسطين في سبتمبر المقبل..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    نجاح أول عمليات منظارية على الأربطة المتقاطعة بالمستشفى الجهوي بقبلي..    إضراب النقل يُربك التنقلات في العاصمة.. و"التاكسي" يدخل على الخط: شهادات متباينة ومطالب مهنية    تاريخ الخيانات السياسية (31) البوّاب أخذ ألف دينار    سعرها حوالي 100 مليون دولار.. تحطم ثاني مقاتلة أمريكية "إف- 35" خلال عام    سهرة فلكية بمدينة العلوم    تاريخ الخيانات السياسية (30)...تمرّد المبرقع اليماني بفلسطين    عاجل/ التحقيق مع أستاذة في الفقه بعد اصدار فتوى "إباحة الحشيش"..    يوم غد السبت مفتتح شهر صفر 1447 هجري (مفتي الجمهورية)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غزة.. الكثير يفضلك حمراء..:مريم الراوي
نشر في الفجر نيوز يوم 20 - 01 - 2009

منذ أن كنا صغاراً، كنا نستمع لحكايات عن شعب هجر من دياره بغير حق، شعب خلده التأريخ بصلابة إرادة، وقوة عزيمة، وتصميم على العودة للوطن. ومنذ أن وعينا أدركنا إن معنى الكوفية أسمى وأعمق من مجموعة خطوط متشابكة، ولون نهار غاضب يشق ليل الحزن المستمر والمستعر في قلوب المهاجرين والمهجرين..
مذ بك الوقت، أصبحت فلسطين تمثل جميع الثائرين والحالمين بالغد والحرية.. أصبحت فلسطين عنوان نضال وتأريخ إنتصار متواصل يفخر به الأحرار، على إن شعب الخيام لايزال يقاوم من جيل الى جيل، ومن حلم الى أخر، حتى موعد العودة الى الميناء، والأرض والسماء..
ونحن أبناء العراق، أبناء الشهيد، أول ماتعلمناه كان( ف ل س ط ي ن) ، اولى أبجديات الحرية، واولى دروب النور صوب الوطن.. آمنا كما لازلنا وأبداً سنؤمن أن لاشرعية لمغتصب ولا مستقبل لمحتل.. وإن الفلسطيني وإن تخلى يوماً عن أرضه، فعلينا نحن أن نواصل النضال لأجل فلسطين القدس، عكا، صفد طبريا، حيفا، يافا، جنين، بيسان، الناصرة، نابلس، رام الله، الرملة، الخليل، غزة، بئر السبع، بيت لحم، جنين، رفح، كل فلسطين..
حين كانت عيوننا تسقط على كف طفل أسمر يحمل بيديه حجارة ومقلاع، كانت قلوبنا تتقاذفها الفرحة وندرك إننا سننتصر يوماً ما..وحين كنا صغاراً، ونقرأ في درس الوطنية والقومية عن فلسطين، كان السؤال يلف أعمارنا: هل هم بشر أم إسطورة؟! ولكم رسمنا العلم الفلسطيني بألوانه الأربع، وحفظنا عن ظهر عشق أناشيد هللت فيها طفولتنا وصبانا ثورة لاتهدأ حتى موعد النصر..ياااااااااااه على حكايات جدي وهو يذكر كيف هب الشعب العربي للدفاع عن فلسطين، وعن الشعب الحزين، وكيف إلتحق عمي وهو صاحب الثمانية عشر ربيعاً للإلتحاق بصفوف الثورة العربية..هذا الفتى الجميل الأسمر الذي لم يعد قط، وآثر أن يزف شهيداً في غور الأردن، لعيون فلسطين، العراق الثاني للعراقين، ونور عين العرب...
وبرغم أن المثل يقول إن البعيد عن العين بعيد عن القلب، لكن لفلسطين مقام آخر، ومعادلة مغايرة تماماً لكل ماهو قائم.. فلسطين تسمو كلما كبرنا، وتضحى الغاية والمنى متى ما حلمنا.. فلسطين، تلك الحسناء الغافية على الف جرح وجرح، هي موطن لكل العاشقين، والمؤلفة قلوبهم على وطن عزيز..
كلنا فلسطنيون وإن لم نحمل الجنسية الفلسطينية، ولكننا نحب فلسطين، مغلفة بالدم، مزركشة بأشلاء الأطفال والنساء والرجال.. نحبها حمراء، نعشقها برائحة الموت، ونفضلها جريحة...
هم ونحن، أوصلنا رسالة الجحيم الى أجيال الغد، أن الصمت بإنتظاركم، وإن العمى مصيب أشقائكم إن لم تتشظى أحلامكم أمام أعيننا.. وحين تنامون بهدوء، وتلاقوا النهار ببسمة المتعب الصامد، سنرشقكم بالصمت وبنظرات الشفقة، إن لم نمزق ماتبقى من خيامكم إمعانا في زيادة المأساة لتكونوا عنوان بالبونط العريض" كلنا غزة"..
غزة، بجدائلها اللوزية، عليها أن تكون مسيحاً آخر، وعلينا نحن أن نعبد لها طريق الالام لتكون ستار سخطنا من أنفسنا، ودرب لإدخال مستعمر آخر بإسم الجراح، وبإسم صرخة طفل رضيع، ممزق اليدين والكفين..
وغزة، بشعبها فقط، فقط فقط.. بأصغر طفل فيها، لم يولد بعد. غزة، ببراءة طفل يحلم بطيارة ورقية وبكرة رخيصة تشبع احلامه الكبيرة. غزة، بضحكات صبايا يلبسن فساتين مطرزة بدم أنامل أمهم وهي تشغلها ليلاً لتلبسها العروسة الصغيرة نهاراً، مع فردتي حذاء مهترء، وحقيبة يد بالية، تتراقص بيد الصغيرة الفرحة. غزة، بتجاعيد ختيار واقف امام أطلال الماضي، حاملاً المفتاح، وسائلاً من يعود من الديار ومن لايعود، إن حان الوقت ام لم يحن.. غزة، بقلب حاجة، تسبح الوطن ليل نهارا، حكايات وروايات عن فدائي في الأمس البعيد غاب تحت المطر، ولم يمت سوى ندى..
غزة، بأحلام شاب وصبية، يجتمع فيها الشمس والقمر تحت قباب سماء واحدة، ليكونا الغد الجميل..
غزة بكل هؤلاء، تصدت للصمت، للحقد، وللآتي من الويلات.. غزة ماهزمت يوماً، بل من يتكلم بإسمها يهزم، لأن الأقزام دوماً يدوسهم صمود الشعوب.. غزة لم تنتصر لأنهم أرادوها أن تنتصر، غزة منتصرة من قبل ومن بعد.. غزة، بكل جراحها تخوض معركتين، واحدة مع محتل وأخرى مع أقزام.. واحدة مع غاصب، وأخرى مع توابع..
غزة لايتكلم بإسمها سوى الشهداء..وهل يسمع صوت الشهداء؟! نعم، صوت الشهداء نضال مستمر، وحدة أرض وشعب، وإنتصار للأرض والإنسان فقط، هذا هو صوت الشهداء، صوت الوطن، وكل الأصوات الأخرى نعيق، نشاز، كذب..
تلك الأصوات الصدئة، المزاودة، والمتسلقة جثث أهلنا في غزة، لتعلن أنها وحدها من صمدت، وقاومت، كاذبة..
تلك الأصوات التي تجتر الشعارات والأقوال، وتدمن المايكروفونات والتلفاز، ستهلك تحت أقدام النهضة الوطنية الشعبية، وتحت سماء الوحدة..
لن يتبق لأحد قول آخر.. لن يتلق أحد شكر ومديح آخر.. غزة لم تعر المتسابقين على عرش الملك، لكنها إنتزعت جلودهم وأخلت عظامهم.. لم تبق هذه العظيمة لهم سوى العار، وأبقت لشعب فلسطين، صوت واحد فقط، كلنا فلسطين..
مريم الراوي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.