أطلقت منظمة أمريكية يهودية حملة إعلانية واسعة تعدد فيها "العقبات" العربية في طريق السلام، معتبرة أن منها قيادات إسلامية على رأسها العلامة الشيخ يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وذلك في وقت تواجه فيه إسرائيل ضغوطا من جانب إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما لوقف المستوطنات باعتبارها العقبة الأولى أمام السلام في الشرق الأوسط. وبحسب مراقبين فإن هذه الحملة الإعلانية تكشف مخاوف يهودية وإسرائيلية فجَّرها خطاب أوباما التصالحي مع العالم الإسلامي، والذي ألقاه في القاهرة 4 يونيو الجاري، وتعهد فيه بفتح صفحة جديدة مع الإسلام والمسلمين تقوم على "الاحترام المتبادل"، والسعي المشترك لتحقيق السلام. واتهم أحد إعلانات هذه الحملة والتي أطلقتها اللجنة الأمريكية- اليهودية (واحدة من أبرز جماعات الضغط الموالية لإسرائيل) قيادات إسلامية منها: الشيخ يوسف القرضاوي، وخالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، وحسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله اللبناني، وآية الله علي خامنئي، المرشد الأعلى للثورة الإيرانية بأنهم يمثلون عقبات أمام ما وصفته اللجنة ب"سعي إسرائيل نحو السلام".
وبحسب ما نقلته صحيفة "المصري اليوم" اليوم الأحد عن وكالة "أمريكا إن أرابيك" فقد استشهد الإعلان، بتصريحات "مناهضة" لإسرائيل مكتوبة أسفل صورة كل شخصية في الإعلان الذي احتل صفحة كاملة في صحيفتي "وول ستريت جورنال"، و"نيويورك بوست" الأمريكيتين بتاريخ 11 يونيو تحت عنوان "ليس الجميع يريدون لإسرائيل أن تعيش في سلام". فتحت صورة القرضاوي، وضعت المنظمة دعاء نسبته له في يناير 2009 قال فيه: "اللهم خذ هذه العصبة من اليهود الصهاينة الظلمة واقتلهم عن آخرهم"، وهو الدعاء الذي قصد به المشاركين في الحرب الإسرائيلية غير المسبوقة على قطاع غزة والتي تواصلت على مدى 22 يوما (27-12-2008 إلى 18-1-2009)، وأوقعت أكثر من 1420 شهيدا وأزيد من 5 آلاف جريح، معظمهم من المدنيين. وكان من اللافت أن يشمل هذا الإعلان القرضاوي برغم أنه مصنف في الدوائر الغربية ب"الإسلامي المعتدل"، ويعارض العمليات التي تستهدف المدنيين، سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين، والتي تقوم بها الجماعات المسلحة الموصوفة غربيا بالمتشددة مثل القاعدة وطالبان، كما أنه من دعاة الحوار مع الآخر. وتحت صورة حسن نصر الله، أظهر الإعلان تصريحًا منسوبا له في مايو 2009 قال فيه: "الكيان الصهيوني ليس شرعيا، ولن يكون شرعيا بحال". وبالنسبة لمشعل أوردت تصريحا قال فيه "هناك عدو واحد فقط في المنطقة وهو إسرائيل"، وقصد بهذا التصريح الرد على بعض الجهات العربية التي ترى في إيران عدوا وخطرا على مستقبل المنطقة العربية. أما المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران، آية الله علي خامنئي، فقد نسبت المنظمة له تصريحا قالت إنه أدلى به في مارس الماضي، وصف فيه إسرائيل بأنها "ورم سرطاني". وتمارس الإدارة الأمريكية الحالية ضغوطا على إسرائيل للقبول بحل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية) ووقف البناء في المستوطنات بالضفة الغربيةالمحتلة؛ حيث تؤكد السلطة الفلسطينية أنها لن تواصل مفاوضات السلام ما دامت الحكومة الإسرائيلية بزعامة بنيامين نتانياهو تصر على رفض حل الدولتين، وتسمح للمستوطنين بالتهام للأراضي الفلسطينية. قلق "البداية الجديدة" ويرى محللون أن الإعلان الذي نشرته اللجنة اليهودية - الأمريكية يكشف قلقا من أن ينفذ أوباما ما تعهد به في خطابه للعالم الإسلامي بشأن "البداية الجديدة" مع المسلمين على حساب الدعم "اللامحدود" الذي قدمته إدارات أمريكية سابقة لإسرائيل، خاصة أن أوباما تحدث بشكل مختلف عن حماس ولم يصفها في خطابه ب"الإرهابية" على عكس سلفه جورج بوش. وعلى العكس فقد قوبل الخطاب ببعض الارتياح من جانب دول ومنظمات إسلامية، ورحب خالد مشعل في تصريح سابق ل"إسلام أون لاين" بشكل خاص باللهجة الجديدة الودية التي تبناها أوباما في الحديث عن الإسلام، وتجنبه وصف حماس بالإرهاب. غير أنه شدد في الوقت نفسه على أن "العبرة ليست فقط في تغيير اللغة، ولكن في التطبيق على الأرض، لافتا إلى أن أوباما تجاهل في خطابه الإشارة إلى الحرب الإسرائيلية على غزة، وطالب حماس بإلقاء سلاحها في مواجهة ترسانة أسلحة الاحتلال المشهرة في وجه الفلسطينيين.