* عمر القرايدي ( تونس ) مثلت اسرائيل كدولة محاربة في منطقة الشرق الأوسط طيلة أكثر من نصف قرن ما يسمى في الاصطلاح العسكري " رأس جسر " على الضفة الشرقية للبحر الأبيض المتوسط لصالح الولاياتالمتحدةالأمريكية القوة الامبريالية الأولى في العالم ، بحيث أنها تقوم بمهمتين أساسيتين لا ثالث لهما: 1) المهمة الأولى ( عقدية ): بناء دولة اسرائيل لإيواء شعب الله المختار المشرد في الشتات و بناء هيكل سليمان . 2) المهمة الثانية ( استراتيجية ) : لعب دور شرطي في المنطقة و تمثيل فزاعة لتخويف الحكومات التابعة لسياسة الغول الأمريكي من أجل المحافظة على هيمنة الدولة الكبرى و سيطرتها على منابع النفط. و بعد حروب خاطفة قصيرة الأمد و حروب مستنزفة طويلة الآماد خاضتها الدولة العبرية ضد جيرانها العرب اكتسبت الدولة الصهيونية شهرة لا تضاهى و أصبح يعرف جيشها بالجيش الذي لا يقهر ، إلا أن حرب تموز 2006 كشفت سوأة هذا الجيش و وضعت قيادة هذه الدولة الاستئصالية أمام حقيقة لا شك فيها و أمام سنة كونية نحن نعيش بداياتها أن النصر تعقبه الهزيمة و أن العلو في الأرض يعقبه السقوط و أن الايمان يصنع المعجزات فقد انتصر حزب الله و عناصر المقاومة في جنوب لبنان على قلة عددهم و محدودية تسليحهم على دولة مصنعة للأسلحة التقليدية المتطورة و تملك ترسانة نووية قدرها بعض الخبراء بمائتي رأس نووي. و عانت اسرائيل أيضا من ضربات المقاومة الفلسطينية الباسلة في قطاع غزة و الضفة الغربية إلى أن بدأت علامات الهزيمة تظهر فقررت الانسحاب و إعادة الانتشار حول القطاع بحيث تبقي أهله تحت الحصار و القصف و الخنق. و مهما كانت حدة الحصار و التجويع و الخنق و القصف فلن تستطيع كسر إرادة شعب يقاوم منذ ما يزيد عن نصف قرن كما لا يمكن أن تمحي علامات أخرى بدأت تظهر في الأفق القريب ألا و هي علامات هزيمة يهود في فلسطين. العلامة الأولى: حزب الله في جنوب لبنان : إن وجود حزب يؤمن بعقيدة عسكرية تنبني على حتمية مقاتلة اليهود و ضرورة القضاء على اسرائيل لهو الدعامة الأولى للنصر ، ولئن مازال الحزب لم يطور عقيدته العسكرية من مقاومة المحتل لجنوب لبنان إلى مهاجمة الغاصب لفلسطين إلا أن المرحلة الأولى قد اكتملت و أصبح من خلال سنة التدافع أن اليهود و حزب الله لن يصلا إلى فك الاشتباك و إرساء سلام دائم بينهما و من المرجح قيام حروب أخرى أشد أوارا و ضراوة من حرب تموز 2006. العلامة الثانية : المقاومة الاسلامية في قطاع غزة : المقاومة الاسلامية في غزة حالة فريدة في تاريخ حركات التحرر في العالم على اعتبار أنها تفتقر لكل شيء إلا عدالة قضيتها و إيمانها العميق بربها ، فالبيئة كلها معادية للمقاومة الاسلامية و ليس لها عمق استراتيجي لو لا أنفاق حفرت و أسلحة هربت و صواريخ صنعت لما أمكننا الحديث عن مقاومة في غزة ، و رغم الحصار الخانق و القصف العشوائي و سياسة الاغتيال الممنهجة و التجويع المتواصل إلا أن مقاومي غزة هاشم يشعرون بفخر لا يدانى لدحرهم للمحتل و إبقاء خطوطه الأولى تحت الرمي الصاروخي للمجاهدين و إنها معركة إرادة و صبر ، مسألة وقت لا غير. العلامة الثالثة : خروج المحتل من الضفة : و إنها لمنة من الله لو يخرج الصهاينة من الضفة الغربية سواء تحت ضربات المجاهدين الصادقين أوفي إطار شكل جديد من أشكال إعادة انتشار لهذا العدو الغاصب. اسرائيل الآن محاصرة : قد يظن السامع أن في الأمر خطأ ما و أن العكس هو الصحيح ، و لكن الواقع يثبت فعلا حقيقة أن اسرائيل محاصرة من الشمال بقوات حزب الله و من الجنوب الشرقي بقوات المقاومة الباسلة في قطاع غزة و من الشرق بالمجاهدين في الضفة الغربية ناهيك عمن سيأتي من وراء الحدود ( الأردن ، سوريا ، مصر ...) إلا أن هذا الحصار غير مفعّل و يحتاج إلى دعم كبير حتى ينجح. عوائق استراتيجية فك الكماشة: لو استطاع الفلسطينيون و اللبنانيون أن يتفقوا على خطة فك الكماشة لعصروا العدو عصرا و لفرضوا عليه الانكفاء إلى سواحل البحر قبل أن يتم القضاء عليه نهائيا إلا أن هناك عوائق تمنع الآن حصول هذا السيناريو نذكر منها: - واجب المقاومة الآن هو توحيد الصفوف و تقوية جبهتها الداخلية إذ لا يمكن الانتصار على عدو مثل الكيان الصهيوني دون وحدة المقاومة و قوة جبهتها الداخلية. - الاستعداد و الجهوزية التامة و العامة - توثيق الصلة بكل الأصدقاء من العرب و المسلمين و الأحرار في العالم توفير عمق استراتيجي فاعل للمقاومة ينهي مرحلة العقم قد يسأل القارىء متى تتحرر فلسطين؟ و الجواب سهل للغاية و صعب للغاية ، تتحرر فلسطين عندما نريد تحريرها "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" كذلك لا تتحرر فلسطين إلا عندما يجتمع يهود العالم على صعيدها الطاهر فلا يبقى واحد منهم في أرض الشتات ليحق فيهم الوعد فتكون المعركة الفاصلة بينهم و بين المسلمين كل المسلمين موحدين بصفتهم الاسلامية الجامعة لكل المذاهب و الفرق.
المصدر:بريد الفجرنيوز:Monday, January 21, 2008 6:09 PM