لندن :انتقد السفير السوري في المملكة المتحدة الدكتور سامي الخيمي تغطية الاعلام البريطاني والغربي للصراع العربي الاسرائيلي، وشاركه في ذلك السفير الفلسطيني مانويل حساسيان، والنائب البريطاني توني بولدري، الرئيس السابق للجنة الخاصة لشؤون الشرق الاوسط في مجلس العموم، وخبراء بارزون في ندوة نظمتها 'جمعية التواصل' بعنوان 'دور وسائل الاعلام الغربية في تغطية الصراع العربي الاسرائيلي وادارها اللورد نظير احمد في احدى قاعات مجلس اللوردات البريطاني في لندن، علما ان مديرة الجمعية الدكتورة سعاد الطيف الفيتوري نظمت اللقاء. ونبه الخيمي الى ان 'الاعلام البريطاني والغربي يدعي مثلا بان المبادرة العربية للسلام لا تقدم آلية للتطبيق، وان القضية هي فقط ضرورة وقف اسرائيل للاستيطان او تجميده، وليست الوحشية الاسرائيلية في التعامل مع الفلسطينيين ومحاصرتهم واعتقالهم وقتلهم، ثم ترحب هذه الوسائل الاعلامية بالمفاوضات السورية الاسرائيلية لانها ستبعد سورية عن حليفتها 'البعبع' ايران، وتطرح اسرائيل كدولة عادية ديمقراطية مستعدة للتفاوض مع حماس وحزب الله اذا بدلا سياساتهما المقاومة، كل هذه الامور ساهمت في التأثير السلبي على العرب والمسلمين المقيمين في بريطانيا والغرب ودفعهم الى التوجه اكثر فاكثر نحو خيار المقاومة كالسبيل الوحيد لحل مشكلة الشرق الاوسط وبالتالي التشارك مع التسعين في المئة من سكان العالم العربي والاسلامي في هذا الموقف، الذي يتناقض في كثير من الاحيان مع مواقف القادة العرب والمسلمين'. واضاف الخيمي قائلا: 'قلما نسمع في الاعلام البريطاني والغربي عن ضرورة انهاء الاحتلال والحصار الاسرائيلي الممارسين ضد الشعب الفلسطيني'. واعتبر انه 'اذا استمر الوضع كذلك فان الشرق الاوسط سيستمر في الاشتعال سياسيا وميدانيا، ولن يتم قبول اسرائيل كاحدى دول المنطقة'. وطالب 'بمنع اللوبيات من التدخل في شؤون الاعلام بواسطة اصدار تشريعات في هذا المجال، وخصوصا اذا كانت هذه اللوبيات تروج لدول عنصرية مستندة الى الدين والى التمييز العنصري ضد اديان اخرى'. وعقب اللورد نظير احمد على قول الخيمي قائلا: لقد كنت البريطاني الاول الذي يذهب الى السجن لاستخدام هاتفه النقال اثناء قيادة سيارتي وقد تلازم هذا الأمر مع عودتي من زيارة الى غزة حيث شاهدت الفظائع التي ارتكبت هناك وقدمت للتحدث عنها... فيا لها من مصادفة! اما حساسيان فقال ان 'الاكثرية الساحقة من ابناء الشعب البريطاني تتعاطف مع الفلسطينيين بسبب التعامل الاسرائيلي غير الانساني مع الشعب الفلسطيني المقيم على ارضه برغم انحياز الاعلام البريطاني ضدنا. وقد اثبتت دراسات اكاديمية هذا الامر'. وأضاف: 'خلال ثلاث سنوات ونصف السنة من عملي في هذا البلد ممثلاً لبلدي نشرت لي مقالتان في صحيفة 'الغارديان' ومقالة في 'الهيرالد تريبيون' ولم يُفتح امامي مجال عرض قضيتنا وحتى عندما كانت غزة تدمّر اتيح لي الظهور في الاعلام نصف عدد المرات التي اتيح خلالها لممثلي اسرائيل الظهور في وسائل الاعلام المرئية في تلك الفترة. واعاد التذكير بأن 'تلفزيون هيئة الاذاعة البريطانية رفض عرض شريط يدعو لجمع التبرعات لاغاثة أهالي غزة بحجة انه يفضل موقفا سياسيا على آخر. كما ان 'الصحف حتى الليبرالية التوجه بينها، لا تركزّ على ان الفلسطينيين يتعرضون للاحتلال والحصار والتمييز العنصري وتتجنب اعتماد اي توجه تحليلي يقبل بمنطق مقاومة الاحتلال بل يستمر في عرض صورة لاسرائيل وكأنها هي الضحية'. اما النائب المحافظ توني بولدري، الذي كان سابقا (ايضا) وزير دولة في وزارة الخارجية البريطانية، فقال: 'ان وسائل الاعلام البريطانية وخصوصا 'هيئة الاذاعة البريطانية' لا تعرض قضية فلسطين وقضايا الشرق الاوسط في سياق او قالب تاريخي، وبالتالي لا تسمح للمستمع او المشاهد بادراك ارتباط الاحداث الحالية بالماضي، وخصوصا بالنسبة للمشاهدين الشباب. فعند الحديث عن حل الدولتين قلما تذكر وجود حواجز في الطرقات وجدران فاصلة ومستوطنات تقطع وتفصل الاراضي الفلسطينية عن بعضها، كما تشوش في تفسير قضيتي القدس وعودة اللاجئين الاساسيتين في هذا الصراع'. كما انتقد بشدة امتناع 'تلفزيون هيئة الاذاعة البريطانية' وتلفزيون 'سكاي' عن عرض شريط يطلب الاغاثة للفلسطينيين قائلاً: 'كيف سيفسر الشباب البريطاني هذا الموقف؟'. ودعا بولدري (وشاركه في ذلك البروفسور نبيل عياد مدير الاكاديمية الديبلوماسية في جامعة ويستمنستر في لندن) الى استخدام الشبكات اليكترونية المتوافرة في تقنية الانترنت لعرض الوقائع الحقيقية عن الاوضاع في الشرق الاوسط. ورأى عياد بان أهمية هذه التقنيات كونها لا تخضع لسلطة الدول واللوبيات، مع انه بالامكان التشويش عليها. وانتقد مدير مجلس التفاهم العربي البريطاني كريس دويل 'عرض الاعلام البريطاني للصراع في الشرق الاوسط وكأنه بين خصمين متوازيين في قوتهما وليس بين دولة تملك احدث الاسلحة وشعب يقاتل بأجساده وبحفنات من الاسلحة التي تصله او يصنعها بنفسه، وبأن اسرائيل تسيطر وتفعل ما تشاء من دون محاسبة'. واعتبر بأن 'وسائل الاعلام البريطانية والغربية تصوّر الاسرائيلي وكأنه مواطن اوروبي او امريكي يعتنق القيم الغربية فيما تصور العربي والفلسطيني على انه لا يعتمد العقلانية في تصرفاته السياسية والاجتماعية ويختلف عن اهل الغرب'. وطرح دويل قضايا شُنّت خلالها حملات على صحافيين واعلاميين بريطانيين نزيهين لانهم عرضوا الاوضاع الفلسطينية بموضوعيه، وذكر في هذا الصدد مراسل 'هيئة الاذاعة البريطانية' جيريمي بوين. وقال انه شارك شخصيا في حملة لدعمه ودعا العرب والمسلمين البريطانيين الى المشاركة في مثل هذه الحملات لدعم الصحافيين النزهاء. وطرحت في فترة الاسئلة والاجوبة مداخلات مفيدة بينها مداخلة قالت بضرورة استثمار الاموال العربية لشراء او المساهمة في بعض الصحف ووسائل الاعلام البريطانية والغربية عموما وان فرصا اهدرت في هذا المجال بينها فرصة لشراء مجموعة صحف 'التايمز' بعدما عرضها مالكها السابق اللورد طومسون للبيع ووقعت فيما بعد بين يدي الناشر روبرت ميردوخ. سمير ناصيف: القدس العربي