في بالك الّى التوانسة الكل متبرعين بالأعضاء قانوينا الاّ في هذه الحالة ؟    الحماية المدنية: 568 تدخلا منها 142 لإطفاء حرائق خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية    عاجل/ اضراب جديد بيومين في وسائل النقل: نائب بالبرلمان يوجه هذه الرسالة لأعوان النقل والجامعة العامة..    الصولد يبدأ الخميس هذا... والتخفيضات توصل ل 20%    القصرين: أضرار كبيرة تطال الزياتين والأشجار المثمرة بسبب حجر البرد والرياح العاتية    الفرص التصديرية غير المستغلة على مستوى السوق الهندية تقارب 214 مليون دولار    خزندار: القبض على عنصر مصنف خطير محل تفتيش ومحكوم بالسجن    حي هلال: 30 سنة سجنًا لقاتل شاب بسيف في الطريق العام    عاجل/ حادث مرور مروع بهذه الطريق..وهذه حصيلة القتلى والجرحى..    انفجار يخت سياحي وتسجيل اصابات في صفوف المصطافين..وهذه التفاصيل..#خبر_عاجل    بالأرقام: كل يوم حوالي 70 إشعار على صغار في خطر    شنوّا يلزمك باش تاخذ قرض من بنك في تونس؟    مسؤول يوضح: ''لا اختراق شامل لمنظومة التوجيه... والتحقيق متواصل''    السنة الدراسية على الابواب : معلومات مهمّة لازم يعرفها المعلم و التلميذ    عاجل: وفاة فنان مصري مشهور داخل دار المسنين بعد صراع مع المرض    عاجل- في بالك اليوم أقصر نهار في التاريخ ...معلومات متفوتهاش    من بينه جامع الزيتونة المعمور ...الألكسو تعلن رسميا عن إطلاق عن سجلّ التراث المعماري والعمراني في البلدان العربية    تواصل فعاليات الإقامة الفنية لمشروع"دا دا" للفنان محمد الهادي عقربي إلى غاية يوم 6 أوت الجاري    بنزرت: حجز 5,45طن من مادة الدلاع وإعادة ضخها في المسالك القانونية    التراث والوعي التاريخيّ    هام/ وزارة الدفاع تنتدب..    دعوى قضائية تطالب بحجب "تيك توك" في مصر    عاجل/ السجن لتيكتوكور بتهمة نشر محتوى "مخل بالآداب العامة"    استشهاد 28 طفلا يوميا بسبب الجوع في غزة..#خبر_عاجل    تثمين الموقع الأثري بطينة: تعاون علمي تونسي فرنسي وجهود ترميم متقدمة    زفيريف ينتفض ليُطيح بحامل اللقب بوبيرين من بطولة كندا المفتوحة للتنس    بطل العالم وفخر تونس أحمد الجوادي يعود بتتويج تاريخي وسط غياب رسمي وصمت حكومي    شنيا الحكاية؟ باحث أمريكي يحذّر من خطر زلزال يهدد تونس والبلدان اللي بجنبها    ولاية تونس: اللجنة الجهوية للنظافة توصي بضبط رزنامة وبرنامج عمل للقضاء على النقاط السوداء    موجة حرّ كبيرة في شرق المتوسط جاية بسبب القبة الحرارية...هل تونس معنية؟    بارفان ب5 د و على الطريق ؟ رد بالك تضر صحتك و هذا شنوا يستنى فيك    ارتفاع درجات الحرارة في تونس: نصائح طبية ضرورية لكبار السن خلال الصيف    ماء الكماين خطر....هيئة السلامة الصحية للمنتجات الغذائية تحذر و تنبه التوانسة    وزير الشباب والرياضة يُكرّم الجمعيات الرياضية الصاعدة ويؤكد على دعمها وتحسين ظروف عملها    سوسة: سلاحف بحرية مهددة بالاندثار تخرج إلى شاطئ القنطاوي في مشهد نادر    قيس سعيّد: التعليم الوطني هو السلاح الحقيقي للتحرّر    عاجل: زلزال بقوة 5.7 درجات يضرب هذه البلاد    فنان الراب العالمي بلطي يروي قصص الجيل الجديد على ركح مهرجان الحمامات    واشنطن تدين قرار وضع الرئيس البرازيلي السابق قيد الإقامة الجبرية    قناة السويس ترد على طلب ترامب بشأن المرور المجاني للسفن الأمريكية    حملات لوحدات الشرطة البلدية تسفر عن القيام ب 54 عملية حجز    ديوكوفيتش يعلن انسحابه من بطولة سينسيناتي الأمريكية للتنس    الثلاثاء: البحر مضطرب بهذه السواحل    اكتشاف علاج واعد لأحد أخطر أنواع سرطان الدم    6 فوائد مذهلة للكمون ستجعلك تتناوله يوميا..    تاريخ الخيانات السياسية (36) ..المعتزّ يقتل المستعين بعد الأمان    المدير الجهوي للتجارة بنابل ل«الشرق» استقرار في التزويد.. وجهود لضبط الأسعار    بلاغ رسمي للملعب التونسي    أخبار النادي الصفاقسي .. حصيلة ايجابية في الوديات.. وتحذير من الغرور    النجم الساحلي يتعاقد مع الظهير الايسر ناجح الفرجاني    مهرجان نابل الدولي 2025... تكرار بلا روح والتجديد غائب.    أمطار وبَرَدْ دمّرت الموسم: الزيتون والفزدق والتفاح شنيا صار؟!    والد ضحية حفل محمد رمضان يكشف حقيقة "التعويض المالي"..    أحمد الجوادي قصة نجاح ملهمة تشق طريق المجد    "روبين بينيت" على ركح مهرجان الحمامات الدولي: موسيقى تتجاوز حدود الجغرافيا وتعانق الحرية    إصابة عضلية تبعد ميسي عن الملاعب ومدة غيابه غير محددة    تاريخ الخيانات السياسية (35): المنتصر يقتل والده المتوكّل    اعلام من باجة...سيدي بوسعيد الباجي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فارس ترجل ( ** قصة ورثاء ). م. زياد صيدم

كان والدي ووالده – رحمهما الله - صديقان قبل أن يكونا أبناء عم من الدرجة الأولى ..لا يفارقان بعضهما ولا تفرقهما مائدة طعام !.. حدثني هو مستذكرا أقوال والده، بعد لقائي الأول به في مخيم اليرموك بسوريا منذ أن كنتُ في العشرين من عمري، وكان هو تماما في مثل عمري الآن .. كان مرحا مبتسما ..جريئا في الحديث، طيب القلب لا يمل له مجلس ، هكذا كنت أراه في تلك الأيام.. قد تكون طبيعته الجادة في عمله كعسكري متمرس فهو خريج الكلية الحربية المصرية قد أرست في وجهه صلابة بالرغم من مرحه ومزاحه بين الأهل والأحبة والأصدقاء، التي جعلت من حضوره رجلا متميزا ذو احترام وتقدير الجميع...
- كيف أهلنا في غزة؟ وكيف إخوتي وأخواتي هناك ؟ حدثني يا زياد ، أريد سماع كل شيء عنهم وابدأ بوالدي ووالدتي فورا وبالأمر !.. تبسمت مندهشا من صيغة الاستفسار هذه التي لم أعهدها من قبل!، وخرجت منى ضحكة على استحياء..* كيف وهل تراني أحد فدائييك الشباب في معسكر التدريب يا ابن عمى لتأمرني ! - قهقه وربت على ركبتي قائلا: كنت مازحا زياد لكنكم يا أهل الأرض المحتلة تأتون إلينا هكذا بجدية تامة لا تعرفون المزاح أبدا .. - أين فتة الحمص يا أم إسماعيل التي وعدنا ضيفنا بها على العشاء؟ أم تريدين أن يقولوا عنا بأننا نوعد ونخلف بوعدنا .. لم تمض نصف ساعة حتى كانت السفرة قد جهزت لأرى كرم الضيافة بأشكال وألوان عديدة، والأجمل من كل ما لذ وطاب، كان طبق كبير من فتة الحمص بناء على طلب وإلحاح منى، التي لا زال طعمها على لساني وان مضى أكثر من عقدين عليها.. * أخبروني قبل سفري من غزة بأن الأكلة الشهية في سوريا هي فتة الحمص بالصنوبر واللحمة لسان العصفور، أجبتهم على سبب إصراري ..
كان يوما مشهودا ذاك اليوم عندما عادت القوات الفلسطينية قبل خمسة عشر عاما، حيث ذهبنا جميعا لاستقبالهم على معبر رفح الفاصل بيننا وبين مصر العربية.. قوات بزى عسكري وبنادق وعتاد.. كان الجميع في ذهول وغبطة، لقد كانت لحظات فرح لكل الناس.. كان محمود مع رفاقه بالفوج العائد من الساحة الليبية في ذاك اليوم.. وفى بيت أسرته القابع في مخيم الشاطئ المحاذي للبحر من الجهة الغربية لمدينة غزة كان اللقاء حميما .. بينما الجميع كان مشغولا في صخب ، غاب لحظات ليعود ومعه أوراقا وكشوف.. ومن بين الجميع اختارني لأنسخ له أسماء جنوده القادمين في كشف جديد .. كان يملى ويوجه العناوين الجانبية وطريقة كتابتها بشكل يوحى عن دقة وترتيب وانضباط .. هكذا بدأ عمله هنا في غزة بشهادة الجميع.. فقد اجمعوا بأنه كان ينام في مركز الشرطة الرئيسي في مكتبه بغرفة جانبية لأكثر من عام ونصف، بشكل يبعث على الاستهجان.. كان نظيف اليدين دمث الخلق منضبطا يحب النظام..
في جلسه عائلية سأله احد الحضور عن ذكرياته بخصوص حادثة سقوط طائرة الرئيس أبا عمار في صحراء ليبيا، حيث ظهرت صورته في شريط وثائقي يؤرخ الحادثة فأردف: وصلتُ مع مجموعتي برا بعربات خاصة، زودنا بها الجيش الليبي للسير في رمال من صحراء لا تنتهي بناء على إحداثيات خاصة، واصطحبنا معنا خبراء في الأثر ومسالك الصحراء .. كنا أول الوافدين إلى الطائرة وحطامها المتناثر، لنجد القائد العام يجلس على قطعة حطام من الطائرة ويخط خطوطا على رمال الصحراء، فارتمينا عليه نحتضنه ونقبل يديه ورأسه .. و ركعنا لله نصلى حمدا على سلامته...
دق جرس التليفون، كان صوت أخي من القاهرة متحشرجا..هامسا ..بصعوبة استطعت سماع الخبر.. كان وقعه مفجعا..لم أتمالك نفسي فاغرو رقت عيناي بالدموع...
فمن أكفك التي حملتني صغيرا، كما أخبرني والدك وهو يتذكرك عندما كان يحضر لبيتنا لزيارة صديقه الصبا رحمهما الله.. حتى جاء ذكر اسمك قبل أيام قليلة، من قبل احد زملاء دراستك فتذكرناك ، لنتواعد باللقاء بك حين عودتك مهنئا بسلامتك ..لكن قدره ألا يراك .. و ها أنت اليوم على أكتافنا مسجى على نعشك الطائر كالريح... نعم كان يعدو بنا مسرعا.. حتى أوقفنا الرجال ليتمكن من إدراكنا باقي الحشد من المشيعين.. كنت على عجالة إلى لقاء ربك ..كيف لا وقد شهدوا لك صلاتك في الصفوف الأولى في مسجد الحي .. كيف لا وأنت الفدائي ابن الفتح ،ابن فلسطين الذي خاض معارك الدفاع عن الثورة والأرض وحماية الشعب ..كيف لا وأنت المتفاني في خدمة أبناء شعبك عندما كنت على رأس عملك كنائب للقائد العام للشرطة في غزة.. كيف لا وأنت المهاجر في المنافي إجبارا سنين طوال.. حتى وافتك المنية خارج أرضك وبعيد عن أسرتك وذويك، اثر عملية جراحية في القلب لم يكتب الله لها النجاح.. لأنها ساعة الحق قد أزفت، ولا راد لقضائه...
ذاك القلب الذي احتبس مرارة الفرقة والحسرة على شعب تتمزق أواصره..!!على شعب تاهت شواطئه واضطربت سفنه في عرض البحار !! لتعود إلينا مرة ثانية من حيث أتيت أول مرة، من هناك.. من معبر رفح بنفس طقوس الاستقبال وكثير من الدموع .. لكنها لم تكن دموع فرح هذه المرة، إنها دموع حزن وحسرة وألم على رحيلك.. فالي جنات الخلد أبا إسماعيل ..يا ابن عمى .. فلا نامت أعين الجبناء.
** قصة ورثاء لروح عميد / ركن / محمود إسماعيل صيدم
إلى اللقاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.