انتخاب رئيس المجلس الوطني للجهات والاقاليم …مرور النائبين عماد الدربالي، واسامة سحنون الى الدور الثاني    نقابة الثانوي: وزيرة التربية تعهدت بإنتداب الأساتذة النواب.    حادثة انفجار مخبر معهد باردو: آخر المستجدات وهذا ما قررته وزارة التربية..    إرتفاع عائدات صادرات زيت الزيتون بنسبة 82.7 بالمائة    أبرز مباريات اليوم الجمعة.    كأس تونس لكرة السلة: البرنامج الكامل لمواجهات الدور ربع النهائي    انزلاق حافلة سياحية في برج السدرية: التفاصيل    عاجل/ تلميذ يطعن زميليْه في حافلة للنقل المدرسي بهذه الولاية..    عاجل/ قتيل وجرحى في حادث مرور عنيف بهذه الجهة    تواصل حملات التلقيح ضد الامراض الحيوانية إلى غاية ماي 2024 بغاية تلقيح 70 بالمائة من القطيع الوطني    معرض تونس الدولي للكتاب يفتح أبوابه اليوم    يورغن كلوب: الخروج من الدوري الأوروبي يمكن أن يفيدنا    بطولة برشلونة للتنس: اليوناني تسيتسيباس يتأهل للدور ربع النهائي    كميّات الأمطار المسجلة بعدد من مناطق البلاد    أبطال إفريقيا: الترجي الرياضي يواجه صن داونز .. بحثا عن تعبيد الطريق إلى النهائي    وزارة الفلاحة: رغم تسجيل عجز مائي.. وضعية السدود أفضل من العام الفارط    عاجل: زلزال يضرب تركيا    تفاصيل القبض على 3 إرهابيين خطيرين بجبال القصرين    تنبيه/ رياح قوية على هذه المناطق في تونس..#خبر_عاجل    الحماية المدنية: 9 حالات وفاة خلال ال24 ساعة الاخيرة    توزر: ضبط مروج مخدرات من ذوي السوابق العدلية    عاجل/ وفاة الفنان المصري القدير صلاح السعدني عن 81 عاما..    وفاة الفنان المصري صلاح السعدني    مستجدات الوضع الصحي للأستاذ الذي تعرض للطعن على يد تلميذه..    انتشار حالات الإسهال وأوجاع المعدة.. .الإدارة الجهوية للصحة بمدنين توضح    قيس سعيد يُشرف على افتتاح الدورة 38 لمعرض الكتاب    الخارجية: نتابع عن كثب الوضع الصحي للفنان الهادي ولد باب الله    الاحتلال يعتقل الأكاديمية نادرة شلهوب من القدس    المصور الفلسطيني معتز عزايزة يتصدر لائحة أكثر الشخصيات تأثيرا في العالم لسنة 2024    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الجمعة 19 افريل 2024    عاجل/ مسؤول إسرائيلي يؤكد استهداف قاعدة بأصفهان..ومهاجمة 9 أهداف تابعة للحرس الثوري الايراني..    استثمارات متوقعة بملياري دينار.. المنطقة الحرة ببن قردان مشروع واعد للتنمية    المنستير: ضبط شخص عمد إلى زراعة '' الماريخوانا '' للاتجار فيها    القيروان: هذا ما جاء في إعترافات التلميذ الذي حاول طعن أستاذه    الافراج عن كاتب عام نقابة تونس للطرقات السيارة    رفعَ ارباحه ب 43%: بنك الوفاق الدولي يحقق أعلى مردود في القطاع المصرفي    ثبَتَ سعر الفائدة الرئيسي.. البنك المركزي الصيني يحافظ على توازن السوق النقدية    تجهيز كلية العلوم بهذه المعدات بدعم من البنك الألماني للتنمية    غلق 11 قاعة بمعهد دوز و السبب ؟    طيران الإمارات تعلق إنجاز إجراءات السفر للرحلات عبر دبي..    بعد فيضانات الإمارات وعُمان.. خبيرة أرصاد تكشف سراً خطيراً لم يحدث منذ 75 عاما    وزير السياحة يلتقي رئيس الغرفة الوطنية للنقل السياحي    عاجل : هجوم إسرائيلي على أهداف في العمق الإيراني    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    منبر الجمعة .. الطفولة في الإسلام    خطبة الجمعة..الإسلام دين الرحمة والسماحة.. خيركم خيركم لأهله !    جوهر لعذار يؤكدّ : النادي الصفاقسي يستأنف قرار الرابطة بخصوص الويكلو    ضروري ان نكسر حلقة العنف والكره…الفة يوسف    وزير الصحة يشدّد على ضرورة التسريع في تركيز الوكالة الوطنية للصحة العموميّة    سيدي بوزيد.. تتويج اعدادية المزونة في الملتقى الجهوي للمسرح    محمود قصيعة لإدارة مباراة الكأس بين النادي الصفاقسي ومستقبل المرسى    شاهدت رئيس الجمهورية…يضحك    حيرة الاصحاب من دعوات معرض الكتاب    غادة عبد الرازق: شقيقي كان سببا في وفاة والدي    وزير الصحة يشدد في لقائه بمدير الوكالة المصرية للدواء على ضرورة العمل المشترك من أجل إنشاء مخابر لصناعة المواد الأولية    توزر: المؤسسات الاستشفائية بالجهة تسجّل حالات إسهال معوي فيروسي خلال الفترة الأخيرة (المدير الجهوي للصحة)    "سينما تدور": اطلاق أول تجربة للسينما المتجولة في تونس    موعد أول أيام عيد الاضحى فلكيا..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"لسنا معارضة ديكور.. والتطوّرات العالمية أثبتت صحّة تمسّكنا بالإشتراكية"
نشر في الفجر نيوز يوم 06 - 06 - 2009


أجرى الحديث صلاح الدين الجورشي
محمد بوشيحة، يترشح للمرة الثانية للانتخابات الرئاسية، ويبلغ من العمر 61 عاما، وهو الأمين العام الثاني لحزب الوحدة الشعبية منذ سنة 2000.
السيد محمد بوشيحة، حاصل على الأستاذية في التاريخ والجغرافيا، إلى جانب شهادة تكميلية في عِلم الاجتماع، بدأ رحلته المِهنية منذ أن كان صحفيا بجريدة "لابريس" في مطلع السبعينات، إلى أن أصبح رئيس مدير عام سابق في شركتيْن تابعتيْن للقطاع العام طيلة الجزء الثاني من التسعينات.
وفي هذا الحديث، يحدِّد ما الذي يجب أن يتغير في تونس وما هي نوع العلاقة التي تربطه بالرئيس بن علي، ويحدّد مواقفه من ملف الحريات ورابطة حقوق الإنسان وتقارير المنظمات الدولية والإسلاميين ونقابة الصحفيين..
سويس إنفو: اعتبرتم في تصريحاتكم أن الرئيس بن علي هو فوق المنافسة، ماذا تقصدون بذلك ؟ ألا يرسِّخ كلامكم التُّهمة التي يوجِّهها إليكم خصومكم بأنكم "معارضة ديكور"؟
محمد بوشيحة: أودّ أن أشير في البداية، إلى أنه لم يسبق لنا إطلاقا التصريح بأن الرئيس بن علي هو فوق المنافسة. لقد حصل في هذا الأمر نوع من اللّبس. وحتى نكون واضحين، نشير إلى أن قرار ترشحنا للاستحقاق الرئاسي لانتخابات 2009، يقوم على أساس الإيمان بأنه لا معنى للمشاركة، إذا تجنّبنا منطق المنافسة. فنحن عندما اخترنا الترشح، فعلنا ذلك لمنافسة جميع الأحزاب، بمن في ذلك الرئيس بن علي.
كما أنني لا أودّ التوقف عند عبارة "معارضة الديكور" طويلا، لأنها فاقدة للدّلالة السياسية، ولأن حجمنا ودورنا لا يقِل عن دور مختلف مكوِّنات الحركة الديمقراطية، ولأن ما يعنينا أكثر، هو تفعيل الحركة الديمقراطية وتعديل الكفّة بين مختلف مكوِّنات الساحة السياسية. وحِرصا على احترام جميع الأطراف، لن أردّ على اتهامات أصبحت ممجوجة.
سويس إنفو: ولكن ما هي أهمية ترشحكم في ظل ميزان القوى الراهن؟
محمد بوشيحة: أعتقد بأننا ساهمنا منذ 1999 في تجاوُز الحاجِز النفسي للترشح إلى أعلى منصب في الدولة، وعزّزنا سنة 2004 مسار المشاركة التعدّدية، حيث ارتقينا، إحصائيا ونسبيا، من درجة الصفر إلى الدرجة الثالثة في سلّم التنافس الصّاعد لديمقراطيتنا الناشئة.
وقد يحِق لغيري من الطموحين أن لا يقر بواقع اختلال موازين القِوى السياسية، فيزعم أنه سيكون منافسا نديا وجدّيا، ولكن من واقع خِبرتي وتجربتي الثانية في الترشّح، أقِر بحقيقة موضوعية لا تخضع لرغباتنا، وإنما تنطلق من الواقع التونسي، وهي أن الرئيس بن علي يتمتّع بالحظوظ الأوفر للفوز، واحتراما منِّي للناخبين التونسيين، أرفض أن أسوِّق في صفوفهم الأوهام التي لن يصدِّقوها على أي حال.
سويس إنفو: ما الذي يميِّز خطابكم السياسي عن خطاب الحزب الحاكم ومرشحه؟ وبتعبير آخر، ما الذي يجب أن يتغيّر في البلاد حسب اعتقادكم؟
محمد بوشيحة: كنا في انتخابات 2004 الحزب الوحيد الذي خاض الانتخابات، انطِلاقا من برنامج سياسي شامل، وسنقدِّم الخطوط العريضة لبرنامجنا الجديد في ندوة صحفية، سنُعلن عنها قريبا. وسنعتبره برنامجا منافسا لبقيّة برامج الأحزاب، إن كانت لها برامج، وتشمّل هذه المنافسة أيضا الحزب الحاكم.
نحن نسعى إلى مزيد إصلاح وتطوير كل القوانين المنظّمة للحياة السياسية، مثل المجلة الانتخابية، حيث نطالب بتقليص عدد مكاتب الاقتراع.
كما ألاحظ بأنه لم يقُم أي حزب بالدّعوة إلى قانون يضمَن الحدّ الأدنى من النِّسبية، وذلك في انتظار أن تنضُج الأوضاع للوصول إلى نسبية كاملة، إلى جانب مُطالبتنا بتصغير حجْم الدوائر الانتخابية لتنشيط الحياة السياسية، وكذلك فصل الانتخابات الرئاسية عن التشريعية وعدم اعتبار حجْم النفقات المالية حاجزا لتحقيق ذلك.
نريد أيضا تطوير قانون الأحزاب، والقانون الأساسي للبلديات، الذي رغم أنه قد وضع في ظل نظام الحزب الواحد، فهو لا يزال يطبّق حتى الآن، وقانون المجالس الجهوية التي ندعو إلى انتخابها مباشرة من قِبل المواطنين، وقانون الجمعيات الذي لا يزال يشكِّل عائقا في وجه الجمعيات المستقلة، ومجلة الصحافة، حيث كنا الحزب الوحيد الذي تقدّم لمجلس النواب بمشروع قانون ينظِّم قطاع الإعلام ويضمن حرية الصحافة والنشر.
كذلك، ندعو إلى تمكين الأحزاب الراغبة في العمل القانوني، من حقِّها في ممارسة نشاطها العلني وإتاحة المجال أمام الراغبين في بعث جمعيات مستقلة.
هذا لا يمنعنا من الاعتراف بعديد المكاسب التي تحققت، مثل التمويل العمومي للأحزاب وصحافتها والحرية الواسعة المتاحة للعمل الحزبي، كذلك الشأن بالنسبة لتمكين الأحزاب التي لم تنجح في مستوى الدوائر التي ستبقى من نصيب الحزب الحاكم، من احتلال نسبة هامة من المقاعد في البرلمان، وصلت إلى 25%.
كما نتطلّع أيضا إلى إقامة نظام برلماني يُراعي توازُن السلطات والفصل بينها وحماية استقلال القضاء، مثل انتخاب أعضاء المجلس الأعلى للقضاء. وبناءً عليه، أؤكِّد على أن برنامجي السياسي مُختلف قطْعا عن برنامج الحزب الحاكم ومرشّحه، وذلك بالنظر إلى اختلاف الموقع الذي نحتلّه في الخارطة السياسية، مقارنة بالحزب الحاكم. فخطابنا هو لحزبٍ معارض يعتبر أن هناك حاجة موضوعية لتغيير عديد من الأشياء.
سويس إنفو: أشرتم في جوابكم إلى صيغة الكوتا المخصّصة لأحزاب المعارضة، واعتبرتم ذلك من الإيجابيات التي تحققت، لكن هناك مَن يعتقد بأن هذه المسألة بالتّحديد قد أثرت سلبا على الحياة الحزبية في تونس ومنعتها من التطور، حيث لا تعكس النتائج المُعلنة، الحجم الحقيقي لهذه الأحزاب؟
محمد بوشيحة: فعلا، النظام الانتخابي المعدّل نسبيا على المستوى الوطني، جعل الأحزاب تعيش مشاكل حقيقية. فاعتبار أن رئيس القائمة هو الوحيد الذي قد يحالفه النجاح لدخول البرلمان، قد وضع الأحزاب أمام تحدٍّ صعْب وخلق داخلها ظاهرة خطيرة تزداد قوّة مع كل محطة انتخابية، وتتمثّل في ازدياد نسبة الانتهازية وتضع المسؤولين على الأحزاب أمام مشكلة كيفية تعيين رؤساء القوائم، حيث يخشى، لو تمّ اعتماد الانتخاب الديمقراطي الداخلي، أن يفتح ذلك المجال لانتشار أمراض شِراء الأصوات والتورّط في معركة المصالح داخل الأحزاب المناضلة، أو الوقوع في المقابل، في هيمنة القيادة التي تجِد نفسها مطلقة اليديْن في تعيين من تراه، ولهذا، نفضِّل أن يكون للناخبين في الدائرة، حرية اختيار مَن يروْنه أكثر كفاءة في القائمة المرشحة.
لكن، في وضعنا الحالي، تبقى النسبية هدفا، لأنها بكلّ صراحة ودون مُراوغات، ميزان القوى مختلّ بصفةٍ كبيرة لصالح الحزب الحاكم، وذلك لأسباب يطُول شرحها، لهذا، أقول إنه في الوضع الرّاهن، ستبقى مسألة النظام الانتخابي إشكالية مطروحة.
سويس إنفو: خلافا لأحزاب أخرى تعيش في قطيعة مع الحُكم، يتمتع حزبكم بقنوات اتصال بالسلطة، ألا يحمِّلكم ذلك مسؤولية أكثر في تحسين أوضاع الحريات والحياة السياسية؟ فماذا حقّقتم في هذا المجال؟
محمد بوشيحة: طبعا، لنا قنوات اتصال بالسلطة، وهو ما يحمِّلنا، مثلما أشرتم في سؤالكم، المسؤولية في مختلف المجالات، وقد أتاحت لنا هذه القنوات التعبير عن تصوّراتنا بشكل مباشر، كما تمكّنا من أن نتدخّل بنجاعة في عديد المناسبات.
وأثمن في هذا السياق، حِرص الرئيس بن علي على إدارة حوار مستمِر مع سائر الأحزاب، من خلال اللِّقاءات المباشرة مع قادتها، وبصراحة لم نجِد منه سوى القبول الحسن والاستئناس بما نقدِّمه من آراء ومقترحات، كما أن المجالس الوزارية التي تُشارك فيها كل الأحزاب البرلمانية، قد ساعدت على تطوير حِوارنا مع السلطة.
سويس إنفو: هل يمكن أن تعطُونا أمثلة عن هذه التدخلات التي قُمتم بها؟
محمد بوشيحة: في علاقتنا برئيس الدولة، نتحمّل مسؤوليتنا في مخاطبته عن كل ما يحصُل في البلاد، كأحداث الحوض المنجمي وما تتعرض له بعض الجمعيات أو ملف الإعلام والحريات، ولا أذكُر أن حوارا أجريناه مع الرئيس بن علي ولم نخرج منه بنتيجة ملموسة، ومن بين الملفات التي التي تعرضنا إليها في محادثاتنا ملف بعض الأحزاب والأحزاب التقدمية التي هي قيْد التشكل من أجل الحصول على ترخيصها القانوني.
كذلك، دعمنا الجهود المتواصلة لحل مشكلة الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والاتحاد العام لطلبة تونس، وفتحنا مقرّاتنا وصفحات جريدة الوحدة للعديد من المثقفين المستقلين ومكوِّنات المجتمع المدني، كما عمِلنا على التخفيف من حدّة التوتر مع نقابة الصحفيين، التي لعِبنا دورا في دعم إنشائها، واستقبلت شخصيا رئيس النقابة، رغبة منّا في تنقية المناخ الإعلامي. فنحن مع إعطاء وسائل الإعلام مجالا واسعا لحرية التعبير مع عدم الوقوع في الثلب وهتك أعراض الناس، وكل ذلك، يؤكِّد أن علاقة التوافق التي تجمعنا بالسلطة، لم تمنعنا من التعبير بوضوح عن تمايزاتنا على الصعيد الأيديولوجي والسياسي.
إننا ننطلِق من اعتقادنا بأنه في مجال الحريات، لا يوجد في تونس نظام بوليسي وقمع، مثلما تتحدّث عنه وسائل إعلام أجنبية، التي بلغ ببعضها الادِّعاء بوجود جُثث في الشوارع، في حين أن الأجانب عندما يزُورون تونس، يسجِّلون درجة الأمان التي نتمتّع بها.
ونأخذ على سبيل المثال ما حدث في قفصة، لقد تمّت تحركات احتجاجية مشروعة ما دامت سِلمية، وقد التزمنا بإيصال تلك المطالب إلى السلطة وقدّمنا اقتراحات يُمكن إنجازها لصالح تلك الجهة التي تعيش أوضاعا اقتصادية واجتماعية خاصة، لكن عندما تم اللّجوء إلى وسائل عُنف خطيرة، طالبنا بالتّخفيف على المحكوم عليهم وتدخّلنا لصالح الشباب المعتقلين من أجل إطلاق سراحهم وتمكينهم من اجتياز امتحاناتهم.
وفي العموم، نقول إن هناك نسَق إصلاحي، ونتمنى أن تزداد وتيرته بمناسبة الانتخابات القادمة.
سويس إنفو: على ذكر حرية الصحافة، تعتبر المنظمات الدولية المختصّة في الدفاع عن حرية الصحافة أن حالة الإعلام في تونس تشكِّل نقطة الضعف الرئيسية التي تعاني منها تونس، وما تعرّضت له نقابة الصحفيين في الفترة الأخيرة، قد زاد من تعقيد الصورة، فما هي، حسب رأيكم، الأسباب الأساسية التي حالت دُون تطوير المشهد الإعلامي في الاتِّجاه الذي تطالبون به؟
محمد بوشيحة: بكل وضوح، أقول بأن لنا تحفُّظات فيما تصدره المنظمات الدولية المختلفة من تقارير حول تونس، وهذا موقف لا نخجَل منه وندافع عنه بكل جدية. فنحن لسنا ضدّ الانخراط فيها واكتساب الخبرة منها، كما أننا على استعداد للتفاعل مع مواقفها، شريطة أن لا تكون متأثرة بالخلفيات السياسية وتوزيع الأدوار.
مثلا، هناك مشكلة في أوروبا تُجاه الأنظمة التي لها اعتراض على مسألة التطبيع مع إسرائيل والتفاعل مع مشاريعها، كما أن هذه المنظمات أو الحكومات الأوروبية تغضّ الطّرف عن أنظمة لا توجد بها حريات أو ربّما تضعها في رُتبة متقدِّمة نسبيا، وفي المقابل، تتعامل مع تونس بشكل غريب ولا تأخذ بعيْن الاعتبار التقدّم الذي تحقق في مجال الحريات في بلد له ديمقراطية ناشئة، وتتعمّد وضعه في آخر السلّم. بناءً عليه، نقول إن هناك مشكل.
نحن لا ننفِي وجود عوائق، ولكن نقول، يمكن القضاء عليها وتذليلها تونسيا. فعلى سبيل المثال، نحن كحزب منخرط، لنا وجود في النقابة العامة للصحفيين ونؤمن بأن من واجبِها أن تدافع بكل وضوح وحرية على منظورها وأن تقوم بدورها النقابي، ولا يحق لأي طرف سياسي، سواء داخل الحُكم أو خارجه، للتأثير على هذه النقابة والتحكّم في تسييرها.
أما بالنسبة للمنظمات الدولية، فمرحبا بها إذا كانت لها مقاييس موضوعية في التقييم، لكن للأسف، أن هناك في المقابل هيئات وحتى صُحف محترمة، تصبح لها معايير مزدوجة عندما تتدخّل في الشأن السياسي. ما أؤكده من موقع التّجربة، أن مشاكلنا لا تعالَج إلا من داخل تونس، ولا نعتقد بأن الاستفزاز من الطّرفين يمكن أن يساعد على تذليل بعض الصعوبات القائمة.
كما أننا، إضافة إلى اعتراضنا على الخلفيات السياسية لبعض المنظمات، نحن أيضا ضدّ التمويل المريب. فالتمويل الذي يقدّم لأنشطة واضحة ومقبولة، لسنا ضده، لكننا نرفض كل دعم مالي وراءه نِقاط استفهام، وذلك من مُنطلق وطني.
سويس إنفو: وبالنسبة لملف الرابطة التونسية للدّفاع عن حقوق الإنسان؟
محمد بوشيحة: يبدو أن ملف الرابطة بلَغ درجة من التعقيد، مما سمح للسلطة بأن تسحب يدَها منه وتعلن بأن المشكلة الحالية هي بين الرابطيين أنفسهم، وأن الأمر الآن هو من مشمولات القضاء. فهناك الذين قدّموا قضايا أمام القضاء وأصبح كل طرف سياسي يعمل على شدّ الحبال لصالحه.
نحن نأسف عمّا آلت إليه أوضاع الرابطة التي ظهرت في فترة حرِجة جدّا في نهاية السبعينات، وباشتراك كامل الأطراف السياسية. ومنذ ذلك التاريخ، استمرت الرابطة كمنظمة مناضلة ووطنية وأنجزت مهمّات ضخمة بدون الاعتماد على التمويل الخارجي ولا الداخلي. وللرابطة موقِعها في الوطن العربي وفي إفريقيا، لهذا، نأسف من جديد للانتكاسة التي حصلت لهذه المنظمة، وأقول بأن المسؤولية يتحمّلها الجميع.
سويس إنفو: اخترتم، كما سبقت الإشارة، أسلوب المشاركة والتّفاعل الإيجابي مع السلطة، الآن وقد مرّت أكثر من عشرين سنة على هذا الاختيار، ماذا استفدتم منها بإيجاز؟
محمد بوشيحة: أهم فائدة حصلت في اعتقادي، هو أن حزب الوِحدة الشعبية تمكّن من أن يحقِّق وجوده في كافة جهات البلاد، من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال، ولم يكن ذلك أمرا هيِّنا. كما عرفنا كيف نفتح طُرقا جديدة أمام المزيد من ترسيخ التعددية.
سويس أنفو: ملف الإسلاميين لا يزال مطروحا في الساحة الوطنية، أنتم كحزب سياسي، كيف تنظرون له في ضوء ما تشهده البلاد من صعود للتيار السّلفي، وبالأخص في ظل تداعِيات أحداث سليمان (في موفى 2007 وبداية 2008، حدثت مواجهات مسلحة بين مجموعة جهادية وقات الأمن في ضواحي العاصمة، وخصوصا في مدينة سليمان - التحرير) الشهيرة؟
محمد بوشيحة: نحن ضدّ أي حركة سلفية في تونس أو في العالم، ومَهما كانت ديانتها، إيمانا منا بأن الدِّين لا مجال له في السياسة. مع ذلك، نعتقد بأن المعالجة تكون أمنية مع الذين يرفعون السلاح واللجوء إلى وسائل التخريب المختلفة، وتكون اقتصادية واجتماعية بتنفيذ برامج تنموية، وذلك بعد أن أثبتت التجارب أنّ أفضل بيئة تنشأ فيها السلفية – ومصر أحسن مِثال – هي بيئة الطبقات المسحوقة والأحياء الشعبية الفقيرة، ثم يستغلّها أصحاب الجاه والمال لتحقيق أغراض سياسية، وهو ما لاحظناه في إيران، حين سيطر البازار والأئِمة على حركة ثورية شعبية.
كذلك، تعتبر المسألة الثقافية أساسية في هذا المجال. فالظاهرة السلفية وجدت في تونس كردّة فعل على التسلّط السياسي والتهميش الاجتماعي وفقدان الإحاطة الاجتماعية الكاملة، وقد عِشت شخصيا فترة السبعينات التي شهِدت ميلاد هذه الظاهرة، وقد قلنا هذا الكلام للأوروبيين والأمريكيين، إذا أردتم تحقيق أمنِكم، عليكم مساعدة بلداننا على تحقيق تنميتها.
سويس إنفو: تتمسّكون بصفة الاشتراكية في مرحلة تخلّت عنها معظم الأحزاب التونسية، نظرا للتطورات التي حصلت في العالم، فعَن أيّ اشتراكية تدافعون؟ ولو كنتم في الحكم، ماذا تغيِّرون في السياسة الاقتصادية الراهنة؟
محمد بوشيحة: ليس تخلِّي معظم الأحزاب السياسية عن الاشتراكية مِقياسا لنا لتحديد موقفنا من الطرح الاشتراكي. لقد أثبتت التطوّرات العالمية صحّة تمسّكنا بهذا الخيار الاشتراكي وبوجاهته. لقد فشل النموذج الرأسمالي للتنمية.
نحن نؤمن بأن دور الدّولة هامّ ومِحوري، ولسنا مع التحرير الشامل للاقتصاد. نحن مثلا مع تفعيل دور القطاع العام في مجالات حيوية، مثل الصحة والنقل، ولسنا ضد القطاع الخاص ولا ننوي تأميمه، في حال وصولنا إلى الحكم، بشرط أن يحترم القوانين ويقوم بدوره الجبائي وفي مجال التشغيل، إذ بقدر ما تقدم الدولة حوافز للقطاع الخاص، بقدر ما لها دورها التوجيهي والرقابي.
كذلك نحن مع تطوير مناخ الاستثمار، ونحن مع أولوية الفِلاحة، باعتبارها الممر المركزي لتحقيق تنمية مستدامة. ونعمل أيضا على التصدّي لتفاوُت الثروات من خلال فرْض ضرائب تصاعدية على المداخيل.
أجرى الحديث صلاح الدين الجورشي – تونس – swissinfo.ch


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.