ما زال البعض من الحكام العرب والكثير من المثقفين مقتنعاَ بان ثمة صقور وحمائم وربماعصافير بين قادة الكيان الصهيوني الغاصب, بالرغم من أن أيديهم ملطّخة بدماء آلاف الأبرياء من العرب والفلسطينيين. وأننا جرّبناهم جميعا دون إستثناء وإكتوينا بنيران حقدهم العنصري على مدى عقود طويلة. وكان عدوانهم الأخيرعلى الشعب الفلسطيني في غزّة مع ما رافقه من جرائم قتل وتدمير وتشريد وحصاربمثابة بوستردعائي أراد قادة هذا الكيان الارهابي تقديمه الى الناخبين بغية الحصول على بضعة مقاعد في كنيست الشر. وأنهم كانوا يتسابقون فيما بينهم لا على شرح ومناقشة برامجهم الانتخابية بل لاظهارقدرتهم وكفاءتهم,المشهود بها في هذا المجال,على قتل المزيد من الفلسطينيين وإلحاق أكبرالأذى بهم. وهذا هو بطبيعة الحال جلّ ما يريده شعب الله المختار. وإذا وجد فيهم من يتصوّر نفسه إنه ما زال"نظيفا" الى اليوم فهذا لا يعني الاّ أن دوره في سفك الدم العربي لم يأتِ بعد. وربما كان واقفا في طابورالصهاينة لقتلة في إنتظاراللحظة المناسبة ليكتب سيرته الاجرامية على جثث وأشلاء الشعب الفلسطيني. وها هو الفاشي إفيغدور ليبرمان يتقدّم الصفوف في هذه الانتخابات نازعاعن وجهه قناع الديمقراطية الزائف الذي عجز, رغم ألاعيب وحيل وأضاليل الدعاية الصهيونية, عن إخفاء الحقيقة البشعة لدولة يقودها قتلة وقطّاع طرق ومتعطّشون للدماء. وإذا صدقت الأنباء المنشورة في بعض الصحف العبرية والتي تقول أن الأحزاب الكبرى الفائزة بالانتخابات, كاديما والليكود والعمل, والتي يعتبرها البعض أقلّ تطرّفا من سواها وهذا مجرد وهم كبير وخطأ جسيم, عازمةعلى تشكيل ما يسمى بحكومة وحدة وطنية, ظاهريا لابعاد تأثيرالأحزاب الدينية والقومية المتشددة . على أساس أن إيهود باراك وتسيبني ليفني وبنامين نتنياهو من فصيلة الملائكة ! لكن الهدف الذي لا يجب تجاهله والتقليل من شأنه,خصوصا بدخول مجرم جديد على الخط مثل نتنياهو, هو إعادة عملية السلام الوهمية والخادعة الى المربع الأول ليتم حجرها هناك لسنوات أخرى, وتحضيرالأجواء عالميا لعدوان جديد على الشعب الفلسطيني في غزّة بعد أن إنتهى عدوانهم الأول, بفضل بسالة وصمود ومقاومة غزّة وشعبها الصامد,الى بفشل ذريع وخيبة أمل كبيرة. وبغض النظرعن كلّ ما يجري في الكيان الصهيوني من مساومات وسمسرة سياسية ومزايدات بين قادة الأحزاب الاسرائيلية, وهم جميعا بين متطرّف جدا وآخرأكثرتطرّفا منه, لا يعنينا نحن كشعوب عربية ومسلمة بشيء, باستثناء الحكام العرب وأولهم الرئيس المنتهية ولايته دستوريا السيد مححود عباس الذي صرّح بانه سوف يتعامل مع أية حكومة إسرائيلية جديدة. وهذا معناه إن كلّ شيء في عالم السياسة قابل للتغييرأو المراجعة أو الحركة ولو بالميليمترات الاّ مواقف وأفكارالزعماء العرب. فهي, رغم خطلها وتجاوزالأحداث لها, ما زالت راسخة رسوخ الجبال الصم.أو بمعنى لغوي بحت, ممنوعة من الصرف. وكأن سنوات الضياع في دهاليز وأروقة"أوسلو" وما تبعها من تنازلات وتوسلات وإستجداء وغزّل فاضح من قبل أقطاب النظام العربي بالعاهرة الشريرة إسرائيل, لم تفتح بصائر وأبصار حكامنا الغيرأشاوس وتجعلهم يتصرّفون ولو مرّة واحدة في حياتهم بشكل ينسجم مع طموحات وتطلعات وأراء شعوبهم, وأن يقفوا وقفة شجاعة جريئة الى جانب هذه الشعوب التي تجد في الكيان الصهيوني الغاصب عدوها اللدودالذي لا يؤمن لا بسلام ولا حتى باستسلام الاّ إذا زحف القادة العرب حفاة عراة الى تل أبيب وهم يردّدون قول النابغة الذبياني للملك النعمان بن المنذر"أتيتك عاريا خلقا ثيابي - على خوفٍ تظنّ بيَ الظنون".