تقدم بتردد لم يتعود عليه... تبسم زميل له من بعيد و همس لآخر:" انظر كيف يمشي..لم يعد فلان الذي نعرف.. لا يأبه لمعارض و لا لناشط بل ينطلق كالوحش الكاسر ركلا و سبا و شتما و تهديدا.. لم أره مترددا مثل هذا التردد منذ يوم وسمه سيدنا.." كاد يتعثر و هو يتقدم نحو صاحبة الخمار.. - " آه، انظر إليه كيف يتقدم من صاحبة الخمار؟" -"فعلا كان ينقض على ذوات الخمار في الطرق و أمام المعاهد و الكليات لكن هذه المرة خانته عنتريته" اقترب بعض الشيء، قدم التحية و قال: -" لا أدري ما سبب عدائكم لليهود؟" - " نحن لا نعادي لا اليهود و لا أي أصحاب ديانة أو عقيدة أو فكرة أو رأي، إنما نعادي الظلمة و الطغاة و منتهكي حقوق الإنسان و المعتدين على كرامته". همس دون أن يحرك شفتيه: « صحة ليك، والله صحة ليك".. انتبه من غفوته تحت صليل سؤال ذات الخمار: -" ممكن أعرف من أنت؟؟" تلعثم بعض الشيء ثم تماسك قليلا و قال: -" أنا؟ أنا فلاح، نعم فلاح" -" فلاح؟؟ و أنت معنا منذ ساعات عديدة؟ و قضيت ليلتك قربنا في الخلاء؟ لعل ضيعتك أصبحت ضيعة متنقلة منذ حلولنا هنا".. و أضافت: -"مرحبا!! أنا ملكة انكلترا" أدار ظهره لصاحبة الخمار متوجها نحو جمهرة من زملائه.. تذكر فشله المدرسي... لعن يوم سدت أمامه أبواب الارتزاق الكريم... فاضطر لاختيار الفلاحة... اقترب من زملائه هامسا.. " هل كنت أنعم بمثل هذه الامتيازات إن لم اختر الفلاحة؟؟ الدنيا مع الواقف" لمح شيئا من السخرية و أحس بصغار لم يشعر بمثله منذ أمد.. ففضل الذهاب إلى سيارته.. معذرة سيارة العمل.. و فيها أشعل سيجارة... أغمض عينيه.. " ملكة انكلترا؟؟ ماذا تقصد بهذا الكلام؟؟؟إنها ليست إليزابيث الثانية بكل تأكيد... بريطانيا هي التي توزدنا بنوع من الكلبشات و نوع من الهراوات.." آه فهمت!! فهمت!! بكل تأكيد هو مقصودها بقولها ملكة انكلترا.. الحمدلله الذي كبح عنجهيتي و إلا لكنت في خبر كان" .... فتح عينيه.. بحث عن صاحبة الخمار.. رآها تحدث رفاقها فيبتسمون... تنتقل من مجموعة إلى أخرى فتحظى باحترام كبارهم و صغارهم.... أغمض عينيه من جديد... عبدالله الزواري جرجيس في 26 فيفري 2009