د. خالد الطراولي [email protected] هذه كلمات غير مرتبة رفضت البقاء في الكهف ولم تلزم بيتها، وخيّرت الخروج إلى الناس بكل حياء وبكثير من الألم، وهي تعبيرة تلمّها أطراف من الأمل والخشية وتعظيم المسؤولية الملقاة على الأكتاف، سهر بالليل وهم بالنهار، نرفعها خاشعين متذللين إلى أرواح قافلة شهداء السجن الكبير الإخوة الأفاضل: الهاشمي المكي وأحمد البوعزيزي والمنجي العياري، ومن سبقهم ومن سيلحق بهم... طلبنا الوحيد منهم وبكل حياء العذراء، أن لا تنسونا عند ربكم واذكرونا بخير واسألوا لنا حسن الخاتمة فإن النية طيبة ولكن المطبات كثيرة، فإن مقامكم عنده غير مقامنا ولا نزكي عليكم أحدا وأملنا في الله كبير... تعست السياسة وتعس حاملوها إذا كانت بابا على مقابر مفتوحة، إذا كانت جسرا على جماجم وعظام...إذا كانت جلوسا على مدارج لمشاهدة قوافل النعوش والشهداء... تعست السياسة وتعس كل من تسلقها وهو يكبل ضميره ويدفعه إلى زوايا العمى والغفلة والتجاهل وانتظار أمر الحاجب بالدخول... تعست السياسة وتعس كل لسان يلهث بها إذا كانت مجرد لعبة مربعات سوداء وبيضاء ورمادية، والإطار صحراء قاحلة لا ترى فيها غير غربان سود تحلق على جيف وأوصال مقطوعة... تعست السياسة وتعس المتشدقون بها إذا كانت أحلام يقظة وتعلق بسراب فوقه سراب وتحته سراب ومن قبله سراب، لا تمد يدك ولا رجليك إلا بقدر كساء خيوطه ذل وهوان وانحناء... تعست السياسة وتعس كل لاهث وراءها إذا كانت سوقا للمساومة بالمبادئ والثوابت وجلوسا بين الجماجم في مقابر للأوطان في خيمة السلطان... تعست السياسة وتعس كل صوت ينادي بها وهو يضع صماما على أذنيه حتى لا يسمع آهات الحيارى والمعذبين، وأنين المساجين بغير حق، وأزيز أبواب السجن الصغير والكبير... تعست السياسة وتعس أصحابها وهم يضعون كمامات على أفواههم حتى لا ينغصون عرس السلطان ويفضحون نكبة الأوطان... تعست السياسة وتعس أصحابها وهم يغمضون عيونهم حتى يعيشون في الظلام... تعست السياسة وتعس روادها إذا تعبت النفوس واستلقت للراحة ومصافحة الاستبداد والمراهنة على أن الذئب قد غدا صديقا للخرفان... تعست السياسة وتعس رافعو راياتها إذا كانت عنزا ولو طاروا، وتغريدا خارج السرب، ولا أريكم إلا ما أرى، وأنا وما بعدي الطوفان... معارضة آخر الزمان! يقول علي بن أبي طالب : النفسُ تبكي على الدنيا وقد علمت ... أن السعادة فيها ترك ما فيها لا دارٌ للمرءِ بعد الموت يسكُنها ... إلا التي كانَ قبل الموتِ بانيها فإن بناها بخير طاب مسكنُه ....وإن بناها بشر خاب بانيها أموالنا لذوي الميراث نجمعُها ... ودورنا لخراب الدهر نبنيها أين الملوك التي كانت مسلطنةً ... حتى سقاها بكأس الموت ساقيها ملاحظة : يصدر قريبا للدكتور خالد الطراولي كتاب جديد بعنوان "حدّث مواطن قال.." يمكن الحجز بمراسلة هذا العنوان: [email protected] 26/جانفي/2008