الجزائر: صنع النائب الجزائري المعارض نور الدين آيت حمودة الحدث مرة أخرى أمس الأحد عندما أعاد تفجير ملف الاغتيالات السياسية التي أعقبت انتهاء ثورة التحرير في 1954، وذلك بمناسبة مناقشة البرلمان لمخطط عمل الحكومة، وهي تصريحات أثارت جدلا واسعا بالبرلمان، خاصة وأن بعض نواب أحزاب التحالف الرئاسي حاولوا إجباره على الصمت. وقال النائب آيت حمودة عن حزب التجمع من أجل الثقافة (المعارض) في كلمة ألقاها أمس أن الحكومة اقترحت في مخطط عملها حماية رموز الثورة، مشددا على أن الاغتيالات التي طالت شخصيات ثورية مثل العقيد محمد شعباني وكريم بلقاسم وأحمد مدغري (كلهم قُتلوا في ظروف غامضة بعد الاستقلال) لا تزال من 'الأسرار المحفوظة بعناية'. وقال النائب الذي هو أيضا نجل العقيد عميروش أحد أبطال الثورة مخاطبا الوزير الأول وأعضاء حكومته: 'كيف تفسرون أن جثتي الشهيدين العقيدين عميروش وسي الحواس بقيتا محجوزتين داخل ثكنة للدرك من 1965 إلى 1982؟'. وأوضح أن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، فقد تعرض الكثير من رموز الثورة إلى النفي، بينهم حسين آيت أحمد، والرئيس الأسبق محمد بوضياف الذي اغتيل عام 1992، وشاعر الثورة الجزائرية مفدي زكريا، مشيرا إلى أن المركز الثقافي الجزائري بباريس رفض الاحتفال بذكرى وفاة مفدي زكريا بينما حرصت السلطات الفرنسية على المشاركة في تخليد ذكرى الشاعر.وعاد النائب آيت حمودة إلى قضية رفع الحزب رايات سوداء فوق مقراته 'حدادا على الديمقراطية' بمناسبة الانتخابات الرئاسية الأخيرة، مؤكدا أن حزبه 'حر في أن يفعل ما يشاء ولن يقبل أن يزايد عليه أحد في الوطنية، والشعب يعرف جيدا تاريخ هذا الحزب ومواقفه في المراحل الحاسمة'. وتوجه النائب مرة أخرى إلى وزراء الحكومة مخاطبا إياهم: 'أين كنتم عندما كنا ننادي الشعب الجزائري ليقوم في وجه الإرهاب ويتصدى له؟' واستطرد مجيبا: 'البعض فر إلى الخارج، والبعض الآخر فضل الاختباء والتواري عن الأنظار، في حين فضل فريق ثالث الاستسلام في ندوة سانت إيجيديو' (عقدت الجولة الأولى منها في إيطاليا عام 1994 وشارك فيها أقطاب المعارضة بينهم ممثلون عن الجبهة الإسلامية للإنقاذ بهدف إيجاد حل للأزمة التي كانت تعصف بالبلاد). وطالب نجل العقيد عميروش الحكومة أن تكشف عن مكان وجود 'أمراء الإرهاب' الذين استسلموا أو ألقي القبض عليهم، وخاصة حسن حطاب 'أمير' الجماعة السلفية للدعوة والقتال التي تحولت من بعده إلى تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، إضافة إلى الرقم الثاني في الجماعة السلفية عماري صايفي المعروف باسم عبد الرزاق البارا، والذي اعتقل في 2005، قبل أن يبعث قبل أيام برسالة إلى افراد الجماعات المسلحة يدعوهم فيها إلى وضع السلاح والعودة إلى جادة الصواب. وذكر أن ما يخشاه هو أن يفتح التلفزيون فيجد هؤلاء يستفيدون من منح المجاهدين، وذلك بينما تتنكر السلطات للعسكريين معطوبي الحرب ضد الإرهاب، موضحا أن هؤلاء تعرضوا للضرب والإهانة لما طالبوا بحقوقهم وفي مقدمتها الحق في الكرامة والاعتراف بتضحياتهم.كما أثار النائب آيت حمودة مجددا قضية أكبر فضيحة مالية عرفتها الجزائر، أو ما يسمى بفضيحة رجل الأعمال الهارب عبد المومن رفيق خليفة، مشددا على أنه بالرغم من تورط عدد كبير من الشخصيات السياسية وكبار المسؤولين في هذه القضية، إلا أنه لا أحد منهم تعرض للمساءلة أو المحاكمة. وتساءل عن الأطراف الحقيقية التي تقف وراء ما أضحى يسمى تحايل القرن، مشيرا إلى أن اليأس زرع في نفوس الشباب الذي أضحى يفضل الهروب بقوارب هشة ويخاطر بالغرق وبأن يكون وجبة شهية للأسماك على البقاء في البلاد.وليست هذه المرة الأولى التي يثير فيها النائب نور الدين آيت حمودة جدلا، فقد سبق وأن أحدث زلزالا سياسيا عندما قال داخل البرلمان ان رقم مليون ونصف مليون شهيد غير حقيقي، وأن السلطة التي زورت عدد الشهداء زورت عدد المجاهدين، مؤكدا أن اختيار 14 وزيرا من قرية واحدة والرشوة والمحسوبية كلها أمراض تنخر البلاد. كمال زايت 'القدس العربي