افتتاح حديقة سيدي بويحيى برادس بعد استكمال أشغال إعادة تهيئتها    المحطة السياحية نابل-الحمامات تسجل مؤشرات سياحية هامّة مع تواصل الاستعدادات لتأمين احتفالات رأس السنة الإدارية    كاس امم افريقيا 2025: نيجيريا تفوز على اوغندا 3-1    تونس تطلق موسم تصدير البرتقال المالطي إلى فرنسا وتستهدف رفع الكميات المصدّرة    عاجل: تبون: لم نتدخل في الشأن الداخلي لتونس وجيشنا لم يطأ أراضيها    المعهد الوطني للرصد الجوي: خريف 2025 أكثر دفئًا من المعدّل لكنه أقل حرارة مقارنة بالفصول السابقة    التمديد في حالة الطوارئ لمدة شهر بداية من 1 جانفي القادم    الليلة: أمطار مع رياح قوية بهذه الجهات    جدل رياضي: الاتحاد المنستيري يفضح اعتداء بعد مباراة مثيرة    وزارة الدفاع الإماراتية تعلن إنهاء ما تبقى من فرق مكافحة الإرهاب في اليمن    عاجل: قبل يومين من رأس العام... غلق 65 محل غذائي وحجز 3000 خبزة مرطبات    سلسلة عروض جديدة لمسرحيات "جاكراندا" و"الهاربات" و"كيما اليوم" مطلع العام الجديد    مختصّة في طبّ الشيخوخة: عزلة كبار السنّ خطر رئيسي يرفع نسب الاكتئاب والوفيات المبكرة لديهم    وليد الركراكي: "من الآن فصاعدا كل المباريات ستكون بمثابة نهائي"    النادي الافريقي يفوز وديا على البعث الرياضي ببوحجلة 3-1    تونس تستقبل السفير اللبناني الجديد وتؤكّد دعمها للبنان    عاجل: تفاصيل توقيت عمل مكاتب البريد غدوة    عمادة الأطباء تشدد على ضرورة الحصول الأطباء على ترخيص مسبق قبل أي ظهور إعلامي    عاجل/ أحكام بالسجن بين 30 و40 سنة في حق هؤلاء..    زياد دبّار: قطاع الصحافة في تونس منكوب اقتصاديّا و80 بالمائة من المؤسسات مهدّدة بالغلق    زغوان: حجز580 كلغ من العسل وأكثر من 700 كلغ من المرطبات    إعطاء الطفل هاتفاً قبل هذا العمر مضر جداً.. دراسة تفجرها وتكشف حقائق خطيرة..    عاجل: اليوم آخر أجل لخلاص معاليم الحج...فرصتك في الساعات القليلة القادمة    عاجل: هذا موعد الأيام البيض لشهر رجب    سحابة شمسية قوية تصل الى الأرض ليلة راس العام: علم الفلك يكشف التفاصيل    عاجل/ في أول تصريح لها: والدة الطفلة التي دهستها حافلة قرب شلالات بني مطير تكشف..    على هامش اشغال اللجنة المشتركة التونسية السعودية ، وزير الإقتصاد يجري لقاءات ثنائية    حمام الأنف: الكازينو التاريخي باش يترمّم ويرجع يلمع من جديد ...شوفوا التفاصيل    الفوترة الإلكترونية في تونس: خطواتك باش تكون في السليم    السعودية تدعو الإمارات إلى الاستجابة لطلب اليمن بمغادرة قواتها    شركة عجيل تنتدب عدّة إختصاصات: سجّل قبل 20 جانفي 2026    علاش نحسّو شهر ديسمبر طويل؟    عاجل: فطر قاتل مقاوم للدواء ينتشر في 61 دولة ويهدد الصحة...شنوا الحكاية ؟    المسدي تنشر إجابة رئيسة الحكومة في ملف الصحفيين القطاري والشورابي    أفلام عربية متفوّتهاش ليلة رأس العام    كاس امم افريقيا (المغرب 2025) : برنامج مقابلات اليوم الثلاثاء    عاجل: شهر رمضان يتكرر للمرة الثانية في عام واحد    تونس من بين الدول المعنية به..تعرف على موعد أطول حالة ظلام دامس بالأرض خلال قرن..    عاجل/ بعد فضيحة اللحوم الفاسدة التي تم توريدها..الملف يحال الى القضاء والرابحي يفجرها ويكشف..    كونكت تطالب وزارة التجارة بتخفيض سعر القهوة وتحذّر من سيطرة المهربين على القطاع    السجن لمنفذ عملية "براكاج" لطالبة..وهذه التفاصيل..    خلال حملة مراقبة: حجز 100 خبزة مرطبات بهذه الولاية..#خبر_عاجل    حضور مميز لمندوبية التربية بجندوبة في احياء الخط العربي    كأس أمم اقريقيا: شوف شكون ضدّ شكون اليوم ووقتاش    عاجل : وفاة أول امرأة تقود بنغلاديش خالدة ضياء عن 80 عاما    غارات وقصف مدفعي على مناطق مختلفة من غزة    ساعة ماسية تخطف الأنظار.. معصم رونالدو حمل ثروة في حفل دبي... التفاصيل    عاجل/ خلال لقائه وزير الفلاحة ومدير ديوان الزيت: رئيس الدولة يدعو للتصدي لهؤلاء..    عاجل : 6 منتخبات تودع رسميا الكان ...شوف شكونهم    راس العام في الدار؟ هذي أفلامك باش تضحك وتفتح العام الجديد بالفرحة    ڤريب الشتاء: كيفاش تتعدى، قدّاش يدوم، ووقتاش يلزم تمشي للطبيب؟    «صاحبك راجل» في القاعات المغربية    سامي الطرابلسي: سنواجه تنزانيا من أجل الفوز وليس التعادل    ترامب: "حزب الله" يتعامل بشكل سيئ وسنرى ما ستسفر عنه جهود نزع سلاحه    الدورة 40 لمعرض الكتاب: تواصل قبول الأعمال المرشحة لجوائز الإبداع الأدبي والفكري والنش    وزير التربية يعلن 2026 سنة مطالعة    مع الشروق .. التاريخ يبدأ من هنا    أفضل دعاء يقال اخر يوم جمعة لسنة 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تونس الأولى في الدول العربية والرابعة على العالم في نسبة الطلاق
نشر في الفجر نيوز يوم 06 - 04 - 2009


تونسيات في سباق للخروج من القفص الذهبي
غادة الترساوي



صيحة فزع أطلقها علماء النفس والاجتماع في تونس بسبب تفشي ظاهرة الطلاق في البلاد.. بعد أن أظهرت الأرقام ارتفاعا متزايدا في نسب حدوثه في الأعوام الأخيرة بما جعل تونس الأعلى في المنطقة العربية والرابعة على مستوى العالم في إحراز حالات الطلاق؛ ففي مثل هذا الوقت من كل عام ومع بدايات الربيع تطلق احتفالات الأعراس في تونس، لكن سرعان ما ينتهي العديد من هذه الزيجات أمام المحاكم؛ ليصدق المثل التونسي القائل: "في الصيف في الصالة وفي الشتاء في قصر العدالة"!
وكانت الإحصائيات قد أشارت إلى أن أكثر من 16 ألف قضية طلاق تم تسجيلها خلال عام 2005، من بينها نحو 11570 صدرت فيها أحكام بالطلاق؛ وذلك مقارنة بعشرة آلاف حكم صدر عام 2004، بينما لم تتجاوز أحكام الطلاق سبعة آلاف منذ عشر سنوات.
إقبال نسائي

ولأن الطلاق في تونس قضائي، أي لا يقع إلا أمام المحكمة خلافا لما هو معمول به في عدة دول عربية أخرى، ولأن القانون يجيز للمرأة التونسية تطليق الرجل حسب ما نص عليه الفصل ال30 من قانون الأحوال الشخصية، نجد أن النساء في تونس هن الأكثر طلبا للطلاق من الرجال؛ إذ إن ما يتجاوز 50% من قضايا الطلاق التي نظرتها المحاكم التونسية العام الماضي رفعتها تونسيات قررن الخروج من القفص الذهبي لأسباب مختلفة، بعد أن كانت النسبة لا تتجاوز 6% فقط في عام 1960؛ بما يعتبر مؤشرا على أن النسبة لن تتراجع أو تستقر عند هذا الحد.
والطلاق في تونس يعود لأسباب متعددة تنوعت بين الفقر، والبطالة، وعنف الزوج، وتباعد المستوى الثقافي والاجتماعي بين الزوجين، بالإضافة للأسباب المتعلقة بالعلاقة الخاصة والتي طفت على السطح بقوة في الفترة الأخيرة بعد أن كانت من المشكلات المسكوت عنها لسنوات طويلة.
فوفقا لدراسة بوزارة شئون المرأة والأسرة بتونس ثبت أن المشاكل الاجتماعية تتسبب بنسبة 48.3% بحالات الطلاق، والتي تشمل المعاملة السيئة، والعنف، وعدم الشعور بالمسئولية، والاختلاف في المستوى الثقافي والتعليمي، بينما 22.7% من الحالات تعود إلى عقم أحد الزوجين، أو الإصابة بإعاقة، بينما تتسبب المشاكل الجنسية، والخيانة، وقلة الثقة والغيرة في 15.8% من حالات الانفصال، في حين تسهم المشاكل المادية في 13.2% من تلك الحالات؛ بما حدا بالكثير من الجهات البحثية بعمل دراسات اجتماعية حديثة تدعو إلى ضرورة تضافر الجهود من أجل الوقاية من تفشي ظاهرة الطلاق عبر توعية الشباب المقبلين على الزواج.
أزمة قيم
فمن خلال عدة جولات داخل أروقة وصالات المحاكم قامت بها العديد من الصحف والمواقع التونسية يتضح جليا أن المسالة لا تتعلق بظاهرة الطلاق في حد ذاتها؛ لأنها ليست بالظاهرة الجديدة على أي مجتمع، وإنما تتعلق بأزمة قيم وأخلاق شباب اليوم الذين فقد معظمهم الإحساس بقدسية هذا الرباط المقدس، فضلا عن فقدانهم للصلابة في مواجهة الصعوبات، فنراهم مع أول ارتفاع للموج تنهار أسوارهم وتنتهي أحلامهم الجميلة، بينما كان من الممكن بقليل من التضحية والإيثار والصبر على الشريك مواجهة الكثير من هذه الأزمات وإدارتها بنجاح، والتغلب عليها دون أن ينهار الحصن وينفرط عقد أسرة لم تزل على أعتاب حياة عائلية جديدة؛ حيث أوضحت الأرقام أن 59% من حالات الطلاق تتم خلال السنوات الأولى من الحياة الزوجية، وأن ثلثي الأسر التي تتعرض للطلاق يكون لها طفلان على الأقل، وثلث الأسر الأخرى يكون لديها أكثر من 3 أطفال، ولا تتجاوز أعمار أغلبية الأطفال أكثر من 15 عاما.
"نعيمة".. الفتاة الجميلة ذات الأعوام الثمانية والعشرين.. لطالما حلمت بعائلة سعيدة، غير أن حلمها سرعان ما ضاع بعد سنوات الزواج الأولى والتي أثمرت طفلا جميلا؛ لتجد نفسها مضطرة بحسب زعمها لطلب الطلاق بعد تجربة وصفتها بأنها مدمرة قلبت حياتها رأسا على عقب، وعندما سئلت عن السبب أفادت بأن الزوج الثري يخصص معظم وقته لعمله، بينما تبقى هي أسيرة الوحدة التي لم تتحملها وآثرت عليها الانفصال!.
أم لفتاتين مطلقتين.. الكبرى طلبت الانفصال عن زوجها، أو بالأحرى خطيبها بمجرد عقد القران بعد قصة حب دامت سنوات، ولكن الظروف المادية حالت دون أن تكلل القصة بالنهاية السعيدة؛ فالعريس يملك البيت الذي اعتقدت العروس أنه سيكون عش الزوجية المنتظر، لكنها فوجئت به يعرضه للإيجار ويطالبها بالسكن في شقة صغيرة حتى تتحسن أحوالهما المادية! اتهمته بالبخل، واتهمها بالأنانية.. وتشبث كل بموقفه لتثبت التجربة التي ما زالت في بدايتها استحالة التوافق بينهما، أو هكذا برر كلاهما موقفه الذي قد يراه البعض تسرعا، ويراه البعض الآخر تهاونا بالميثاق الغليظ، وكان الطلاق الذي شهدته المحكمة النهاية الطبيعية لهذا الارتباط الهش.
أما الابنة الصغرى فتروي الأم قصتها وفي حلقها غصة قائلة: بعد كتابة العقد دامت العلاقة ثمانية أشهر فقط، لم يكن مسئولا أو جادا -أو هكذا رأته ابنتي- لم يقدر قيمة الزواج وتبعاته، قالت عنه إنه كسول ويسهر حتى الصباح، ويتنقل بين الوظائف كل ثلاثة أشهر!
امرأة أخرى لم يعجبها تدخل حماتها في كل صغيرة وكبيرة في حياتهما! وتستنكر على زوجها بره لأمه وشقيقاته، وإسراعه بتلبية كل طلباتهن خاصة بعد وفاة والده! وتزعم أن ذلك يأتي على حسابها؛ وهو ما دفعها إلى الانفصال عنه بعد عامين فقط من الزواج رغم وجود طفلين لم يضعهما أي منهما في الحسبان وهو ينفذ أبغض الحلال.
وعلى شبكة النجاح نلمح إحدى المطلقات بعد مرور سنتين على طلاقها تقول: "لو تحملت قليلا وحاولت الوصول إلى حل مع زوجي لما كان هذا مصيري، وخاصة أن مشكلتنا قابلة للحل".
عماد (35 عاما) سارع بتطليق زوجته نتيجة ما وصفه بالتقصير في حق العائلة؛ فهو يتهمها بانشغالها بعملها وإهمالها له ولابنه قائلا: بالرغم من أن القانون يسمح للنساء المتزوجات اللاتي لهن أطفال بالعمل نصف الوقت مع تمتعهن بثلث الأجر، إلا أن زوجتي اعتبرته تمييزا بين الرجل والمرأة، ورفضت الاستفادة من هذه الميزة لتفوز بالأجر كاملا، مع أنها تنفقه بالكامل على مواد التجميل والملابس التي تستعرض بها مفاتنها في العمل.
أما (م.ن) فله قصة أخرى، فهو لم يقدم على الزواج إلا في سن متأخرة بعد أن أعد نفسه ماديا على الوجه الأكمل حتى لا يعرض نفسه لمغامرة الرفض، إلا أن هذه الإمكانيات المادية هي نفسها كانت السبب في انهيار الزواج وحدوث الشقاق بدلا من أن توفر له الزيجة المثالية التي طالما حلم بها، وأهدر السنين في جمع المال أملا في الفوز بالسعادة والحياة الزوجية الهانئة.
فقد أوقعه حظه العاثر في زوجة غير ناضجة ومحبة للمظاهر، تنفق معظم وقتها في الخروج واللهو مع الصديقات، ولا تهتم إلا بالإنفاق وببذخ شديد على شراء الكماليات وكل ما هو استهلاكي! حاول كثيرا إفهامها أن الزواج شراكة ومسئولية، لكن لم يكن لكلامه أي صدى لديها، فاختار الانفصال بعد 3 سنوات وضاعت «تحويشة» عمره على هذه الزيجة قصيرة الأمد.
منحة القوانين ومحنة العقول
في حديث لها نشرته جريدة الدستور التونسية أرجعت السيدة فتحية السعيدي -اختصاصية علم النفس- ارتفاع نسب الطلاق إلى كون المرأة التونسية تتمتع بحقوق تفتقر إليها نظيراتها العربيات، وأن القانون بالرغم من أنه أنصف المرأة التونسية في مجالات عدة ومنها الطلاق، فإن سوء تأويل هذه القوانين من قبل الرجل التونسي التائه في المنظومة الجديدة والمرأة المحلّقة في فضاء حريتها، خلق بين الزوجين أزمة أدوار ترتب عليها العديد والعديد من المشاكل الاجتماعية، وتؤكد أن الفهم الخاطئ للقوانين التونسية القائمة على مبدأ الشراكة والمساواة بين الجنسين، جعل من ساحة المحاكم التونسية شاهدا على حالات الطلاق.
فيما رجح الباحث الاجتماعي "المهدي بن مبروك" -وفق شبكة النبأ المعلوماتية- أن انفتاح المرأة التونسية أكثر من أي وقت مضى على المجتمعات الغربية، وميلها إلى تحقيق استقلالها المادي والمعنوي سببا إفراز تحولات قيمية داخل المجتمع أدت إلى ارتفاع نسب الطلاق بهذا الشكل الملحوظ، مؤكدا أن المجتمع التونسي يشهد فجوة بين القوانين والعقليات لكل من المرأة والرجل على حد سواء، ففي الوقت الذي مكن المجتمع فيه المرأة التونسية من قدر كبير من التحرر، قابل ذلك العقلية الشرقية لأعداد واسعة من الرجال الذين يرفضون تغير موازين السلطة داخل العائلة، والاعتماد على الحوار كبديل للسلطة المطلقة للأب.
ويشير المحامي "الطرابلسي " إلى أن ضمانات النص القانوني مثلت حافزا أساسيا لقضايا الطلاق بالنسبة لبعض الأزواج والزوجات الذين اعتمدوا على القانون لتصفية حسابات شخصية مدفوعين بالعناد لكسب دعوى الانفصال، فمجرد رفع دعوى غالبا ما يكون حكمها الطلاق، رغم اختلاف أنواع هذه الدعاوى المتمثلة في: الدعوى القائمة لرفع الضرر، ودعوى الإنشاء وهي طلب الطلاق دون توضيح الأسباب، ودعوى بالتراضي، ليكون الحكم بعد ثلاث جلسات تدعى جلسات الصلح، في حال لم تكن مشاكل الحضانة والسكن والنفقة والتعويض الطاغية على القضية لتمتد سنة تلو الأخرى، لكن تبقى هذه الإجراءات شكلية أمام إصرار أحد الطرفين على التمسك بالطلاق، حتى وإن تطلب ذلك التعويض لشريكه.
والمرأة التونسية غالبا ما يكون لها حق الحضانة والسكن، وحاجزها الوحيد هو سوء الخلق، والقانون التونسي كفيل بتعويضها في حال ضررها وإجبار زوجها على تطليقها، ودفع نفقتها، وبالرغم من رمزية المبلغ فإن العديد من النساء يفضلن الاكتفاء بالضمانات الأخرى مع مبلغ قليل من المال، على العيش مع أزواجهن.
هذه الحالات من الطلاق يرى المحامي أنها تجسم تخبطات المجتمع التونسي بين نص قانوني صريح وواضح يقنن العلاقة الزوجية، وبين تعسف عقليات عدة على هذا النص، مؤكدا أن القوانين المقننة للطلاق في تونس منحة حولتها بعض العقليات التعسفية للزوجين إلى محنة حقيقية.
ويستدرك المحامي قائلا: رغم ما سبق فإننا لا يمكن أن نحصر تفاقم ظاهرة الطلاق في تونس في معطى سوء الفهم وتأويل النص القانوني فقط، فهناك حالات أخرى سببها المعاملة السيئة بين الزوجين، إضافة إلى غياب الإحساس بالمسئولية والعنف الموجه ضد المرأة خاصة تحت تأثير تعاطي الكحول والمخدرات التي تضاعف من إمكانات تعرض الزوجة للعنف، مشيرا إلى أن رجلا طعن زوجته تحت تأثير المخدرات، كما أنه في إحدى المحاكمات بيّنت المطالبة بالطلاق أن زوجها كان ينهال عليها ضربا بعد كل جلسة خمرية مع أصدقائه.
وينهي المحامي حديثه قائلا: إن هناك حالات أخرى بعيدة كل البعد عن هذه الأسباب، وينقصها فقط دعامة الاحترام بين الزوجين.
بالتكامل تستمر الحياة
يؤكد د."كمال عبد الحق" اختصاصي المعالجة النفسية والسلوكية أن مشاغل الحياة تنسي الزوجين بأن لكل منهما شخصيته وتاريخه، وبأن نجاح الحياة الزوجية يبقى رهين تحقيق مزج منطقي يخضع بالأساس إلى محاولة كل طرف فهم الآخر دون فرض أي آراء على حساب أخرى، ودون أن ينسى كل منهما أنه لا يمكن أن يصبح أي شخص نسخة مطابقة للآخر؛ لأن الاختلاف يحدث التكامل، وبالتكامل تستمر الحياة الثنائية.
ويتابع "د.عبد الحق" وفق منتدى الجزيرة توك: لقد طغت ملامح الحياة العصرية السريعة علينا، ولم نعد نولي أي أهمية لقواعد الحياة المشتركة، فأصبح كل طرف يرفض التنازل عن آرائه؛ مما يحدث خللا في صلب الأسرة، كما أن عدم اقتسام المسئوليات، وصعوبة التفاهم قد يكون سببا لانهيارها، وكما نعرف فإن حدوث الطلاق ناجم بالأساس عن رغبة أحد الطرفين فرض أفكاره ورغباته على الآخر؛ مما يفقد الطرف الثاني وجوده، وبما أن الزواج يعد تجربة لكل طرف للإحساس بوجوده في حياة الطرف الآخر، فإن عدم محاولة فهم الآخر يؤدي ضرورة إلى الانفصال.
وهكذا وبعد استعراض هذه الآراء نرى أنه وإن تعددت أسباب الطلاق فإن سوء فهم القوانين، وتذبذب طرفي العلاقة بين الموروث الثقافي وما هو كائن كواقع اجتماعي بكل ملابساته، وما يجب أن يكون كمثال منشود للعلاقة من منظور كل طرف، تبقى رهانات على الأسرة التونسية أن تحقق المعادلة بينها لكي تضمن النجاة من طوق الطلاق الذي بات كابوسا يقض مضاجع الأسر المتضررة منه، وينال أحلام الشباب فيرسم لديهم انطباعا سيئا عن العلاقة الزوجية جعلت الغالبية منهم يتريثون قبل الإقدام على خوض تجربة غير مأمونة العواقب، أو ينصرفون كلية عن الزواج ليكونوا كالمستجير من الرمضاء بالنار، وليضيفوا بذلك معضلة العنوسة والعزوبية -التي لا تقل خطورة عن معضلة الطلاق- إلى قائمة المشكلات الاجتماعية التي تواجه المجتمع التونسي.
------------
محررة في النطاق الاجتماعي بشبكة اسلام أون لاين.نت.
الاثنين. أبريل. 6, 2009
إسلام أون لاين.نت


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.